نفى الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى
* - روى أن بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر فقال له : أنت خليفة رسول الله على الامة ؟ فقال : نعم ، فقال : إنا نجد في التورية أن خلفاء الانبياء أعلم أممهم ، فخبرني عن الله أين هو ؟ في السماء هو أم في الارض ؟ فقال له أبوبكر : في السماء على العرش ، قال اليهودي : فأرى الارض خالية منه ، فأراه على هذا القول في مكان دون مكان ! فقال له أبوبكر : هذا كلام الزنادقة ، اعزب عني وإلا قتلتك ، فولى الرجل متعجبا يستهزئ بالاسلام ، فاستقبله أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه وما اجبت به وإنا نقول : إن الله عزوجل أين الاين فلا أين له ، وجل من أن يحويه مكان ، وهو في كل مكان بغير مماسة ولا مجاورة ، يحيط علما بما فيها ، ولا يخلو شئ من تدبيره تعالى ، وإني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم ، يصدق بما ذكرته لك فإن عرفته أتؤمن به ؟ قال اليهودي : نعم ، قال : ألستم تجدون في بعض كتبكم أن موسى بن عمران كان ذات يوم جالسا . إذ جاءه ملك من المشرق فقال له : من أين جئت ؟ قال : من عند الله عزوجل ، ثم جاءه ملك من المغرب فقال له : من أين جئت ؟ قال : من عند الله عزوجل ، ثم جاءه ملك آخر ، فقال له : من أين جئت ؟ قال : قد جئتك من السماء السابعة من عند الله عزوجل ، وجاءه ملك آخر فقال : من أين جئت ؟ قال : قد جئتك من الارض السابعة السفلى من عند الله عزوجل ، فقال موسى عليه السلام : سبحان من لا يخلو منه مكان ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان ، فقال اليهودي : أشهد أن هذا هو الحق المبين ، وأنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه .
* - روى الشعبي أنه سمع أميرالمؤمنين عليه السلام رجلايقول : والذي احتجب بسبع طباق ، فعلاه بالدرة ، ثم قال له : يا ويلك إن الله أجل من أن يحتجب عن شئ ، أو يحتجب عنه شئ سبحان الذي لا يحويه مكان ، ولا يخفى عليه شئ في الارض ولا في السماء ، فقال الرجل : أفاكفرعن يميني يا أمير المؤمنين ؟ قال : لالم تحلف بالله فيلزمك الكفارة وإنما حلفت بغيره .
* - في جواب اسؤلة الزنديق المنكر للقرآن عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : معنى قوله : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أويأتى ربك أويأتى بعض آيات ربك " فإنما خاطب نبينا صلى الله عليه وآله هل ينتظر المنافقون والمشركون إلا أن تأتيهم الملائكة فيعاينوهم ، أو يأتي ربك ، أو يأتي بعض آيات ربك ؟ يعني بذلك أمر ربك ، والآية هي العذاب في دار الدنيا كما عذب الامم السالفة ، والقرون الخالية ، وقال : " أو لم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها " يعنى بذلك ما يهلك من القرون فسماه إتيانا ، و قوله : " الرحمن على العرش استوى " يعنى استوى تدبيره وعلا أمره ، وقوله : " وهوالذي في السماءإله وفي الارض إله " وقوله : " وهو معكم أينما كنتم " وقوله : " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم " فإنما أراد بذلك استيلاء امنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على جميع خلقه ، وأن فعلهم فعله . الخبر .
* - في مسائل اليهودي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال له : فربك يحمل أو يحمل ؟ قال : إن ربي عزوجل يحمل كل شئ بقدرته ، ولا يحمله شئ . قال : فكيف قوله عزوجل : " ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية " ؟ قال : يا يهودي ألم تعلم أن لله ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى ، فكل شئ على الثرى ، والثرى على القدرة ، والقدرة تحمل كل شئ .
* - أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في جواب اليهودي الذي سأل عن معجزات الرسول صلى الله عليه وآله : إنه اسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقل من ثلث ليلة ، حتى انتهى إلى ساق العرش فدنا بالعلم فتدلى ، فدلى له من الجنة رفرف أخضر وغشى النور بصره فرأى عظمة ربه بفؤاده ولم يرها بعينه فكان كقاب قوسين بينها وبينه أو أدنى . الخبر .
* - عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وآله صديقان يهوديان قد آمنا بموسى رسول الله وأتيا محمدا صلى الله عليه وآله وسمعا منه ، وقد كانا قرءا التورية وصحف إبراهيم عليه السلام ، وعلماعلم الكتب الاولى فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وآله أقبلا يسألان عن صاحب الامر بعده وقالا : إنه لم يمت نبي قط إلا وله خليفة يقوم بالامر في امته من بعده ، قريب القرابة إليه من أهل بيته ، عظيم القدر ، جليل الشأن . فقال أحدهما لصاحبه : هل تعرف صاحب الامر من بعد هذا النبى ؟ قال الآخر : لا أعلمه إلا بالصفة التي أجدها في التورية هو الاصلع المصفر فإنه كان أقرب القوم من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلما دخلا المدينة وسألا عن الخليفة ارشد إلى أبى بكر ، فلما نظر إليه قالا : ليس هذاصاحبنا ، ثم قالا له : ما قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : إني رجل من عشيرته ، وهو زوج ابنتي عائشة قالا : هل غير هذا ؟ قال : لا ، قالا : ليست هذه بقرابة فأخبرنا أين ربك ؟ قال : فوق سبع سماوات ! قالا : هل غير هذا ؟ قالا : لا ، قالا : دلناعلى من هو أعلم منك ، فإنك أنت لست بالرجل الذي نجد في التورية أنه وصي هذا النبي وخليفته . قال : فتغيظ من قولهما ، وهم بهما ، ثم أرشد هماإلى عمر ، وذلك أنه عرف من عمر أنهما إن استقبلاه بشئ بطش بهما ، فلما أتياه قالا : ما قرابتك من هذاالنبي ، قال : أنا من عشيرته ، وهو زوج ابنتي حفصة . قالا : هل غير هذا ؟ قال : لا . قالا : ليست هذه بقرابة وليست هذه الصفة التي نجدها في التورية ، ثم قالا له : فأين ربك ؟ قال : فوق سبع سماوات ! قالا : هل غير هذا ؟ قال : لا . قالا : دلناعلى من هو أعلم منك فأرشدهما إلى علي عليه السلام فلما جاءاه فنظر إليه قال أحدهما لصاحبه : إنه الرجل الذي صفته في التورية ، إنه وصي هذا النبي ، وخليفته وزوج ابنته ، وأبوالسبطين والقائم بالحق من بعده . ثم قالا لعلي عليه السلام : أيها الرجل ما قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : هو أخي وأنا وارثه ووصيه ، وأول من آمن به ، وأنا زوج ابنته . قالا : هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة ، وهذا الصفة التي نجدها في التورية فأين ربك عزوجل ؟ . قال لهما علي عليه السلام : إن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبيكما موسى عليه السلام ، وإن شئتما أبنأتكما بالذي كان نبينا محمد صلى الله عليه وآله . قالا : أنبئنا بالذي كان على عهد نبينا موسى عليه السلام . قال علي عليه السلام : أقبل أربعة أملاك : ملك من الشمرق ، وملك من المغرب ، وملك من السماء و ، وملك من الارض ، فقال صاحب المشرق لصاحب المغرب : من أين أقبلت ؟ قال : أقبلت من عند ربي ، وقال صاحب المغرب لصاحب المشرق : من أين أقبلت ؟ قال : أقبلت من عند ربي ، وقال النازل من السماء للخارج من الارض : من أين أقبلت ؟ قال : أقبلت من عند ربي ، وقال الخارج من الارض للنازل من السماء : من أين أقبلت ؟ قال : أقبلت من عندربي فهذا ما كان على عهد نبيكما موسى عليه السلام . وأما ما كان على عهد نبينا فذلك في محكم كتابه : " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولاأدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا قال اليهوديان : فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله ؟ فوا الذي أنزل التورية على موسى إنك لانت الخليفة حقا ، نجد صفتك في كتبنا ونقرؤه في كنائسنا ، وإنك لانت أحق بهذا الامر وأولى به ممن قد غلبك عليه . فقال على عليه السلام : قدما وأخرا وحسابهما على الله عزوجل يوقفان ويسألان .
* - وروي أنه سئل أمير المؤمنين عليه السلام : أين كان ربناقبل أن يخلق سماءا وأرضا ؟
فقال عليه السلام : أين سؤال عن مكان ، وكان الله ولا مكان .
* - عن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن موسى بن عمران لما ناجى ربه قال : يارب أبعيد أنت مني فاناديك ، أم قريب فاناجيك ، فأوحى الله جل جلاله إليه : أناجليس من ذكرني . فقال موسى : يا رب إني أكون في حال اجلك أن أذكرك فيها . فقال : يا موسى اذكرني على كل حال .
* - عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه دخل السوق فإذا هو برجل موليه ظهره يقول : لا والذي احتجب بالسبع ، فضرب علي عليه السلام ظهره ثم قال : من الذي احتجب بالسبع ؟
قال : الله يا أمير المؤمنين ، قال : أخطأت ثكلتك امك ، إن الله عزوجل ليس بينه وبين خلقه حجاب لانه معهم أينما كانوا .
قال : ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين ؟
قال : أن تعلم أن الله معك حيث كنت ،
قال : اطعم المساكين ؟
قال : لا إنما حلفت بغير ربك .
* - عن سلمان الفارسي في حديث طويل يذكر في قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعدقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسؤاله أبابكر عن مسائل لم يجبه عنها ، ثم أرشد إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسأله فأجابه فكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن الرب أين هو وأين كان ؟
قال علي صلى الله عليه وآله : لا يوصف الرب جل جلاله بمكان ، وهو كماكان ، وكان كما هو ، لم يكن في مكان ، ولم يزل من مكان إلى مكان ، ولا أحاط به مكان ، بل كان لم يزل بلاحد ولا كيف .
قال : صدقت ، فأخبرني عن الرب أفي الدنيا هو أوفي الآخرة ؟
قال علي عليه السلام : لم يزل ربنا قبل الدنيا هومدبر الدنيا ، وعالم بالآخرة ، فأما أن يحيط به الدنيا والآخرة فلا ، ولكن يعلم ما في الدنيا والآخرة .
قال : صدقت يرحمك الله . ثم قال : أخبرني عن ربك أيحمل أو يحمل ؟
فقال علي عليه السلام : إن ربنا جل جلاله يحمل ولا يحمل .
قال النصراني : وكيف ذلك ونحن نجد في الانجيل : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ؟
فقال علي عليه السلام : إن الملائكة تحمل العرش وليس العرش كما تظن كهيئة السرير ، ولكنه شئ محدود مخلوق مدبر ، وربك عزوجل مالكه لاأنه عليه ككون الشئ على الشئ ، وأمر الملائكة بحمله فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه .
قال النصراني : صدقت رحمك الله .
* - اجتمعت اليهود إلى رأس الجالوت ، فقالوا : إن هذاالرجل عالم - يعنون به علي بن أبي طالب عليه السلام - فانطلق بناإليه لنسأله فأتوه فقيل ل : هو في القصر ، فانتظروه حتى خرج ، فقال له رأس الجالوت : يا أمير المؤمنين جئنا نسألك . قال : سل يا يهودي عما بدالك ، قال . أسألك عن ربنا متى كان ؟ فقال : كان بلا كينونة ، كان بلا كيف ، كان لم يزل بلاكم وبلاكيف ، كان ليس له قبل ، هو قبل القبل بلا قبل ، ولا غاية ولا منتهى غاية ، ولا غاية إليها ، انقطعت عنه الغايات ، فهوغاية كل غاية قال : فقال رأس الجالوت لليهود : امضوا بنا فهذا أعلم ممايقال فيه .