أم الهيثم بنت الأسود النخعية
تابعية، وشاعرة فاضلة، واشتهرت بالكنية، واختلفت كلمات أصحاب التراجم في اسم أبيها. ولما قتل عبدالرحمن بن ملجم، استوهبت أم الهيثم حثته من الإمام الحسن (عليه السلام) لتتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار. ورثت أميرالمؤمنين (عليه السلام) بقصيدة مطلعها، قولها:
ألا يا عين ويحك أسعدينا ألا تبكي أميرالمؤمنينا
وفي رواية أم الهيثم بنت العريان النخعية، وأم الهيثم النخعية.
اُم الهيثم بنت الأسود ، ويقال : بنت العريان النخعيّة .
شاعرة ، تابعية من أصحاب أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه .
ولم نجد من ذكرها بإسم غير اُم الهيثم ، ولعلّ اسمها كنيتها ، أو اشتهرت بالكنية ، وقد اختلفت كلماتهم في اسم أبيها :
فالشيخ المفيد في الارشاد ، وأبو مخنف فيما حكاه عنه أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين قالا : اُم الهيثم بنت الأسود النخعية .
وابن عبدالبر في الاستيعاب ، وابن الأثير في اُسد الغابة قالا : اُم الهيثم بنت العريان النخعية .
وابن حجر في الاصابة قال : اُم الهيثم النخعية .
ولعلّها نُسبت تارة الى أبيها ، واُخرى إلى جدها .
والذي عثرنا عليه من شعرها هو قصيدة ترثي بها أمير المؤمنين علياً عليه السلام ، وقد اختلفت رواية الرواة في هذه القصيدة اختلافاً كبيراً ، ويظهر أنّه وقع خلط من المؤرّخين بين هذه القصيدة وقصيدة أبي الأسود الدؤلي ، التي هي على وزنها وقافيتها ، حتى أنّ القصيدة المنسوبة إلى اُم الهيثم نسبها بعضهم بتمامها إلى أبي الأسود الدؤلي .
والظاهر أنّه لإتحاد الوزن والقافية بين القصيدتين اُدخل شيء من قصيدة اُم الهيثم في قصيدة أبي الأسود ، وبالعكس اشتباهاً ، كما وقع نظير ذلك في ميمية الفرزدق في مدح زين العابدين عليه السلام ، وميمية اُخرى للحزين الليثي أو الكناني في مدح بعض بني اُميّة ، كما نبّه عليه في الأغاني .
وقد ذكر هذه القصيدة ابن عبدالبر في الاستيعاب ، وتعبه ابن الأثير في اُسد الغابة ، وذكرها أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين عن أبي مخنف مع بعض الاختلافات لما في الاستيعاب ، ونحن نجمع بين الروايتين ، فنذكرها أولاً برواية الاستيعاب ، ثم نذكرها برواية أبي مخنف .
في الاستيعاب : قال أبو الأسود ، وأكثرهم يرويها لاُم الهيثم بنت العريان النخعية .
وفي اُسد الغابة : من ذلك ما قاله أبو الأسود الدؤلي ، وبعضهم يرويها لاُم الهيثم بنت العريان النخعية :
ألا يـا عَيـن وَيحـكِ أسْعـدِينا * ألا تَـبكـي أميـرَ المـؤمـنينا
تَبـكي اُم كـلثـومِ عَـليـهِ * بِعَبْـرتـها وقــد رأتْ اليقينـا
ألا قُـل للخـوارج حيثُ كـانوا * فـلا قَـرّتْ عيـونُ الشـامتينا
أفي الشهر الحَرامِ فَجعتمونا * بخيـرِ النـاسِ طُـراً أجمعينـا
قَتلتُمْ خيـرَ مَنْ ركـبَ المطـايا * فذلّلهـا ومَـنْ ركـبَ السفينـا
ومَنْ لبسَ النعالَ ومَـنْ حـذاها * ومَـنْ قَـرأ المثـاني والمبينـا
وكـلُ منـاقبِ الخيـراتِ فيـه * وحـبّ رسـولِ ربِ العـالمينـا
لَقد عَلمتْ قـريش حيثُ كـانت * بـأنّك خَيْـرهـا حَسبـاً ودِينـا
إذا استقبلتَ وجـه أبـي حسينٍ * رأيـتَ البـدرَ راقَ النـاظـرينا
وكنّــا قبـلَ مَـقتلـهِ بخيـرٍ * نرى مـولى رسـولَ اللهِ فينـا
يُقيـمُ الحـقَ لا يـرتابَ فيـه * ويعـدلُ فـي العـدى والأقربينا
وليسَ بـكاتـمٍ عِلمـاً لَـدَيـه * ولـمْ يـخلق مِـن المتجبرينـا
كـأنّ النـاسَ إذْ فقـدوا عَليّـاً * نعـامٌ حـارَ فـي بَلـدٍ سنينـا
فـلا تشمتْ معـاويةَ بنَ حربٍ * فــإنّ بقيـةَ الخلفــاءِ فينـا
وفي مقاتل الطالبيين : قال أبو مخنف ، وقالت اُم الهيثم بنت الأسود النخعية ترثي أمير المؤمنين عليه السلام :
ألا يا عَينْ وَيحكِ فاسْعدِينا * ألا تَبكـي أميـرَ المـؤمنينا
رُزئنا خيرَ مَنْ ركبَ المطايـا * وَخَيَّسَها ومَنْ ركبَ السفينـا
ومَنْ لبسَ النَّعالَ ومَنْ حذاها * ومَـنْ قـرأ المثاني والمئينا
وكنّا قبـلَ مقتـلِه بـخيـرٍ * نَـرى مولى رسولَ اللهِ فينا
يُقيمُ الدِينَ لا يرتـاب فيـه * ويَقضي بـالفرائضِ مُستبينا
ويَدْعوا للجماعةِ مَنْ عَصاه * وينهـك قَطع أيديِ السارقينا
وليسَ بكـاتمٍ عِلمـاً لَـدَيْهِ * ولـمْ يخلـق مِـن المتجبريا
لَعَمر أبي لقدْ أصحابَ مصر * على طولِ الصحابةِ أوجعونا
وغرّونـا بـأنّهمُ عكـوفٌ * وليسَ كـذاكَ فعـلُ العاكفينا
أفي شهر الصيام فَجعتمونا * بخيـرِ النـاسِ طُراً أجمعينا
ومَنْ بَعدَ النبيِّ فخيرُ نـفسٍ * أبـو حسنٍ وخيرُ الصالحينا
كأنّ الناس إذْ فقـدوا عليـاً * نـعامٌ جـالَ فـي بلد سنينا
ولو إنّا سُئلنا المـالَ فيـه * بَـذلنا المـالَ فيـهِ والبنينا
أشابَ ذؤابتي وأطالَ حُزني * أمـامَة حيـنَ فارقتْ القرينا
تطوفُ بـهِ لحاجتها إليـهِ * فَـلمّا استيأستْ رفـعتْ رنينا
وعبـرةُ اُم كلثـوم إليهـا * تُجاوبها وقـد رأتْ اليقينـا
فلا تَشمتْ معاويةَ بنَ حربٍ * فـإنّ بـقيةَ الخُلفـاءِ فينـا
وأجمعنا الأمارة عَن تراضٍ * إلى ابنِ نَبينا وإلـى أخِينـا
فلا نُعطي زمامَ الأمرَ فينـا * سـواهُ الدهـر آخر ما بقينا
وإنّ سراتنا وذوي حجـانا * تَـواصوا أن نُجيب إذا دُعينا
بـكلِّ مهنـدٍ عَضب وجرد * عليهـنّ الكُماة مسوّمينا
(أعيان الشيعة 3/ 488. أسد الغابة 4/ 39. الاستيعاب 3/ 66. شرح ابن أبي الحديد 6/ 125. الكامل في التأريخ 4/ 310. مقاتل الطالبيين / 27 K الإرشاد : 18 ، أعيان الشيعة 3 : 487 ، رياحين الشريعة 3 : 455 ، مقاتل الطالبيين : 43 ، الأغاني 12 : 329 ، تأريخ الطبري 5 : 150 ، الفصول المهمة : 139 ، مقتل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام لابن أبي دنيا المطبوع في نشرة تراثنا العدد 12 السنة الثالثة.)