العتبة العلوية المقدسة - ارم السمــــــاء بنظــــــرة استهــــــزاء لبدر شاكر السياب -
» سيرة الإمام » » اولاد الامام علي عليه السلام » سيرة الامام الحسين عليه السلام » الحسين في ضمير الشعراء » ارم السمــــــاء بنظــــــرة استهــــــزاء لبدر شاكر السياب

ارم السمــــــاء بنظــــــرة استهــــــزاء لبدر شاكر السياب

قال في رثاء الامام الحسين عليه السلام وذم يزيد:

ارم السمــــــاء بنظــــــرة استهــــــزاء


 

واجعــــــل شرابــــــك مـن دم الأشلاء

واسحق بظلــــــك كـــــــل عرض ناصع

 

وأبــــــح لنعلــــــك أعظــــــم الضــعفاء

واملأ سراجــــــك إن تقضــــــى زيتـــه

 

ممــــــا تدرّ نــــــواضــــــب الأثــــــــداء

واخلع عليه كمــــــا تشــــــاء ذبالـــــة

 

هُدب الرضيــــــع وحلمــــــة العــــذراء

واسدد بغيّك يا يزيــــــد فقــــــد ثــوى

 

عنــــــك (الحسين) ممـــزق الأحشاء

والليل أظلــــــم، والقطيـــــع كما ترى

 

يرنــــــو إليــــــك بأعيــــــن بــــــلـــهاء

أحنى لسوطك شاحبــــــات ظهــــوره

 

ـ شأن الــــــذليل ـ ودبّ في إسترخاء


وإذا اشتكى فمن المغيـــث؟ وان غفا

 

أيــــــن المهيــــــب بـــه إلى العلياء؟!

مثّلت غدرك.. فأقشعــــــر لهــــــولـــه

 

قلبــــــي وثــــــار، وزلــــزلت أعضائي

واستقطرت عينــــــي الــدموع ودنقت

 

فيــــــها بقــــــايا دمعــــــة خـــــرساء

يطفو ويرســــــب فــــي خيالي دونها

 

ظــــــل أدق مــــــن الجـــــناح النائي

حيوان في قعــــــر الجحيــــــم معـلق

 

مــــــا بيــــــن ألسنـة اللظى الحمراء

أبصرت ظلــــــك يا (يزيــــــد) يرجــــــه

 

مــــــوج اللهيــــــب وعـــــاصف الأنواء

رأس تكلـل بالخنــــــا، واعتـــــاض عن

 

ذاك النــــــضار بحيــــــة رقــــــطـــــاء

ويدان موثقتـــان بالســــــوط الــــــذي

 

قــــــد كــــــان يعبـــث أمس بالأحياء

قم واسمع اسمــــــك وهو يغدو سُبة

 

وانظــــــر لمجـــــدك وهو محضُ هباء

وانظر إلى الأجيــــــال يأخــــــذ مقبــل

 

عــــــن ذاهب ذكـــــرى أبي الشهداء

عصفت بي الذكــــــرى فألقــــت ظلها

 

فــــــي ناظــــــريّ، كـــواكب الصحراء

مبهورة الأضــــــواء يغشــــــى مضهـــا

 

أشبــــــاح ركــــــب لـــجّ في الأسراء

أضفى عليه الليل ستــــــراً حيــك من

 

عــــــرف الجنــــــان ومــن ظلال حراء

أسرى ونام، وليــــــس إلا همســــــة

 

باسم (الحســين) وجهشة إستبكاء

تلك ابنة الزهــــــراء ولهــــــى راعـــها

 

حلــــــم ألــــــمّ بهــــــا مـــع الظلماء

تنبي أخاها وهــــــي تخــــفي وجهها

 

ذعــــــراً، وتلــــــوي الجيـــد من إعياء

عن ذلك السهل الملبّــــــد يرتمــــــي

 

فــــــي الأفق مثــــل الغيمة السوداء

يكتظ بالأشبــــــاح ظمــــأى حشرجت

 

ثــــــم اشرأبــــــت فـــي انتظار الماء

منــــــغــــــورة الأفــــواه ـ إلا جــثــــــة

 

مــــــن غيــــــر رأس لطخــــت بدماء

زحفت إلى مــــاء تــــراءى، ثــــم لـــم

 

تبلغــــــه وأنكفــــــأت علـى الحصباء

غير (الحسين) تصــــده عمـــا انتـــوى

 

رؤيا.. فكفــــــي يا أبنــــــة الــــزهراء

مَن للضعــــاف إذا استغــــــاثـــوا رُضّعاً

 

عينــــــا (يزيد) سـوى فتى الهيجاء؟

بأبي عطـــاشــــى لاغبيــــن، ورُضّــعاً

 

صُفر الشفــــــاه خمـــائص الأحشاء

أيد تمــــد إلــى السمـــــاء ، وأعيــــن

 

ترنــــــو إلــــــى الماء القريب النائي

طــــام، أحـــــــــل لكــــل صــــادٍ ورده

 

من سائب يعــــــوي ومـــــــن رقطاء

عز الحسين وجــــل عــن أن يشتــري

 

ري الغليــــــل بخــــــطــــــة نكـــراء

إلا يمـــوت ولا يــــوالــــي مــــارقـــــــاً

 

جــــــم الخطــــــايا، طــائش الأهواء

فليصرعــــوه، كــــما أرادوا ـ إنمـــــــــا

 

ما ذنــــــب أطفــــــال وذنب نســــاء

عاجت بي الذكــــرى عليهــــا ساعــة

 

 

مــــــر الزمــــــان بها على استحياء

خفقت لتكشــــف عــــن رضيع ناحــل

 

ذبلــــــت مراشفــــــه، ذبــــول خباء

ظمآن بيــــن يــــدي أبيــــه كــــأنـــــه

 

 

فــــــرخ القطــــــاة يـــدف في نكباء

لاح الفــرات لــــه فأجهش باسطــــــاً

 

يمنــــــاه نحــــــو اللجــــــة الــزرقاء

واستشفع الأب حابسيه على الصدى

 

بالطفــــــل يومــــــي باليــد البيضاء

رجـــــي الـرواء فكان سهماً حــزّ في

 

 

نحــــــر الـــــرضيع وضحكة استهزاء

فأهتز واختلــــج اختـــلاجــة طائــــــر

 

 

ظمآن رفّ ومــــــات قــــــرب المــاء

ذكــــرى ألّمــــتْ، فأقشعــــر لهـولها

 

 

قلبــــــي وثــــــار، وزلـزلت أعضائي