العتبة العلوية المقدسة - حديث المنزلة -
» » سيرة الإمام » رسائل ومؤلفات حول الامام علي » حديث المنزلة

حديث المنزلة

 

السيد عبد المطلب الموسوي الخرسان

 

 

 

 

 

إنّه من سليمان وإنّه

بسم الله الرحمــن الرحيم

 

 

الإهداء

 

إلى سيدي ومولاي

سيد الثقلين, وإمام المتقين, ومولى المؤمنين, وحجة ربّ العالمين, الإمام المرتضى,

 والوصي المجتبى, أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع أهدي هذا الجهد المتواضع راجياً منه القبول…..


 

 

 

المقـدمـة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

  الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على عباده الذين اصـطفى محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين الهداة المهديين .

        خص الله تعالى الإمامَ عليًا عبكلّ مكرمة، و حباه بكل فضيلة وشرف، فاختاره وصيًا وخليفة لخاتم رسله محمد المصطفى ـ صلّى الله عليه و آله و سّلم ـ، فهو الأمام الذي فرضت طاعته، و وجب الإقتداء به، و الباحث في سيرته ع  يجد نفسه أمام رجل تظهر ملامح العظمة والقدسية والشرف والإيمان في كل جانب من جوانب حياته، فيتألق نورها لعين الباحث.

و لو أراد الباحث صرف النظر عـن النصوص التي جاءت في الكتاب والسنة مصرّحة بمناقبه، و توجه بلبّه إلى ما جاء في سيرة الإمام عـلي ع ، و ما نقـله العلماء في كتب التاريخ و السيرة من مآثره، لوجد فيها ما يغنيه، واتضح لـه أنّ جـل تـلـك النصـوص جـاء ت لتشـير إلى خـصائص الإمام عـلي ع لا لتكشف عـنها.             

       لقـد مـلأ المحـدثون مصـنّـفاتهم بتـلك لـنصـوص، فأكثروا النقل، حتى صنف عـدد كبير منهم كتبًا خاصة ضمّ كلّ منها بين دفتيه أعدادًا كبيرة منها .

و قد كثر الحديث حول تلك النصوص: إثباتا، و نفيا .. تصحيحًا، و تضعـيفًا، و لعبت الأهواء فلم تبق نصًا لم يطعن فيه،  و لم يثر حوله الغبار، ليحرف عن معناه، أو لينفى صدوره.

      ولكن المحقـقين تناولوا تلك النصوص بالبحث و التمحيص، و درسوها بروح علمية بعيدة عن التعصب، فأزاحوا أستار الشبه عنها، ليظهروا الحق، ويكشفوا زيف الباطل, ولعل أهم مبدأ لتمحيص تلك النصوص ـ الهائلة الكثرة ـ مطابقتها لما تشير إليه في سيرة المرتضىع مطابقة لا تدع مجالا للشك في صحتها  .

      ومن الأحاديث التي كثرت حولها القالة، واحتد م النقاش(حديث المنزلة)، حيث تمحّل من تمحّل في تأويله محاولا إبعاده عمّا يفهم منه، و يبدو أن ذلك يعود لسببين:

      أحدهما:  تواتر الحديث واشتهاره بين الفريقين لحد لا يمكن معه إنكار صدوره .

ثانيهما:  دلالته الواضحة ـ التي لا لبس فيها ـ على ولاية الإمام عـلي ع، و خلافته للرسول الأعـظم ـ صلّى الله عليه و آله و سّلم ـ عـنـد غـيابه :  في حياته، و بعـد وفاته .         

وفي هذا البحث المتواضع محاولة لدراسة حديث المنزلة, وهو الحديث الذي تواتر نقله عن االنبي ص  وقد نص فيه على خلافة الإمام علي ع, مكرّراً صدوره في مواطن متعدّدة, منذ بدء الدعوة وحتى وفاته.

ومنهجي في البحث عن الحديث يعتمد تقسيم الكتاب إلى أبحات عديدة هي:

1 ـ تمهيد في الهدف من الخلافة.

2ـ حديث المنزلة وغزوة تبوك (لاشتهار الحديث في هذه المناسبة).

3 ـ من استخلف على المدينة في غزوة تبوك؟.

4 ـ البحث في موارد صدور حديث المنزلة.

5 ـ البحث في رواة حديث المنزلة من الصحابة.

6 ـ البحث في دلالة حديث المنزلة.

7 ـ شبهات حول حديث المنزلة. ومناقشتها.

وقد توخيت الموضوعية في البحث في جميع هذه المباحث مستفيداً من ظاهر اللفظ ومبتعداً عن التعصب, والتكلف, والتمحل, راجياً من المولى ع التسديد في البحث, والتفضل بالتوفيق, والقبول, إنّه سميع مجيب.

 

 

                    عبد المطلب الموسوي الخرسان

 

 

 

تمهيد

 

 

 


 

الهدف من خلافة الرسول (ص):                    

قلنا ـ في المقدمة ــ أنّ لحديث المنزلة دلالة واضحة على خلافة الإمام عليع   للرسول الأعظم ـ صلّى الله عـليه و آله و سلّم ـ، و لابـد لنا من وقـفـة قـصيرة مع الخلافة تمهيدًا للبحث في حديث المنزلة.

     فالوجـدان يقـضي بأنّ النبوة لابـد أن يكون لها امتداد طبيعي لمـواصلة مسيرتها، و تحقيـق ما تهـدف إليه لأنها الرسالة الخاتمة، فقـد مكث الرسول ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ بعـد البعثة في أمته ثلاثًا و عشريـن عامًا تقـريبا  ,  أمضى أكثر من شطرها في مكة المكرمة :  يكتم أمره في بدء الـدعـوة، ثم يتعـرض لـه المشركون بالمضايقات و الأذى  بعد إعـلانها، حتى اضطروه إلى أن يهاجر إلى  المدينة  المنورة، وهذه الفترة استمرت أكثر من اثني عشر عـامًا. وكانت الهجـرة فاتحة عـهد جـديد استمر أكثر من عـشرة أعـوام، اكتنفته الحروب، و الغزوات .

و في ظل الظروف التي عـاشها النبي ـ صلّى الله عـليه و آله و سلّم ـ قبل الهجرة و بعدها لم تتح لـه الفرصة ليحقـق كلّ ما كان يصبو إليه، وهـو يسايـر الأحداث والتطورات في تبليغ أحكام رسا لته، و بناء أسس دولته الفـتـية.                     

 فـلابد له أن يخلف عـلى الأمّة من يكمل مسيرته

ليقـودها على هديه و نهجـه، و يبلّغها ما تجهل من أحكام ديـنها,  ليـوصل ا لجـمع المؤمن إلى شاطئ الأمـان,  ويكمل بناء الــدولة للمجتمع المسلم عـلى الأسس التي أرسى دعـائمها الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه و آله و سّلم ـ.                                                               

إنّ من يتزعـم أمـّة و يوجهها لتـطبيق أحكام رسالـته، و يضع لها النهج السليم في أمور دينها ودنياها لا يمكن أن يتركها هـملا دون أن يعـدّ لها من ينهج نهجه، ويسير فيها بهديه،  ليقودها متبعًا خطاه التي سار عـليها.    

وهذا نظير ما تنبه إليه عبد الله بن عمر عند وفاة أبيه؛ فقد روي عنه أنّه قال: ( دخلت على أبي فـقـلت: سمعت الناس يقولون مقالة، وآليت أن أقولها لك، زعـموا أنك غـير مستخلف، وأنه لـو كان لك راعي إبـل أو غـنم، ثم جاءك وتركها، رأيت أنه قـد ضيّع،  فـرعـاية الناس أشد 1) والأمر الذي من البداهة بهذا الوضوح، كيف يهمله  الوحي؟! أم كيف يغـفـل عـنه النبي المـصطفى ـ صلى الله عـليه وآله وسلم ـ؟!.                                                        

         ومن استعرض السيرة النبوية يلاحظ أنّ النبي          ـ صلّى الله عـليه و آله وسّلم ـ لا يغادر المدينة لأمر دون أن يستخلف عـليها أحـدًا،  وهي خالية إلاّ ممّن أََعـفي عـن الجهاد من النساء، والأطفال، والشيوخ، و من أقـعـده المـرض، فكـيـف يترك أمـته بـدون خـليـفـة وهـو منصرف عـنها للقاء الله في فراق لا لقاء بعده في هذه الدنيا؟!.                                                                

 

 

من هو المؤهل للخلافة بعد الرسول الكريم (ص)؟:

 

ويتضح لنا من تتبع السيرة النبوية الشريفة  ـ بصورة لا تقبل الشك و التأويل ـ أن الرسول ـ صلى الله عليه و آله وسلم ـ كان يعد خليفته، ويهيؤه، ويمده بما يقوّمه للنهوض بمهمة الخلافة من بـداية بعـثته وحتى اللحـظة الأخيرة من حياته، حيث لفظ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ نفسه الأخـير عـلى صـدره قاطعا به مناجاته، و ما انفـك   ـ طيلة تلك المـدة ـ يدل عليه، و يشير إليه بشكل أو بآخر .                                                               

       وتبين لنا كتب السيرة والتاريخ عـلاقة الإمام عـلي   ع  بالرسول الأكرم  ـ صلى الله عليه و آله و سـلم ـ، وملازمته لـه ملازمة الـظـل لـذيّه،  فـبعـد أن تربى في حجره الطاهر، كان  ع  لا يـدع  فرصة تمر إلا و نهـل مـن نـميـر عـلمه وفاضـل خـلـقـه، كـما لم يـدع النبي ـ صلّى الله عليه و آله ـ فـرصة تمر إلا و زوّده فيها بزاد من العلم وقد نصّ على أنه وزيـره بـعـد نزول الوحي عليـه مباشرة   يـقـول  ع   في خطبته المسماة بـ( القاصعة) :  

       ( وقد عـلمتم موضعي من رسـول الله ـ صلّى الله عـليه وآله و سّلم ـ بالـقـرابـة القـريبة، و المنزلـة الخـصيصة، وضعـني في حجـره و أنا ولـد، يـضمني إلى صـدره، و يكنفني في فراشه، و يمسني جسده، و يشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه. و ما وجد لي كذبة في قـول، ولاخطلة في فعل، و لـقد قـرن الله به ـ صلّى الله عليه و آلـه و سـّلم ـ مـن لـد ن أن كـان فـطيمـا أعـظم مـلك مـن ملائكته يسلك به طريق المكارم، و محاسن أخلاق العالم، ليله و نهاره.    

 و لقـد كنت أتبعـه اتباع الـفـصيل أثـر أمـه، يرفع لي في كل يوم مـن أخلا قـه عـلمًا، و يأمرني بالإقتداء به.

ولقـد كان يجـاورـ كـل سنـة ـ بحـراء، فـأراه و لا يـراه غـيري . و لم يجـمع بيت واحـد ـ يومئـذٍ ـ في الإسلام غـير رسـول الله  ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ وخـديجة  وأنا  ثالثهما، أرى نور ا لوحي والرسالة، وأشمّ ريح النـبوة . 

        و لقـد سمعت رنّة الشيطان حين نزول الوحي عليه  ـ صلّى الله عليه وآله ـ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة ؟  فقال : هذا الشيطان قـد أيس من عبادته. إنّك تسمع ما أسمع، و ترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي، و لكنك لوزير، و إنّـك لعـلى خير...1). 

       و ما أن أمر رسول الله ـ صلّى الله عليه و آله وسلّم ـ  بأن يُعـلنَ دعـوَته بإنذار عـشيرته الأقـربين، نراه  يقـرن إعـلان الـدعـوة بتعــيين خـليـفـته ؛ إذ قـال لهـم ـ بعـد أن دعـاهم  و اجتمعوا ـ :

(  يا بني عـبدا لمطلب إنّي و الله ما أعـلم شابًا من العـرب جـاء قـومه بأفـضل مـمّا جـئتكم به , إني جئـتكم بخير الـدنـيـا و الآخـرة، و إنّ ربي امـرني أن أدعـوكـم فأيـّكـم يواز رني عـلى هذا الأمر عـلى أن يكون أخي، ووصيي، وخـليفتي فـيكم ؟ . فأحـجـم القـوم عـنها جـميعا ـ وإنّي لأحـدثهم سنا ـ فقلت : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي،  ثم قال : هذا أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا لـه، و أطيعوا2).

         و قد توالت النصوص التي دلت على استخلافه   ع   واختصاصه بالولاية العامة بعد الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ من الكتاب والسنة، على ما هو مذكور في كتب التفسير والحديث، وليس هذا محل نقله

      على أنّ توفر مقـومات الإمامة والخلافة في الإمام علي   ع  من البديهيات التي لا تحتاج معرفتها إلى جهد لمن اطلع عـلى سيرته الشريفة، وعرف ما تميزت به من قـدسية في جميع خصائصها :                                                                   

       فهو الأمام المعصوم، الذي لم يسجد لصنم قط، و هو أحد الخمسة أصحاب الكساء الّذين أذهب الله عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا1 , ولم يجـد أعـداؤه ـ عـلى كثرتهم و تعصبهم في  بغضهم له ـ أي مجال ليتهموه في زلّة يدّعون اقترافه لها، بل نراهم يعـترفون بمناقبه مع إعلانهم سبه .                                         

 وهو المجاهـد الصلب الباذل مهجته في مـرضاة الله إعـلاءً لـكلمة التوحـيد في جــمـيـع حـروب الإسلام ومغازيه. 

 وهو العالم الربّاني، وباب مدينة العلم، والّذي يعلم بآيات الله : متى نزلـت ؟  و أيـن نزلت ؟  و فيمَ نزلت ؟  و من قال : عـّلمني رسول الله ألف باب من العـلم،  يفتح لي من كل باب ألف باب. وقد تواتر النقـل   على أن من سبقه من الخلفاء احتاجوا إليه  في مسائـل كثيرة، واستضاءوا بنور علمه، واعترف بعضهم بالخلاص من الهلاك بما استفاده من أجوبته وإرشاداته ولم يرو لنا أحد من المؤرخين و الرواة أنه   ع   تردد في مسألة، فاحتاج أن يسأل أحدًا من الصحابة عنها.   

      وما أروع ما يروى عن  الخليل بن أحمد الفراهيدي في الإستدلال على إمامة الأمام علي   ع  حيث يقول : ( استغناؤه عن الكل، واحتياج الكل إليه، دليل على أنه إمام الكل ).

        فالإمام علي   ع   هو الإمتداد الطبيعي للرسول المصطفى  ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، في نسبه، وفي علمه، وفي تقواه، وفي جهاده، وفي سائر مزاياه وخصائصه، لا يتخلف عنه في أمرٍٍ سوى النبوة ؛ ولئن انتقلت الخلافة إلى غيره، فلقد كان هو الموجّه والمعلم والدليل الذي تسنم ـ  بلا منازع ـ منصب الإمامة، واحتاج إلى علمه الخلفاء الثلاثة وغيرهم من الصحابة، وعملوا برأيه، وعلّمهم ما جهلوا من أحكام الدين وحدوده، وبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعد الرسول الأكرم        ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ، و ليس بخفي ما في لجوئهم إليه في حل المعضلات و المشاكل من دليـل على أحقيته بالخلافة، وأنه كان المؤهل الوحيد لها دون غيره  . 

 

 

2

حديث المنزلة

وغزوة تبوك

 

في يوم شديد الحر من أيام الصيف، وفي سنة مجدبة، اشتدت فيها المحنة على أهل المدينة،أعلن الرسول ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ أنه عـازم عـلى غـزو الروم، وأنه سيتوجه ـ بعـد حين ـ إلى تبوك .   

        دوّى الخبر في أرجاء المدينة ؛ فخـيّم عليها وجوم، و بات أهلها على وجل، واختلفت المواقف   ـ كما هي العادة في مثل هذه المناسبات ـ :

 جـماعة يتحمّسون للجهاد، وجماعة يتأسفون لعـدم تمكنهم من الجهاد لسبب أو لآخر، فيتحرقون ألما، وجماعة يتقاعسون متعـللين بأسباب واهية، و من هؤلاء من يتحيّن الفرص للأضرار بالإسلام .    

  في وقت مبكر أعلن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسّلم ـ عن عزمه، ليتيح الفرصة للصحابة للاستعداد،لأنّهم مدعوّون للجهاد بعد سفر طويل  يطوون  فيه الفيافي  والقفار تحت لهيب أشعـة الشمس وعـلى الصخور والرمال المنصهرة بحرارتها.     

و إذا كان بإمكان المنافقين والّذين في قلوبهم مرض أن يستفيدوا من هذا الإعلان المبكر في الكيد للإسلام ؛  فإنّ الوحي يفـضح نواياهم، ولا تخـفى حركاتهم عـلى النبي ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ إذ كان يرصدهم بكلّ حذر.                               

 تهـيأ كثـيـر من الصحـابة لتعـبئة ما سمي بـ  :

( جـيش العسرة ) بالرغم من الظروف الصعبة التي تدل عليها هذه التسمية، ليتوجهوا إلى تبوك، فأعدّوا لأنفسهم عدّة السفر، وعدّة الحرب , وامتاروا  لعـوائلهم التي سيخلفونها في المدينة المنورة.

       وجاء آخرون إلى النبي ـ صلّى الله عليه  وآله و سّلم ـ علّهم يجدون عنده ما يحملهم عليه، أو ما يتركونه لعـوائلهم ؛  بينما تبرع بعض ذوي اليسار بما جادت به أيديهم لتجهيز هذه الغزوة التي تولى الرسول الأكرم ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ قيادتها بنفسه.  

        حدث ذلك في السنة التاسعة للهجرة، و الناس ـ إذ ذاك ـ بين مؤمن مستكمل الأيمان، و بين حديث عهد بالدين، لم يتمكن الدين الجديد ـ بعد ـ من نفسه، ولا          تزال رواسب الجاهلية تعيش في أعماقه، و بين من دخـل الإسلام رهبة، و هو موتور بمن قتل من أهله وعشيرته في الحروب التي شنّها المشركون على المدينة المنورة مستهدفين الإسلام و نبيه .

        تظاهر بعـض المنافـقين والّذين في قلوبهم مرض بعـدم التمكن من الخروج إلى الجهاد لحراجة الظروف، بينما كانوا يستعدون للكيد للإسلام، وخرج القسم الآخر منهم مع الجيش لا لغرض الجهاد، بل لتخذيل المجاهدين , فكان الفريقان ـ معا ـ يشكلان خطرًا لابدّ من أخذه بنظر الإعتبار، لأنّ من شأن هؤلاء إثارة الفتن والمشاكل، و تثبيط العزائم و التخذيل.

       حـان الوقت لمغـادرة الرسول المصطـفى ـ صلّى الله عـليه و آله و سلّم ـ المدينة المنورة ؛ وهـو يقـود الصفوة المؤمنة المجاهدة من أصحابه، وقد خرج معهم جمع من المنافقين، وكان على رأسهم ( عبد الله بن أبي) الذي اعتزل بهم ـ على  بعد مسافة قصيرة من المدينة ـ عن الجيش، فكانوا على ما روى المؤرخون يشكلون  ثلث الجيش الّذي خرج من المدينة، و على حدّ تعبير رواة آخرين : لم يكونوا بأقل العسكرين 1. وكان لابدّ للنبي ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ أن يخلف مكانه على المدينة من يضبط فيها الوضع، في ظل تلك الظروف البالغة الصعوبة، ليخمد كلّ حركة يقوم بها المنافقون :  سواء من تخلف منهم في المدينة، أو الّذين سيعودون إليها من الطريق، وهي مهمة صعبة تنتظر من سيكلف بها.

         لم يجد المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في أسرته و صفوة أصحابه من يليق بأداء هذه المهمة الصعبة و النهوض بأعبائها سوى صنوه المرتضى   ع ، الّذي هو منه بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة الذراع من العـضد ,  فاختاره لها كما جرت عاد ته أن يختاره لمواجهة كل كريهة و شدة، ليرد غائلتها، و يخمد لهبها.

        هذا الإختيار يدلل على حراجة الموقف  فالحرب لا يمكن أن يستغـنى فيها عن الإمام عـلي   ع ، لأنّه صاحب اللّواء،  وهو الّذي يحسم الأمر كلّما أحاط بجيش الإسلام خطر: ينازل الأقران، ويصرع الأبطال  و مواقفه في ذلك مشهودة : في بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وغيرها، وهي  خير شاهد .                                                                            

         فالحاجة الماسة والضرورة هي التي فرضت إبقاء عـضد الرسول ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ، ويده الضاربة في المدينة حيث كان بقاؤه فيها أهم من الخروج إلى الجهاد معه، وقد صرح بذلك بوضوح في قولـه له : ( لا بد أن أقيم أو تقيم1) . وقولـه : ( إنّ المدينة لا تصلح إلاّ  بي أو بك2). وما بمعنى هاتين العـبارتين، وهو ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ لا يخالف في ذلك سيرة العـقلاء في ترجيح الأهم على المهم . من هنا كان بقاؤه   ع  جهادًا، وكان له من الأجر ومن المغنم ما كان لرسول الله ـ صلّى الله عليه و آله و سّلم ـ 3.

         ودّع النبي ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ خليفته وعياله، وسائر المسلمين الذين تأخروا عن هذه الغـزوة وخرج تحفّ به كوكبة من عشيرته وصفوة أصحابه وللمؤمنين الّذين تأخروا عنه في المدينة ضجيج، وصراخ  وعويل، لفراقه من جهة، وتحرقاً لعدم التمكن من الخـروج معـه للجهاد من جهة أخـرى، و هـم يتضرعـون إلى الله   ع   أن يسلّم نبيه وإخوانهم المجاهدين وأن يسددهم بالنصر والظفر بعدوّهم. تلك دموع وفاء تؤججها لوعة الفراق و يوري ضرامها الأسف لعـدم التمكن من الجهاد .                                                                                                   

ومع ضجيج المودعين، والقتام الّذي تثيره الخـيل والجمال  فغـر النفاق فاه، فأطلق صيحة خبيثة سرعان ما انتشرت في أرجاء المدينة، ثم تفشت بين الجيش المتأهب لقتال العدو . فهـل أطلق المنافقـون الحاقـدون  ما يسمى ـ اليوم ـ  ببالونة الإختبار ؟ ! أم إلى مَ كانوا يهدفون؟ !.                                                                      

  إنها دعوى تكذب نفسها بنفسها ولا تصمد أمام الواقع، فهل بوسع أحدٍ أن يصدق أو يتصور أن النبي المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله وسّلم ـ سئِم صنوه المرتضى   ع  ، وكره صحبته؟! أما كان نفسه بنصّ الذكر؟! أما قال عـنه مردّدا ومكررًا : ( إنه مني وأنا منه)  وأكثر القول في مدحه وإطرائه، وبيان فضائله، حتى حسده من حسد، وحتى عـوتب في ذ لك مرارًا ؟!                                                                                                        

أطلقتها أفواه المنافقين الحاقدين، وتناقلها السذج والحاسدون فقرعـت سمع الوصي   ع ، فما تراه يفعـل؟ ! أيسكت ؛  ويدع المنافقين يرجفون بهذا و أمثاله ؟  فأين الحزم إذا ؟ !.                                                                            

النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لا يزال على مقـربة مـن المـدينة لم ينطلق بعـيدا عـنها في رحـلة الجهاد المقدس ؛ والموقف يستدعي السرعة، وقد تصرف الأمام علي   ع  بما كان ينبغي له، فهو الرجـل الصلب الّذي لا تلين قناته، ولا ترتعـد فرائصه عـند الشدائد، وهو أكبر من أن ينال منه أحد .                                                                                         

لحق الإمام علي  ع  بالرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ  فأخبره بما أرجف به المنافقون، فأجابه : ( كذبوا , ولكن خلفتك لما تركت ورائي1) كما جاء في رواية ابن إسحاق، وجاء في رواية البرّاء بن عازب و زيد بن أرقم قوله :( لا بد أن أقيم أو تقيم1) وجاء في رواية علي  ع  : ( فإن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك2)، أما رواية ابن عباس فقد جاء فيها :( وخرج بالناس في غزوة تبوك قال : فقال له علي: أخرج معك.  فقال له نبي الله : لا. فبكى علي، فقال له : أ ما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّك لست بنبي، إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي3) .  

 أفصح النبي ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ عن الحكمة من بقاء الأمام عليع   في المدينة المنورة، فأوصد الباب أمام المفترين والحـاقدين المنافقين، وأفشل كل ما خـططوه من الكيد للإسلام، فلم يتحقق لهم ما أرادوا من النيل من سـيـد الوصيين و إمام المتقين، بل خـلع        ـ صلّى الله عليه وآله و سلّم ـ عـلى صنوه حلّة  كانت سدًا منيعـا أمام خـطـط البغي والتخـريب والتـضلـيـل، وتبـيـّن للمنافقين مدى الحزم في موقفيهما، فأصابهم اليأس والذهـول، وباءوا بالخيبة والفشل .

      و عاد الإمام علي   ع  إلى المدينة المنورة ليخلف عليها الرسول المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ الذي توجه إلى تبوك مطمئنًا على مركز دولته وقاعدة دعوته المباركة بمن خلفه عليها .                                                                                                                                

 

3

من الذي استخلف على المدينة في

غزوة تبوك

إستخلف النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ على المدينة المنورة الأمام عليًا   ع ، وقد نصت على ذلك  الروايات الموثوقة لحديث المنزلة، ولكن ثمة روايات ذهبت إلى ما يخالف ذلك، فالطبري روى عن ابن إسحاق  قال : ( قال ابن إسحاق: وخلّف رسول الله eعلي بن أبي طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، و استخلف على المدينة : ( سباع بن عرفطة، أخا بني غفار)، فأرجف المنافقون بعلي بن أبي طالب، وقالوا : ما خلّفه إلاّ استثقالا له، وتخففا منه. فلما قال ذلك المنافقون، أخذ علي سلاحه، ثم خرج حتى أتى رسول الله e وهو بالجرف، فقال : يا نبي الله  زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني أنّك استثقلتني، وتخففت منّي. فقال : كذبوا، و لكنّي إنّما خلّفتك لما ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى ـ ياعلي ـ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبي بعدي1).                                                                                                 

        وروى ابن عساكر عن ابن إسحاق ـ أيضا ـ ما نصه : ( قال ابن إسحاق : ثم خرج رسول الله e يوم الخميس، واستخلف على المدينة ( محمد بن مسلمة الأنصاري)[إلى أن قال] : وخلّّف رسول الله e علي بن أبي طالب على أهله، و أمره بالإقامة فيهم، فأرجف المنافقون، وقالوا :  ما خـلّفه إلاّ استـثـقالاً له، و تخـفـفا منه، فـلمّا قال ذلك المنافقون،أخذ علي بن أبي طالب سلاحه، ثمّ خرج حتى أتى رسول الله e و هو نازل بالجرف، فقال : يا رسول الله، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني تستثقلني، وتتخفف مني! فقال رسول الله e :  كذبوا، ولكنّي خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع، فاخلفني في أهلي وأهلك  ألا  ترضى  ـ  ياعلي ـ  أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي1)

      وقال المسعودى : ( وعاد إلى المدينة، وكان استخلف عليها ( علي بن أبي طالب )، وقد ذهب قوم إلى أنّه استخلف عليها ( أبا رهم الغفاري )، وعلى أهله(علي بن أبي طالب)  و قيل : بل استخلف ( ابن أم مكتوم )، وقيل : ( محمد بن مسلمة )، وقيل : ( سباع بن عرفطة )[إلى أن قال]: والأشهر أنّ رسول الله r استخلف عليًا على المدينة....2)

     إنّ الطبري و ابن عساكر لم يذكرا في روايتيهما عن ابـن إسحـاق ما كان يتبناه مـن رأي، أو ما يرجّـحـه في هـذا الموضوع، فالـروايتان تخـتلـفـان في تعـيين الخليفة، وربما أوردهما ابن إسحاق وهو يستعرض الروايات الّتي وردت في الاستخلاف، وهي تحتوي على الصحيح والضعيف، أمّا رواية ابن مسعود فهي أوضح لأنها استعرضت ما روي في الموضوع، و بينت ما رجح و تأكد لـديه، و لنا عـلى هـذه الروايات الملاحظات الآتية :

         (1)إنّ ما جاء في هـذه الروايات لا ينسجم مع طبيعة الأحداث، ولا يلائم الظروف الّتي أحاطت بهذا الحدث التاريخي الهام والخطير؛ فالنبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ يمكنه أن يخلّف على أهله أيّ رجل من بني هاشم سوى الإمام علي    ع ،لأنها مهمة سهلة يمكن أن يقوم بها أيّ أحد، و ليست لها الأرجحية على دور الإمام علي  ع   في الحرب ؛ حيث كان الرجل الّذي يحسم الأمور فيها لصالح المسلمين، ومواقفه في ذلك مشهودة مشهورة .                       

 (2)إنّ روايتي ابن إسحاق تضمنتا قولـه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : ( و لكنّي خلّفتك لما تركت ورائي ) و هذا يؤيد ويؤكد ما استفدناه من روايات الحديث الموثوقة الّتي أكدت استخلاف الأمام علي   ع  ، وأنّ استخلافه و إبقاءه كان الغرض منه ضبط الأمور في المدينة المنورة، وردع المنافقين من القيام بأيّ عمل تخريبي، ولا تنافي بين ما ذهبنا إليه وبين ما تضمنته الرواية من قولـه          ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ:(فارجع فاخلفني  في أهلي وأهلك)،لأنه ولي الأمة، وهو أولى بهم من أنفسهم، و نساؤه أمهاتهم، وهم أهله وعياله، ومن نصّ عليه بالخلافة اكتسب هذه الصفة عنه.

      (3)إنّ ما روي عن ابن إسحاق من استخلاف            ( سباع بن عرفطة) أو ( محمد بن مسلمة)، وما رواه ابن مسعود من استخلاف أحدهما، وما نقله  من استخلاف         (  أبا رهم الغفاري) أو( ابن أم مكتوم ) يخالف ما نصت عليه الروايات المتفق على صحتها بين الفريقين، والّتي رواها أئمة الحديث بأسانيد معــتـبرة، وقـد نصـت عـلى استخـلاف الإمام عـلي   ع  إمّا بنص صريح،أو بما يفهم منه ذلك بلا لبس ومن هذه الروايات :                                                          

        ( أ ) رواية سعد بن أبي وقاص، قال : ( إنّ رسول الله  e حين خرج في غزوة تبوك استخلف عليًا على المدينة  فقال علي : يا رسول الله ما كنت أحب أن تخرج وجها إلاّ  وأنا معك. فقال : أو ما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي؟1)

 وروى مصعب بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه، قال : ( إنّ رسول الله e خرج إلى تبوك، واستخلف عليًا ... الحديث2)

       وروى إبراهيم بن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه :(  أنه سمع النبي e  قال لعلي هذه  المقالة حين استخلفه : ألا ترضى أن تكون منّي بـمنزلة هـارون مـن مـوسى إلاّ أنـّه لا نبي بعـدي؟3)

       (ب) رواية أبي الفيل، قال : ( لمّا خرج رسول الله  e في غزوة تبوك استخلف علي بن أبي طالب على المدينة... الحديث4)

    (ج) رواية الإمام علي عليه السلام :(أنّ رسول الله  e  أراد أن يغـزو غزاة لـه، فدعا جعـفرًا فأمره أن يتخلف على المدينة . فقال : لا أتخلف بعدك يا رسول الله أبدًا. قال : فـدعاني رسول الله e، فعـزم عـليّ لمّا تخلّفت قـبل أن أتكلم ... الحديث5)

   ( د ) رواية ابن عباس ـ في حديث نقلناه سابقًا جاء فيه - : ( إنّه لا ينبغي أن أذهب إلاّ  و أنت خليفتي)

   (4)إنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أولى الأمام عليًا   ع  ثقة عالية، فكان ينتدبه لعظائم الأمور، ولم يؤمّر عليه أحدًا  قط ، منذ تأسيس دولته وحتى قبض؛ فما باله اليوم يستخـلف عـلى المديـنة غـيره، ويتركه فـيها لمهـمة بسيطة، أ كان ذلك شكا في كفاءته؟! معاذ الله ؛ إن سيرة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ مع علي  ع  لا تدع مجالا لاعتبار هذه الروايات .        

    (5)إنّ منطوق حديث المنزلة يدل على استخلاف الأمام عـلي   ع  دون غـيـره، لـتشـبيهه بهارون  ع   ؛ لأنه كان خليفة لموسى   ع   على قومه عند غيابه،إذ استخلفه عليهم بقوله له عندما خرج للمناجاة ـ كما جاء في الذكر الحكيم ـ  ( اخلفني في قومي و أصلح و لا تـتبع سبيل المفسدين1) فعلي   ع   خليفة رسول الله   ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كما كان هارون  ع  خليفة موسى   ع  بمقتضى الحديث الّذي لم يستثن إلاّ النبوة .                                                     

 

 

 

 

 

 

 

4

 

موارد صدور حديث المنزلة

 
1 ـ غزوة تبوك (غزوة العسرة):        

       إقترن حديث المنزلة بهذه الغزوة حتى لا نكاد نفتح كتابا من كتب التأريخ، أو الحديث، أو التراجم، إلاّ ونرى الحديث مرويا في هذه المناسبة، ممّا يوهم أنّ الحديث مختص بهذا الحدث لا غير، بينما يثبت البحث والتنقيب ما يخالف ذلك، حيث نقل المحدثون روايات أخرى للحديث في مناسبات متعددة، قبل غزوة تبوك أو بعدها.

وقد روي عن أبي رافع:(أنّ معاوية عندما روى له الحديث سعد بن أبي وقّاص، فأنكر ذلك، وقال : من سمع هذا معك؟ فقال سعد: سمعتهُ أمّ سلمة زوج النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ، فقال[معاوية] : قوموا بنا إليها، فقمنا جميعا، ودخلنا عليها. فقال لها سعد: يا أم المؤمنين إنّي ذكرت لمعاوية أنّ رسول الله قال لعلي:  أنت مني بمنزلة هارون من موسى. فأنكر ذلك [معاوية]، وقال : من سمعه معك؟ !. فذكرتكِ، فهل سمعت ذلك من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله و سلّم ـ؟. فقالت أمّ سلمة: أما مرة واحدة، فلا. ولكن سمعته مرارًا.....الرواية1) ولعلّ السبب في اقتران الحديث بغزوة تبوك يعود إلى الأمور الآتية:                                                   

        (أ) إنّ كثرة الروايات في هذه المناسبة يعود إلى صدور الحديث في مناسبة هامة شهدها عـدد غـفير من الصحابة، سواء منهم من خرج لغرض الجهاد،أو لغرض التود     يع، ولمّا كان الحدث ملفتا للنظر لما له من أثر خطير، كثر نقله، والتحديث به .                                                                                                    

 (ب) روى  سعد بن أبي وقاص هذا الحديث في مناسبات عديدة، ورواه عنه عدد كبير من التابعين، و من بين تلك الروايات ما صدر في حدث شهير، إذ طلب منه معاوية أن يصعـد المنبر، ويلعـن عـليًا ع أمام الملأ ـ  و كان ذلك في المدينة ـ وقد اجتمع الناس عند معاوية، فامتنع سعد متعللا بأحاديث رواها عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، منها حديث المنزلة، روى عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدًا، فقال : ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟.فقال : ( أمّا ما ذكرت ثلاثًا قالهن له رسول اللهe [فلن أسبه]، فلأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم، سمعت رسول الله e يقول  ـ وخلّفه في بعض مغازيه ـ .   

       فقال لـه علي : يا رسول الله، تخلفني مع النساء والصبيان ! . فقال لـه رسول الله r : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي ....  الحديث1).

         (ج) و من غـير المستبعـد أنّ بعض المصنفين تعـمـّد الاقتصار عـلى روايـة الحـديث بـهـذه المناسبة دون غـيرها ، فلم يخـرج روايات الحـديث الّتي جاءت في مناسـبات أخـرى للإيهام بأن الحــديث نص في

الإستخلاف في غزوة تبوك دون غـيرها، وذلك لما يعـنيه الحـديث من إرادة الخلافة ـ كما سنرى ـ بوضوح لا لبس فيه.                                                                                                      

  (2) دعـوة العشيرة:

          عن أبي رافع، قال : قال رسول الله  ـ صلّى الله عليه وآله ـ [في حديث طويل جاء فيه]:(... إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين، و أنتم عشيرتي  و رهطي، و إنّ الله لم يبعث نبيًا إلاّ جعـل له من أهله : أخًا، و وزيرًا، و وارثا، و وصيا، و خليفة في أهله. فأيكم يقـوم  فـيبايعـني عـلى أنّه : أخي، ووزيري، و وصيي، ويكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ؟. فسكت القوم. فقال :  ليقومنّ قائمكم أو ليكونن في غـيركم، ثمّ لتندمن.  ثمّ أعاد الكلام ثلاث مرّات.  فقام علي، فبايعه، وأجابه1) .

    (3)المؤاخـاة بـين المسلمين(المهاجرين):                                                                 روى زيد بن أبي أوفى [  في حديث طويل وصف فيه المؤاخاة، و أنّه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : آخى بين أبي بكر , وعـمر، و بين عـثمان , وعـبد الرحمن بن عـوف، و بين طلحة , والزبير، و بين أبي الدرداء عـويمر بن زيد، و سلمان الفارسي، وترك عليًا لم يواخ بينه و بين أحد. جاء في الحديث ما نصّه] :

 (  فقال علي :  يا رسول الله، لقـد ذهـب روحي، و انقـطع ظهري، حين رأيتـك فعـلت هذا بأصحابك ما فعـلت غيري، فإن كان هذا من سخط عـلي ّ، فلك العتبى و الكرامة. فقال رسول الله  e: والّذي بعـثني بالحق ما أخرتك إلاّ لنفسي، و أنت مني بمنزلة هارون من موسى غـير أنّه لا نبي بعدي، وأنت أخي، ووارثي ... الحديث1)

    (4) المؤاخاة الثانية بين المسلمين (المهاجرين والأنصار) :                                   

         روي عن ابن عباس، قال : ( لمّا آخى النبي e  بين أصحابه، وبين المهاجرين والأنصار، فلم يواخ بين عـلي بن أبي طالب وبين أحدٍ منهم، خرج علي مغضبًا، حتى أتى جدولا من الأرض، فتوسد ذراعه، فتسفي عـليه الريح، فـطلبه النبي e  حتى وجده، فوكزه برجله، فقال لـه :  قم، فما صلحت إلاّ أن تكون أبا تراب، أ غـضبت عـليّ حـين آخـيت بين المهاجرين  والأنـصار، ولم أؤاخ بينك وبين أحدٍ منهم؟، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه ليس بعدي نبي؟...الحديث2).

 وروي عـن محدوج بن زيد الذهلي،أنّ رسول الله e لمّا آخى بـيـن المسلمين، أخـذ بيد عـلي فـوضعها عـلى صدره، ثمّ قال : ( ياعلي أنت أخي، و أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي.....الحديث1)

ح     (5و6) رواية أسماء بنت عـميس في مولد الحـسن u (سنة 3هجرية)، وفي مولد الحسين u (سنة 4 هجرية) :                                              

         قالت في حديث روته عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ حول مولديهما جاء فيه:( ثمّ قال النبي e لعلي : أيّ شيء سميت ابني؟. قال : ما كنت لأسبقك بذلك. فقال : ولا أنا أسابق [كذا] ربّي، فهبط جـبريل u، فـقال: يا محـمد، إنّ ربـّك يـقـرئـك السلام، ويقول لك : علي منك بمنزلة هارون من موسى لكن لا نبي بعـدك، فسمّ ابنك هـذا باسم ولـد هـارون، فـقـال: وما كان اسم ابن هارون يا جبريل؟ قال: شبر. فقال e : إنّ لساني عربي . فقال : سمِّه الحسن  ففعـل e .

فلمّا كان بعد حول ولد الحسين، فجاء نبي الله e [ وذكرت مثل الأول، و ساقت قصّة التسمية مثل الأول]، وأنّ جـبـريل e أمـره أن يسميه باسم ولـد هـارون شبير، فقال النبي e  مثل الأول .  فقال : سمّه حسينا2) ومن الواضح أنّ هـذا الحـديـث ـ في مناسـبـتـيه ـ من الأحاديث القدسية الّتي نزل بها الـوحي على النبي ـ صلّى الله عـليه وآله وسلّم ـ .

(7) رواية الإمام علي u :

   خطب يوم صفين خطبة قال فيها : ( والّذي نفسي بيده لنظر إليّ النبي ـ  صلّى الله عليه وآله ـ أضرب بين يديه بسيفي هذا، فقال : لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى إلاّ علي. فقال لي : يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من  موسى1)0

  وهذا الحديث ـ كما يفهم من الرواية ـ صدر في واقعة اشتركا فيها معًا، وعلي u  يقاتل إلى جانب رسول الله e ويدافع عنه، ولاقتران هذا الحديث بحديث : (لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى  إلاّ علي)، فمن المرجح أن تكون الواقعة الّتي صدر الحديث فيها : واقعة أحد في السنة الثالثة للهجرة.

          (8) يوم فتح خيبر(سنة7 هجرية ) :

         عن علي بن أبي طالب u، قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عـليه وآله وسلّم ـ يوم فتحت خيبر : ( لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت ـ اليوم ـ فيك مقًالا لا تمرّ على ملأ من المسلمين إلاّ أخـذوا من تراب رجـليك، وفـضل طهورك ليستشفوا به، و لكن حسبك أن تكون منّي، و أنا منك، ترثني  وأرثك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي...الحديث1)

         وعن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال :  لمّا قدم علي على رسول الله ـ صلّى  الله عليه و آله ـ بفتح خيبر , وساق الحديث  بنفس النص السابق2

        (9) في عمرة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ   ( سنة 7 هجرية) :

      عن علي ـ رضي الله عنه ـ، قال : (  لمّا صدرنا من مكّة إذا ابنة حمزة تنادي : يا عم، يا عم. فتناولها علي ـ رضي الله عنه ـ، وأخذها. فقال لصاحبته: دونك ابنة عمّك، فحملتها، فاختصم فيها : علي، و زيد، و جعفر.              

     فقال علي :  أنا آخذها، وهي بنت عمّي .                

وقال جعفر: ابنة عمّي، و خالتها تحتي .                   

       وقال زيد : ابنة أخي .                                     

       فقضى رسول اللهe   لخالتها، وقال : الخالة بمنزلة الأم. ثمّ قال لعلي : أنت منّي بمنزلة هارون و أنا منك. وقال لجعفر: أشبهت خلقي وخلقي وقال لزيد: يا زيد أنت أخونا ومولانا3 ) . وفي رواية عبد الله بن جعفر لهذا الحديث : ( وأما أنت يا علي، فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة 4).

  (10) المنع من الرقود في مسجد النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ:

        عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: ( جاءنا  رسول الله ونحن مضطجعون  في المسجد، وفي يده عسيب رطب، فـضربنا، وقال : أترقـدون في المسجد؟! إنّه لا يرقـد فـيه أحد . فأجـفـلنا، وأجـفـل معـنا عـلي بن أبي طالب. فقال رسول الله e: يا عـلي إنّه يحل لك في المسجد ما يحـلّ لي، يا عـلي، ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوة؟1)

 (11)حديثه ـ صلّى الله عـليه وآله وسلّم ـ مع أمّ سلمة :

       عن عبد الله بن عباس، عن النبي e أنه قال لأمّ سلمة : ( يا أمّ سلمة، إنّ عليا لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي2)

(12) رواية أسماء بنت عميس :

       أنّها سمعت رسول الله e يقول لعلي : ( أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي3)

      (13) رواية أنس:

أنّ رسول الله e ، قال: ( ياعلي أنت منّي , وأنا مـنـك، وأنـت منّي بمـنـزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا يوحى إليك1)

      (14) رواية الخليفة الثاني عمر بن الخطّاب :

        عن عبد الله بن عباس، قال : سمعت عمر بن الخطّاب ـ وعنده جماعة ـ فتذاكروا السابقين إلى الإسلام. فقال عـمر: أمّا عـلي، فـسمعـت رسول الله e  يـقـول فـيـه ثلاث خصال لوددت أنّ لي واحدة منهن ، فكان أحب إليّ ممّا طلعت عليه الشمس. كنت: أنا، وأبو عبيدة، وأبو بكر، وجماعة من الصحابة، إذ ضرب النبي e بيده على منكب علي، فقال له : ( يا علي أنت أول المؤمنين إيمانا، وأول المسلمين إسلاما، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى2) .

      (15) رواية عقيل بن أبي طالب :                                                                                           

       قال: نازعت عليًا، وجعفر بن أبي طالب في شيء، فقلت: والله ما أنتما بأحب إلى رسول الله e  مني، إنّ قرابتنا لواحدة، وإنّ أبانا لواحد، وإنّ أمنا لواحدة. فقال رسول الله e :(أنا أحب أسامة بن زيد.قلت: إنّي ليس عن أسامة أسألك، إنّما أسألك عن نفسي . فقال: يا عقيل والله إنّي لأحبك لخصلتين: لقرابتك، ولحب أبي طالب إيّاك  ـ وكان أحبّهم إلى أبي طالب ـ، وأمّا أنت يا جعـفر، فإنّ خلقـك يشبه خلقي، و أنت يا عـلي، فأنت منّي بمنزلة هـارون من مـوسى غـير أنّه لا نبي بعدي1).                                                                           

     (16) ما ورد حول قوله تعالى:(عمّ يتساءلون):

       عن عـلي بن أبي طالب، قال : أقبل صخر بن حرب، حتى جـلس إلى رسول الله، فقال : الأمر بعـدك لمن؟ قال:  لمن هو منّي بمنزلة هارون من موسى . فأنزل الله : ( عـمّ يتساءلون2) يعني أهل مكّة عن خلافة علي ( عن النبأ العظيم الّذي هم فيه مختلفون3) فمنهم المصدّق، ومنهم المكذب بولايته. ( كلاّ سيعلمون4) وهـو رد عليهم، سيعرفون خلافته أنها حقّ إذ يسألون عـنها في قبورهم، فلا يبقى ميت في شرق، ولا غرب،  ولا بر، ولا بحر، إلاّ ومنكر ونكير يسألانه، يقولان للميت : من ربك؟. ومن نبيك؟. ومن إمامك؟5).  

       (17) المنع من المبيت جنبا في المسجد:

        عن أبي رافع، قال : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه و آله ـ خطب الناس، فقال : ( يا أيّها الناس،إنّ اللهU أمر موسى وهارون أن يبنيا لقومهما بمصر بيوتا، وأمرهما أن لا يـبيت في مسجـدهما جـنب، ولا يـقـرب فـيه النساء إلاّ هارون وذريته، وإنّ عليا منّي بمنزلة هارون من موسى، فلا يحـل لأحـد أن يقـرب النساء في مسجـدي، ولا يبيت فيه جنب إلاّ علي وذريته، فمن ساءه ذلك فهاهنا، وضرب بيده نحو الشام1)، ورواه حذيفة بن أسيد الغفاري2

       (18) رواية الإمام  الباقرu :

       قال:(بعث رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ خالد بن الوليد إلى حي يقال لهم: بنو المصطلق من بني خزيمة، وكان بينهم وبين بني مخزوم إحنة في الجاهلية، وكانوا قد أطاعوا رسول الله، وأخذوا منه كتابا لسيرته عليهم،[ وساق قصة غدر خالد بهم، وقدومهم بكتابهم على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، فأعلمهم أنّه بريء إلى الله ممّا عمله خالدٌ معهم، وأرسل الإمام عليًا u ليتلافى ما صنعه خالد، فذهب إليهم منفذا أمره ثمّ عاد إليه] .

 فلمّا رجع إلى النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، قال: ياعلي أخبرني بما صنعت. فقال: يا رسول الله ، عمدت، فأعطيت لكل دم دية، ولكل جنين غرّة، ولكل مال مالا، وفضلت معي فضلة، فأعطيتهم لميلغة كلابهم، وحبلة رعاتهم، وفضلت معي فضلة ، فأعطيتهم لروعة نسائهم وفزع صبيانهم، وفضلت معي فضلة، فأعطيتهم لما يعلمون ومالا يعلمون ، و فضلت معي فضلة، فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله. فقال ـ صلّى الله عليه وآله ــ : أعطيتهم ليرضوا عني ، رضي الله عنك ، أنت  منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي1)

(19)رواية أخرى لأنس بن مالك :

        قال: بينا أنا عند رسول الله ـ صلّى الله عليه     وآله ـ إذ قال : الآن يدخـل سيد المسلمين، وأمير المؤمنين، وخـير الوصيين، وأولى الناس بالنبيين، إذ طلع علي بن أبي طالب u . فأخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يمسح العرق من وجهه، ويمسح به وجه علي بن أبي طالب  u ويمسح العرق من وجه علي بن أبي طالب u  ويمسح به وجهه.

       فقال لـه علي u : يا رسول الله، نزل فيّ     شيء ؟. قال : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنّه لا نبي بعدي؟. أنت أخي , ووزيري، وخير من أخلّف بعدي، تقضي ديني، و تنجز وعدي، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي، وتعلّمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا، وتجاهدهم على التأويل، كما جاهد تهم على  التنزيل2)

        (20) في حجة الوداع :

        عن عمر، وسلمة، ابنا أم سلمة، ربيبا رسول الله  ـ صلّى الله عليه وآله ـ، أنهما سمعا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ  يقول في حجته حجة الوداع :              

(علي يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين.علي أخي، ومولى المؤمنين من بعدي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى،ألا إنّ الله ـ تعالى ـ ختم النبوة بي، فلا نبي بعدي، وهو الخليفة في الأهـل والمؤمنين بعدي1)

 (21) حديث سلمان الفارسي :

       قال سليم بن قيس: سمعت سلمان الفارسي يقول :           

 ( كنت جالسا بين يدي النبي  ـ صلى الله عليه وآله ـ في مرضه الـّذي قـبض فيه . فدخلت فاطمة عـليها السلام , فلما رأت ما برسول الله ـ صلّى الله عليه        وآله ـ من الضعف خنقتها العبرة حتى جرت دموعها على خدّيها.                                      

 فقال رسول الله  ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا بني ما يبكيك؟...[إلى أن قال ] : ثمّ أقبل النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ على علي u، فقال: يا علي إنك ستلقى من قريش شدّة من تظاهرهم عليك، وظلمهم لك، فإن لم تجد أعوانا  فاصبر، وكفّ يدك , ولا تلقِِ بيدك إلى التهلكة، فإنك منّي بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة، إنّه قال لأخيه موسى : ( إنّ القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني2)....الحديث3)                                      

 

 

رواة حديث المنزلة من

الصحـابـة

 

 

روى حديث المنزلة عدد كبير من الصحابة، و هو من الأحاديث القليلة الّتي كثرت الرواية بها، وقد حاولت استقصاء أسماء الصحابة الّذين رووا الحديث ، في حدود ما اطلعت عليه من كتب الفريقين. فقد روى ابن عساكر في كتابه : (تاريخ مدينة دمشق) حديث المنزلة في مواطن ومناسبات عديدة، وطرق كثيرة ، وذكر أسماء واحد وعشرين من الصحابة الّذين رووا الحديث، وقد اطلعت على روايات لعدد من الصحابة لم يذكرهم ابن عساكر، يبلغ عددهم أكثر ممّن ذكر، ومنهم من روى عنه، ولم يذكر اسمه، وهذا نص ما قاله :

        وروي هـذا الحديث ـ أي حديث المنزلة ـ  أيضاً عـن غـير سعد. روي عـن : (2) عمر(3) وعـلي (4) وأبي هريرة( 5) وابن عباس (6) وابن جعفر(7) ومعاوية (8) وجابر بن عـبد الله ( 9) وأبي  سعـيد         (10) والبراء بن عـازب (11) وزيد بن أرقم (12) وجـابر بن سمرة   (13) وأنس بن مالك (14) زيد بن أبي أوفى (15) و نبيط بن شريط  (16) وحبشي بن جنادة (17) ومالك  بن الحويرث اللّيثي (18) وأبي الفيل (19) وأسماء بنت عميس (20) وأم سلمة أم المؤمنين (21) وفاطمة  بنت حمزة عن النبي e .( تاريخ مدينة دمشق 42 /166 )                           

        وإليك أسماء الصحـابة الـّذين لم يذكرهـم ابـن عـساكر، مع  أسماء بعض الكتب الّتي روت عنهم :

 (22)أبو أيوب الأنصاري . المعجم الكبير4 /184، مجمع الزوائد9 /111

(23) أبو بردة. سبيل النجاة في تتمة المراجعات117 

(24) أبو ذر الغفاري . كنز العمال5 /724(في روايته لاحتجاج الإمام علي ـ عليه السلام ـ يوم الدار)

(25) أبو رافع. علل الشرائع1/201ـ202،الغدير2/283عن كتاب الكشف والبيان للثعلبي، مناقب آل أبي طالب
2/40، وسائل الشيعة2/208.

(26) أبو ليلى . الطرائف521.

(27) حذيفة بن أسيد الغفاري . علل الشرائع1/202العمدة لابن البطريق178، وسائل الشيعة 2/208ـ209.

(28)الحسن بن علي u  بحارالأنوار44 /62 ـ 63الأمالي للشيخ الطوسي599 ـ560 .

(29) الحسين بن علي u  ينابيع المودة 1/480                                                                  

(30) سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل . السنة ـ لعمرو بن أبي عاصم 588.

(31) سلمان الفارسي . كتاب سليم بن قيس132 ـ135     

(32) سلمة بن الأكوع .  مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي1/524.

(33) سلمة بن أم سلمة . الأمالي للشيخ الطوسي 520 ـ521.

(34) سهـل بن سعـد .  مناقـب أمـير المؤمنين لمحـمـد بن سليمان الكوفي2 /474.

(35) عمار بن ياسر.    كنزالعمال16/185ـ186 .  

(36) عبد الله بن عمر.  المعجم الأوسط 2/126 . 

 (37) عبد الله بن مسعود. العمدة لابن البطريق137 . 

(38) عقيل بن أبي طالب.  تاريخ مدينة دمشق 38/7،54/226    

(39)  عمر بن أم سلمة. الأمالي للشيخ الطوسي520 ـ521 .  

(40) عمرو بن العاص . المناقب للخوارزمي129 ـ130 

(41)  نافع بن الحارث بن كلدة. أسد الغابة5 /8 .                                                                                  

(42) فاطمة الزهراء ـ عليها السلام ـ. نزهة الحفاظ1 /102، خلاصة عبقات الأنوار7 /188 .

(43) قيس بن سعد بن عبادة.كتاب سليم بن قيس313                                                                                      

(44) محدوج بن زيد الذهلي.تاريخ مدينة دمشق42/53المناقب للخوارزمي84 (وفيه: مخدوج بن زيد الألهاني)، من حديث خيثمة 1 /199( وفيه: محدوج بن زيد الباهلي) ويبدو أنّ ما جاء في هذين المصدرين تصحيف لما جاء في المصدر الأول.

فمجموع ما روي في كتب السنة لـ (33) صحابيًا، وما روي في كتب الشيعة لـ (11) صحابيًا لم يروَ لهم في كتب السنة، على أنّ كتب الشيعة قد روت جميع روايات السنة، هذا في حدود ما اطلعت عليه من المصادر .

 

 

 

دلالـة حـديث المنزلـة

 

 

من أجل أن نتبين الخصائص التي تثبت للإمام عـليu في حـديث المنزلة لابدّ لنا من معـرفة خـصائص هـارون u ومنزلته من  موسى u، وهـذه الخصائص نصّ عـلى بعـضها الذكر الحكيم عـلى لسان موسى u وهو يدعـو ربّه لأخـيه، بينما يُستنتج بعـضها الآخـر من طبيعـة مكانة هـارون u من موسى u وعلاقته به.             

       قال الله U :                                                           

      ( واجعل لي وزيراً من أهـلي  * هـارون أخي  *  اشدد به أزري  * وأشركه في أمري  *  كي نسبحك كثيرًا  *  ونذكرك كثيرًا  *  إنك كنت بنا بصيرًا1)

       فاستجاب الله U دعاءه، فقال Y :                   

      ( قال قد أوتيت سؤلك يا موسى2)، وقالU :   

      ( و جعلنا معه أخاه هارون وزيرا3)

        كان هـارون نبيًا مع أخـيه موسى إذ أوحى الله U إليهما بقـوله: (أذهب أنت وأخـوك بآياتي ولا  تنيا في ذكري *  إذهبا إلى  فرعـون إنّه طغى *  فـقـولا لـه قـولاً لينا لعـلّه يتذكر أو يخشى 4).وكان هارونu أفضل أمة موسىu، إذ ليس في أمته أحد بلغ هذه المرتبة ـ النبوّة ـ، ولم يحظَ أحـد منهم بما حظي به من منزلة عنده، فهو أحبهم إليه، وأقربهم إلى قلبه.                                                    

وكان هارونu وزيراً لموسى u  يسانده و يشاركه في جميع شؤون رسالته، و يشد أزره ـ كما أنبأ الذكر الحكيم عن ذلك ـ.       

و هو خليفته عند غيابه، قال U :                                

( وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي و أصلح ولا تتبع سبيل المفسدين1)

      ومن البديهي القول : بأن الخلافة هذه ليست مقتصرة على غيابه عند ذهابه للمناجاة فقط، بل هو خليفته كلّما غاب عن قومه، ولأيّ سبب كان غيابه، لأنه كان شريكاً لـه في أمره، وكان نبياً مرسلاً معه، كما نصّ الذكر الحكيم.                                                               

      وكان أعلم أمة موسى u برسالته وما تضمنته من أحكام وأسرار، لأنه كان شريكاً لـه في أداء الـرسالة وتبليغها .

       وكان موسى u  وهارون u أخوين ينحدران من أبٍ واحدٍ، و أمّ واحدةٍ.                                                                 

 و من تأمّلِ حديث المنزلة يتضح لنا أنّ النبي       ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لم يستثن من خصائص هارون u سوى النبوة، ولو كان غيرها من الخصائص لا يثبت للإمـام عـلي u لاستـثـناه، وإذ لـم يستـثـنِ فـإنّ جميع خصائص هارون u الأخرى تثبت لـهu، أمّا أخوة النسب فهي مستثناة أصلا ولا حاجة إلى استثنائها.  

وبهذا يثبت أنّ الإمام علياً u هو أفضل أمّة محمد  ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، ومن تتبع ما فسر فيه من الذكر الحكيم , وروي من السنة النبوية الشريفة ممّا أثبته وأكّد صحته المفسرون , والحفاظ , ورواه المحدثون من فضائل ومناقب لم يبلغها غـيره، يتضح له ـ بدون ريب ـ بأنه أفضـل هـذه الأمة بعد نبيها              ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ . ولا أظن أنّ كاتباً  ـ مهما بلغ من سعة الإطلاع و البراعة في التأليف ـ يستطيع الإحاطة بفضائل هذا الإمام العظيم ومآثره .  

        ونكتفي بالإستدلال على تقدمه في الفضل من الذكر الحكيم يما جـاء في المباهـلة، قال تعالى :                           

     ( فمن حـاجـك فيه من بعـد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم و نساءنا و نساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثمّ نبتهل فنجعـل لعنت الله على  الكاذبين1 ).

فقد أجمع المفسرون من الفريقين، وأجمع الرواة أنّ النبي ـ صلى الله عـليه و آلـه ـ أحـضر للمباهـلة من الأبناء :  الحسن u و الحسين u و أحـضر من النساء ابنته الزهراء  ـ عـليها السلام ـ، و أحـضر معهم الإمام عـلياً  u فكان المقصود بالأنفس.

        ونكتفي من الحديث النبوي الشريف :  بما رواه حذيفة بن اليمان، قال :  قال رسول الله e : ( علي خير البشر، من أبى فقد كفر2 ) . 

وروي عن جابر بن عـبد الله الأنصاري، قال : قال رسول الله e : ( عـلي خـير البشر، فمن امترى فـقـد كفر1 ).  ومن كان نفس النبي ـ صلّى الله عـليه و آله وسلّم ـ بنص الذكر الحكيم، فلا ريب أنه أ فضل الأمة، وأنه خير البشر.   

       وإذا كان هـارونu وزيرًا لموسىu يشد أزره ويسنده في جـميع شؤون رسالـته ويعـينه عـلى مواجهة الكفار، وعلى تبليغ رسالته إلى  أمته، فإنّ الإمام عليًاu  كان  لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كذلك.                                  

 وقد نصّ عليه بالوزارة في مناسبات عديدة، منها : عند نزول الوحي على ما رواه الإمام في خطبته القاصعة , و يوم دعـوة العـشيرة2، وقـد روى ابن عـمر حـديثًا عـن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في تكنيته بأبي تراب، جـاء فيه: فقال : (ألا أرضيك يا علي؟. قال: بلى يا رسول الله، قال: أنت أخي , و وزيري، تقضي ديني، وتنجز موعدي , وتبرئ ذمتي...الحديث3)

        وفي حـديث رواه عـليu ، قال : شكوت إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ حـسد بني أمية والناس إياي، فـقال :( أما تـرضى يا عـلي أنّـك أخي ووزيري ,  وأول أربعـة يدخـلون الجـنة : أنا، وأنت، والحـسن، والحسين، وذريتـنا خلف ظهورنا1)                                  

   وعـن أنس بن مالك، أنّ النبي ـ صلّى الله عـليه وآله وسلّم ـ، قال : ( إنّ أخي،  ووزيري، وخليفتي في أهـلي , وخـير من أترك بعـدي، يقـضي ديني، وينجـز موعـدي ,  عـلي بن أبي طالب2 ) .                                         

        وفي حديث روي عن سلمان الفارسي أنه سمع النبي ـ صلّى الله عـليه وآله ـ يـقـول :                        

( إنّ أخي، ووزيري، وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب3)                                                           

          وقد وجـد الرسول  صلّى الله عليه وآله وسلّم  في الإمام عـليu من يشد أزره، ويسنده، ويعـينه في جـميع شؤون رسالته، إذ كان ينتدبه لكل مهمة، فيقوم بها خـير قيام، وكان المدافـع الأول عــنه وعـن دعـوته، وهو أول من استعد للتضحية والفداء منذ أن انبثقت الدعوة , وبذل نفسه برحابة صدر, فوقف بصبر وثبات، لا يعرف الخوف , ولا التردد في تنفيذ ما يعهد به إليه.

         ومواقـف الإمام عـلي  u  في ذلك معـروفـة ومشهودة : في مكة : قبل الحصار في شعب أبي طالب وبعده، ويوم الهجرة . وعند خروجه من مكة مهاجرًا ,  وبعد الهجرة :  في جميع حروب الإسلام ومغازيه.                                             

       و كما كان هارونu خليفة لموسىu إذا غاب عن أمته، فإنّ خـلافة الإمام عـلي u للرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم تثبت  بمقتضى حـديث المنزلة، حيث ورد النص في بعض روايات الحديث : ( لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي1) على أنّ النص بالخلافة ورد في أحاديث أخرى كحديث دعوة العشيرة الذي مرت بعض رواياته.    

       ولما كان هارونu أعلم أمة موسىu وأعرفهم بأسرار رسالته، فالإمام عـلي  uأعـلم أمة محمد ـ صلّى الله عـليه وآله وسلّم ـ وأعـرفهم بأسرار رسالته، إذ أودعها عنده ليبلغها عنه، ويعلمهم ما اختلفوا فيه من بعـده، وقد أشرنا إلى كونه أعلم الصحابة في موضوع سابق، و نضيف لما مر الأحاديث الآتية:

      عن ابن عباس، قال : قال رسول الله e : (علي عيبة علمي2) . قال المناوي في شرحه لهذا الحديث ما نصه: ( أي مظنة استنصاحي، وخاصتي، وموضع سري، ومعدن نفائسي، والعيبة : ما يحرز الرجل فيه نفائسه.              

[ثم قال ] :  قال ابن در يد : وهذا من كلامه الموجز الذي لم يُسبق ضرب المثل به، في إرادة اختصاصه بأموره الباطنة التي لا يطّلع عليها أحدٌ غيره، وذلك غاية في مدح علي3)                                                                   

        وعن أنس، قال : قال رسول الله e : (يا علي أنت تبيّن لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي1 ) .                                      

         وعن علي، قال : (  قلت : يا رسول الله أوصني  قال :  قـل : ربي الله، ثم استقم . قال : قلت : ربي الله  وما توفـيقي إلاّ بالله عـليه توكلت وإليه أنيب  قال : ليهنك العلم ـ أبا الحسن ـ، لقد شربت العلم شربا، ونهلته نهلا2).  

      وإذا كان هارون u وموسى u أخوين يرجع نسبهما إلى أب واحد وأم واحدة، فإنّ الإمام عليًا uهو من أهل بيت النبي الذين(أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا3)، وفرض مودتهم على الأمة، وهو ابن عمه، وأبو عترته الطاهرة، والذي خلق من نوره.                                                                     

       وقد آخاه عندما آخى بين المهاجرين، وعندما آخى بـين المهاجرين  والأنـصار، وقـد نص عـلى أخـوتـه في أحاديث عديدة مر بنا بعضها،  ونضيف لما مر ما روي عـن ابن عـباس أنّ النبي  e  قال لعـلي : ( أنت أخي وصاحبي4)                 

       وإذا كانت هذه الأخوة اعتبارية , وليست أخوة نسبية فإنّ لها من الفضل ما لا يخفى، ويدل على ذلك تأكيد النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لها بتكرار النص بها في مواطن متعددة، ولا بد أن يكون هذا التأكيد لحكمة اقتضته  .    

         وإذا كان موسىu قد تضرع إلى اللهU داعيًا لأخيه هـارون u فاستجـاب الله U دعاءه، وجعـل أخاه وزيرًا لـه , يشد أزره، و شريكًا لـه في رسالته، فإنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ اقتفى أثره في ذلك، ودعا لأخيه وصنوه المرتضىu بما دعا به موسى u من قبل، ولا شك أ نّ الله Uاستجاب  لحبيبه وسيد رسله دعاءه، كما استجاب لكليمه دعاءه .     

       عن حذيفة بن اُسيد، قال: (أخذ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بيد علي بن أبي طالب، فقال: أبشر،  وأبشر، إنّ موسى دعا ربّه أن يجعـل لـه وزيرًا من أهله هارون، وإني أدعو ربّي أن يجعـل لي وزيرًا من أهلي، علي أخي اشدد به ظهري، وأشركه في  أمري1) .

وعن أسماء بنت عميس، قالت : قال رسول الله  e : ( أقول كما قال أخي موسى: رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واجعـل لي وزيرًا مـن أهـلي * عـليًا أخي اشدد بـه أزري *  وأشركه في أمري ..إلى  قوله: بصيرًا2) .  

       وعن أبي ذر الغفاري، قال :  سمعت النبي (ص) بهاتين وإلاّ صمّتا، ورأيته بهاتين وإلاّ عميتا، يقول : (علي قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره ، مخـذول من خـذلـه، أما إنّـي صليت مـع رسول الله (ص) يومًا من الأيام صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد، فلم يعطه أحدٌ شيئًا، وعلي كان راكعًا فأومأ بخنصره اليمنى  وكان يتختم فيها، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ـ وذلك بعين النبي (ص) ـ فرفع النبي (ص) رأسه عند ذلك إلى السماء، وقال:اللهم إنّ أخي موسى سأل، فقال:( رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرًا من أهلي، هارون أخي اشدد به أزري، وأشركه في أمري ). فأنزلت عليه قرآنًا ناطقا: ( سنشد عضدك بأخيك، ونجعل لكما سلطانًا فلا يصلون إليكما بآياتنا ) . اللهم وأنا محمد نبيّك وصفيّك: اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعـل لي وزيرًا من أهلي عليًا اشدد به ظهري.                                  

        قال أبو ذر : فوالله ما استتم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ الكلمة، حتى نزل عليه جبرائيل (ع) من عند الله، فقال : اقرأ . قال : أقرأ. قال : اقرأ :[ إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة  وهم راكعون1 ]2 ) .                                    

 

شبهات

حـول حـديـث المنزلة

 

قبل أن أدخل في صلب الموضوع أشير إلى أنّ علماء السنة اتفقوا على الإحتجاج بالضعيف من أحاديث المناقب بالنسبة للصحابة، ولكن نراهم  يناقشون ويثيرون الشبهات حول الأحاديث الصحيحة، بل والمتواترة التي رويت في مناقب الإمام علي u  يقول ابن حجر الهيثمي المكي : ( الذي أطبق عليه أئمتنا الفقهاء والأصوليون والحفاظ أنّ الحديث الضعيف حجة في المناقب1 )، لذا نرى كتبهم تحتج بالضعيف، وما هو بيّن وضعه، في مناقب الصحابة.                                                                   

        ومن أساليبهم في مناقشة ما روي في الإمام علي u من الأحاديث الصحيحة والمتواترة : الطعن في أحد الرواة بلا دليل، أو تأويل الحديث بخلاف ما يفهم من ظاهر لفظه، ومن ظروف صدوره، وإذا عزّ على أحدهم الطعن في حديث ، ولم يجد وجهًا ـ ولو مصطنعًا ـ للطعن فيه، وصم الحديث بالغرابة، فأعقبه بعبارة : ( حديث غريب) دون بيان وجه الغرابة فيه . 

 وقد خالفوا بذلك قواعد علم الحديث التي أطبق العلماء على الأخذ بها، ومنها التزامهم بالأخذ بظاهر اللفظ ما لم تدل على خلافه قرينة لفظية أو حالية. و غير خفي ما في هذه المخالفة من الإبتعاد عن الأسلوب العلمي، ومجانبة الحقيقة، ومخالفة مقاصد الرسول الأعظم ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في ما يرمي إليه من أحاديثه .          

 الطعن في صحة حديث المنزلة وتواتره:                          

قال ابن حـجـر في الصـواعق ـ بعـد استعـراضه لاحـتجاج الشيعة بحديث المنزلة على خلافة الإمام علي u ـ : ( أنّ الحديث إن كان غـير صحـيح ـ كما يقولـه الآمدي ـ فظاهر، وإن كان صحـيحًا، كما يقوله أئمة الحـديث ، والمعـول ـ في ذلك ـ ليس إلاّ عـليهم ، كيف وهــو في الصحـيحـين ؟ فهو من قبيل الآحاد1)

        إنّ صحة حديث المنزلة أمر لا يتطرق إليه  الشك والنقاش، وابن حجر يعترف بأنّ أئمة الحديث قالوا بصحته , ورواه كل من : البخاري، ومسلم في صحيحيهما .             

      أما ادعاء ابن حجر بأنّ الحديث من قبيل الآحاد فهو باطل  ـ أيضًا ـ لما مرّ من أن الحديث رواه نيف وأربعون من الصحابة، في حين أنّ أي حديث يرويه بضعة من الصحابة يعتبر متواترًا.                                                              

      وقال القرطبي : (على أنّ مدار هذا الخبر على سعد بن أبي وقاص وهو خبر واحد2) وهذا ادعاء باطل لما مرّ من تواتر الحديث، ولأنّ روايته في تبوك لم تقتصر على سعد، بل رواه عدد من الصحابة، وإليك أسماء من اطلعت على رواياتهم 3 : (1) أبو سعيد الخدري. (2) أبو الفيل. (3و4) البراء بن عازب، و زيد بن أرقم . (5) جابر بن عبد الله الأنصاري.           (6)  عبد الله بن عباس. (7) علي بن أبي طالب u .   وهذا العدد كاف لإثبات تواتر الحديث.                                                          

     ومن يلتزم بمثل هـذين القولين فإنّ الإدعاء بغير الصواب  لا يـدع لـه مجالا للقول بصحة أيّ حديث، و لا يمكنه استثناء أي  حديث من السنة يدّعي صحته، و غـير خـفي ما في ذلك من خطر على الإسلام .                                         

شبهة اختصاص حديث المنزلة بغزوة تبوك:         

         أورد هذه الشبهة عدد من علماء السنة، ونقلها بعضهم عن القاضي، منهم القرطبي، والسيوطي ، والنووي، والمناوي، وإليك أقوالهم :   

         قال القرطبي: (.... فلا خلاف أنّ النبيe  لم يرد بمنزلة هارون من موسى الخلافة بعده، ولا خلاف أنّ هارون مات قبل موسى ـ عليهما السلام ـ   [ إلى أن قال] : وما كان خليفة بعده، وإنما كان الخليفة يوشع بن نون، فلو أراد بقولـه : أنت مني بمنزلة هارون من موسى الخلافة بعـده لقال : أنـت منّي بمنزلة يـوشع من موسى، فلما لم يقل هذا،  دلّ على أنّه لم يرد هذا، وإنّما أراد أنّي استخلفتك على أهلي في حياتي وغـيبوبتي عـن أهلي، كما كان هـارون خـليفة موسى على قومه لما خرج إلى مناجاة ربه . وقد قيل : إنّ هذا الحديث خرج على سبب، وهو أنّ النبي e لما خرج إلى غزوة تبوك استخلف عليًا في المدينة على أهله وقومه، فأرجف به أهل النفاق، وقالوا إنّما خلفه بغضًا وقلىً لـه، فخرج علي، فـلحق بالنبي e  وقال لـه : إنّ المنافقين قالوا : كذا، و كذا، فقال : كذبوا , بل خلفتك كما خلف موسى هارون، و قال : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى.1 ) .                       

     وقال السيوطي : ( أنت منّي بمنزلة هارون من موسى: أي في استخلافك على المدينة في هذه الغزوة خاصة، كاستخلاف موسى هارون عند ذهابه إلى الميقات  وبهذا تبطل  شبهة المعتزلة والإمامية .                                  

     قال القاضي : و يؤيده أنّ هارون ـ المشبه به ـ لم يكن خليفة موسى، بل توفي  قبله بمدة2 ) .                             

      وقال النووي : ( وليس فيه ـ أي حديث المنزلة ـ دلالة لاستخلافه بعده، لأنّ النبيe قال هذا لعلي حين استخلفه في المدينة في غزوة تبوك، ويؤيّد هذا أنّ هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى، بل توفي في حـياة موسى, وقـبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة، على ما هو مشهور عند أهل الأخبار و القصص، قالوا : وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة ...3 ) .                     

        وقال المنّاوي :(علي مني بمنزلة هارون من (أخيه) موسى، يعني : متصل بي، ونازل منّي منزلته  حين خلّفه في قومه بني إسرائيل لمّا خرج إلى الطور  

       فالباء زائدة ـ كما قاله الكرماني ـ ، ولمّا كان وجه الشبه مبهمًا في الجملة بيّنه بقولـه:(إلاّ أنّه لا نبي بعدي)  ينزل بشرع ناسخ لهذه الشريعة، نفى الإتصال به من جهة النبوة، فبقي من جهة الخلافة ، لأنّها تلي النبوة في الرتبة ثمّ إنّها محتملة لأن تكون في حياته أو بعد مماته، فخرج بعد مماته، لأنّ هارون مات قبل موسى بنحـو أربعين سنة فتعين أن يكون في حياته عـند مسيره إلى غزوة تبوك، كمسير موسى إلى مناجاة ربه1 ) .                                

      هذه الأقوال تتفق في مناقشتها لحديث المنزلة على أمرين، هما :                                                               

       الأول : نفي دلالة حديث المنزلة  على خلافة الإمام علي u للرسول الأعظم ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بعد وفاته، لأنّ المشبه به هارون u توفي قبـل موسى u .

       الثاني : أنّ الإستخلاف الذي يستفاد من حديث المنزلة  يخص غزوة تبوك، حيث استخلفه الرسول      ـ صلّى الله عليه وآله ـ على المدينة عند غيابه عنها في هذه الغزوة خاصة, كما خلف موسى u أخاه هارون على قومه عند ذهابه إلى المناجاة . 

 ومن نافـلة الـقـول : أنّ هـارون u لما كان شريكًا لأخيه موسىu  في الرسالة، وكان نبيّا معه، فهو خليفته على كلّ حال، ولو بقي بعده لكانت الخلافة له دون غيره .                                                                  

وقد جاء التشبيه في حديث المنزلة لكلّ حالات هارون u باستثناء النبوة، إذ ليس مع نبينا الأعظم  ـ صلّى الله عليه وآله و سلّم ـ ، ولا بعده نبي، لأنّ نبوته هي النبوة  الخاتمة للنبوات .                                                   

وحديث المنزلة لا يدل على ما نقله القرطبي  بقوله : ( فلا خلاف أنّ النبي e لم يرد بمنزلة هارون من موسى الخلافة بعده ) وسيأتي بيان ذلك .

أمّا اختصاص حديث المنزلة بغزوة تبوك فقط، و أنّه يدل على  خلافته على المدينة فيها، كما خلّف موسى u أخاه هارون u، فهو أمر لا يثبت لدى التحقيق والتنقيب، وذلك لما يأتي :

        ( أ ) مرّ بنا أنّ حديث  المنزلة صدر عن النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ في مناسبات مختلفة قبـل غزوة تبوك وبعدها، وقد نقلنا الموارد المختلفة لصدوره  فلو كان الحديث مقتصرًا عـلى خلافة الإمام علي u للرسـول ـ صلّى الله عـليه وآله وسـلّم ـ في غـزوة تـبـوك  خاصة, لما احتاج إلى تكرار النص بالحديث في مناسبات متعددة, وهذه النصوص بمناسباتها المختلفة تكفي لنقض ما أجمعوا عليه من عدم إرادته الخلافة بعده ,أو أنّ الحديث لا يدل على الخلافة بعده .

  ( ب )  كلّ من يتأمل السيرة النبوية الشريفة, ويتتبع ما روي فيها يلاحظ بوضوح أنّ النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كان يطبق ما اختص به هارون  u على صنوه وأخيه المرتضى u، فهو يغلق الأبواب المشرعة على مسجده، و يبقي بابه تأسيّا بما عمله موسى u، إذ حرّم الدخول جنبًا إلى المسجد إلاّ لأخـيه هـارون .                          

       ويمنع أصحابه من الرقود قي المسجد، ويستثنيه من ذلك، كما فعل موسى u مع أخيه هارون u .                    

        وينتظر أمر السماء في تسمية  سبطيه، فيهبط عليه جبرائيل u  بالوحي في كلّ مرة، وهو يبلغه أمر الله U بتسمية كلّ منهما باسم ابن هارون u، ويعرّب لـه اسميهما، ويخبره أنّ عليّا منه بمنزلة هارون من موسى .                    

        ويدعو لـه بما دعا به موسى u لأخيه هارون u، بأن يجعله الله U وزيرًا لـه، ويشد به أزره، و يشركه في أمره .

        وهكذا نرى الرسول الأكرم ـ صلّى الله عليه و آله و سلّم ـ يؤكد حـديث المنزلة بتكراره في مختلف المناسبات، و يطبق ما لهارون u من أحكام و خـصائص على أخـيه المرتضى علي u، فهل كان ذلك كلّه لـيخـبر الناس أنّ عليّا u هو خليفته على المدينة عندما يغادرها لغزوة تبوك؟!.   

 مقابلة حديث المنزلة بأحاديث موضوعة : 

قال القرطبي : ( وروي في مقابلته ـ أي حديث المنزلة ـ لأبي بكر وعـمر ما هـو أولى منه . وروي أنّ النبيe لمّا أنفذ معاذ بن جبل إلى اليمن . قيل له : ألا تنفذ أبا بكر وعمر؟ . فقال :( إنّهما لا غنى بي عنهما إنّ منزلتهما مني بمنزلة السمع والبصر من الرأس).

وقال : ( هما وزيراي في أهل الأرض ) .

وروي عـنـه أنـهu قال : (أبو بكر وعمر منّي بمنزلة هارون من موسى) . وهذا الخبر ورد ابتداء ً، وخبر علي ورد على سبب، فوجب أن يكون أبو بكر أولى منه بالإمامة، والله أعلم1 )                                      

 أمّا الحديث الأول : فلم أجـد لـه رواية بهذا اللفظ في كتب  الحديث  و قد روي بمعناه , وببعض ألفاظه عن حذيفة بن اليمان , وفي سنده ( حفص بن عمر بن دينار) ، وعن ابن عباس وفي سنده ( الوليد بن الفضل العنزي) ، وعـن ابن عـمر وفي سند ه ( حمزة بن أبي حمزة النصيبي ) .

وفيما يأتي نص حديث كل منهم , وما قاله العلماء فيه وفي حديثه : 

     ( أبو إسماعيل حفص بن عمر بن دينار)

قال ابن الجوزي  في ترجمة حفص بن عمر بن دينار أبـو إسماعيل الأبلي : ( قـال إذنة : هـو حفص بن عمر ميمون، مولى علي بن أبي طالب، يحدث عن الأئمة بالأباطيل . وقال أبو حاتم الرازي : كان كذابًا، وقال الأزدي : متروك ساقط 1 ).

وقال ابن حجر العسقلاني : ( وقال إذنة : و حفص بن عمر هذا يحدث عن شعبة, و مسعر, و مالك بن مغـول  والأئمة بالبواطيل . وقال الساجي : كان يكذب  وقال أبو أحمد الحاكم : ذاهب الحديث2 ) .

 [ أما حديثه] : أبو إسماعيل الأبلي، عن عبد الله بن المثنى، ثنا محمد بن أحمد بن هارون الدقاق، ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، نا مسعر عبد الملك بن عمير، سمعت ربعي يقول : سمعت حذيفة بن اليمان يقول :  سمعت رسول الله e يقول : ( لقد هممت أن أبعث رجالا يعلمون الناس السنن والفرائض، كما بعث عيسى بن مريم الحواريين من بني إسرائيل . فقـيـل لـه : أين أنت عن أبي بكر وعمر؟ . قال : لا غنى بي عنهما، وإنّهما من الدين كالسمع من البصر) .                                         

وقال ابن عدي ـ بعد روايته هذا الحديث ضمن أحاديث أخرى ـ : ( ولحفص بن عمر ما ذكرت من الحديث، وأحاديثه كلها : إمّا منكر المتن، أو منكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب3 ) .

             (الوليد بن الفضل العنزي )

  قال أبو نعيم عنه :  عن الكوفيين الموضوعات4.                                                                          

 وقال ابن حبان في ترجمة الوليد بن الفضل العنزي :  

( شيخ يروي عن عبد الله بن إدريس، وأهـل العراق المناكير التي لا يشك من تبحّر في هذه الصناعة أنّها موضوعة، لا يجوز الإحتجاج به بحال إذا انفرد .  

  [أما حديثه] : وهو الذي روى عن ابن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، قال : كان رسول الله e يبعث رجالا إلى  البلدان يدعون الناس إلى الإسلام، فقال رجل : لو بعثت أبا بكر و عمر . فقال رسول الله e : أبو بكر وعمر لا غنى بي عنهما،إنّ أبا بكر وعمر في الإسلام والبصر ـ كذا ـ1

             ( حمزة بن أبي حمزة النصيبي)

قال البخاري عنه : (  منكر الحديث2) .

وروى الرازي : ( عن محمد بن عوف، قال : سألت أحمد بن حنبل عن حمزة النصيبي، فقال : مطروح الحديث .     

وعن يحيى بن معين، يقول : حمزة النصيبي ليس حديثه بشيء، سمعت أبي يقول : حمزة بن أبي حمزة ضعيف الحديث، منكر الحديث.

   وعن عبد الرحمن، قال : سئل أبو زرعة عن حمزة النصيبي، فقال : هو ضعيف الحديث3 ) .                     

   وقال ابن حبان  في ترجمته : ( ينفرد عن الثـقاة بالأشياء الموضوعات كأنّه كان المتعمد لها، لا تحل الرواية عنه1 ) .

    وقال ابن الجوزي ـ وهو يروي جلّ الأقوال السابقة في ترجمته، و أضاف إليها ـ : ( وقال النسائي والدارقطني : متروك الحديث2) .

وقال ابن حجر العـسقلاني ـ وهـو يروي جـل الأقـوال السابقة، و أضاف إليها ـ : ( وقال الحاكم : يروي أحاديث موضوعة3 ) .

[ أما حديثه ] : قال ابن عدي في ترجمته : ( ثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول، ثنا سمرة بن حجر، ثنا حمزة بن أبي حمزة النصيبي، عن نافع، عن ابن عمر, أنه قال لـه بعض أصحابه : لقد أحسنت الثناء على ابن مسعود . فقال : كيف لا أحسن الثناء ؟ وقد سمعت رسول الله e يقول : خذوا القرآن من أربعة : اُبي، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيقة، و ابن مسعود، ولقد هممت أن أبعثهم إلى الأمم، كما بعث عيسى بن مريم الحواريين . فقال علي : يا رسول الله، لو بعثت أبا بكر وعمر .          

قال : إنه لا غنى بي عنهما، إنهما من الدين و البصر ـ كذا ـ . وهذه الأحاديث عـن نافع، عـن ابن عمر، التي أمليتها من طريق نافع عن ابن عمر    منكرة1 ) .

أمّا الحديث الثاني : فقد وجدته مرويًا عن أنس بسند فيه : ( زكريا بن دويد)، و عن ابن عباس مرفوعًا بسند فيه: ( معـلى بن هلال )، وعـن أبي سعـيد بسند فيه ( سوار بن مصعب)، و لمعرفة وضع الحديث ننقـل نص رواية كل منهم، وما كتبه العلماء فيه، وفي أحاديثه :

                   ( زكريا بن دويد )

قال الذهبي : ( زكريا بن دويد بن محمد بن الأشعث بن قيس سنان : كذاب، ادعى السماع من مالك، والثوري، والكبار، وزعم أنّه ابن مائة وثلاثين سنة، وذلك بعد الستين ومائتين [إلى أن قال]: روى عن حميد عن أنس : .....، و به ـ أي السند ـ : أنتما وزيراي في الدنيا و الآخرة ) حدثنا بهما أحمد بن موسى بن معدان بحرّان, حدثنا زكريا بن دويد بنسخة كلها موضوعة لا يحل ذكرها2).

   وقال ابن حبان : ( زكريا بن دويد بن سنان : شيخ   يضع الحديث  على حميد الطويل (كنيته أبو أحمد )، كان يدور في الشام، ويحدثهم بها، ويزعم أنّه ابن مائة سنة وخمس وثلاثين سنة، روى عن حميد عن أنس، قال :

( أخذ النبي e بين كتفي أبي بكر وعمر، فقال لهما : أنتما وزيراي في الدنيا والآخرة .....الحديث1)  

        وقال أبو نعيم : ( زكريا بن دويد، أبو أحمد، سنان : حدث بالشام عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك بنسخة موضوعة لا شيء2 ) .

                    (معلّى بن هلال بن سويد)          

        قال الذهبي : ( معلّى بن هلال بن سويد الطحان الكوفي العابد : رماه السفيانان بالكذب . وقال ابن المبارك  وابن المديني : كان يضع الحديث . وقال ابن معين : هو من المعروفين بالكذب والوضع .... وقال أحمد : كل أحاديثه موضوعة .

   [أما حديثه]:أحمد بن يونس, وقتيبة، قالا : حدثنا معـلى بن هلال، عـن ليث، عـن مجاهد , عـن ابن عباس مرفوعًا: (وزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر3) .                                         

  وقال البخاري : قال ابن المبارك لوكيع : ( عندنا شيخ يـقال لـه : أبو عـصمة نوح بن أبي مريم يضع كما يضع معلّى4)

     وقال العجلي :( معلّى بن هلال الحضرمي كذاب5).  

وقال النسائي : ( معلّى بن هلال متروك الحديث6)    

وقال ابن حبان :( معلّى بن هلال يروي الموضوعات  عن أقوام ثقاة، وكان أميّا لا يكتب، وقال : لا تحل الرواية عـنه بحـال، ولا كتابـة حـديـثـه إلاّ عـلى جـهـــة التعجب1).

وقال الذهبي : ( معلّى بن هلال الكوفي الطحان،عن منصور : كذاب وضاع باتفاق2) .

      وقال ابن حجر العسقلاني : ( معلّى بن هلال بن سويد أبو عبد الله الطحان الكوفي: اتفق النقاد على  تكذيبه3 )

         ( سوار بن مصعب المؤذن ) 

 قال ابن عدي : ( سوار بن مصعب الهمذاني المؤذن , وكان ضريرًا كوفيا . عـن أبي مريـم، قال : سألت يحـيى عـن سوار بن مصعـب ،  فـقال : لم يكن بثقة، ولا يكتب حديثه . وروي عن يحيى ـ أيضًا ـ   قال : سوار بن مصعب : ليس بشيء .   

       وروي عـن يحيى ـ أيضًا ـ قال : سوار بن مصعـب , وهـو سوار المـؤذن، وهـو سوار الأعمى : ضعـيف   ـ وقـد رأيته ـ وليس بشيء، وكان يجـيـؤنا إلى منزلنا4) .  

   [ أمّا حـديثه] : حـدثنا الحـسن بن الـطيب الشجـاعي  حدثنا جبارة، حدثنا سوار بن مصعب، حدثنا عطية، عن أبي سعيد، قال : قال رسول الله e : ( لي وزيران من أهـل السـماء، ووزيران من أهــل الأرض، فأمـا وزيراي مـن أهل السماء : فجبريل، و ميكائيل . وأما وزيراي من أهل الأرض : فأبو بكر، و عمر1 ) .                                   

   وقال البخاري :( سوار بن مصعب الهمداني :  سمع كلـيب بن وائـل، وعطية، يعـد في الكوفـيـين، منكرالحديث2) .  

وقال النسائي : ( سوار بن مصعب : متروك الحديث،  كوفي3) . 

       وقال ابن حبان : ( سوار ين مصعب الهمداني : وهو الذي يـقـال لـه : سوار المؤذن، و يـقـال لـه : سوار الأعمى من أهـل الكوفة, يروي عـن عـطية, وكليب بن وائل, كان ممّن يـأتي بالمـنـاكير عـن المشاهير حـتى أنه كان المتعمد لها4) .

   و قال ـ أي أحمد بن حنبل ـ  في سوار بن مصعب : ( ليس بشيء5) .                             

 أمّا الحديث الثالث : فتنتهي طرق رواياته إلى قزعة بن سويد، ولننقـل  ما كتبه العلماء فيه، وفي روايته :

        (قزعة بن سويد بن حجير الباهلي)

 قال البخاري : ( قزعة بن سويد بن حجير الباهلي، وهو قزعة بن أبي قزعة البصري، عـن حميد بن قيس، وليس هو بذاك القوي3 ) .

وقال النسائي : ( قزعة بن سويد بن حجير : ضعيف بصري4 ) .

وقال ابن حبان: ( قزعة بن سويد بن حجبر الباهلي : وهـذا الذي يقال لـه : قـزعة بن أبي قزعة من أهل البصرة  كان كثير الخـطأ، فاحش الـوهم، فـلمّا كـثـر ذلك في روايته سقـط الإحتجاج بأخباره5).                                             

وقال الرازي :( قال أحمد بن حنبل : قزعة بن سويد: مضطرب الحديث . وسئل يحيى بن معين عن قزعة بن سويد، فقال : ضعيف1 ).

 [ أما حديثه ] : قال الذهبي ـ وهو  ينقـل الأقوال السابقـة في ترجمة قزعة , وأضاف إليها ـ : (  وقال أبو حاتم : لا يحتج به, ثمّ قال :  ولـه حـديث منكر عـن ابـن أبي مليكة، عـن ابـن عـباس مرفوعًا : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر  خـليلا، ولكن الله اتخـذ صاحـبكم خـليلا، أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى1 ) .   

  ومن معـرقة تـراجم  هـؤلاء الـرواة ا لـذين رووا الأحاديث التي قابل بها القرطبي حديث المنزلة، ومعرفة ما قاله العـلماء في عـدم جواز روايتها، يتضح لنا أنّه من غير المنطقي مقابلة حـديث متواتر, أطبق العـلماء عـلى صحـته، وأثبـتوه في كتبهـم بأصح الأسانيـد وأوثـقها، بأحاديث موضوعة، نص العلماء على عدم جوز نقلها .                                      

فهـل خـفي عـلى القرطبي ذلك ؟ ! أما عـلم أنّ رواية مثل هذه الأحاديث، والإحتجاج بها، كذب على النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ؟ ! . وهل نسي ما رواه في تفسيره ـ أكثر من مرة ـ  من قـول النبي  ـ صلّى الله عـليه وآله وسلّم ـ : ( من كذب علي متعمدًا فليتبوء مقعده من النار2) ؟ !   

وهو حديث متفق عليه، رواه كل من البخاري3 , ومسلم4 في صحيحيهما،  ورواه المحدثون في كتب الحديث بأسانيد موثوقة.  

 ومن جراء تتبعي للأحـاديث الثلاثة التي احتـج بها القرطبي ظهر لي أنّها لم تروَ إلاّ في كتب تراجم الضعفاء ,  فيبدو أنّ العـلماء تحرّجوا من روايتها في كتبهم، ورواها عـلماء الجـرح والتعـديل في سياق تراجم رواتها لغـرض بيان وضعها، والنص على عدم جواز روايتها في الكتب ـ كما مرّ بنا ـ .                                                       

 

مصادر البحث   

      القرآن الكريم.                                             

      الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم المتوفى287 ط : 1 دار الدراية 1411 .

      أسد الغابة لابن الأثير المتوفى630ط :إنتشارات إسماعيليان .

       الأمالي لمحمد بن الحسن الطوسي المتوفى 460 ط :1 دار الثقافة قم 1414 .

      بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي المتوفى  1111 ط : 2 مؤسسة الوفاء بيروت 1983 م .

      البداية والنهاية لإسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى774 ط : 1 دار إحياء التراث العربي بيروت .

      تاريخ الأمم والملوك لابن جرير الطبري المتوفى  310  ط : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت .

      تاريخ بغداد أو مدينة السلام لأحمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى 463 ط :1دار الكتب العلمية بيروت .

  التاريخ الصغير لمحمد بن إسماعيل البخاري المتوفى 256 ط : 1 دار الوعي . مكتبة التراث حلب 1977
       التاريخ الكبير لمحمد بن إسماعيل البخاري المتوفى256 ط : دار الفكر بيروت

       تاريخ  مدينة دمشق لابن عساكر المتوفى571  ط : دار الفكر بيروت 1415هجرية .

       تطهير الجنان و اللسان عن الخطور و التفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبي سفيان  لأحمد بن حجر الهيتمي المتوفي974 ط : شركة الطباعة الفنية المتحدة، مكتبة القاهرة .

        تفسير القرطبي  لمحمد بن أحمد القرطبي المتوفى 71 ط: 2 دار الشعب القاهرة .

       تقريب التهذيب لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني 852 ط : 1 دار الرشيد سوريا 1986 م .

      التنبيه و الأشراف للمسعودي المتوفى345 .

      تهذيب التهذيب لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي المتوفى852 ط :1 دار الفكر بيروت1984 .

      الثقات لمحمد بن حبان المتوفى 354 ط :دار الفكر بيروت 1975 م .

      الجرح والتعديل لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى 327 ط : 1 دار إحياء التراث العربي بيروت 1952

      خصائص أمير المؤمنين  لأحمد بن شعيب النسائي المتوفى303  ط : مكتبة نينوى الحديثة

      خلاصة عبقات الأنوار للميلاني ط : مؤسسة البعثة 1406

       الدر المنثور  لجلال الدين السيوطي المتوفى911      ط :1 جدة :الفتح، الناشر : دار المعرفة،بيروت .

       الديباج على صحيح مسلم لجلال الدين السيوطي المتوفى 911 ط : 1 دار ابن عفان، المملكة العربية السعودية .

       ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى لأحمد بن عبد الله الطبري المتوفى 694 ط : مكتبة القدسي 1356 .

        سبيل النجاة في تتمة المراجعات للشيخ حسين الراضي .                                                                

        سليم بن قيس الهلالي لسليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي المتوفى في القرن الأول الهجري .

        السنة لعمرو بن أبي عاصم المتوفى287 ط : 3 المكتب الإسلامي بيروت 1993 م .

       السنن الكبرى  لأحمد بن شعيب النسائي المتوفى303  ط : دار الكتب العلمية بيروت 1991 م .

        سير أعلام النبلاء لمجمد بن أحمد الذهبي المتوفى 748 ط : 9 مؤسسة الرسالة بيروت .

       شرح مسلم للنووي ط : 2 دار الكتاب العربي بيروت

       شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المتوفى 656 ط : دار إحياء الكتب العربية .

     شواهد التنزيل لقواعد التفضيل لعبد الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني ط : مجمع إحياء الثقافة الإسلامية .

       صحيح البخاري لمحمد بن إسماعيل البخاري المتوفى256 ط :  دار الفكر بيروت

       صحيح مسلم لمسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفى 261 ط : دار الفكر بيروت

      الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع و الزندقة لأحمد بن حجر الهيتمي المكي المتوفى974ط : شركة الطباعة الفنية المتحدة، مكتبة القاهرة بمصر

     الضعفاء لأبي نعيم الإصبهاني المتوفى 430 ط : 1 دار الثقافة الدار البيضاء 1984 م .

      الضعفاء الصغير لمحمد بن إسماعيل البخاري المتوفى 256 ط : 1 دار الوعي حلب 1396 .

      الضعفاء والمتروكين لأحمد بن شعيب النسائي المتوفى 301 ط : 1 دار الوعي حلب 1369 .

     الضعفاء والمتروكين لعبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي المتوفى 579 ط: 1 دار الكتب العلمية بيروت.

     الطبقات الكبرى  لمحمد بن سعد المتوفى 230ط : دار صادر بيروت .

الطرائف للسيد علي بن موسى بن طاووس الحسني 664 ط :1  مطبعة الخيام قم 1371 .

        علل أحمد بن حنبل  لأحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ط : 1 مكتبة المعارف الرياض 1409 .

        علل الشرايع  للشيخ الصدوق المتوفى 381 ط : 1 المكتبة الحيدرية النجف الأشرف 1966 .

        العمدة لابن البطريق الأسدي الحلي المتوفى 600 ط :1 مؤسسة النشر الإسلامي 1407 .

        الغدير للشيخ عبد الحسين الأميني المتوفى 1392  ط : دار الكتاب العربي بيروت 1379 .

         فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير لمحمد بن علي الشوكاني المتوفى 1250  ط : عالم الكتب .

        فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي لأحمد بن الصديق المغربي المتوفى 1380 ط : مكتبة أمير المؤمنين إصفهان.                                                 

       فيض القدير في شرح الجامع الصغير لمحمد عبد الرؤوف المناوي المتوفى1331 ط : دار الكتب العلمية بيروت

      الكامل في ضعفاء الرجال لعبد الله بن عدي  المتوفى 365 ط :3 دار الفكر بيروت 1988 م .

    كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب u لمحمد بن يوسف الكنجي الشافعي ط :2 المطبعة الحيدرية النجف الأشرف 1970 م.

       كنز العمال للمتقي الهندي المتوفى 975 ط : مؤسسة الرسالة بيروت .

       لسان الميزان لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي المتوفى 852 ط: 3 مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت. 

      المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لمحمد بن حبان المتوفى 354 .

      مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لنور الدين الهيثمي المتوفى 817 ط : دار الكتب العلمية بيروت1988 م .

      المستدرك لمحمد بن محمد الحاكم النيسابوري المتوفى 405 ط :  دار المعرفة بيروت 1406 .

      مسند أبي يعلى لأبي يعلى الموصلي المتوفى 307 ط :1 دار المأمون للتراث دمشق 1984 م .

     مسند أحمد للإمام أحمد بن حنبل المتوفى 241 دار صادر بيروت .

      مسند سعد لأحمد بن إبراهيم بن كثير المتوفى246 ط :1 دار البشائر بيروت 1407 .

     المصنف لعبد الرزاق الصنعاني المتوفى 211  ط : المجلس العلمي

      المعجم الأوسط لسليمان بن أحمد الطبراني المتوفى360 ط : دار الحرمين .

       المعجم الصغير لسليمان بن أحمد الطبراني ط : دار الكتب العلمية بيروت .

       المعجم الكبير لسليمان بن أحمد الطبراني المتوفى 360  ط : دار إحياء التراث، مكتبة ابن تيمية القاهرة .

      معرفة الثقات لأحمد بن عبد الله العجلي الكوفي المتوفى 261 ط : 1 مكتبة دار المدينة المنورة 1985         

      المعيار والموازنة لأبي جعفر الإسكافي المتوفى 220 .

       المغني في الضعفاء لمحمد بن أحمد الذهبي748

       المناقب للموفق بن أحمد المكي الخوارزمي المتوفى 568 ط : 2 مؤسسة النشر الإسلامي 1411 .

        مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب المتوفى 588 ط : المطبعة الحيدرية النجف الأشرف 1376 .

       مناقب أمير المؤمنين u لمحمد بن سليمان الكوفي القاضي ط : 1 مجمع إحياء الثقافة الإسلامية .

       من حديث خيثمة لخيثمة بن سليمان القرشي المتوفى 343 ط : 1  دار الكتاب العربي بيروت 1980 

ميزان الإعتدال في نقد الرجال لمحمد بن أحمد الذهبي المتوفى 748 ط: 1 دار الكتب العلمية بيروت1995 .

       نظم درر السمطين لمحمد بن يوسف الزرندي الحنفي المتوفى 750 ط :1958

       نزهة الحفاظ لمحمد بن عمر الإصبهاني المديني المتوفى 581 ط : مؤسسة الكتب الثقافية بيروت 1406 .          

      نهج البلاغة خطب الإمام علي بن أبي طالب u ط : دار المعرفة بيروت

      وسائل الشيعة  للحر العاملي المتوفى 1104 ط : دار إحياء التراث العربي بيروت .

      وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري المتوفى 212 ط : 2 المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر و التوزيع 1382 .

      ينابيع المودة لذوي القربى لسليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي المتوفى 1294 ط : 1 دار الأسوة . 

      اليقين في إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب u لعلي بن موسى بن طاووس الحسني 664 مؤسسة دار الكتاب قم 1413 .


 


1  شرح نهج البلاغة 12 / 190، المصنف 5 / 448

1   نهج البلاغة 2 /157

2   تاريخ مدينة دمشق42 /49 , كنزالعمال13 /14 .

1   الأحزاب 33

1   تاريخ الأمم و الملوك2 /368

1   المعجم الكبير 5 /203, الطبقات الكبرى3 /  24 تاريخ مدينة دمشق42 /186, مجمع الزوائد 9 /111 

2   المستدرك2 /237، كنزالعمال13 /172

3   كما نصت على ذلك رواية للحديث الشريف في تاريخ مدينة دمشق 42 /187

1  تاريخ مدينة دمشق2/31،الثقات2/93،البداية و النهاية5/11, تاريخ الأمم و الملوك 2 /368

1   مر في ص 20

2    "   "   "    "

3   مسند أحمد1 /331 , المستدرك3 /133 , خصائص أمير المؤمنين64 , السنة551 , تاريخ مدينة دمشق42 /100 , المعجم الكبير12 /98 .

1  تاريخ الأمم والملوك2 /368

1  تاريخ مدينة دمشق2/31

2  التنبيه والاشراف235

1   تاريخ مدينة دمشق42/143،159،مسند أحمد1/177،المصنف5/406

2   صحيح البخاري5 /129

3   تاريخ مدينة دمشق42 /  159، سير أعلام النبلاء12 /214

4   تاريخ مدينة دمشق42 /181

5   الدر المنثور2 /292 , المستدرك2 /337 .

1   الأعراف 142

1  مناقب أمير المؤمنين1/508

1  تاريخ دمشق42/111، مسند سعد51, البداية والنهاية7/376, شواهد التنزيل 2/35

1  الغدير2 /283 عن الكشف و البيان للثعلبي

1  تاريخ مدينة دمشق21/415،42/53،كنزالعمال9/167,  13/105 فتح الملك العلي 48،الآحاد والمثاني5 /170،الدر المنثور4 /371، المعجم الكبير5 /221

2   المعجم الأوسط8 /40 , المعجم الكبير11 /63 , المناقب39 , مجمع الزوائد9 /111

1   تاريخ مدينة دمشق42 /39 , المناقب60 وفيه الألهاني , من حديث خيثمة1 /199 وفيه الباهلي .

2   ذخائر العقبى120 , نظم درر السمطين194 .

1    وقعة صفين 315

1   كفاية الطالب264، المناقب 129، 158

2   مناقب أمير المؤمنين1 /459

3   خصائص أمير المؤمنين88

4   تاريخ مدينة دمشق42 /170 , كنز العمال6 /188

1   تاريخ مدينة دمشق42 /53 , 139 , المناقب60 , كفاية الطالب283 .

2      "      "      "   42 /42 , 169 , كنز العمال11 /607 , المعجم الكبير12 /15 .

3   مسند أحمد6 /369 ,428 , السنة588 , السنن الكبرى5 /45 , 125 ,المعجم الكبير12 /24 , تاريخ مدينة دمشق42 /182 .

1   تاريخ مدينة دمشق42 /179 .

2      "      "      "   42 /167 , كنز العمال13 /122 , المناقب69 , ذخائر الغقبى58 .

1   تاريخ مدينة دمشق7 /54 , 18 /226 , 38 /41 , كنزالعمال6 /188 .

2   النبأ 1

3     "  2 ـ 3

4     "  4

5   شواهد التنزيل2 /418

1   علل الشرايع 1 /201،وسائل الشيعة2 /208

2   علل الشرايع 1 /202،وسائل الشيعة 2 /208

1   علل الشرايع 2 /474، الأمالي للصدوق238

2  اليقين 138

1   الأمالي للشيخ الطوسي521

2   الأعراف 150

3   كتاب سليم بن قيس 132 ـ135

1   طه 29 ـ 35

2   طه 36

3   الفرقان 35

4   طه 42 ـ ـ44

1   الأعراف 142 .

1   آل عمران 61

2   تاريخ مدينة دمشق42 /372 , من حديث خيثمة 201

1   تاريخ بغداد7 /433 ، تاريخ مدينة دمشق42 م373

2   راجع موضوع الخلافة

3  المعجم الكبير12 /321 ,كنز العمال11 /610 ,611 , المعيار والموازنة209

1   شواهد التنزيل1 /185 .

2   تاريخ مدينة دمشق42 /56 , ينابيع المودة2 /299 , شواهد التنزيل1 /488 .

3   المناقب112 .

1   مر في موضوع (حديث المنزلة و غزوة تبوك) من هذا الكتاب .

2   تاريخ مدينة دمشق42 /385 , كنزالعمال11 /603 .

3   فيض القدير4 /469 ـ 470 .

1   تاريخ مدينة دمشق42 /387  , كنز العمال11 /615 , المناقب339 وفيه رواية أخرى عن أبي سعيد . 

2   الدر المنثور3 /347 , كنز العمال12 /176 , فتح الملك العلي69 , فتح القدير2 /522 , المناقب84 .

3   الأحزاب 33

4   المصنف7 /507 , كنز العمال13 /109 , مسند أبي يعلى4 /267 .

1   شواهد التنزيل1 /478

2   تاريخ مدينة دمشق42 /52

1  المائدة 55

2   نظم درر السمطين 87

1   تطهير الجنان واللسان 13

1   الصواعق المحرقة 49

2   تفسير القرطبي 1 /268

3   تجد رواياتهم في : تاريخ مدينة دمشق42 /172 ـ 186 , المعجم الأوسط4 /296 , المعجم الكبير5 /202 , السنة 595 , مسند أحمد3 /338 , مجمع الزوائد9 /111 .

1   تفسير القرطبي1 /268

2   الديباج 5 /386

3   شرح مسلم15 /174

1   فيض القدير4 /471

1   تفسير القرطبي1 /268

1   الضعفاء والمتروكين1 /223

2   لسان الميزان2 /324

3   الكامل2 /389

4   الضعفاء1 /175

1   المجروحين3 /82

2   التاريخ الكبير3 /53 , الضعفاء الصغير1 /35

3   الجرح والتعديل3 /210

1   المجروحين1 /269

2   الضعفاء والمتروكين1 /237

3   تهذيب التهذيب3 /25

1   الكامل في ضعفاء الرجال 2 /377

2   ميزان الإعتدال3 /106

1   المجروحين1 /314

2   الضعفاء1 /85

3   ميزان الإعتدال6 /479

4   التاريخ الكبير7 /369

5   معرفة الثقات2 /289

6   الضعفاء والمتروكين1 /96

1   المجروحين3 /26

2   المغني في الضعفاء2 /671

3   تقريب التهذيب1 /541

4   الكامل3 /454

1   الكامل3 /454

2   التاريخ الكبير4 /169 ,التاريخ الصغير2 /165 , الضعفاء الصغير1 /56 .

3   الضعفاء والمتروكين1 /50

4   المجروحين1 /356

5   علل أحمد بن حنبل1 /83

3   التاريخ الكبير7 /192، الضعفاء الصغير1 /96

4   الضعفاء والمتروكين228

5   المجروحين2 /216

1   الجرح والتعديل7 /139

1   ميزان الإعتدال5 /472

2   تفسير القرطبي4 /185 , 8 /371 , 13 /7

3   صحيح البخاري1 /434

4   صحيح مسلم 1 /10