العتبة العلوية المقدسة - الدّجَّال وما يقوم به من افعال -
» » سيرة الإمام » الامام المهدي في كلام الامام علي عليه السلام » الدّجَّال وما يقوم به من افعال

 

 

الدّجَّال وما يقوم به من افعال

*- وعن أمير الموَمنين عليِّ بن أبي طالب  عليه السلام  في قصَّة الدّجّال، قال:ألا وإنَّ أكثر أتباعِهِ أولادُ الزِّنا، لابِسُو التِّيجانِ ألا وهم اليهودُ، عَلَيْهِم لَعْنَةُ اللّهِ، يَأكُلُ وَيَشْـرَبُ، لَهُ حِمَارٌ أَحمَرٌ، طُولُهُ ستُّونَ خُطْوَةً مَدُّ بَصَـرِهِ، أَعْوَرُ اليَمِينِ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، صَمَدٌ لا يَطْعَمُ، فَيشْمَلُ البِلادَ البَلاءُ، وَيُقِيمُ الدَّجَّالُ أَرْبَعينَ يَوْماً، أوَّلُ يَوْمٍ كَسَنَةٍ، والثَّاني كَأَقَلَّ، فلا تَزالُ تَصْـغرُ وَتَقْصرُ حَتَّى تَكُونَ آخِرُ أيَّامِهِ كَلَيْلَةِ يَوْمٍ من أيَّامِكُمْ هذِه، يَطَأُ الاَرضَ كُلَّها إلاَّ مَكَّةَ والمدِينةَ وبَيْتَ المقْدِسِ.وَيَدْخُلُ المهدِيُّ  عليه السلام  ، بَيْتَ المَقْدِسِ، وَيُصَلِّـي بالنَّاسِ إِماماً، فَإِذَا كانَ يَوْمُ الجُمْعَةِ، وَقَد أُقِيْمَتِ الصَّلاةُ، نَزَلَ عِيسى بنُ مريمَ  عليه السلام  بِثَوبَيْـنِ مُشـرِقَيْنِ حُمْرٍ كَأَنَّما يَقْطُرُ مِنْ رَأْسِهِ الدُّهْنُ، رَجْلُ الشَّعْرِ، صَبِيحُ الوَجْهِ، أَشْبَهُ خَلْقِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ خَليلِ الرَّحْمنِ  عليه السلام  ، فَيَلْتَفِتُ المَهْدِيُّ، فَيَنْظُرُ عِيسَـى  عليه السلام  ، فَيَقُولُ لِعِيسى: يا ابن البَتُولِ صَلِّ بالناسِ. فَيَقُولُ: لَكَ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَيَتَقَدَّمُ المهديُّ  عليه السلام  ، فَيُصَلِّي بالنَّاسِ، وَيُصَلَّـي عِيسى  عليه السلام  خَلْفَهُ، ويُبايِعُهُ.وَيَخْرُجُ عِيسى  عليه السلام  فَيَلْتَقِي الدَّجَّالَ، فَيْطعَنُهُ، فَيَذُوبُ كَمَـا يَذُوبُ الرَّصاصُ، ولا تَقْبلُ الاَرْضُ مِنْهُمْ أَحَداً، لا يَزالُ الحَجَرُ والشَّجَرُ يَقُولُ، يا موَْمِنُ! تَحْتِي كافِرٌ اقْتُلْهُ.ثُمَّ إنَّ عِيسى  عليه السلام  ، يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً مِنْ غَسَّانَ، وَيُولَدُ لَهُ مِنْها مَوْلُودٌ، وَيَخْرُجُ حَاجَّاً، فَيَقْبِضُ اللّهُ تعالى رُوحَهُ في طَرِيقِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلى مَكَّة .  (

 

[1])

*- حدَّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق قال: حدَّثنا عبد العزيز ابن يحيى الجلوديّ بالبصرة قال: حدَّثنا الحسين بن معاذ قال: حدَّثنا قيس بن حفص قال: حدَّثنا يونس بن أرقم، عن أبي سيّار الشيباني، عن الضحّاك بن مزاحم، عن النَّزال ابن سبرة قال: خطبنا أمير الموَمنين عليُّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ فحمدَ اللّهَ عزَّ وجلَّ وأثنى عليه وصلّـى على مُحمدٍ وآلهِ، ثمَّ قال: سَلُوني أيُّها النَّاسُ قَبْلَ أن تَفقِدُوني ـ ثلاثاً ـ فقامَ إليه صعصَعَةُ بن صُوحانَ فقال: يا أمير الموَمنين متى يخرجُ الدَّجّالُ؟ فقال لهُ علي  عليه السلام  : اقْعُدْ فَقَدْ سَمِعَ اللّهُ كَلامََكَ وَعَلِمَ مَا أَرَدْتَ، وَاللّهِ ما المسْوَولُ عَنْهُ بِأَعلَمَ مِنَ السائِلِ، ولَكِنْ لِذَلكَ عَلامَاتٌ وَهَيئَاتٌ يَتْبَعُ بَعْضُها بَعضْاً كَحَذْوِ النَّعْلِ بالنَّعْلِ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ يا أَميرَ الموَمنين.فَقالَ  عليه السلام  : احْفَظْ فَإِنَّ عَلاَمَةَ ذَلِكَ، إَذَا أَمَاتَ النَّاسُ الصَّلاة، وَأَضَاعُوا الاَمانَةَ وَاسْتَحَلّوا الكَذِبَ، وَأَكَلُوا الرِّبا، وَأَخَذُوا الرشا، وَشَيَّدُوا البُنْيانَ، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنيا، واسْتَعمَلُوا السُّفَهَاءَ، وَشَاوَرُوا النِّسَاءَ، وَقَطَعُوا الاَرْحامَ، وَاتَّبَعوا الاَهْوَاءَ واسْتَخَفُّوا بِالدِّمَاءِ، وَكَانَ الحِلْمُ ضَعْفَاً، والظّلْمُ فَخْراً، وكانت الاَُمراءُ فَجَرَةً، والوزَراءُ ظَلَمَةً، والعُرَفاءُ خَوَنَةً، والقُرَّاءُ فَسَقَةً، وظَهَرَت شَهادَةُ الزُّورِ، واستُعْلِنَ الفُجُورُ، وقوْلُ البُهْتانِ، والاِثمُ والطُّغْيانُ، وحُلِّيَتِ المَصاحِفُ، وَزُخْرِفَتُ المَسَاجِدُ، وَطُوِّلَتِ المَنارَاتُ، وأُكْرِمَتِ الاَشْـرَارُ، وازْدَحمتْ الصُّفُوفُ، واخْتَلَفَتِ القُلُوبُ، وَنُقِضَتِ العُهُودُ، وَاقْتَرَبَ المَوعُودُ، وَشَارَكَ النِّساءُ أَزْواجَهُنَّ في التِّجارَةِ حِرصاً على الدُّنيا، وَعَلَتْ أصْواتُ الفُسَّاقِ واسْتُمِعَ مِنْهُم، وَكَانَ زَعِيمُ القَوْمِ أرْذَلَهُمْ، واتُّقِيَ الفَاجِرُ مَخافَةَ شَـرِّهِ، وَصُدِّقَ الكَاذِبُ، وائْتُمِنَ الخائِنُ. واتُّخِذَتِ القِيَانُ والمَعَازِفُ، وَلَعَنَ آخِرُ هذِهِ الاَُمّةِ أَوَّلها، وَرَكَبَ ذَوَاتُ الفُرُوجِ السُّـرُوجَ، وَتَشَبَّهَ النِّساءُ بِالرِّجَالِ، والرِّجَالُ بِالنِساءِ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ مِنْ غَيـرِ أنْ يُسْتَشْهَدَ، وَشَهِدَ الآخَرُ قَضَاءً لِذِمَامٍ بِغَيْـرِ حَقٍّ، عَرَفَهُ وَتُفقّهَ لِغَيْـرِ الدِّينِ، وَآثَرُوا عَمَلَ الدُّنيا على الآخِرَةِ، وَلَبِسُوا جُلُودَ الضَّأنِ عَلَـى قُلُوبِ الذِّئَابِ وَقُلُوبُـهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الجِيَفِ وَأَمَرُّ مِنَ الصَـبْرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ، الوَحَا الوَحَا، ثُمَّ العَجَلَ العَجَلَ، خَيْـرُ المَسَاكِنِ يَوْمَئِذٍ بَيْتُ المَقدِسِ، وَلَيَأْتِينَّ عَلَـى النَّاسِ زَمانٌ يَتَمَنَّى أَحَدُهُمْ أنَّهُ مِنْ سُكّانِهِ.فَقَامَ إِليهِ الاَصْبَغُ بنُ نَباتَةَ فَقَالَ: يا أَميرَ الموَمنينَ مَنَ الدَّجَّالُ؟ فقالَ: ألا إنَّ الدَّجَّالَ صَائِدُ بنُ الصَّيْدِ، فَالشَّقيُّ مَن صَدَّقَهُ، والسَّعِيْدُ مَنْ كَذَّبَهُ، يَخْرِجُ مِنْ بَلْدَةٍ يُقالُ لَها أصفَهَانُ، مِنْ قَرْيَةٍ تُعْرَفُ باليَهُودِيّةِ، عَيْنَهُ اليُمْنى ممسُوحَةٌ، والعَينُ الاَُخْرى في جَبْهَتِهِ تُضِـيءُ كَأَنَّهَا كَوْكَبُ الصُّبْحِ، فِيهَا عَلَقةٌ كَأَنَّها مَمْزُوجَةٌ بِالدَّمِ، بَيْـنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ كافِر، يَقرَوَُهُ كُلُّ كاتِبٍ وَأُمّي، يَخوضُ البِحَارَ وَتَسيرُ مَعَهُ الشَّمْسُ، بَيْنَ يَدَيْهِ جَبَلٌ مِنْ دُخان، وَخَلْفَهُ جَبَلٌ أبْيَضُ يُرِي النّاسَ أنَّهُ طَعامٌ، يَخْرُجُ حِينَ يَخْرُجُ في قَحْطٍ شَدِيدٍ تَحْتَهُ حِمارٌ أقمَرُ، خُطْوَةُ حِمارِهِ ميلٌ، تُطْوَى لَهُ الاَرْضُ مَنْهَلاً مَنْهَلاً، لا يَمُرُّ بِماءٍ إلاّ غارَ إلى يَومِ القِيامَةِ، يُنادي بِأَعْلَى صَوتِهِ يُسْمعُ ما بَيْـنَ الخافِقَينِ مِنَ الجِنِّ والاِنْسِ والشَّياطينِ يَقُولُ: إليَّ أوليائي أنا الّذي خَلَقَ فَسَوّى وَقَدَّرَ فَهَدى، أنا رَبُّكُمُ الاَعلى وَكَذَبَ عَدُوُّ اللّهِ، إنَّهُ أَعْوَرُ يَطْعَمُ الطَّعامَ وَيَمْشي في الاَسواقِ، وإنَّ رَبَّكُمْ عزَّ وَجلَّ لَيْسَ بِأَعوَرَ، ولا يَطْعَمُ ولا يَمْشي ولا يَزولُ. تعالى اللّهُ عن ذلِكَ عُلُوّاً كبيراً.ألا وإنَّ أكْثَرَ أتْباعِهِ يَوْمَئِذٍ أَوْلادُ الزّنا، وَأصحْابُ الطَّيالسَةِ الخُضـرِ، يَقْتلُهُ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالشَامِ على عَقَبةٍ تُعْرَفُ بِعَقَبَةِ أفْيَق لِثَلاثِ ساعاتٍ مَضَت مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ على يَدِ مَنْ يُصَلِّـي المَسيحُ عِيسى بنُ مَريَمَ  عليه السلام  خَلْفَهُ ألا إنَّ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّامَّةِ الكُبْرى.قُلْنا: وَمَا ذَلِكَ يَا أَميرَ المُوَمِنينَ؟ قَالَ: خُرُوجُ دابَّةٍ (مِنَ) الاَرْضِ مِنْ عِنْدِ الصَّفا مَعَها خاتَمُ سُلَّيمان بن داود، وَعَصى مُوسى  عليهم السلام  ، يُضَعُ الخَاتَمَ علَـى وجْهِ كُلِّ مُوَْمِنٍ فَيْنطَبعُ فيهِ: هذا موَمِنٌ حَقّاً، وَيَضَعُهُ على وَجْهِ كُلِّ كافِرٍ فَيَنْكَتِبُ هذا كافِرٌ حَقَّاً، حتَّى أنَّ المُوَمِنُ لَيُنادي: الوَيْلُ لَكَ يا كَافِرُ،وأَنَّ الكافِرَ يُنادي طُوبى لَكَ يا مُوَمِنُ، وَدَدْتُ أنّي اليوم كُنْتُ مِثلَكَ فَأفُوزَ فَوزاً عَظيماً.ثُمَّ تَرْفَعُ الدَّابَّةُ رَأْسَها فَيَراهَا مَنْ بَيْـنَ الخَافِقَينِ بِإِذْنِ اللّهِ جَلَّ جَلالُهُ وَذَلِكَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغرِبِها فَعِنْدَ ذَلِكَ تُرْفَعُ التَّوبَةُ، فلا تَوبَةَ تُقْبَلُ وَلا عَمَلَ يُرفَعُ و لا يَنْفَعُ نَفساً إيمانُها لم تَكُن آمَنَتْ مِنْ قَبلُ أو كَسَبَتْ في إيمانها خيراً.ثمَّ قالَ  عليه السلام  : لا تَسْأَلُوني عَمَّـا يَكُونُ بَعْدَ هذا فَإِنَّهُ عَهْدٌ عَهِدَهُ إليَّ حَبيبي رَسُولُ اللّهِ  صلى الله عليه وآله وسلم  أن لا أُخْبِرَ بِهِ غَيرَ عِترَتي.قَالَ النّزالُ بنُ سَبرَة: فقلْتُ لِصَعصَعَةَ بن صُوْحانَ: يَا صَعْصَعَةُ ما عَنى أميرُ الموَمنين  عليه السلام  بهذا؟ فقال صَعصَعَةُ: يا ابن سبرةِ إنَّ الَّذي يُصَلِّـي خَلْفَهُ عيسى بنُ مَريَمَ  عليه السلام  هُوَ الثاني عَشَـرَ من العِتْرَةِ، التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ الحُسينِ بن علي  عليه السلام  ، وهوَ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ مِنْ مَغرِبِها يَظْهَرُ عِنْدَ الرُّكْنِ والمَقامِ فَيُطَهِّرُ الاَرْضَ وَيَضَعُ مِيزانَ العَدْلِ فَلا يَظْلِمُ أحْدٌ أحَداً.فَأخْبَـرَ أميرُ الموَمنين  عليه السلام  أنَّ حبيبَهُ رَسُولُ اللّهِ صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم عَهِدَ إليهِ أنْ لا يُخْبِرَ بِما يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيرَ عِتْرَتِهِ الاَئمّةِ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم أجمَعِين .  (

 

[2])

*- عن عليٍّ  عليه السلام  :يا أَهْلَ المُوَْتَفِكَةِ ائْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا ثَلاثاً وَعَلى اللّهِ تَمام الرَّابِعَةِ يَا جُنْدَ المَرْأَةِ وَأَعْوانَ البَهِيمَةِ رَغَا فَأَجَبْتُمْ وَعُقِرَ فَانْـهَزَمْتُمْ أَخلاقُكُمْ دِقَاقٌ وَمَاوَُكُمْ زُعاقٌ، بِلادُكُمْ أَنْتَنُ بِلادِ اللّهِ تُرْبَةً وَأَبْعَدُ مِنَ السَّماءِ بِها تسْعَةِ أَعشْـارِ الشَّـرِّ، المُحتَبِس فيها بِذَنْبِهِ، والخَارِجُ مِنْها بِعَفْوِ اللّهِ كَأَنَّي أنْظُرُ إلى قَرْيَتِكُمْ هذِهِ وَقَدْ طَبَّقَها المَاءُ حَتَّى ما يُرى مِنْهَا إلاَّ شُرَفُ المَسْجِدِ، كَأَنَّهُ جُوَجُوَُ طيْـرٍ في لُجَّةِ بَحْرٍ.فقامَ إليهِ الاَحنَف بن قيس فقالَ: يا أميرَ الموَمنين ومتى يكُونُ ذَلِكَ؟ قال: يا أبا بحرٍ إنَّكَ لَنْ تُدْرِكَ ذَلِكَ الزَّمانَ وإنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ لَقُروناً وَلكِنْ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الغائِبَ عَنْكُمْ لِكَي يُبَلِّغُوا إِخوانَهُمْ إذا هُمْ رَأَوا البَصْـرَةَ قَدْ تَحَوَّلَتْ أخْصاصُهَا دُوراً وآجامُها قُصوراً، فَالهَربَ الهَرَبَ فَإنَّهُ لا بصِيرَةَ لَكُمْ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ التَفَتَ عنْ يَمينِهِ فَقَالَ: كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَينَ الاَبُلَّةِ. فَقَالَ لَهُ المُنْذِرُ بْنُ الجَارُودِ: فِداكَ أبي وأُمّي أربَعَةُ فَرَاسِخَ. قَالَ لَهُ: صَدَقْتَ فَوالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً وَأَكْرَمَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَخَصَّهُ بِالرِسَالَةِ وَعَجَّلَ بِرُوحِهِ إلى الجَنَّةِ لَقَدْ سَمِعتُ مِنهُ كَمَـا تَسْمَعُونَ منِّي أن قالَ: يا عَليُّ هَلْ عَلِمْتَ أنَّ بَيْـنَ التي تُسَمَّى البَصرَةَ والَّتي تُسمَّى الاَبُلَّةَ أربَعَةَ فَرَاسِخَ وَقَدْ يَكُونُ في الَّتي تُسمَّى الاَبُلَّةَ موضِعُ أصْحَابِ العُشُورِ يُقْتَلُ في ذَلِكَ المَوْضِعِ مِنْ أُمّتي سَبْعُونَ أَلفاً شِهِيدُهُمْ يَوْمَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ شُهداءِ بَدرٍ . فقالَ لَهُ المُنْذِرُ: يا أَميرَ المُوَمنين وَمَنْ يَقتلهُمْ فِدَاكَ أَبي وأُمّي؟ قَالَ: يَقْتُلُهُمْ إخْوانُ الجِنِّ وَهُمْ أجِيلٌ كَأَنَّهُمْ الشَّياطينُ سُودٌ أَلوانُهُمْ، مُنْتَنة أرْواحُهُمْ، شَدِيدٌ كَلَبُهُمْ، قَلِيلٌ سَلَبُهُمْ، طُوبى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَطُوبى لِمَنْ قَتَلُوهُ، يَنْفِرُ لِجِهادِهِمْ في ذَلِكَ الزَّمانِ قَوْمٌ هُمْ أَذِلَّةٌ عِنْدَ المُتَكَبِّرِينَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمانِ مَجْهُولُونَ في الاَرْضِ مَعْروفونَ في السَّماءِ تَبْكي السَّماءُ عَلَيْهِمْ وَسُكَّانُها والاَرْضُ وَسُكَّانُها ـ ثُمَّ هَـمَلَتْ عَيناهُ بالبُكاءِ، ثُمَّ قال:ـ وَيْحَكِ يا بَصْـرَةُ وَيْلَكِ يا بَصْـرَةُ مِنْ جَيْشٍ لا رَهَجَ لَهُ ولا حسَّ. قَالَ لَهُ المُنذِرُ: يا أميرَ الموَمنين! وما الَّذي يُصيبُهُمْ مِنْ قَبلِ الغَرَقِ مِمَّا ذَكَرْتَ، وَمَا الوَيْحُ، وَمَا الوَيْلُ؟ فَقَالَ: هُما بَابَانِ فَالوَيْحُ بَابُ الرَّحْمَةِ، والوَيْلُ بَابُ العَذَابِ يا ابنُ الجارُودِ نَعَمْ ثاراتٌ عَظيمَةٌ مِنْها عُصْبَةٌ يَقْتُلُ بَعْضها بَعْضاً، وَمِنْها فِتْنَةٌ تَكُونُ بِها خرابُ مَنازِلَ وَخَرابُ دِيارٍ وَانْتِهَاكُ أَمْوالٍ وَقَتْلُ رِجالٍ وَسَبْيُ نِساءٍ يُذَبَّحْنَ ذَبْحاً يَا وَيْلَ أَمْرِهِنَّ حَدِيثُ عَجَبٌ مِنهَا أنْ يَسْتَحِلَّ بِهَا الدَّجَّالُ الاَكْبَـرُ الاَعْوَرُ المَمْسُوحُ العَيْـنِ اليُمْنى والاَُخرى كَأَنَّها مَمْزُوجَةٌ بِالدمِ لَكَأَنَّها في الحُمْرَةِ عَلْقَةٌ تَأتِـي الحَدَقَةَ كَهَيْئَةِ حَبَّةِ العِنَبِ الطَّافِيَةِ عَلَـى المَاءِ فَيَتَّبِعُهُ مِنْ أَهْلِهَا عِدَّةُ مَنْ قتلَ بالاَبُلَّةِ مِنَ الشُهَدَاءِ أَنَاجِيلُهُمْ في صُدُورِهِمْ يُقْتَلُ مَنْ يُقْتَلُ وَيَهـْرَبُ مَنْ يَهْرَبُ ثُمَّ رَجْفٌ ثُمَّ قَذْفٌ ثُمَّ خَسْفٌ ثُمَّ مَسْخٌ ثُمَّ الجوعُ الاَغْبَـرُ ثُمَّ المَوتُ الاَحْمَـرُ وَهُوَ الغَرَقُ. يا مُنْذِرُ إنَّ لِلبَصْـرَةِ ثَلاثَةَ أسْمَاء سِوَى البَصْـرَةِ في الزُّبُرِ الاَُوَلِ لا يَعْلَمُهَا إلاَّ العُلَماءُ مِنْها الخَرِيبَةُ، وَمِنهَا تَدْمُرُ، وَمِنْها المُوَْتَفِكَةُ يا مُنْذُرُ والَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَىءَ النَّسَمَةَ لَوْ أَشَاءُ لاَخْبَـرْتُكُمْ بِخَرَابِ العَرَصاتِ عَرْصَةً عَرْصَةً وَمَتَى تَخْرَبُ وَمَتَى تَعْمُرُ بَعْدَ خَرابِها إلى يَوْمِ القيامَةِ، وإنَّ عَنْدي مِنْ ذَلِكَ عِلْماً جَمّاً وَإِنْ تَسْأَلوني تَجِدوني بِهِ عَالِماً لا أُخطِىءُ مِنهُ عِلْماً ولا وافياً، وَلَقَدْ اسْتَودِعْتُ عِلْمَ القُرونِ الاَُولى وَمَا كائِنٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ. قَالَ: فقامَ إليهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يا أميرَ الموَمنين أَخْبرني من أهلُ الجَماعَةِ وَمَنْ أهْلُ الفِرْقَةِ وَمَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَمَن أهْلُ البِدعَةِ؟ فَقَالَ: وَيحَكَ إذَا سَأَلْتَني فَافْهَم عَنَّي ولا عَلَيْكَ أنْ لا تَسْأَلَ أحَداً بَعْدي: أمَّا أهلُ الجَماعَةِ فَأَنا وَمَنْ اتَّبعَني وَإِنْ قَلّوا وَذَلِكَ الحَقُّ عَنْ أمْرِ اللّهِ وَأَمرِ رَسُولِهِ، وَأَمَّا أهْلُ الفِرْقَةِ فَالمُخالِفُونَ لي وَلِمَن اتَّبَعَني وإنْ كَثُرُوا، وَأمَّا أهْلُ السُّنَّةِ فَالمتَمَسِّكُونَ بِمَا سَنَّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ لا العَامِلُونَ بِرَأيهِم وأَهوائِهم وإن كَثروا .  (

 

[3])



([1])عقد الدرر: 274 ـ 275.

([2])كمال الدين: 2/525ـ 528

([3])شرح نهج البلاغة: للبحراني: 1/289