العتبة العلوية المقدسة - الى جعفر التواب -
» سيرة الإمام » » المناسبات » حياة الامام المهدي والغيبتين والظهور » توقيعات الامام واجوبته عليه السلام » الى جعفر التواب

 

الى جعفر التواب

بسم الله الرحمن الرحيم

 أتاني كتابك - أبقاك الله - والكتاب الذي أنفذت في درجة وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه، وتكرر الخطأ فيه، ولو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه.

والحمد لله رب العالمين حمداً ? شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا.

أبى الله عز وجل للحق إلا إتماماً، وللباطل إلا زهوقاً، وهو شاهد عليّ بما أذكره، ولي عليكم بما أقول له إذا اجتمعنا لليوم الذي لا ريب فيه، ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون.

وإنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعاً إمامة مفترضة، ولا طاعة ولا ذمة، وسأبين لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله.

يا هذا يرحمك الله؛ إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثاً، ولا أهملهم سدى، بل خلقهم بقدرته، وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً وألباباً، ثم بعث إليهم النبيين (عليهم السلام) مبشرين ومنذرين، يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم، وأنزل عليهم كتاباً وبعث إليهم ملائكة، وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم، وما أتاهم الله من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة، والآيات الغالبة.

فمنهم: من جعل النار عليه برداً وسلاماً واتخذه خليلاً.

ومنهم: من كلمه تكليماً وجعل عصاه ثعباناً مبيناً.

ومنهم: من أحيى الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله.

ومنهم: من علّمه منطق الطير، وأوتي من كل شيء.

ثم بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) رحمة للعالمين وتمم به نعمته، وختم به أنبيائه، وأرسله إلى الناس كافة، وأظهر من صدقه ما أظهر، وبيّن من آياته وعلاماته ما بيّن، ثم قبضه (صلّى الله عليه وآله) حميداً فقيداً سعيداً، وجعل الأمر من بعده على أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم إلى الأوصياء من ولده واحداً بعد واحد، أحيى بهم دينه، وأتم بهم نوره، وجعل بينهم وبين أخوتهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقاً (فرقاناً) بيّناً، تعرف به الحجة من المحجوج، والإمام من المأموم بأن: عصمهم من الذنوب، وبرّأهم من العيوب، وطهّرهم من الدنس، ونزّههم من اللبس، وجعلهم خزّان علمه، ومستودع حكمته، وموضع سره، وأيدهم بالدلائل. ولولا ذلك لكان الناس على سواء، ولادّعى أمر الله عز وجل كل أحد، (واحد).

ولَمَا عُرف الحق من الباطل، ولا العلم من الجهل، (العالم من الجاهل).

وقد ادّعى هذا المبطل المدعي على الله الكذب بما ادّعاه، فلا أدري بأية حالة هي له، رجا أن يتم دعواه؟ بفقه في دين الله؟؛ فوالله ما يعرف حلالاً من حرام ولا محكماً من متشابه، ولا يعرف حد الصلاة ووقتها. أم بورع؟؛ فالله شهيد على تركه الصلاة (الفريضة) أربعين يوماً، يزعم ذلك لطلب الشعوذة، ولعل خبره تأدّى إليكم، وهاتيك ظروف مسكرة منصوبة، وآثار عصيانه لله عز وجل مشهورة وقائمة. أم بآية؟؛ فليأت بها. أم بحجة؟؛ فليقمها. أم بدلالة؟؛ فليذكرها.

قال الله عز وجل في كتابه: (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ومن أضلّ ممن يدعو من دون الله من ? يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين).

فالتمس - تولى الله توفيقك - من هذا الظالم ما ذكرت لك وامتحنه واسأله: عن آية من كتاب الله يفسرها، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لك عواره ونقصانه والله حسيبه.

حفظ الله الحق على أهله، وأقره في مستقره وقد أبى الله عز وجل أن تكون الإمامة في أخوين إلا الحسن والحسين وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق، واضمحلّ الباطل.

وانحسر عنكم، وإلى الله أرغب في الكفاية، وجميل الصنع والولاية، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على محمد وآل محمد.