قتلو ادلائهم
*- عن ابن أذينة - وكان من أصحاب أبي عبـد اللـه جعفــر بـن محمــد (عليهمـا السلام) قال : دخلت يـوما على عبـد الـرحمن بـن أبي ليلى وهــو قـاض ، فقلت أردت اصلحك الله - أسألك عن مسائل ، وأنا يومئذ حـديث السن ، فقال : سل يا بن اخي فقلت : اخبرني عنكم - معاشر القضاة - ترد عليكم القضية في المال والفرج والـدم فتقضي فيها انت برأيك ، ثم تـرد تلك القضيـة على قاضي مكـة فيقضي فيها بخلاف قيتك ، وتـرد على قاضي البصـرة ، وقاضي اليمن ، وقاضي المـدينـة ، فيقضـون فيها خلاف ذلك ، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم ، فتخبـرونـه باختلاف قضاياكم فيصوب رأي كل واحد منكم ، والهكم واحد ونبيكم واحد ودينكم واحد ، فأمـركم الله باختلاف فاطعمتوه · أم نهاكم عنه فعصيتموه · أم كنتم شركاء اللـه في حكمـه ، لكم أن تقولوا وعليه أن يرضى · أم أنـزل دينا ناقصا فاستعان بكم في إتمامـه · أم نزله تاما فقصر رسول الله (صلى الله عليه وآله ) عن أدائه · ماذا تقولون ·! . فقال : من أين أنت يا بني · قلت : من أهل البصـرة ، قال : من أيها · قلت : مـن عبـد القيس ، قال : من أيهم · قلت : من بني أذينـة ، قال : ما قـرابتك من عبـدالرحمان بن أذينة · قلت : هو جدي ، فرحب بي وقربني ، وقال : يابن أخي لقد سألت وغلظت ، وانهمكت فتعرضت ، وسأخبرك إن شاء اللـه . أما قـولك باختلاف القضايا فإنه ماورد علينا من أمر القضايا مما لـه في كتاب اللـه خبـر ، أو في سنـةرسول الله (صلى الله عليه وآله ) أصل ، فليس لنا أن نعدو الكتاب والسنـة ، وأماما ورد علينا مما ليس في كتاب الله ولافي سنة نبيـه ( صلى اللـه عليـه وآلـه ) ، إنا نأخذ فيه برأينا ، قلت : ما صنعت شيئا · قال اللـه عـزوجـل (ما فـرطنا في الكتاب من شيء) (تبيانا لكل شيء) أرأيت لــو أن رجلاعمل بما أمره الله به وانتهى عما نهاه الله عنه ، أبقي عليه شيء يعـذبـه اللـه عليه إن لم يفعله أو يثيبه عليـه إن فعلـه · قال : وكيف يثيبـه على ما لم يأمـره به أو يعاقبه على ما لم ينهه عنـه · قلت : وكيف يـرد عليك من الأحكام ماليس له في كتاب الله أثر ، ولافي سنة نبيـه (صلى اللـه عليـه وآلـه ) خبـر · قال أخبرك يابن أخي ، حدثنا بعض أصحابنا يرفع الحديث الى عمـر بن الخطاب ، انـه قال : قضى قضيـة بين رجلين ، فقال لـه أدنى القـوم إليـه مجلسا : أصبت يـا مير المؤمنين ، فعلاه عمر بالدرة وقال : ثكلتك أمك ، والله ما يـدري عمـر أصاب م أخطأ ، إنما هو رأي اجتهدته ، فلاتزكونا في وجـوهنا . قلت : أفلاأحـدثك حـدثنا قال : وما هو · قلت : أخبرني أبي عن أبي القاسم العبـدي ، عن أبان ، عن علي بن بي طالب (عليـه السلام) ، أنـه قال : القضـاة ثلاثــة : هـالكـان ونـاج ، فأمـا ا لهالكان فجائر جار متعمـدا ، ومجتهـد أخطأ ، والناجي من عمل بما أمـره اللـه بـه فهذا نقض حديثك يا عم ، قال : أجل واللـه يابن أخي ، فتقـول أنت : إن كل شيء في كتاب الله ، قلت : الله قال ذلك ، وما من حلال ولاحرام ولاأمـر ولانهي إلاهـو في تاب الله عزوجل ، عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله ، ولقد أخبـرنا اللـه عـزوجل يه بما لايحتاج اليه فكيف بما نحتاج اليه ، قال : وما هـو · قلت : قـولـه فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيهاقال : فعند من يوجـد علم ذلك · قلت عند من عـرفت ، قال : وددت أني عـرفتـه فأغسل قـدميـه وأخـدمـه وأتعلم منــه . قلت أناشدك الله ، هل تعلم رجلاكان إذا سأل رسول الله (صلى الله عليه وآلـه ) أعطاه وإذا سكت عنه ابتدأه · قال : نعم ، ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، قلت فهل علمت أن عليا (عليه السلام) سأل أحدا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآلـه )عن حلال وحرام · قال : لا، قلت : فهل علمت أنهم كانوا يحتاجون إليه ويأخـذون عنـه قال : نعم ، قلت : فذلك عنـده ، قال : فقـد مضى ، فأين لنا بـه · قلت : تسأل في ولــده ، فإن ذلك العلم فيهم وعنــدهم ، قـال : وكيف لي بهم · قلت : أرأيت قوما كانوا في مفازة من الأرض ومعهم أدلاء ، فوثبوا عليهم فقتلـوا بعضهم وأخافـوا بعضهم فهرب ، واستتر من بقي منهم لخوفـه ، فلم يجـدوا من يـدلهم فتاهـوا في تلك المفازة حتى هلكوا ، ما تقول فيهم · قال : الى النار، واصفـر وجهـه ، وكانت في يده سفرجلة فضرب بها الأرض فتهشمت ، وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون