العتبة العلوية المقدسة - لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم -
» سيرة الإمام » » المناسبات » لمحات من حياة الامام الجواد عليه السلام » من علوم الامام الجواد عليه السلام » لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم

 

لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم

في البحار عن عيون المعجزات(

[1]):

 

لمّا قبض الرضا عليه السلام  كان سّن أبي جعفر عليه السلام  نحو سبع سنين، فاختلفت الكلمة من الناس ببغداد، وفي الأمصار، واجتمع الرّيان بن الصلت، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن حكيم، وعبد الرحمن بن الحجّاج، ويونس بن عبد الرحمن، وجماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم في دار عبد الرحمان بن الحجّاج في بركة زلول، يبكون ويتوجّعون من المصيبة، فقال لهم يونس بن عبد الرحمن: دعوا البكاء، من لهذا الأمر، وإلى من نقصد بالمسائل إلى أن يكبر هذا، يعني أبا جعفر عليه السلام .

 

فقام إليه الرّيان بن الصلت.. ويقول له: أنت تظهر الإيمان لنا وتبطن الشّك والشرك؟ إن كان أمره من الله جلّ وعلا فلو أنه كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم وفوقه، وإن لم يكن من عند الله فلو عمّر ألف سنة فهو واحد من الناس، هذا ممّا ينبغي أن يفكّر فيه، فأقبلت العصابة عليه تعذله وتوبّخه..

 

وكان وقت الموسم، فاجتمع من فقهاء بغداد والأمصار وعلمائهم ثمانون رجلاً، فخرجوا إلى الحجّ، وقصدوا المدينة ليشاهدوا أبا جعفر عليه السلام  .. فلمّا وافوا أتوا دار جعفر الصادق عليه السلام  لأنها كانت فارغة، ودخلوها، وجلسوا على بساط كبير، وخرج إليهم عبد الله بن موسى، فجلس في صدر المجلس، وقام مناد وقال: هذا ابن رسول الله صلى الله عليه واله  فمن أراد السؤال فليسأله، فسئل عن أشياء أجاب عنها بغير الواجب، فورد على الشيعة ما حيّرهم، وغمّهم، واضطربت الفقهاء وقاموا وهمّوا بالانصراف، وقالوا في أنفسهم: لو كان أبو جعفر عليه السلام  يكمل لجواب المسائل لما كان من عبد الله ما كان من الجواب بغير الواجب.

 

ففتح عليهم باب من صدر المجلس ودخل موّفق، وقال: هذا أبو جعفر، فقاموا إليه بأجمعهم واستقبلوه وسلموا عليه، فدخل عليه السلام  وعليه قميصان وعمامة بذؤابتين، وفي رجليه نعلان، وجلس وأمسك الناس كلّهم، فقام صاحب المسألة فسأله عن مسائله فأجاب عنها بالحقّ، ففرحوا ودعوا له عليه السلام  وأثنوا عليه، وقالوا له عليه السلام : عمّك عبد الله أفتى بكيت وكيت.

 

فقال عليه السلام : لا إله إلاّ الله، يا عمّ إنّه عظيم عند الله أن تقف غداً بين يديه، فيقول لك: لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم، وفي الأمة من هو أعلم منك؟.

 



([1]) بحار الأنوار: ج50 ص99 ط بيروت، وعيون المعجزات: ص122 ط الأعلمي بيروت..