بزاة الملوك واختبار اولاد الانبياء
*- في بعض كتب اصحابنا (رضي الله عنهم) أن للرشيد بازاً ابيض يحبه حباً شديداً, وطار في بعض مصيداته حتى غاب عن أعينهم فأمر الرشيد بان يضرب له قبة ونزل تحتها وحلف أن لايبرح من منـزله او يجيء إليه بالباز، واقام بالموضع وانفذ وجوه العسكر وخرج الامراء في طلبه على مسيرة يوم واثنين وثلاثة, فلما كان من اليوم الثاني آخر النهار نزل البازي عليه وفي يده حيوان متحرك ويلمع كما يلمع السيف في الشمس, فاخذه من يده بالرفق ورجع إلى داره وطرحه في طشت الذهب ودعا الاشراف والاطباء والحكماء والفقهاء والحكام فقال: هل فيكم من رأى مثل هذه الصورة قط؟
فقالوا: مارأينا مثلها قط ولاندري ماهي.
قال: كيف لنا بعلمها؟
قال له ابن اكثم القاضي وأبو يوسف القاضي: ما لك غير إمام الرافضة موسى بن جعفر تبعث إليه وتحضر جماعة من الروافض وتسأله عنها, فان علم كان معرفتها لنا فائدة, وان لم يعلم افتضح عند أصحابه الذين عندهم أنه يعلم الغيب، وينظر في السماء إلى الملائكة.
فقال: هذا وتربة المهدي نعم الرأي, وبعث إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) وسأله ان يحضر المجلس الساعة ومن عنده من الروافض, فحضر أبو الحسن (عليه السلام) وجماعة من الشيعة معه, وقال ياابا الحسن إنما احضرتك شوقاً إليك, فقال: دعني من شوقك الا ان الله تعالى خلق بين السماء والارض بحراً مكفوفاً عذباً زلالاً كف بعضه عن بعض من جوانبه لئلا يطغى على خزنته فينـزل منها مكيال فيهلك ما تحته, وطوله اربعة فراسخ في اربعة فراسخ من فراسخ الملائكة، الفرسخ مسيرة مائتي عام للراكب تحافه الصافون المسبحون من الملائكة الذين قال الله تعالى ﴿وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون﴾(
[1])، وخلق سكاناً أشخاصاً على صورة السمك صغاراً وكباراً فاكبر ما فيه من هذه الصورة شبر وكسر ورأسه مثل رأس الادمي، وله انف واذنان وعينان, والذكور له سواد في وجهه مثل اللحى, والاناث لها شعور على رأسها كما للنساء، لها اجساد وفلوس مثل فلوس السمك وبطون مثل بطونها ومواضع الاجنحه مثل اكف وارجل مثل ايدي الناس وارجلهم تلمع لمعاناً عظيماً لانها مبرجة بالأنوار يتعشى الناظر حتى يزدجر, اتخذوها للتقديس والتهليل والتكبير فإذا قصر أحدهما في التسبيح سلط الله عليه البزاة البيض فأكلتها وجعلتها رزقها وما يحل لك أن تاخذ من هذا البازي رزقه الذي بعثه الله إليه ليأكله.
فقال الرشيد: اخرجوا الطشت فاخرجوه، فنظر إليه فما أخطأ مما قال أبو الحسن موسى (عليه السلام) شيئاً ثم انصرف فطرحها الرشيد للبازي فقطعها وأكلها فما نقط له دم ولا سقط له لحم ولا سقط منها شيء, فقال الرشيد لجماعة الهاشميين انا لوحدثنا بهذا الكتاب نصدق(
[2]).