العتبة العلوية المقدسة - وفاة رسول الله صلى الله عليه واله -
» » سيرة الإمام » المناسبات » من سيرة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله » وفاة رسول الله صلى الله عليه واله

 وفاة رسول الله صلى الله عليه واله

*عن ابن عباس قال : لما مرض رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه قام إليه  عمار بن ياسر فقال له فداك أبي وامي يا رسول الله من يغسلك

قال علي

قال : وهل يقدر على ذلك لوحده

قال : ما يقلب عضوامن أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك ،

فقال له : فداك أبي وامي يا رسول الله فمن يصلي عليك منا  إذا كان ذلك منك ؟ قال : مه رحمك الله ، ثم قال لعلي : يا ابن أبي طالب إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني ، وانق غسلي وكفني في طمري هاذين ، أو في بياض مصر ، وبرديمان ، ولا تغال في كفني ، واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري فأول من يصلي علي الجبار جل جلاله من فوق عرشه ، ثم جبرئيل وميكائيل و  إسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله عزوجل ، ثم الحافون  بالعرش  ثم سكان أهل السماء فسماء ، ثم جل أهل بيتي ونسائي الاقربون  فالاقربون ، يؤمون إيماء  ويسلمون تسليما ، لا يؤذوني بصوت نادية ولامرنة ثم قال : يا بلال هلم علي بالناس ، فاجتمع الناس فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله متعصبا  بعمامته متوكيا على قوسه حتى صعد المنبر  فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :  معاشر أصحابي أي نبي كنت لكم ؟ ألم اجاهد بين أظهركم ؟ ألم تكسر رباعيتي ؟  ألم يعفر جبيني ؟ ألم تسل الدماء على حر وجهي حتى كنفت  لحيتي ؟ ألم اكابد  الشدة والجهد مع جهال قومي ؟ ألم أربط حجر المجاعة على بطني ؟

 قالوا : بلى يا  رسول الله ، لقد كنت لله صابرا ، وعن منكر بلاء ناهيا ، فجزاك الله عنا أفضل  الجزاء

قال : وأنتم فجزاكم الله ، ثم قال : إن ربي عزوجل حكم وأقسم أن  لا يجوزه ظلم ظالم فناشدتكم بالله أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة إلا قام  فليقتص منه ، فالقصاص في دار الدنيا أحب إلي من القصاص في دار الآخرة على  رؤوس الملائكة والأنبياء ،

 فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له : سوادة بن قيس  فقال له : فداك أبي وامي يا رسول الله إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على  ناقتك العضباء ، وبيدك القضيب الممشوق ، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة  فأصاب بطني ، فلا أدري عمدا أو خطأ ،

 فقال : معاذ الله أن أكون تعمدت ثم قال :  يا بلال قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق ،

فخرج بلال وهو ينادي في  سكك المدينة : معاشر الناس من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة  فهذا محمد يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة وطرق بلال الباب على فاطمة عليها السلام  وهو يقول : يا فاطمة قومي ! فوالدك يريد القضيب الممشوق ،

 فأقبلت فاطمة عليها السلام  وهي تقول : يا بلال وما يصنع والدي بالقضيب ، وليس هذا يوم القضيب ؟

 فقال بلال :  يا فاطمة أما علمت أن والدك قد صعد المنبر وهو يودع أهل الدين والدنيا 

فصاحت  فاطمة عليها السلام وقالت : واغماه لغمك يا أبتاه ، من للفقراء والمساكين وابن السبيل  يا حبيب الله ، وحبيب القلوب ؟

 ثم ناولت بلالا القضيب ، فخرج حتى ناوله  رسول الله صلى الله عليه وآله

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أين الشيخ ؟

فقال الشيخ : ها أنا ذا يا رسول الله  بأبي أنت وامي

 فقال : تعال فاقتص مني حتى ترضى ،

فقال الشيخ ، فاكشف لي  عن بطنك يا رسول الله ،

 فكشف صلى الله عليه وآله عن بطنه ،

 فقال الشيخ : بأبي أنت وامي يا  رسول الله ، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك ؟

فأذن له ، فقال : أعوذ بموضع القصاص  من بطن رسول الله من النار يوم النار

 فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا سوادة بن قيس  أتعفو أم تقتص ؟

 فقال : بل أعفو يا رسول الله ،

فقال صلى الله عليه وآله : اللهم اعف عن سوادة  ابن قيس ، كما عفى عن نبيك

ثم قام رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل بيت ام سلمة و  هو يقول : رب سلم امة محمد من النار ، ويسر عليهم الحساب ،

 فقالت ام سلمة :  يا رسول الله مالي أراك معموما متغير اللون ؟

فقال : نعيت إلى نفسي هذه الساعة  فسلام لك في الدنيا ، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبدا 

فقالت ام سلمة :  واحزناه ، حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمداه ،

ثم قال عليه السلام : ادع لي حبيبة قلبي  وقرة عيني فاطمة ، تجيئ ، فجاءت فاطمة عليها السلام وهي تقول : نفسي لنفسك الفداء  ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه ، ألا تكلمني كلمة ؟ فإني أنظر إليك وأراك مفارق  الدنيا ، وارى عساكر الموت تغشاك شديدا ،

 فقال لها : يا بنية إني مفارقك ، فسلام  عليك مني

 قالت : يا أبتاه فأين الملتقى يوم القيامة ؟

 قال : عند الحساب ،

 قالت :  فإن لم ألقك عند الحساب ؟

قال : عند الشفاعة لامتي ،

 قالت : فإن لم ألقك  عند الشفاعة لامتك ؟

قال : عند الصراط ، جبرئيل عن يميني ، وميكائيل عن  يساري ، والملائكة من خلفي وقدامي ، ينادون : رب سلم امة محمد من النار ، و يسر عليهم الحساب ، قالت فاطمة عليها السلام : فأين والدتي خديجة ؟

 قال : في قصر له  اربعة أبواب إلى الجنة ،

 ثم اغمي على رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل بلال وهو يقول : الصلاة رحمك الله فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وصلى بالناس و  خفف الصلاة ، قال : ادعوا لي علي بن أبي طالب واسامة بن زيد ، فجاءا  فوضع عليه السلام يده على عاتق علي ، والاخرى على اسامة ، ثم قال : انطلقا بي إلى  فاطمة ، فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها  فإذا الحسن والحسين عليهما السلام يبكيان  ويصطرخان وهما يقولان : أنفسنا لنفسك الفداء ، ووجوهنا لوجهك الوقاء ، فقال  رسول الله صلى الله عليه وآله : من هذان يا علي ؟

 قال : هذا ابناك : الحسن والحسين .

 فعانقهما  وقبلهما ، وكان الحسن عليه السلام أشد بكاء .

 فقال له : كف يا حسن فقد شققت على  رسول الله .

 فنزل ملك الموت عليه السلام وقال : السلام عليك يا رسول الله .

 قال : وعليك  السلام يا ملك الموت ، لي إليك حاجة .

 قال : وما حاجتك يا نبي الله ؟

 قال : حاجتي  أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرئيل فيسلم علي واسلم عليه ، فخرج ملك  الموت وهو يقول : يا محمداه ، فاستقبله جبرئيل في الهواء فقال : يا ملك الموت قبضت  روح محمد ؟

 قال : لا يا جبرئيل ، سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه ويسلم  عليك .

فقال جبرئيل : يا ملك الموت أما ترى أبواب السماء مفتحة لروح محمد ؟ أما  ترى الحور العين قد تزين لروح محمد ؟

 ثم نزل جبرئيل عليه السلام فقال : السلام عليك  يا أبا القاسم .

فقال : وعليك السلام يا جبرئيل ، ادن مني حبيبي جبرئيل ، فدنا  منه ، فنزل ملك الموت 

فقال له جبرئيل : يا ملك الموت احفظ وصية الله في روح  محمد ، وكان جبرئيل عن يمينه  وميكائيل عن يساره ، وملك الموت ، آخذ بروحه  صلى الله عليه وآله ، فلما كشف الثوب عن وجه رسول الله نظر إلى جبرئيل  فقال له : عند الشدائد تخذلني ؟ فقال : يا محمد إنك ميت وإنهم ميتون ، كل نفس  ذائقة الموت . 

وأن رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك المرض كان يقول : ادعوا  لي حبيبي ، فجعل يدعى له رجل بعد رجل ، فيعرض عنه ، فقيل لفاطمة ، امضي إلى  علي فما نرى رسول الله يريد غير علي فبعث فاطمة إلى علي عليه السلام فلما دخل فتح  رسول الله صلى الله عليه وآله عينيه وتهلل وجهه ثم قال : إلي يا علي إلي يا علي فما زال يدنيه  حتى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه ، ثم اغمي عليه ، فجاء الحسن والحسين عليهما السلام  يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله صلى الله عليه وآله فأراد علي عليه السلام أن ينحيهما  عنه ، فأفاق رسول الله صلى الله عليه وآله  ثم قال : يا علي دعني أشمهما ويشماني ، وأتزود  منهما ، ويتزودان مني ، أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما ، فلعنة الله على  من يظلمهما ، يقول ذلك ثلاثا ، ثم مد يده إلى علي عليه السلام فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه ، ووضع فاه على فيه ، وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى  خرجت روحه الطيبة ، صلوات الله عليه وآله ، فانسل علي من تحت ثيابه

وقال : أعظم الله اجوركم في نبيكم ، فقد قبضه الله إليه ، فارتفعت الاصوات بالضجة والبكاء  فقيل لامير المؤمنين عليه السلام :

 ما الذي ناجاك به رسول الله صلى الله عليه وآله حين أدخلك تحت  ثيابه ؟

 فقال : علمني ألف باب ، يفتح لي كل باب ألف باب.  ([1])    

 



([1])  امالي الصدوق 342