خطبة له عليه السّلام خطبها بعد قتل عثمان لمّا بايعه النّاس
قال الجاحظ : قال ابو عبيدة بن معمّر المثنّى : اوّل خطبة خطبها علىّ ابن ابيطالب رضى اللّه عنه بالمدينة فى خلافته هذه : امّا بعد : لا يُرْعِيَنَّ مُرْعٍ اِلاَّ عَلى نَفْسِهِ ، شُغِلَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ النَّارُ اَمامَهُ ، ساعٍ مُجْتَهِدٌ يَنْجُو ، وَ طالِبٌ يَرْجُو ، وَ مُقَصِّرٌ فىِ النَّارِ ثَلاثَةٌ وَ اِثْنانِ : مَلَكٌ طارَ بِجَناحَيْهِ ، وَ نَبِىٌّ اَخَذَ اللَّهُ بِيَدِهِ ، لا سادِسَ لَهُمْ ، هَلَكَ مَنِ ادَّعى ، وَ خابَ مَنِ افْتَرى ، وَ رَدِىَ مَنِ اقْتَحَمَ ، الْيَمينُ وَ الشِّمالُ مَضَلَّةٌ ، الْوُسْطى هِىَ الْجادَّةُ ، مَنْهَجٌ عَلَيْهِ باقىِ الْكِتابِ وَ السُّنَّةِ ، وَ اثارُ النُّبُوَّةِ . اَلا وَ اِنَّ اللَّهَ داوى هذِهِ الْأُمَّةَ بِدَوائَيْنِ : السَّوْطِ وَ السَّيْفِ ، فَلا هَوادَةَ عِنْدَ الْأِمامِ فيها ، اِسْتَتِروُا فى بُيوُتِكُمْ ، وَ اَصْلِحوُا ذاتَ بَيْنِكُمْ ، وَ التَّوْبَةُ مِنْ وَرآئِكُمْ ، مَنْ اَبْدى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ ، قَدْ كانَتْ اُموُرُكُمْ لَمْ تَكوُنوُا عِنْدى فيها مَحْموُدينَ وَ لا مُصيبينَ ، اَما اِنّى لَوْ اَشآءُ لَقُلْتُ : عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ، سَبَقَ الرَّجُلانِ ، وَ قامَ الثَّالِثُ كَالْغُرابِ ، هِمَّتُهُ بَطْنُهُ ، وَيْحَهُ لَوْ قُصَّ جَناحاهُ ، وَ قُطِعَ رَأْسُهُ لَكانَ خَيْراً لَهُ .
اُنْظُروُا فَاِنْ اَنْكَرْتُمْ فَاَنْكِروُا ، وَ اِنْ عَرَفْتُمْ فَازِرُوا ، حَقٌّ وَ باطِلٌ ، وَ لِكُلٍّ اَهْلٌ ، وَ لَئِنْ كَثُرَ اَمْرُ الْباطِلِ لَقَديماً فُعِلَ ، وَ لَئِنْ قَلَّ الْحَقُّ لَرُبَّما وَ لَعَلَّ ، وَ قَلَّما اَدْبَرَ شَىْءٌ وَ اَقْبَلَ ، وَ لَئِنْ رَجَعَتْ اِلَيْكُمْ اُموُرُكُمْ اَنَّكُمْ لَسُعَدآءُ ، وَ اِنّى لَاَخْشى اَنْ تَكوُنوُا فى فَتْرَةٍ ، وَ ما عَلَيْنا اِلاَّ الْأِجْتِهادُ .