العتبة العلوية المقدسة - حلمه وكظم غيظه -
» سيرة الإمام » » المناسبات » قبسات من حياة الامام الكاظم عليه السلام » مناقبه وفضائله عليه السلام » حلمه وكظم غيظه

 

حلمه وكظم غيظه

* -  الحسن بن محمد ، عن جده ، عن غير واحد من أصحابه ومشايخه أن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذي أبا الحسن موسى عليه السلام ويسبه إذا رآه ، ويشتم عليا فقال له بعض حاشيته يوما : دعنا نقتل هذا الفاجر ، فنهاهم عن ذلك أشد النهي ، وزجرهم ، وسأل عن العمري فذكر أنه يزرع بناحية من نواحي المدينة ، فركب إليه ، فوجده في مزرعة له ، فدخل المزرعة بحماره فصاح به العمري : لاتوطئ زرعنا ، فتوطأه عليه السلام بحماره ، حتى وصل إليه ، ونزل وجلس عنده ، وباسطه وضاحكه ، وقال له : كم غرمت على زرعك هذا ؟ قال : مائة دينار ، قال : فكم ترجو أن تصيب ؟ قال : لست أعلم الغيب قال له : إنما قلت كم ترجو أن يجيئك فيه ؟ قال : أرجو أن يجئ مائتا دينار .قال : فأخرج له أبوالحسن عليه السلام صرة فيها ثلاثمائة دينار ، وقال هذا زرعك على حاله ، والله يرزقك فيه ماترجو قال : فقام العمري فقبل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطه فتبسم إليه أبوالحسن وانصرف ، قال : وراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر إليه قال : الله أعلم حيث يجعل رسالاته قال : فوثب أصحابه إليه فقالوا له : ماقضيتك ؟ قد كنت تقول غير هذا قال : فقال لهم : قد سمعتم ماقلت الآن ، وجعل يدعو لابي الحسن عليه السلام فخاصموه وخاصمهم ، فلما رجع أبوالحسن إلى داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمري : أيما كان خيرا ما أردتم ؟ أم ماأردت ؟ إنني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم ، وكفيت به شره ، و ذكر جماعة من أهل العلم أن أبا الحسن عليه السلام كان يصل بالمأتي دينار إلى الثلاثمائة وكان صرار موسى مثلا ([1])  .
*- وذكر ابن عمارة وغيره من الرواة أنه لما خرج الرشيد إلى الحج وقرب من المدينة استقبله الوجوه من أهلها يقدمهم موسى بن جعفر عليه السلام على بغلة ، فقال له الربيع : ماهذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين ؟ وأنت إن تطلب عليها لم تلحق - وإن طلبت عليها لم تفت فقال : إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلة العير ، وخير الامور أوساطها .قالوا : ولما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي صلى الله عليه وآله ومعه الناس فتقدم الرشيد إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : السلام عليك يارسول الله السلام عليك ياابن عم ، مفتخرا بذلك على غيره فتقدم أبوالحسن عليه السلام فقال : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك ياأبتاه ، فتغير وجه الرشيد ، وتبين الغيظ فيه ([2]).
*- وقد روى الناس عن أبي الحسن عليه السلام فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه حسب ماقدمناه ، وأحفظهم لكتاب الله ، وأحسنهم صوتا بالقرآن ، وكان إذا قرأه يحزن ويبكي السامعون بتلاوته ، وكان الناس بالمدينة يسمونه زين المجتهدين ، وسمي بالكاظم لما كظمه من الغيظ ، وصبر عليه من فعل الظالمين ، حتى مضى قتيلا في حبسهم ووثاقهم صلى الله عليه ([3]).
*-  روى أبوالفرج في مقاتل الطالبيين عن أحمد بن محمد بن سعيد عن يحيى بن الحسن ، قال : كان موسى بن جعفر عليه السلام إذا بلغه عن الرجل مايكره بعث إليه بصرة ([4])  .

 



([1])اعلام الورى ص 296 . الارشاد ص 317 والفارط هنا هو مابدر منه من كلام على غير روية وكان فيه سوء أدب .

([2])اعلام الورى ص 296 والارشاد ص 318 بتفاوت يسير .

([3])الارشاد ص 318 واعلام الورى ص 296 .

([4])وأخرج الحديث مع العمري الخطيب في تاريخه ج 13 ص 28 الارشاد للمفيد ص 318 ومقاتل الطالبيين ص 500 وأخرج القصة الحصرى في زهر الاداب ج 1 ص 132 .