جنود العقل والحهل
عن سماعة بن مهران قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبوعبدالله عليه السلام : اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا ،
قال سماعة : فقلت : جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا ،
فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن الله عزوجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، فقال الله تبارك وتعالى : خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي ،
قال : ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا
فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فلم يقبل فقال له : استكبرت فلعنه ، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا
فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل : يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته
فقال : نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي
قال : قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند : الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل ، والايمان وضده الكفر ، والتصديق وضده الجحود ، والرجاء وضده القنوط ، والعدل وضده الجور ، والرضا وضده السخط ، والشكر وضده الكفران ، والطمع وضده اليأس ، والتوكل وضده الحرص ، والرأفة وضدها القسوة ، والرحمة وضدها الغضب والعلم وضده الجهل ، والفهم وضده الحمق ، والعفة وضدها التهتك ،والزهد وضده الرغبة ، والرفق وضده الخرق ، والرهبة وضده الجرأة ، والتواضع وضده الكبر ، والتؤدة وضدها التسرع ، والحلم وضدها السفه والصمت وضده الهذر ، والاستسلام وضده الاستكبار والتسليم وضده الشك والصبر وضده الجزع ، والصفح وضده الانتقام ، والغنى وضده الفقر ، وضده السهو ، والحفظ وضده النسيان ، والتعطف وضده القطيعة ، والقنوع وضده الحرص ، والمؤاساة وضدها المنع ، والمودة وضدها العداوة والوفاء وضده الغدر ، والطاعة وضدها المعصية ، والخضوع وضده التطاول والسلامة وضدها البلاء ، والحب وضده البغض ، والصدق وضده الكذب ، والحق وضده الباطل ، والامانة وضدها الخيانة ، والاخلاص وضده الشوب ، والشهامة وضدها البلادة ، والفهم وضده الغباوة ، والمعرفة وضدها الانكار ، والمداراة وضدها المكاشفة ، وسلامة الغيب وضدها المماكرة ، والكتمان وضده الافشاء ، والصلاة وضدها الاضاعة ، والصوم وضده الافطار ، والجهاد وضده النكول ، والحج وضده نبذ الميثاق ، وصون الحديث وضده النميمة ، وبر الوالدين وضده العقوق ، والحقيقة وضدها الرياء ، والمعروف وضده المنكر ، والستر وضده التبرج والتقية وضدها الاذاعة ، والانصاف وضده الحمية ، والتهيئة وضدها البغي ، والنظافة وضدها القذر والحياء وضدها الجلع والقصد وضده العدوان والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة ، والبركة وضدها المحق والعافية وضدها البلاء ، والقوام وضده المكاثرة ، والحكمة وضدها الهواء والوقار وضده الخفة ، والسعادة وضدها الشقاوة والتوبة وضدها الاصرار والاستغفار وضده الاغترار ، والمحافظة وضدها التهاون والدعاء وضده الاستنكاف والنشاط وضده الكسل والفرح وضده الحزن ، والالفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل
فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان ، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل ، وينقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء ، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده ، وبمجانبة الجهل وجنوده ، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته .