خطبة له عليه السّلام يتظلّم فيها من قريش ، و يبيّن جهاده دوُن الإسلام
ما لَنا وَ لِقُرَيْشٍ ، وَ ما تُنْكِرُ مِنَّا ، غَيْرُ اَنَّا اَهْلُ بَيْتٍ شَيَّدَ اللَّهُ بُنْيانَنا ، وَ اخْتارَنا عَلَيْهِمْ ، فَعَرَّفْناهُمُ الْكِتابَ وَ السُّنَّةَ ، وَ عَلَّمْناهُمُ الْفَرآئِضَ وَ السُّنَنَ ، وَ دَيَّنَّاهُمُ الدّينَ وَ الْأِسْلامَ ، فَوَثَبوُا عَلَيْنا ، وَ جَحَدُوا فَضْلَنا ، وَ مَنَعوُا حَقَّنا ، اَللَّهُمَّ فَاِنّى اَسْتَعْديكَ عَلى قُرَيْشٍ ، فَخُذْ لى بِحَقّى مِنْها ، وَ لا تَدَعْ مَظْلِمَتى لَها ، اِنَّكَ الْحَكيمُ الْعَدْلُ ، فَاِنَّ قُرَيْشاً صَغُرَتْ عَظيمَ قَدْرى ، وَ اسْتَحَلَّتِ الْمَحارِمَ مِنّى ، وَ قالوُا اِنَّكَ لَحَريصٌ مُتَّهَمٌ ، اَلَيْسَ بِنا اهْتَدَوْا مِنْ مَتاهِ الْكُفْرِ ، وَ مِنْ عِمىَ الضَّلالَةِ ، وَ غَىِّ الْجَهالَةِ ، وَ بى اُنْقِذُوا مِنَ الْفِتْنَةِ الظَّلْمآءِ ، وَ الْمِحْنَةِ الْعَمْيآءِ .
وَيْلَهُمْ اَلَمْ اُخَلِّصْهُمْ مِنْ نيرانِ الطُّغاةِ ، وَ سُيوُفِ الْبُغاةِ ، وَ وَطْأَةِ الْأُسْدِ ، اَلَيْسَ بى تَسَنَّمُوا الشَّرَفَ ، وَ نالُوا الْحَقَّ وَ النَّصَفَ ، اَلَسْتُ ايَةَ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ ، وَ دَليلَ رِسالَتِهِ ، وَ عَلامَةَ رِضاهُ وَ سَخَطِهِ ، وَ بِى كانَ يَبْرى جَماجِمَ الْبُهْمِ وَ هامَّ الْأَبْطالِ ، اِذا فَزِعَتْ تَيْمٌ اِلىَ الْفِرارِ ، وَ عَدِىٌّ اِلىَ الْأِنْتِكاصِ وَ لَوْ اَسْلَمْتُ قرَيْشاً لِلْمَنايا وَ الْحُتوُفِ لَحَصَدَتْها سُيُوفُ الْعَرازِمِ ، وَ وَطَئَها خُيوُلُ الْأَعاجِمِ ، وَ طَحَنَتْها سَنابِكُ الصَّافِناتِ ، وَ حَوامِرُ الصَّاهِلاتِ ، عِنْدَ اِطْلاقِ الْأَعِنَّةِ ، وَ بَرَيقِ الْأَسِنَّةِ ، وَ لَما بَقَوْا لِظُلْمى ، وَ عاشُوا لِهَضْمى ، وَ لَما قالُوا اِنَّكَ لَحَريصٌ مُتَّهَمٌ .
و منها :
يا مَعْشَرَ الْمُهاجِرينَ وَ الْأَنْصارِ ، اَيْنَ كانَتْ سَبْقَةُ تَيْمٍ وَ عَدِىٍّ اِلى سَقيفَةِ بَنى ساعِدَةَ خَوْفَ الْفِتْنَةَ ، اَلا كانَتْ يَوْمُ الْاَبْوآءِ اِذ تَكافَئَتِ الصُّفوُفُ ، وَ تَكاتَفَتِ الْحُتوُفُ ، وَ تَقارَعَتِ السُّيُوفُ ، اَمْ هَلاَّ خَشِيا فِتْنَةَ الْأِسْلامِ ، يَوْمَ عَبْدِ وَدٍّ ، وَ قَدْ شَمِخَ بِاَنْفِهِ ، وَ طَمَحَ بِطَرْفِهِ ، وَ لِمَ لَمْ يُشْفِقا عَلىَ الدّينِ وَ اَهْلِهِ ، يَوْمَ بِواطٍ ، اِذِ اسْوَدَّ لَوْنُ الْأُفُقِ ، وَ اعْوَجَّ عَظْمُ الْعُنُقِ ، وَ لِمَ لَمْ يَشْفِقا يَوْمَ رَضْوى ، اِذِ السِّهامُ تَطيرُ ، وَ الْمَنايا تَسيرُ ، وَ الْأُسْدُ تَزيرُ ، وَ هَلاَّ بادُوا يَوْمَ الْعُسْرَةِ ، اِذِ الْأَسْنانُ تَصْطِكُ ، وَ الْأذانُ تَسْتِكُ ، وَ الدُّرُوعُ
تُهْتَكُ ، وَ هَلاَّ كانَتْ مُبادَرَتُهُما يَوْمَ بَدْرٍ ، اِذِ الْأَرْواحُ فىِ الصُّعَدآءِ تَرْتَقى ، وَ الْجِيادُ بِالصَّناديدِ تَرْتَدى ، وَ الْأَرضُ مِنْ دِمآءِ الْأَبْطالِ تَرْتَوى ، وَ لِمَ لَمْ يُشْفِقا عَلَى الدّينِ يَوْمَ بَدْرٍ الثَّانِيَةِ وَ الرَّعابيبُ تُرْعَبُ ، وَ الْأَوْداجُ تَشْخَبُ ، وَ الصُّدُورُ تُخْضَبُ .
ثمّ عدّد عليه السّلم وقايع كثيرة ، و قرّعهما بانّهما كانا فيها من النّظارة ثمّ قال : اَنَا صاحِبُ هذِهِ الْمَشاهِدِ ، وَ اَبُو هذِهِ الْمَواقِفِ وَ ابْنُ هذِهِ الْأَفْعالِ الْحَميدَةِ .