حيدر الحلّي
(1246 هـ - 1304 هـ)
أبو الحسين السيد حيدر بن سليمان بن داود بن سليمان بن داود، يرجع نسبه إلى الامام زين العابدين (عليه السلام) من ولده زيد (رضي الله عنه)، شاعر شهير وعالم فاضل.
ولد في الحلة سنة 1246 هـ/ 1830 م، وتوفي والده وهو طفل صغير فكفله عمه السيد مهدي السيد داود ورباه أحسن تربية كما لو كان من صلبه، حتى أنه جعله ثالث ولديه في الميراث.
وكان ذا منزلة رفيعة بين الخواص والعوام حتى أن الامام الشيرازي قبَّل يده بعد امتناع شديد منه، نظراً لما كان عليه من شاعرية ودماثة خلق، له من الاثار أربعة كتب.
توفي في مسقط رأسه سنة 1304 هـ/ 1887 م، ودفن في النجف الاشرف مما يلي رأس الامام علي (عليه السلام) في أول الساباط إلى جهة الشمال.
قال يرثي الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
قُم ناشد الاسلامَ عن مُصابه * * * أُصيب بالنبيّ أم كتابِه
أم أنَّ ركب الموت عنه قد سرى * * * بالرُّوح محمولاً على ركابِه
بلى قضى نفسُ النبيّ المرتضى * * * وأُدرج الليلة في أثوابِه
لقد أراقوا ليلة القدر دماً * * * دماؤُها انصببن بانصبابِه
الله نفسُ أحمد من قد غدا * * * من نفس كلّ مؤمن أولى بِه
وجهٌ لوجه الله كم عفَّره * * * في مسجد كان أبا ترابِه
فاغبرَّ وجهُ الدين لاصفراره * * * وخُضّب الايمان لاختضابِه
والصومُ يدعو كلَّ عام صارخاً * * * قد نضحوا دَمي على ثيابِه
اطاعةٌ قتلُهم مَن لم يكن * * * تُقبلُ طاعاتُ الورى إلاّ بِه
قتلتُم الصلاة في محرابها * * * يا قاتليه وهو في محرابِه
يا أيها المحجوبُ عن شيعته * * * وكاشف الغُمّى على احتجابِه
فانهض لها فليس إلاّك لها * * * قد سئم الصابرُ جرع صابِه
فانعَ إلى أحمدَ ثقل أحمد * * * وقُل له يا خير مَن يُدعى بِه
هذا أميرُ المؤمنين بعدما * * * ألجأهم للدين في ضِرابِه
وقادَ من عُتاتِهم مَصاعباً * * * ما أسمَحت لولا شبا قِرضابِه
قد أَلفَ الهيجاءَ حتى ليلها * * * أُغرابه يأنس في عُقابِه
يمشي اليها وهوَ في ذِهابِه * * * أشدُّ شوقاً منه في إيابِه
كالشبلِ في وثبتهِ والسيف في * * * هبَّتهِ والصلِّ في انسيابِه
أرداهُ مَن لو لَحظته عينُه * * * في مأزق لفرَّ من إرهابِه
صلّى عليه الله من مضطهد * * * قد أغضبوا الرحمن في اغتصابِه
وله في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) ذاكراً مسألة الخلافة قوله:
أيَوم النبيّ ومن ها هُنا * * * أُتينا بهذا البَلا الغامرِ
غَداة قضى فَغدا العالمون * * * وكلٌّ له دهشةُ الحائرِ
وهبَّ وما نامَ حِقدُ القلوب * * * ولكن رَأى فُرصة الثائرِ
فأضرمَها فتنة لم تَدع * * * رشاداً لباد ولا حاضرِ
غدا الدين أهونَ لما ذكت * * * لدى القوم من سحمة الصاهرِ
أذلك أم يوم أضحى الوصيّ * * * يرى فيئه طعمةَ الفاجرِ
وعَنه تقاعد صَحب النبيّ * * * ومالوا إلى بيعة الماكرِ
فما في مُهاجرة المسلمين * * * لهُ بَعد طه سوى الهاجرِ
ولا في قَبيلة أنصارهم * * * لهُ حَيث أفرَد من ناصرِ
بني قيلة بَعُدت قيلةٌ * * * وما ولدت، عن رضا الغافرِ
أيصبح فيكم بلا عاضد * * * وصيُّ الرسول ولا وازرِ
إلى أن قال:
وَتُبتزُّ فاطمة بينكم * * * نُحيلَتها من أبي الطاهرِ
وأنتم حضور ولَم تَغضبوا * * * فيا بؤس للملا الحاضرِ
وحين قضت بيعة الغاصبين * * * بأذواء فرع الهدى الناضرِ
غَدت عثرةُ الوحي لم تخل منهم * * * ولا حَلبة الشاة من ضائرِ
وَحتى غَدوا بين مقبورة * * * بملحدها في الدجى السّاترِ
وبَين قَتيل بمحرابه * * * خضيب الشوى بالدّم القاطرِ
قضى والهدايةُ في مصرع * * * ووُسِّد والرُّشد في قابرِ