العتبة العلوية المقدسة - إبن حماد العبدي -
» » سيرة الإمام » الامام علي في ضمير الشعراء » ‫شعراء القرن الرابع الهجري » إبن حماد العبدي

إبن حماد العبدي
(توفي أواخر القرن الرابع)



أبو الحسن علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العدوي العبدي شاعرٌ فاضلٌ وعالمٌ محدّث، أبوه من شعراء أهل البيت (عليهم السلام)، وقد سار المترجم على نهج أبيه فسلك القصائد الطوال والمدائح الكبيرة في نظم عقد ولاء أهل البيت (عليهم السلام). وهو علم من أعلام الشيعة المعاصرين للشيخ الصدوق وأحد مشائخ علم الحديث والواقعين في سلسلة الاجازات ومشايخ الرواة. وشعره في العترة الطاهرة يعبق بفضائلهم مدحاً ورثاءً، أما ولادته فالمظنون انه في اوائل القرن الرابع الهجري، ووفاته في اواخره.

ثال يمدح امير المؤمنين عليه السلام

هو الضارب الهامات والبطل الذي * * * بضربته قد مات في الحال نوفلُ
وعرَّج جبريل الامين مصرِّحاً * * * يُكبِّرُ في اُفق السما ويُهلّلُ
أخو المصطفى يوم «الغدير» وصنوه * * * ومضجعه في لحده والمغسِّلُ
له الشمس رُدَّت حين فاتت صلاته * * * وقد فاته الوقت الذي هو أفضلُ
فصلّى فعادت وهي تهوي كأنَّها * * * إلى الغرب نجمٌ للشياطين مُرسلُ
أما قال فيه أحمد وهو قائمٌ * * * على منبر الاكوار والناس نُزَّلُ
عليٌّ أخي دون الصحابة كلّهم * * * به جاءني جبريل إن كنت تسألُ؟
عليٌّ بأمر الله بعدي خليفةٌ * * * وصيّي عليكم كيف ما شاء يفعلُ
ألا إنّ عاصيه كعاصي محمَّد * * * وعاصيه عاصي الله والحقُّ أجملُ
ألا إنَّه نفسي ونفسيَ نفسه * * * به النصُّ أنبى وهو وحيٌ منزَّلُ
ألا إنَّني للعلم فيكم مدينةٌ * * * عليٌّ لها بابٌ لمن رام يدخلُ
ألا إنَّه مولاكمُ ووليّكم * * * وأقضاكمُ بالحقِّ يقضي ويعدلُ
فقالوا جميعاً: قد رضيناه حاكماً * * * ويقطع فينا ما يشاء ويوصلُ
ويكفيكمُ فضلاً غداة مسيره * * * إلى «يثرب» والقوم تعلوا وتسفل
وقد عطشوا إذ لاح في الدير قائمٌ * * * لهم راهبٌ جمُّ العلوم مكمَّلُ
فقال: وأنّى بالمياه وأرضنا * * * جبالٌ وصخرٌ لا ترام وجندلُ؟!
ولكنَّ في الانجيل أنَّ بقربنا * * * على فرسخين لا محالة منهلُ
ولم يَره إلاّ نبيٌّ مطهَّرٌ * * * وإلاّ وصيٌّ للنبيِّ مُفضَّلُ
فسار على اسم الله للماء طالباً * * * وراهب ذاك الدير بالعين يأملُ
فأوقف والفرسان حول ركابه * * * ونار الظما في أنفس القوم تشعلُ
فقال لهم: يا قوم هذا مكانكم * * * فمن رام شرب الماء للحفر ينزلُ
فما كان إلاّ ساعةً ثمَّ أشرفوا * * * على صخرة صمّاء لا تتقلقلُ
لُجينيَّةً ملسا كأنَّ أديمها * * * أذيب عليها التِّبر أو ريف منخلُ
فقال: اقلبوها فاعتزوا عند أمره * * * على ذاك كُلاًّ وهي لا تتجلجلُ
فقالوا جميعاً: يا عليُّ فهذه * * * صفاتٌ بها تعيى الرِّجال وتذهلُ
فمدَّ إليها ما انحنى فوق سرجه * * * يميناً لها إلاّ غدت وهي أسفلُ
وزجَّ بها كالعود في كفِّ لاهب * * * فبان لهم عذبٌ من الماء سَلسلُ
فلمّا رآها الراهب انحطَّ مُسرعاً * * * لكفّيه ما بين الانام يُقبِّلُ
وأسلم لمّا أن رآى وهو قائل * * * أظنّك آليّا وما كنت أجهلُ
*- وله ايضا  يمدح بها أمير المؤمنين صلوات الله عليه قوله:
لعمرك يا فتى يوم «الغدير» * * * لانت المرء أولى بالاُمورِ
وأنت أخٌ لخير الخلق طرّاً * * * ونفسٌ في مباهلة البشيرِ
لقد نبعت له عينٌ فظلّت * * * تفور كأنَّها عنق البعير
وكان يقول: يا دُنياني غرّي * * * سواي فلست من أهل الغرورِ
وله من قصيدة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
أرضِ الاله وأسخطِ الشيطانا * * * تعط الرِّضا في الحشر والرِّضوانا
وامحض ولاءك للّذين ولاؤهم * * * فرضٌ على مَن يقرأ القرآنا
مَن بلّغ الدنيا بنصب وصيّه * * * يوم «الغدير» ليكمل الايمانا
مَن آكل الطير الذي لم يستطع * * * خلقٌ له جحداً ولا كتمانا
من آكل القطف الجنيَّ على حرى * * * وإليه أهدى ربّه رمّانا
مَن فيه أنزل هل أتى ربُّ العُلى * * * وجزاه حور العين والولدانا
مَن نصَّ أحمد في مزاياه الّتي * * * لم يُعطها ربُّ العلى إنسانا
مَن لا يُواليه سوى ابن نجيبة * * * حفظت أباه وراعت الرَّحمانا
*- وله يمدح أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم الغدير قوله:
يا عيد يوم الغدير * * * عُد بالهنا والسرورِ
ففيك أضحى عليٌّ * * * أمير كلِّ أميرِ
غداة جبريل وافى * * * من السَّميع البصيرِ
وقال: يا أحمد انزل * * * بجنب هذا الغديرِ
بلِّغ وإلاّ فما كنـ * * * ـت قائماً بالاُمورِ
فأنزل الجمع كُلاًّ * * * ثمَّ اعتلى فوق كورِ
وقال: قد جاء أمرٌ * * * من اللطيف الخبيرِ
بأن أُقيم عليّاً * * * خليفةً في مسيري
*- وله يمدحه صلوات الله عليه:
ما لعليٍّ سوى أخيه * * * محمَّد في الورى نظيرُ
فداهُ إذ أقبلت قريشٌ * * * إليه في الفرش تستطيرُ
قال في خمّ: إنَّ عليّاً * * * خليفةٌ بعده أميرُ
وكان قد سدَّ باب كلٍّ * * * سواه فاستغرت الصدورُ
فقال: ما تبتغون منه * * * وهو سميعٌ لهم بصيرُ
ما أنا أوصدتها ولكن * * * أوصدها الامر القديرُ
وله من قصيدة طويلة في مدحه صلوات الله عليه:
وقال لاحمد بلّغ قريشاً * * * أكن لك عاصماً أن تستكينا
فإن لم تُبلغ الانباء عنّي * * * فما أنت المبلّغَ والامينا
فأنزل بالحجيج «غدير خم» * * * وجاء به ونادى المسلمينا
فأبرز كفَّهُ للنَّاس حتّى * * * تبيَّنها جميع الحاظرينا
فأكرمْ بالَّذي رفعت يداه * * * وأكرمْ بالّذي رفع اليمينا
فقال لهم وكلُّ القوم مُصغ * * * لمنطقه وكلٌّ يسمعونا
ألا هذا أخي ووصيُّ حقّ * * * وموفي العهد والقاضي الديونا
ألا مَن كنت مولاه فهذا * * * له مولىً فكونوا شاهدينا
تولّى الله مَن والى عليّاً * * * وعادى مبغضيه الشانئينا
*- ومن قصيدة له يمدحه سلام الله عليه:
يوم «الغدير» لاشرف الايّام * * * وأجلّها قدراً على الاسلامِ
يوم أقام الله فيه إمامنا * * * أعني الوصيَّ إمام كلِّ إمامِ
قال النبيُّ بدوح «خم» رافعاً * * * كفَّ الوصيِّ يقول للاقوامِ
مَن كنت مولاه فذا مولىً له * * * بالوحي من ذي العزَّة العلاّمِ
هذا وزيري في الحياة عليكُم * * * فإذا قضيت فذا يقوم مقامي
ياربّ والِ مَن أقرَّ له الولا * * * وانزل بمن عاداه سوء حمام
*- ومن قصيدة له يمدحه (عليه السلام):
تروم فساد دليل النّصوص * * * ونصراً لاجماع ما قد جمعْ
ألم تستمع قوله صادقاً * * * غداة «الغدير» بماذا صدعْ؟!
ألا إنَّ هذا وليٌّ لكم * * * أطيعوا فويلٌ لمن لم يُطعْ
وقال له: أنت منّي أخي * * * كهارون من صنوه فاقتنعْ
وقال له: أنت بابٌ إلى * * * مدينة علمي لمن ينتجعْ
وقال لكم: هو أقضاكمُ * * * وكلٌّ لمن قد مضى متّبعْ
ويوم براءة نصَّ الالـ * * * ـه جلَّ عليه فلا تختدعْ
وسماه في الذكر نفس الرسو * * * ل يوم التباهل لمّا خشعْ
ويوم المواخاة نادى به * * * أخوك أنا اليوم بي فارتفعْ
ويوم أتى الطيرَ لمّا دعا * * * النبيُّ الاله وأبدى الضرعْ
وله من قصيدة في مدحه له (عليه السلام) قوله:
يا سائلي عن «حيدر» أعييتني * * * أنا لست في هذا الجواب خليقا
ألله سمّاه عليّاً باسمه * * * فسما علوّاً في العلا وسموقا
أخذ الاله على البريَّة كلّها * * * عهداً له يوم «الغدير» وثيقا
وغداة واخى المصطفى أصحابه * * * جعل الوصيَّ له أخاً وشقيقا
*- وله من قصيدة قوله:
والله ما قعد الوصيُّ لذلَّة * * * عنهم فإنَّهمُ أذلُّ وأوضعُ
لكن أراد بأن يُقيم عليهمُ * * * الحجج التي أسبابها لا تُدفعُ
غدروا به يوم «الغدير» ولم يفوا * * * ولعهده المسؤول منهم ضيَّعوا
يا قاسم النيران أُقسم صادقاً * * * بهواك حلفة مؤمن يتشيَّعُ
أنت الصِّراط المستقيم على لظىً * * * وإليك منها يا عليُّ المفزعُ
والحوض حوضك فيه ماءٌ باردٌ * * * في البعث تسقي مَن تشاء وتمنعُ
ولك المفاتح أنت تُسكن ذا لظىً * * * يصلى وهذا في الجنان يُمتَّعُ
*- ومن قصيدة له يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
عليٌّ عليُّ القدر عند مليكه * * * وإن أكثرت فيه الغُواة ملامها
وعروته الوثقى الَّتي مَنْ تمسَّكت * * * يداه بها لم يخش قطُّ انفصامها
وكم غمرة للموت في الله خاضها * * * وأركان دين للنبيِّ أقامها
فواخاه من دون الانام فيالها * * * غنيمة فوز ما أجلّ اغتنامها
وولاّه في يوم «الغدير» على الورى * * * فأصبح مولاها وكان إمامها
هو المختلي في بدر أرؤس صيدها * * * كما تختلي شهب البزاة حمامها
وصاحب يوم الفتح والراية التي * * * برجعتها أخزى الاله دلامها
فقال: ساُعطيها غداً رجلاً بها * * * مُلبّىً يُوفِّي حقَّها وذمامها
وقال: على تأويل ما الله منزلٌ * * * تُقاتل بعدي يا عليُّ طغامها
*- ومن قصيدة له يمدحه صلوات الله عليه:
ولاء المرتضى عُددي * * * ليومي في الورى وغَدي
أمير النحل مولى الخلق * * * في «خُمّ» على الابدِ
شبيه المصطفى بالفضـ * * * ـلِ لم ينقص ولم يزدِ
وجنب الله في كتب * * * وعين الواحد الصَّمد
*- وله يمدح أمير المؤمنين (عليه السلام):
حدّثنا الشيخ الثقه * * * محمَّدٌ عن صدقه
روايةً متَّسقه * * * عن أنس عن النبي
رأيته على حرى * * * مع عليّ ذي النُهى
يقطف قطفاً في الهوا * * * شيئاً كمثل العنَب
فأكلا منه معا * * * حتّى إذا ما شبعا
رأيته مرتفعا * * * فطال منه عجبي
كان طعام الجنَّةِ * * * أنزله ذو العزَّةِ
هديَّةً للصفوةِ * * * من الهدايا النّخبِ
*- وله في المعنى قوله:
ذاك عليُّ المرتضى الطّهر الذي * * * بفخره قد فخرت عدنانه
صنو النبيِّ هديه كهديه * * * إذ كلُّ شيء شكله عنوانه

وصيّه حقّاً وقاضي دينه * * * إذ اقتضى ديونه ديّانه
وارثه علم الهدى أمينه * * * في أهله وزيره خلصانه
*- لاوله أيضاً:
وقصة القوم لما أقبلوا طمعاً * * * لفاطم من رسول الله خطّابا
قالوا نسوق إليها المال مكرمة * * * وأرغبوا في عظيم المال إرغابا
فقال ما في يدي من أمرها سبب * * * والله أولى بها أمراً وأسبابا
وجاءه المرتضى من بعد يخطبها * * * فرد مستحياً منه وقد هابا
وقام منصرفاً قال النبي له * * * وقد كسي من حياء كل جلبابا
*- وله أيضاً:
فسمّاه ربُّ العرش في الذكر نفسه * * * فحسبك هذا القول إن كنت ذا خُبرِ
وقال لهم هذا وصيّي ووارثي * * * ومن شدَّ ربُّ العالمين به أزري
*- وله أيضاً:
وقال ما قد رويتم حين ألحقه * * * بنفسه عند تأليف يؤلّفه
ونفس سيّدنا أولى النفوس بنا * * * حقّاً على باطل النّصاب نقذفه