خطبة له عليه السّلام فى يوم الجمعة
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الْوَلِىِّ الْحَميدِ ، الْحَكيمِ الْمَجيدِ ، الْفَعَّالِ لِما يُريدُ ، خالِقِ الْخَلْقِ ، وَ مُنْزِلِ الْقَطْرِ ، وَ مُدَبِّرِ الْاَمْرِ ، رَبِّ السَّمآءِ وَ الْاَرْضِ ، تَواضَعَ كُلُّ شَىْءٍ لِعَظَمَتِهِ ، وَ اسْتَسْلَمَ كُلُّ شَىْءٍ لِقُدْرَتِهِ ، وَ قَرَّ كُلُّ شَىْءٍ قَرارَهُ لِهَيْبَتِهِ الَّذى يُمْسِكُ السَّمآءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ اِلاَّ بِاِذْنِهِ ، وَ اَنْ يَحْدُثَ شَىْءٌ اِلاَّ بِعِلْمِهِ ، نَحْمَدُهُ عَلى ما كانَ ، وَ نَسْتَعينُهُ مِنْ اَمْرِنا عَلى ما يَكُونُ ، وَ نَسْتَغْفِرُهُ وَ نَسْتَهْديهِ .
وَ اَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، اَرْسَلَهُ داعِياً اِلَى الْحَقِّ ، وَ شاهِداً عَلَى الْخَلْقِ ، يُبَلِّغُ رِسالاتِ رَبِّهِ كَما اَمَرَهُ ، لا مُتَعَدِّياً وَ لا مُقَصِّراً ، وَ جاهَدَ فىِ اللَّهِ اَعْدآئَهُ ، لا وانِياً وَ لا ناكِلاً ، وَ نَصَحَ لَهُ فى عِبادِهِ ، صابِراً محْتَسِباً ، وَ قَبَضَهُ اللَّهُ اِلَيْهِ وَ قَدْ رَضِىَ عَمَلَهُ وَ تَقَبَّلَ سَعْيَهُ ، وَ غَفَرَ ذَنْبَهُ .
اُوصيكُمْ عِبادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ اغْتِنامِ طاعَتِهِ ، مَا اسْتَطَعْتُمْ فى هذِهِ الْاَيَّامِ الْفانِيَةِ ، وَ اِعْدادِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الْجَليلِ ما يشْفى بِهِ عَلَيْكُمُ الْمَوْتُ وَ امُرُكُمْ بالرَّفْضِ لِهذِهِ الدُّنْيا التَّارِكَةِ لَكُمْ ، وَ اِنْ لَمْ تَكُونُوا تُحِبُّونَ تَرْكَها ، وَ الْمُبْلِيَةِ لِاَجْسادِكُمْ وَ اِنْ اَحْبَبْتُمْ تَجْديدَها ، فَاِنَّما مَثَلُكُمْ وَ مَثَلَها كَرَكْبٍ سَلَكُوا سَبيلاً فَكَاَنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوهُ ، وَ اِنَّما افْضُوآ اِلى عَلَمٍ فَكَأَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوهُ وَ كَمْ عَسَى الْمُجْرى اِلىَ الْغايَةِ اَنْ يُجْرِىَ اِلَيْها حَتّى يَبْلُغَها ، وَ كَم عَسى اَنْ يَكُونَ بَقآء مَنْ لَهُ يَوْمٌ لا يَعْدُوهُ ، وَ طالِبٌ حَثيثٌ مِنَ الْمَوْتِ يَحْدُوهُ ، فَلا تَنافَسُوا فى عِزِّ الدُّنْيا وَ فَخْرِها ، وَ لا تُعْجِبُوا بِزينَتِها وَ نَعيمِها ، وَ لا تَجْزَعُوا مِنْ ضَرَّآئِها وَ بُؤُسِها ، فَاِنَّ عِزَّها اِلىَ انْقِطاعٍ ، وَ نَعيمَها اِلىَ ارْتِجاعٍ ، وَ بُؤُسَها اِلى نَفادٍ ، وَ كُلُّ مُدَّةٍ فيها اِلى مُنْتَهىً ، وَ كُلُّ حَىٍّ فيها اِلى بِلى ، اَوَ لَيْسَ لَكُمْ فى اثارِ الْأَوَّلينَ وَ فى ابآئِكُمُ الْماضينَ بَصيرَةٌ وَ عِبْرَةٌ ، اَلَمْ تَرَوْا اِلىَ الْاَمْواتِ لا يَرْجِعُونَ ، وَ اِلَى الْأَخْلافِ مِنْكُمْ لا يَخْلُدُونَ ، اَوَ لَسْتُمْ تَرَوْنَ اَهْلَ الدُّنْيا عَلى اَحْوالٍ شَتّى ، فَمِنْ مَيِّتٍ يُبْلى ، وَ اخَرٍ يُبَشِّرُ وَ يُنْهى ، وَ طالِبٍ لِلدُّنْيا وَ الْمَوْتُ يَطْلُبُهُ ، وَ غافِلٍ وَ لَيْسَ بِمَغْفُولٍ عَنْهُ ، وَ عَلى اَثَرِ الْماضى ما يَمْضِى الْباقى .
و منها :
اَلا وَ اِنَّ هذَا الْيَوْمَ يَوْمٌ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكُمْ عيداً ، وَ هُوَ سَيِّدُ اَيَّامِكُمْ ، وَ اَفْضَلُ اَعْيادِكُمْ ، وَ قَدْ اَمَرَكُمُ اللَّهُ فى كِتابِهِ بِالسَّعْىِ فيهِ اِلى ذِكْرِهِ ، فَلْتَعْظُمْ فيهِ رَغْبَتُكُمْ ، وَ لتَخْلُصْ نِيَّتُكُمْ ، وَ اَكْثِرُوا فيهِ مِنَ التَّضَرُّعِ اِلىَ اللَّهِ ، وَ مَسْأَلَةِ الرَّحْمَةِ وَ الْغُفْرانِ ، وَ اَنَّ فيهِ لَساعَةً مُبارَكَةً لا يَسْاَلُ اللَّهَ فيها عَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْراً اِلاَّ اَعْطاهُ . . . . . غَفَرَ اللَّهُ لَنا وَ لَكُمْ سالِفَ ذُنُوبِنا ، وَ عَصَمَنا وَ اِيَّاكُمْ مِنِ اقْتِرافِ الذُّنُوبِ بَقِيَّةَ اَعْمارِنا .
و منها :
اِنَّ اَحْسَنَ الْحَديثِ ، وَ اَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ كِتابُ اللَّهِ . ثمّ تعوّذ عليه السّلم و قرء سورة من القران ، ثمّ جلس جلسة كلا و لا ، ثمّ قام و كان ممّا قال :
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعينُهُ ، وَ نُؤْمِنُ بِهِ وَ نَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَ نَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ ، اَللَّهُمَّ عَذِّبْ
كَفَرَةَ اَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكينَ ، الَّذينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبيلِكَ ، وَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ ، وَ خالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ ، وَ اَلْقِ الرُّعْبَ فى قُلُوبِهِمْ ، وَ اَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَ بَأْسَكَ الَّذى لا تَرُدَّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمينَ ، اَللَّهُمَّ انْصُرْ جُيُوشَ الْمُسْلِمينَ وَ سَراياهُمْ وَ مُرابِطيهِمْ ، حَيْثُ كانُوا مِنْ مَشارِقِ الْاَرْضِ وَ مَغارِبِها اَللَّهُمَّ وَ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ، وَ اجْعَلِ التَّقْوى زادَهُمْ ، وَ الْجَنَّةَ مَأبَهُمْ ، وَ الْإيمانَ وَ الْحِكْمَةَ فى قُلُوبِهِمْ ، وَ اَوْزِعْهُمْ اَنْ يَشْكُرُوا نِعْمَتَكَ وَ اَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ ، اِلهَ الْحَقِّ ، وَ خالِقَ الْخَلْقِ ، امينَ . اِنَّ اللَّهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ ايتآءِ ذىِ الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشآءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اُذْكُرُوا اللَّهَ فَاِنَّهُ ذاكِرٌ لِمَنْ ذَكَرَهُ ، وَ سَلُوهُ فَاِنَّهُ لا يَخيبُ مَنْ دَعاه