العتبة العلوية المقدسة - الإمام الحسين عليه السلام في الثعلبيّة -
» سيرة الإمام » » اولاد الامام علي عليه السلام » سيرة الامام الحسين عليه السلام » الامام الحسين من المدينة الى كربلاء » الإمام الحسين عليه السلام في الثعلبيّة

الإمام الحسين عليه السلام في  الثعلبيّة

 *-  الطبري : قال أبو مخنف : حدّثني أبو جناب الكلبي ، عن عديّ بن حرملة الأسدي ، عن عبد الله بن سليم ، والمذري بن المشمعّل الأسديّين ، قالا : لمّا قضينا حجّنا لم يكن لنا همّة إلاّ اللحاق بالحسين ( عليه السلام ) في الطريق ، لننظر ما يكون من أمره وشأنه ، فأقبلنا ترقل بنا ناقتانا مسرعين حتّى لحقنا بزرود ، فلمّا دنونا منه إذا نحن برجل من أهل الكوفة ، قد عدل عن الطّريق حين رأى الحسين ( عليه السلام ) ، فوقف الحسين ( عليه السلام ) كأنّه يريده ، ثمّ تركه ومضى ، ومضينا نحوه ، فقال أحدنا لصاحبه : إذهب بنا إلى هذا فلنسأله ، فإن كان عنده خبر الكوفة علمناه . فمضينا حتّى انتهينا إليه ، فقلنا : السلام عليك . قال : وعليكم السلام ورحمة الله . ثمّ قلنا : فمن الرجل ؟ قال : أسدي . فقلنا : فنحن أسديّان ، فمن أنت ؟ قال : أنا بكير بن المثعبة . فانتسبنا له ، ثمّ قلنا : أخبرنا عن الناس وراءك ؟ قال : نعم ، لم أخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، فرأيتهما يجرّان بأرجلهما في السوق ! قالا : فأقبلنا حتّى لحقنا بالحسين ( عليه السلام ) فسايرناه حتّى نزل الثعلبيّة ([1])

ممسياً .  فجئناه حين نزل ، فسلّمنا عليه ، فردّ علينا ، فقلنا له : يرحمك الله ، إنّ عندنا خبراً ، فإن شئت حدّثنا علانية ، وإن شئت سرّاً . فنظر إلى أصحابه وقال : ما دُونَ هؤُلاءِ سِرٌّ . ([2])

 فقلنا له : أرأيت الراكب الذي استقبلك عشاء أمس ؟ قال : نَعَمْ ، وَقَدْ أَرَدْتُ مَسْأَلَتَهُ . فقلنا : قد استبرأنا لك خبره وكفيناك مسألته ، وهو امرؤ من أسد منّا ذو رأي وصدق وفضل وعقل ، وأنّه حدّثنا : إنّه لم يخرج من الكوفة حتّى قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وحتّى رآهما يجرّان في السوق بأرجلهما ! فقال : إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ! رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِما . فردّد ذلك مراراً . فقلنا : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلاّ انصرفت من مكانك هذا ، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن تكون عليك ! ([3])  فوثب عند ذلك بنو عقيل بن أبي طالب . قال أبو مخنف : حدّثني عمر بن خالد ، عن زيد بن عليّ بن حسين ، وعن داود ابن عليّ بن عبد الله بن عبّاس أنّ بني عقيل قالوا : لا والله ! لا نبرح حتّى ندرك ثأرنا ، أو نذوق ما ذاق أخونا ! الأسديّان قالا : فنظر إلينا الحسين ( عليه السلام ) فقال : لا خَيْرَ في الْعَيْشِ بَعْدَ هؤُلاءِ ! فعلمنا أنّه قد عزم له رأيه على المسير ، فقلنا : خار الله لك . فقال : رَحِمَكُمَا اللهُ . . . .  ثمّ انتظر حتّى إذا كان السّحر قال لفتيانه وغلمانه : أكْثِروُا مِنَ الْماءِ . فاستقوا وأكثروا . ([4])

 *-  ابن أعثم : وسار الحسين ( عليه السلام ) حتّى نزل الثعلبيّة ، وذلك في وقت الظهيرة ، ونزل أصحابه ، فوضع الحسين ( عليه السلام ) رأسه فأغفى ، ثمّ انتبه باكياً من نومه ، فقال له ابنه عليّ بن الحسين : ما يبكيك يا أبه ! لا أبكى الله عينيك ؟ فقال الحسين ( عليه السلام ) : يا بُنَيَّ ! هذِهِ ساعَةٌ لا تُكْذَبُ فيها الرُّؤْيا ، فأُعلِمُكَ أَنّي خَفَقْتُ بِرَأسي خَفْقَةً فَرَأَيْتُ فارِساً عَلى فَرَس وَقَفَ عَلَيَّ ، فَقالَ : يا حسين ! إنّكم تسرعون والمنايا تسرع بكم إلى الجنّة ؛ فَعَلِمْتُ أَنَّ أَنْفُسَنا نُعِيَتْ إِلَيْنا . فقال له ابنه عليّ : يا أبه ! أفلسنا على الحقّ ؟ قال : بَلى يا بُنَيَّ ! وَالَّذي إِلَيْهِ مَرْجِعُ الْعِبادِ . فقال ابنه عليّ ( عليه السلام ) : إذاً لا نبالي بالموت . فقال الحسين ( عليه السلام ) : جَزاكَ اللهُ عَنّي يا بُنَيَّ ! خَيْرَ ما جَزى بِهِ وَلَداً عَنْ والِدِهِ . ([5])

 *-  وعنه : فلمّا أصبح الحسين ( عليه السلام ) وإذا برجل من الكوفة يكنّى أبا هرّة الأزدي أتاه فسلّم عليه ثمّ قال : يا ابن بنت رسول الله ! ما الذي أخرجك عن حرم الله وحرم  جدّك محمّد ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقال الحسين ( عليه السلام ) : يا أَبا هِرَّةَ ! إِنَّ بَني أُمَيَّةَ أَخَذُوا مالي فَصَبَرْتُ ، وَشَتَمُوا عِرْضي فَصَبَرْتُ ، وَطَلَبُوا دَمي فَهَرَبْتُ ، وَأَيْمُ اللهِ يا أَبا هِرَّةَ ! لَتَقْتُلُنِي الْفِئَةُ الْباغِيَةُ وَلَيَلْبِسُهُمُ اللهُ ذُلاًّ شامِلاً وَسَيْفاً قاطِعاً ، وَلَيُسَلِّطَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ حَتّى يَكُونُوا أَذَلَّ مِنْ قَوْمِ سَبَأ إِذْ مَلَكَتْهُمْ اِمْرَأَةٌ مِنْهُمْ فَحَكَمَتْ في أَمْوالِهِمْ وَفي دِمائِهِمْ . ([6])

 *-  البحراني : وفي رواية عن الريّاشي ، بإسناده عن راوي حديثه ، قال : حججت فتركت أصحابي وانطلقت أتعسّف الطريق وحدي ، فبينما أنا أسير إذ رفعت طرفي إلى أخبية وفساطيط ، فانطلقت نحوها حتّى أتيت أدناها ، فقلت : لمن هذه الأبنية ؟ فقالوا : للحسين ( عليه السلام ) قلت : ابن عليّ وابن فاطمة ( عليهما السلام ) ؟ قالوا : نعم قلت : في أيّها هو ؟ قالوا : في ذلك الفسطاط فانطلقت نحوه ، فإذا الحسين ( عليه السلام ) متّك على باب الفسطاط يقرأ كتاباً بين يديه ، فسلّمت فردّ عليّ ، فقلت : يا ابن رسول الله ! بأبي أنت وأُمّي ! ما أنزلك في هذه الأرض القفراء التي ليس فيها ريف ولا منعة ؟ قال : إِنَّ هؤُلاءِ أَخافُوني ، وَهذِهِ كُتُبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَهُمْ قاتِلي ! فَإِذا فَعَلُوا ذلِكَ وَلَمْ يَدَعُوا لِلّهِ مُحَرَّماً إِلاّ انْتَهَكُوهُ ، بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمْ مَنْ يَقْتُلُهُمْ حَتّى يَكُونُوا أَذَلَّ مِنْ قَوْمِ ([7]) الأْمَةِ .  ([8])

 *-  ابن عساكر : أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا  أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، أنبأنا يعقوب ، أنبأنا أبو بكر الحميدي ، حدّثني سفيان ، حدّثني رجل من بني أسد يقال له : بحير - بعد الخمسين والمائة - وكان من أهل الثعلبيّة ولم يكن في الطريق رجل أكبر منه . فقلت له : مثل من كنت حين مرّ بكم حسين بن عليّ ( عليهما السلام ) ؟ قال : غلام يفعت . قال : فقام إليه أخ لي كان أكبر منّي ، يقال له : زهير وقال : أي ابن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! إنّي أراك في قلّة من الناس ! ؟ فأشار الحسين ( عليه السلام ) بسوط في يده هكذا فضرب حقيبة وراءه فقال : ها إِنَّ هذِهِ مَمْلُوءَةٌ كُتُباً . فكأنّه شدّ من منّة أخي . قال سفيان : فقلت له : ابن كم أنت ؟ قال : ابن ستّ عشرة وماءة . قال [ سفيان ] : وكنّا استودعناه طعاماً لنا ومتاعاً ، فلمّا رجعنا طلبناه منه ، فقال : إن كان طعاماً فلعلّ الحيّ قد أكلوه . فقلنا : إنّا لله ! ذهب طعامنا . فإذا هو يمزح معي ، فأخرج إلينا طعامنا ومتاعنا . ([9])

 *-  ابن سعد : أخبرنا محمّد بن علي ، ّ عن حباب بن موسى ، عن الكلبي ، عن بحير بن شدّاد الأسدي ، قال : مرّ بنا الحسين ( عليه السلام ) بالثعلبيّة ، فخرجت إليه مع أخي ، فإذا عليه جبّة صفراء لها جيب في صدرها ، فقال له أخي : إنّي أخاف عليك ! فضرب بالسوط على عيبة قد حقبها خلفه ، وقال : هذهِ كُتُبُ وُجُوهِ أَهْلِ الْمِصْرِ . ([10])

 *-  وعنه : وأخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدّثنا جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرشك قال : حدّثني من شافه الحسين ( عليه السلام ) قال : رأيت أبنية مضروبة بفلاة من الأرض ، فقلت : لمن هذه ؟ قالوا : هذه لحسين ( عليه السلام ) . قال : فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خدّيه ولحيته . قال : فقلت : بأبي وأُمّي ، يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد ؟ فقال : هذِهِ كُتُبُ أَهْلِ الْكُوفَةِ إِلَيَّ وَلا أَراهُمْ إِلاّ قاتِلي ! فَإِذا فَعَلُوا ذلِكَ لَمْ يَدَعُو الِلّهِ حُرْمَةً إِلاَّ انْتَهَكُوها فَيُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُذِلُّهُمْ حَتّى يَكُونُوا أَذَلَّ

منْ فَرْمِ الأْمَّةِ ، يعني مقنعتها . ([11])

 *-  الصفّار : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حمّاد ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الحكم بن عتيبة قال : لقي رجل الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) بالثعلبيّة وهو يريد كربلا ، فدخل عليه فسلّم عليه ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : مِنْ أَيِّ الْبُلْدانِ أَنْتَ ؟ فقال : من أهل الكوفة ، قال : يا أَخا أَهْلِ الْكُوفَةِ ! أَما وَاللهِ لَوْ لَقَيتُكَ بِالْمَدينَةِ لأَرَيْتُكَ أَثَرَ جَبْرَئيلَ مِنْ دارِنا وَنُزُولِهِ عَلى جَدّي بِالْوَحْيِ ، يا أَخا أَهْلِ الْكُوفَةِ ! مُسْتَقَى الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِنا ، أَفَعَلِمُوا وَجَهِلْنا ؟ هذا ما لا يَكُونُ . ([12])  ورحل الحسين ( عليه السلام ) من الثعلبيّة وواصل سيره إلى بطان ،  ([13])  وقد اجتاز  الحسين ( عليه السلام ) من بطان وسار إلى الشقوق ومن الشقوق إلى زبالة  ([14])



([1])الثعلبيّة : من منازل طريق مكّة من الكوفة ، وبين الثعلبيّة والخزيميّة ثلاث وعشرون ميلاً ، وهي منسوبة إلى ثعلبة بن دودان بن أسد ، معجم البلدان 2 : 78 .

([2])وفي الإرشاد : ستر

([3])في الإرشاد : فنظر إلى بنى عقيل ، فقال : ما تَرَوْنَ فَقَدْ قُتِلَ مُسْلِمٌ .

([4])تأريخ الطبري 3 : 302 ، الإرشاد : 222 ، مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي 1 : 228 ، الكامل في التأريخ 2 : 549 ، اللهوف : 30 ، البداية والنهاية 8 : 182 ، بحار الأنوار 44 : 373 ، أعيان الشيعة 1 : 595 ، وقعة الطفّ : 164 .

([5])الفتوح 5 : 79 ، مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي 1 : 226 ، بحار الأنوار 44 : 367 و 61 : 182 ح 46 ، أعيان الشيعة 1 : 595

([6])الفتوح 5 : 79 ، مقتل الحسين ( عليه السلام ) للخوارزمي 1 : 226 ، مثير الأحزان : 46 ، بحار الأنوار 44 : 367 ، أعيان الشيعة 1 : 595 .

([7])وفي بعض الروايات : فرم الأمة ، وهي الخرقة التي تضعها الأمة عند مجيء الحيض .

([8])العوالم 17 : 218 .

([9])تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : 209 .

([10])ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) من الطبقات لابن سعد : 64 ، تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : 210 ، ح 265 . رواه الذهبي في تاريخ الإسلام 5 : 10 ،

([11])ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) من الطبقات لابن سعد : 64 ، تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ) : 211 .

([12])بصائر الدرجات : 11 ح 1 ، الكافي 1 : 398 ح 2 ، بحار الأنوار 26 : 157 و 45 : 93 .

([13])بطان ، منزل بطريق الكوفة بعد الشقوق من جهة مكّة ، ومن الثعلبيّة إلى بطان تسعة وعشرون ميلاً ، الحسين ( عليه السلام ) في طريقه إلى الشهادة : 80 .

([14])الشقوق : منزل بطريق مكّة من الكوفة ، وهو لبني سلامة من بني أسد ، وبين الشقوق وبطان اثنان وعشرون ميلاً ونصف ، الحسين ( عليه السلام ) في طريقه إلى الشهادة : 83 .