العتبة العلوية المقدسة - أحرم الحجاج للشيخ حسن الدمستاني البحراني -
» سيرة الإمام » » اولاد الامام علي عليه السلام » سيرة الامام الحسين عليه السلام » الحسين في ضمير الشعراء » أحرم الحجاج للشيخ حسن الدمستاني البحراني

أحرم الحجاج للشيخ حسن الدمستاني البحراني

أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور

 

وانا المحـرم عـن لذاته  كـل الدهور

كيف لا أحرم دأبا ناحراً هـدي السـرور

 

 

وانا في مشعر الحزن على رزؤ الحسين

حق للشارب من زمزم حب المصطفى

 

ان يرى حق بنيـه حرمـاً معتكفـا

ويواسيهم والا حاد عن باب الصفـا

 

وهو من أكبر حوبٍ عند رب الحرمين

فمن الواجب عيناً لبس سربال الأسى

 

واتخاذ النوح ورداً كل صبـح ومسـا

واشتعال القلب احزاناً تذيـب الانفسـا

 

وقليل تتلف الارواح فـي رزؤ الحسيـن

لست انساه طريداً عن جوار المصطفى

 

لائذاً بالقبـة النوراء يشكـوا اسفـا

قائلاً ياجد رسم الصبر مـن قلبي عفا

 

ببلاء انقض الظهـر وأوهى المنكبـين

صبت الدنيا علينا حاصباً مـن شرهـا

 

لم نذق فيها هنيئـاً بلغـةً من بُرهـا

ها أنا مطرود رجس هائـم ([1]) فـي بَرهـا

 

تاركا بالرغم مني دار سكنى الوالديـن

ضمني عندك يا جداه فـي هذا الضريح

 

علني ياجد من بلـوى زماني استريح

ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح

 

فعسى طود الاسى يندك بيـن الدكتيـن

جد صفـو العيش مـن بعدك بالاكدار شيب

 

وأشاب الهـم رأسي قبل اُبان المشيب


فعلا مـن داخل القبـر بكاء ونحيب

 

ونـداء بافتجـاع يا حبيبـي ياحسيـن

انت ياريحانـة القلب حقيـق بالبـلا

 

انمـا الدنيـا اعـدت لبـلاء النبـلا

لكـن الماضي قليـل بالذي قد أقبلا

 

فاتخذ درعين مـن صبر وحزم سابغين

ستذوق الموت ظلما ظاميـا ًفـي كربلا

 

وستبـقى فـي ثراهـا عافـراً منجدلا

وكأنـي بلئيـم الاصل شمراً قـد عـلا

 

صدرك الطاهر بالسيف يحـز الودجيـن

وكأني بالأيـامى مـن بناتـي تستغيـث

 

سغباً تستعطف القوم وقـد عـزّ المغيـث

قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث

 

بينهـا السجاد فـي الاصفاد مغلول اليدين

فبكى قـرة عين المـصطفى والمرتضى

 

رحمـةً للآل لا سخـطا لمحتـوم القضا

بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا

 

مقتدى الأمـة والي شرقهـا والمغربيـن

حيـن نبأ آلـه الغـر بما قال النبـي

 

اظلـم الافـق عليهـم بقتـام الكـرب

فكأن لـم يستبيـنوا شرقها مـن مغرب

 

غشيتهـم ظلمـات الحـزن من أجل الحسين

وسرى بالأهل والصحب بملحوب الطريق

 

يقطـع البـيدا مجداً قاصد البيت العتيـق

فأتتـه كتـب الكـوفـة بالعهـد الوثيق

 

نحـن انـصارك فاقـدم ستـرى قرة عين

بينمـا السبـط باهليـه مجـداً فـي المسير

 

وإذا الهاتـف ينعاهـم ويدعـوا ويشيـر

ان قـدام مطاياهـم مناياهـم تسيـر

 

ساعة اذ وقف المهر الذي  تحت الحسين

فعـلا صهـوة ثـان فأبى ان يرحـلا

 

فدعـى في قومه ([2]) يا قوم ما هذي الفلا

قيـل هـذي كربـلاءٌ قـال كربٌ وبلا

 

خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكريـن

هـا هـنا تُنتـزع الارواح مـن اجسادهـا

 

بظبى تعتـاظ بالاجساد عـن اغمادهـا

وبهذي تُحمـل الامجاد فـي اصفادهـا

 

فـي وثـاق الطلقـاء الادعيـاء الوالديـن

وبهـذي تيتم الزوجـات مـن ازواجهـا

 

وبهـذي تشـرب الابطالا مـن اوداجهـا

وتهـاوى انجم الابـرار عـن ابراجهـا

 

غائبات فـي ثرى البوغاء محجـوبات بين

فأطلتهـم جنـود كالجـراد المنـتـشر

 

مع شمر وابن سعد كـل كـذاب اشر

فاصطلا الجمعان نار الحرب في يوم عسر

 

واستدارت في رحا الهيجاء انصار الحسين

يحسبـون البـيض اذ تلبـس فيض الكلل([3])

 

بيـض انـس يتمايلـن بحمـر الحـلل

سيذوقـون المنـايـا كمـذاق الـعسل

 

شاهدوا الجنـة كشفـاً ورأوهـا رأي عين

بأبي انجم سعـد فـي هبـوط وصعـود

 

طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود

سعدت بالذبح والذابح مـن بعـض السعود

 

كيف لا تسعد فـي حال اقتران بالحسين

بأبي أقمار تُـمٍ خسفـت بيـن الصفاح

 

وشموسً من رؤس فـي بروج مـن رماح

ونفوس منعـت ان تـرد الماء المبـاح

 

جرعـت كـأس اُوام وحمـام قاتليـن

عندها ظل حسين مفرداً بيـن الجمـوع

 

 

ينظر الآل فيذري من اماقيـه الدمـوع

فانتظى للذب عنهـم مرهف الحد لموع

 

غرمـه يغريـه للضرب نمار([4]) الصفحتيـن

فاتحاً من مجـلس التوديع للأحباب بـاب

 

فاحتسوا من ذلك التوديع للأوصاب صاب

موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب

 

زينب الطهـر بأمـر وبنهـي نافذيـن

أخت يازينـب أوصيـك وصايا فاسمعـي

 

انني في هـذه الأرض ملاقٍ مصرعـي


فاصبري فالصبر مـن خيم كرام المترع

 

كل حي سحييه([5]) عن الأحياء حين

في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل

 

ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل

واتركي اللطم على الخد واعلان العويل

 

ثم لا اكره سقي ([6]) العين ورد الوجنتين

واجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمـي

 

واتسعي  من جاع منهم ثم أروي من ظمي

واذكري انهم فـي حفظهـم طٌل دمي

 

ليتنـي بينهـم كالانف بيـن الحاجبـين

أخـت هاتي بطفلي أره قبل الـفراق

 

فأتت بالطفـل لا يهدء والدمـع مراق

يتلضى ([7])  ظمـأ والقلب منـه فـي احتراق

 

غائر العينيـن طاو البطن ذاوي الشفتيـن

فبكـى لمـا رآه يـتلظـى بـالأوام

 

بدمـوع هـاميات تخجل السحب السجـام

ونحـا القـوم وفي كفيـه ذيـاك الغـلام

 

وهمـا من ظمإ قلباهمـا كالجمرتيـن

فدعا في القوم يا للـه للخطب الفظيع

 

نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيـع

لاحظوه فعليـه شبـه الهادي الشفيـع

 

لا يكن شافعكم خصمـاً لكم في النشأتين

عجلوا نحوي بماء اسقـه هذا الغلام

 

فحشاه مـن أوام فـي اضطرام وكُلام

فاكتفى القوم عـن القول بتكليـم السهام

 

وإذا بالطفل قـد خر صريعـا لليدين

فالتقى ممـا همـى من منحر الطفل دما

 

ورماه صاعداً يشكوا الى رب السمـا

وينادي يا حكيم انت خير الحكمـا

 

فجـعو القوم بهذا الطفل قلب الوالدين

وأغار السبط للهيجا ([8])  بمأمـون العثار

 

اذ أثار الضمر العثير بالنقع ([9])  فثار

يحسب الحرب عروساً ولها الروس نثار

 

ذكـر القـوم بـبدر وبـأحد وحنيـن

بطل فرد من الجمع على الابطال طال

 

أسد يفترس الاسد عـلى الآجال جـال

مالـه غير اله العرش في الاهوال وان

 

ما سطا فـي فرقـة الا تولت فرقتين

مالـه فـي حومـة الهيجاء والكر شبيه([10]) 

 

غير مـولانا  علي والفتى سر أبيـه

غير ان القـوم بالكثرة كانوا متعبيـه

 

وهـو ظـام شفتاه اضحتا ناشفتين

علة الايجاد بالنفس على الامجاد جاد

 

ما ونى قط ولا عن عصبة الالحاد حاد

كم لـه  فيهم سنان خارق الاكباد باد

 

وحسام يخسف العين ويبري الاخذ عين

دأبه الذب الى ان شب في القلب الأوام


 

وحكى جثمانـه القنفذ من رشق السهام


وتوالى الضرب والطعن على الليث الهمام


 

وعراه مـن نزيف الدم ضعف الساعدين

فتدنى الغادر الباغي سنان بالسنان

 

طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان

اشرقت تبكي عليه اسفا حور الجنان

 

وبكى الكرسي والعرش عليـه آسفين

ما دروا اذ خر عن ظهر الجواد الرامح

 

أ حسين خر ام برج السماك السابح

ام هـو البدر وقد حل بسعد الذابح

 

ام هو الشمس وأين الشمس من نور الحسين

اي عينين بقان الدمـع لا تنهرقان

 

وحبيب المصطفى  بالترب مخضوباً بقان

دمـه والطين فـي منحره مختلطان

 

ولـه قدر تعالى فوق هام الشرطين

لهف نفسي اذ نحا اهل الفساطيط الحصان

 

ذاهلاً منفجعـاً يصهل مذعور الجنـان

مائل السرج عثور الخطو في فضل العنان

 

خاضب المفرق والخدين من نحر الحسين

ايها المهـر توقف لا تحم حول الخيام

 

واترك الاعوال كي لا يسمع الآل الكرام

كيف تستقبلهـم تعثر في  فضل اللجام

 

وهـم ينتظرون الآن اقبال الحسين

مرق المهر وجيعاً عالياً منـه العويل

 

يخبر النسوان ان السبط في البوغا جديل

ودم المنحر جار خاضب الجسم يسيل

 

نابعـاً من ثغرة النحر كمـا تنبع عين

خرجت مذ سمعت زينب اعوال الجواد

 

تحسب السبط اتاها بالذي يهوى الفؤاد

ما درت ن اخاها عافراً في بطن واد

 

ودم الاوداج منـه خاضباً للمنكبين

مذوعت ما لاح من حال الجواد الصاهل

 

صرخت مازقة الجيب بلـب ذاهل

وبدت من داخل الخيمات آل الفاضل

 

محرقات بسواد الحزن من فقد الحسين

وغدت كلٌ من الدهشـة تهوي وتقوم

 

انجم تهوي ولكن ما تهاوت لرجوم

وحقيق بعد كسف الشمس ان تبدوا النجوم

 

يتسابقن الى موضع ما خر الحسين

وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر

 

يهبر الاوداج منـه بالحسام الباتر

فتساقـطـن عـليـه بفـؤاد طائـر

 

بافتجـاع قـائـلات خـل ياشمر  حسين

رأس من تقطـع ياشمر بهذا الصارم

 

ليس من تفري وريديـه بكبش جاثم

ان ذا سبط النبي القرشي الهاشمي

 

ابواه خير اللـه فذا ابن الخيرتين

ارفع الصارم عن نح الامام الواهب

 

عصمة الراهب في الدهر وملفى الهارب

كيف  تفري نحر سبط المصطفى بالقاضب

 

وهو دأباً يكثر التقبيل في نحر الحسين

كان يؤذيه بكاه وهو في المهد رضيع

 

بابنه قدما فداه وهو ذو الشأن الرفيع

ليته الآن يراه وهو في الترب صريع

 

يتلظـى بظمـاه حـافصاً بالقـدميـن

كم به من مَلك في الملأ الاعلى عتيق

 

وبيمناه يسار لـدم العسر يريـق

وعلى  الناس له عهداً من اللـه وثيق

 

انه الحجة في الارض ومولى الملوين

ما افاد الوعظ والتحذير في الرجز الرجيم

 

وانحنى يفري وريدي ذلك النحر الكريم

وبرى الرأس وعلاه على رمح قويم

 

زاهراً يشرق نوراً كاسفاً للقمرين

شمس أفق الدين اضحت في كسو بالسيوف

 

وتوارت عن عيون الناس في ارض الطفوف

فأصاب الشمس والبدر كسوف وخسوف

 

لكن الافق مضيء بسنا راس الحسين

ذبح الشمر حسينا ليتني كنت وقاه

 

وغدا الاملاك تبكيـه خصوصاً عتقاه

ما درى الملعون شمرٌ أي صدر قد رقاه

 

صدر من داس فخاراً فوق فرق الفرقدين

فتك العصفور بالصقر فيا للعجب

 

ذبح الشمر حسيناً غيرة اللـه اغضبي

حيدرٌ آجرك اللـه بعالي الرتب

 

ادرك الاعداء فيـه ثأر بدر وحنين

أعين لم تجر في أيام عاشورا بمـا

 

كُحلت وحياً اماقيهـا بأميال العمـا



لأصبن اذا ما أعوز الدمـع دمـا

 

لأجودن بدمع العين جود الاجـودين

عجباً ممن رسا في قلبه حب الامام

 

كيف عاشوا يوم عاشورا وما ذاقوا الحِمام

بل ارى نوحهم يقصر عن نوح الحَمام

 

أ سواءٌ فقـد فرخيـن وفقـدان الحسين

كيف لا يبكي بشجو لا بن بنت المصطفى

 

انـه كان سراجـا للبرايـا وانطفا


حق لو في فيض دمع العين انساني طفا

 

واغتدى الجاري مـن العين عقيق لا لجين

أ يزيدٌ فوق فرش من حرير في سرير

 

ثمل نشوان مـن خمر لـه الساقي يدير

وحسين في صخور وسعير مـن هجيـر

 

ساغباً ضمآن يسقى مـن نجيـع الودجيـن

حطم الحـزن فؤادي لحطيـم بالصفـا

 

ولهيف القلب صاد وذبيـح مـن قفـا

ولعـار فـي وهـاد فوقـه السافي سفا

 

صـدره والظهـر منـه اصبحـا منخسفين

ولـرأس نـاضر الوجـه برأس الذابل

 

ولقانـي فيـض نحـر غاسـل للعاسل

ولعـان هـالك النـاصر واهي الكاهـل

 

وبنات المصطـفى لهفي على عجف سرين

بينمـا زينـب قـرحى الجفن ولهاء ثكول

 

تذرف الدمع وفي احشائها الحزن يجول

تنـدب النـدب بقلب واجف وهي تقول


 

قـد أصابتنـي بنور العين حسادي بعين


واذبيحـا مـن قفـاه بالـحسام البـاتـر

 

واصريعـا بعـراه مـا لـه مـن ساتر

واكسيـرا صلـواه بصليـب الحـافـر

 

وارضيـضا قدمـاه والقـرى والمنكبـين

واخطيبـاه جمـالـي وجمـال المنـبر

 

واقتيـلاه ولكـن ذنبـه لـم يُخبـر

واطريحـاه ثـلاثا بالعـرا لـم يُقبـر

 

واشهيـداه ومـن للمـصطفى قـرة عيـن

يا أخي قد كنت تاجا للمعالي والرؤوس

 

مقريـا للضيـف والسيـف نفـيسا ونفوس

كيف اضحى جسمك السامي له الخيل تدوس

 

بعدمـا دسـت على اوج السهـى بالقدميـن

يا أخي يا تاج عزي لاحظ البيض الحداد

 

بقيـت بعـدك شعثـا ًفـي كِلال وحـداد

قطنـت اجفانهـا فالقلـب كالقـالب صاد

 

اشبـه الاشيـاء بالقـرآن بيـن الدفتيـن

 

حـزب حرب ايـن انتـم مـن سجايـا هـاشم

 

اذ عفـو عنكـم وقد كنتـم حصيد الصارم

ان فـي هـذا لسـر بيـن للفـاهـم

 

ان آثـار القبيليـن عصيـر العنصريـن

جـدنا عاملكـم فـي الفتـح بالصفـح الجميل

 

مالكـم صيرتمونـا بيـن عـان وجديـل

وعلى جيـل قفوتـم اثرهـم لعـن الجليـل

 

وعـذاب مستطيـل لـن يـزولا خالـدين

سادتـي حزنـي كحبـي لكـم باق مقيـم

 

هبـة مـن عنـد ربي وهو ذو الفضل العظيم

قـد صفـا الـحب بقلبي فاجعلوا ذنبي حطيم

 

واكشفـوا فـي الحشر كربي واشفعوا للوالدين

حسن ما حسن منـه سوى حفـظ الوداد

 

وولاء فـي بـراء وصفـاء الاعتقـاد

وهو كاف في اماني من مخاويف المعاد

 

انمـا الخـوف لمن لـم يعتقد فضل الحسين

والتحيـات الوحيـات وتسليـم السـلام

 

لسراة الخـلق فـي الـدنيا وفي دار السلام

ذائبـات ابـد الآباد مـا تـم كـلام

 

او محـا اللـه ظلامـا بضيــاء النيريـن ([11])

 

 



([1]) وفي بعض النسخ : ( فاجر ) .

([2]) في بعض النسخ : ( صحبه ) .

([3]) في بعض النسخ : ( القلل ) .

([4])في بعض النسخ : ( شمال ) .

([5])في بعض النسخ : ( سينحيه ) .

([6])في بعض النسخ : ( ان يسقي دمع ) .

([7])في بعض النسخ : ( يتلوى ) .

([8])في بعض النسخ : ( للجلي ) .

([9])في بعض النسخ : ( بالركض ) .

([10])في بعض النسخ : ( في الكر شبيه ) .

([11]) رياض المدح والرثاء ص 459