لا يأمرهم موسى بقتلنا
*- في حديث قال: الرشيد لكني افعل فعلاً إن تم لم يبق لي غيره في موسى, وكتب إلى عماله في الاطراف أن التمسوا إليّ قوماً غنماً لا دين لهم ولا يعرفون الله ولا رسوله فاقدم عليهم منهم، طائفة, فلما نظر إليهم فإذا هم قوم يقال لهم الفيدة، وكانوا خمسين رجلاً.
قال علي بن احمد البزار: فلما قدموا عليه امر أن ينـزلوا في حجرة داره, فجعل لهم هارون الكساء والحلل والحلي والمال والجواهر والطيب والجواري والخدم مما يجل ذكره, وغذوا اطيب الطعام وسقوا افضل الشراب وادخلوا على الرشيد بعد ثلاثة أيام.
فقال لترجمانهم: قل لهم من ربكم؟
قالوا: لا نعرف رباً ولا ندري ما هذه الكلمة.
فقال قل لهم: من انا؟
فقالوا: قل انت ما شئت، فقال أنا اقدر أن اجيعكم واعريكم واقتلكم واحرقكم بالنار.
فقالوا: ما ندري ماتقول؛ إنا نطيعك ولو في قتل انفسنا.
وكان الرشيد قد مثل لهم صورة ابي الحسن (عليه السلام) حتى لو رآه من عرفه لحلف بالله إن ذلك المثال ابو الحسن (عليه السلام) فأمر الرشيد فنصب لهم الموائد وهو جالس والخادم معه مستشرف, وينقل إليهم الطعام الذي لا يعقلونه وخرجت عليهم الجواري والعيدان والطبول فوقفن صفوفاً حولهم يغنين, والكاسات تأخذهم من كل جانب والخلع تطرح عليهم والاموال تنشر عليهم, فلما سكروا قال لترجمانهم قل لهم قوموا فخذوا سيوفكم فادخلوا على عدو لي في هذه الحجرة فاقتلوه.
وكان الرشيد قد أمر بذلك المثال فجعل في تلك الحجرة وقال إن كان هذا في معرفة موسى مثل البربر الذي عرفوا صورة جعفر عند جدي المنصور، فإذا رأوا صورته سيفعلون فعلهم, وان لم يعرفوه فسيقتلون صورته فإذا قتلوا صورته اليوم قتلوه هو غداً, فاخذوا سيوفهم ودخلوا الحجرة فلما رأوا المثال تبادرا عليه ووضعوا سيوفهم عليه فرضوه.
فقال: الحمد لله قتلت موسى بهؤلاء القوم بلا شك فخلع عليهم خلعاً, وحمل اليهم الاموال وردهم إلى دورهم ولم يزل الرشيد يمثل لهم ذلك المثال سبع مرات وهم يقتلونه, فلما رأى ذلك منهم امر باحضار موسى (عليه السلام) وجعله في حجرة مثل تلك الحجرة على سبيل تلك التماثيل, ثم احضرهم وقال لترجمانهم: قل لهم ما بقي لي عدو من اعدائي الا واحد فاقتلوه وقد سلمت إليكم المملكة فأخذوا سيوفهم ودخلوا على ابي الحسن (عليه السلام) والرشيد وخادمه مستشرف له على تلك الحجرة يقول للخادم اين موسى؟
قال: جالس في وسط الدار على بساط, قال فماذا يصنع؟
قال: مستقبل القبلة ماداً يده إلى السماء يحرك شفتيه, فقال الرشيد إن لله ليته لا يكفي ما نريده, ثم قال للخادم هل دخل القوم عليه؟
قال: قد دخل اولهم ورمى بسيفه ودخلوا جميعاً فرموا سيوفهم فخروا سجداً حوله, وهو يمر يده على رؤوسهم ويخاطبهم بمثل لغتهم وهم يخاطبونه على وجوههم.
قال: فغشي على الرشيد, وقال للخادم: خذ الباب المستشرف الذي نحن فيه لا يأمرهم موسى بقتلنا وقل لترجمانهم حتى يقول لهم اخرجوا واقبل يتململ, ويقول وافضيحتاه كدت لموسى كيداً ما نفعني فيه شيء, وصاح الخادم بترجمانهم قل لهم أمير المؤمنين يقول لكم اخرجوا فخرجوا مكتفي الايدي على ظهورهم يمشون القهقري حتى غابوا عنه, ثم جاؤا إلى منازلهم واخذوا كل ما فيها وركبوا من ساعتهم وخرجوا فأمر الرشيد بترك التعرض لهم.
قال علي بن احمد: والله لقد تبعهم خلق كثير من شيعة موسى (عليه السلام) فما وجدوا لهم اثراً ولا علموا أي طريق اخذوا.