خطبة له عليه السّلام يذكر فيها المثل الإنسانيّة
قال ابن عرادة كان علىّ بن ابى طالب عليه السّلم يعشّى النّاس فى شهر رمضان باللّحم و لا يتعشّى معهم ، فاذا فرغوا خطبهم و وعظهم ، فأفاضوا ليلة فى الشّعراء و هم على عشآئهم فلمّا فرغوا خطبهم عليه السّلم و قال فى خطبته : اِعْلَمُوا اَنَّ مِلاكَ اَمْرِكُمُ الدّينُ ، وَ عِصْمَتَكُمُ التَّقْوى ، وَ زينَتَكُمُ الْأَدَبُ ، وَ حُصُونَ اَعْراضِكُمُ الْحِلْمُ . ثمّ قال : قُلْ يآ اَباَ الْأَسْوَدِ فيمَ كُنْتُمْ تُفيضُونَ فيهِ ؟ اَىُّ الشُّعَراءِ اَشْعَرُ ؟
فقال : يا امير المؤمنين الّذى يقول :
وَ لَقَدِ اغْتَدى يدافِعُ رُكْنى اَعْوَجىٌّ ذوُ مَيْعَةٍ اِضْريجٌ
مِخْلَطٌ مِزْبَلٌ مِعَنٌّ مِفَنٌّ مِنْفَحٌ مِطْرَحٌ سَبوُحٌ خَروُجٌ
يعنى ابا دواد الأيادى . فقال عليه السّلم : ليس به ، قالوا : فمن يا امير المؤمنين ؟
فقال : لَوْ رُفِعَتْ لِلْقَوْمِ غايَةٌ ، فَجَرَوْا اِلَيْها مَعاً ، عَلِمْنا مَنِ السَّابِقُ مِنْهُمْ ، وَ لكِنْ اِنْ يَكُنْ فَالَّذى لَمْ يَقُلْ عَنْ رَغْبَةٍ وَ لا رَهْبَةٍ .
قيل : من هو يا امير المؤمنين ؟ فقال : هُوَ الْمَلِكُ الضِّلّيلُ ذُو الْقُرُوحِ قيل : امرؤ القيس يا امير المؤمنين ؟ قال : هو . قيل فأخبرنا عن ليلة القدر ، قال :
مآ اَخْلوُ مِنْ اَنْ اَكوُنَ اَعْلَمها فَاَسْتُرُ عِلْمَها ، وَ لَسْتُ اَشُكُّ اَنَّ اللَّهَ اِنَّما يَسْتُرُها عَنْكُمْ نَظَراً لَكُمْ ، لِأَنَّهُ لَوْ اَعْلَمَكُمُوها عَمِلْتُمْ فيها وَ تَرَكْتُمْ غَيْرَها ، وَ اَرْجُو اَنْ لا تُخْطِئَكُمْ اِنْ شآءَ اللَّهُ ، اِنْهَضوُا رَحِمَكُمُ اللَّهُ .