العتبة العلوية المقدسة - محاولة اغتيال عمرو بن العاص -
» » سيرة الإمام » استشهاد الامام علي عليه السلام » الخوارج وقتل الامام علي » محاولة اغتيال عمرو بن العاص

 

 
محاولة اغتيال عمرو بن العاص
 
فأما صاحب عمرو بن العاص فأتى مصراً ودخل الجامع وأقام فيه أياما دائبا" في صلاته ثم أرسل عمرو على البرك فلما دخل وسلم عليه ثم حادثه في فنون الأخبار وطرف الكلام والأشعار فشغف به عمرو بن العاص وقربه وأدناه وصار يأكل معه على مائدة واحدة فأقام إلى الليلة التي تواعد فيها فخرج إلى نيل مصر وجلس مفكراً فلما غربت الشمس أتى الجامع وجلس فيه فلما كان وقت الإفطار تفقد عمرو بن العاص فلم يره فقال لولده ما فعل صاحبنا وأين مضى فإني لا أراه ؟
فبعث إليه يدعوه فقال :
- قل له إن هذه الليلة ليست كالليالي وقد أحببت أن أقيم ليلتي هذه في الجامع وأبتغي فيما عند الله وأحب أن أشرك الأمير في ذلك .
فلما رجع إليه وأخبره بذلك سر سروراً عظيماً وبعث إليه مائدة فأكل وبات ليله ينتظر قدوم عمرو وكان هو الذي يصلي بهم فلما كان عند طلوع الفجر أقبل المؤذن إلى باب عمرو وأذن وقال :
ـ الصلاة يرحمك الله الصلاة .
فانتبه فأتى بالماء وتوضأ وتطيب وذهب ليخرج إلى الصلاة فزلت قدمه فوقع على جنبه فاعتراه عرق النساء فأثقله عن الخروج فقال :
- قدموا خارجة بن تميم القاضي(1) يصلي بالناس فأتى القاضي ودخل المحراب في غلس فجاء البرك فوقف خلفه وسيفه تحت ثيابه وهو لا يشك إنه عمرو فأمهله حتى سجد وجلس من سجوده فسل سيفه ونادى لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصى الله ثم ضربه بالسيف فقضى نحبه لوقته (2) فتبادر الناس وقبضوا عليه وأخذوا سيفه من يده وأوجعوه ضرباً شديداً وقالوا له:
- يا عدو الله قتلت رجلا مسلماً ساجداً في محرابه ؟
فقال يا حمير أهل مصر إنه يستحق القتل .
قالوا : بماذا ويلك ؟
قال : سعيه في الفتنة لأنه الداهية الدهياء الذي أثار الفتنة ونبذها وقودها وزين لمعاوية محاربة علي .
فقالوا : يا ويلك من تعني ؟
قال : الطاغي الباغي الكافر الزنديق عمرو بن العاص الذي شق عصا المسلمين وهتك حرمة الدين .
قالوا : لقد خاب ظنك وطاش سهمك إن الذي قتلته ما هو إنما هو قاضي عمرو بن العاص لا عمرو بن العاص وهو خارجة (1)
وقد علم في مجلس عمرو بن العاص فقال :
- يا قوم المعذرة إلى الله وإليكم فوالله ما أردت خارجة وإنما أردت قتل عمرو.
فأوثقوه كتافاً وأتوا به إلى عمرو فلما رآه قال :
- أليس هذا هو صاحبنا الحجازي ؟
قالوا له : نعم .
قال : ما باله ؟
قالوا : إنه قتل خارجة .
فدهش عمرو لذلك وقال :
إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ثم التفت إليه وقال :
- يا هذا لم فعلت ذلك؟
فقل له : والله يا فاسق ما طلبت غيرك ولا أردت سواكقال :ولم ذلك ؟
قال : إنا ثلاثة تعاهدنا بمكة على قتلك وقتل علي بن أبي طالب في هذه الليلة فإن صدقا صاحباي فقد قتل علي بالكوفة ومعاوية في الشام ، فقال عمر : يا غلام احتبسه حتى نكتب إلى معاوية .
فحبسه حتى أمره بقتله فقتله(1).
 


(1) ضبطه صاحب البحار برواية له أخرى خارجة بن أبي حنيفة لكن إبن أبي الحديد في ج2 من شرح النهج ضبطه خارجة بن حذافة أحد بني عامر بن لؤي وقال المبرد في الكامل ج3 ص 202:
 إنه رجل من بني سهم بن عمرو بن هصيص .
(2) لكن بن أبي الحديد ذكر في خبر له إنه لم يمت لوقته حيث قال :
إن عمرو بن العاص دخل من الغد على خارجة وهو يجود بنفسه فقال :
-       أما والله يا أبا عبد الله ما أراد غيرك
-       قال عمرو : ولكن الله أراد خارجة      
(1)في رواية كامل المبرد ج3 ص 202 : فلما أمسكوا به وأدخلوه على عمرو وسمعهم يخاطبوه بالإمرة قال :
أما قتلت عمرو ؟ قالوا : كلا بل قتلت خارجة .
 فقال : أردت عمراً وأراد الله خارجة ففي ذلك يقول بن عبدون :
وليتها إذ فدت عمراً بخارجة                   فدت علياً بما شاءت من البشر
 
(1)بحار الأنوار   ج 42ص 271 مقاتل الطالبيين ص 20