خطبة له عليه السّلام لمّا قدم الكوفة من البصرة
حمد اللّه و اثنى عليه ، و صلّى على رسوله ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، يا اَهْلَ الْكوُفَةِ ، فَاِنَّ لَكُمْ فىِ الْأِسْلامِ فَضْلاً ما لَمْ تُبَدِّلوُا وَ تُغَيِّرُوا ، دَعَوْتُكُمْ اِلَى الْحَقِّ فَاَجَبْتُمْ ، وَ بَدَاْتُمْ بِالْمُنْكَرِ فَغَيَّرْتُمْ ، اَلا اِنَّ فَضْلَكُمْ فيما بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ ، فَاَمَّا فىِ الْأَحْكامِ وَ الْقَسْمِ ، فَاَنْتُمْ اُسْوَةُ غَيْرِكُمْ مِمَّنْ اَجابَكُمْ ، و دَخَلْتُمْ فيما دَخَلْتُمْ فيه . اَلا اِنَّ اَخْوَفَ ما اَخافُ عَلَيْكُمُ اتِّباعُ الْهَوى وَ طوُلُ الْأَمَلِ ، الإسلام لا يحب احداً من اهل الإسلام ، لاسلامه و جهاده فى الدّين ، فقد بان انّ الكلمة حقّ و هذا الخبر مروىّ فى الصّحاح بغير هذا اللّفظ : لا يحبّك الاّ مؤمن ، و لا يبغضك الاّ منافق . . .
اَمَّا اتِّباعُ الْهَوى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، وَ اَمَّا طوُلُ الْأَمَلِ فَيُنْسِى الْأخِرَةَ اَلا اِنَّ الدُّنْيا قَدْ تَرَحَّلَتْ مُدْبِرَةً ، وَ اِنَّ الْأخِرَةَ قَدْ تَرَحَّلَتْ مُقْبِلَةً ، وَ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُما بَنوُنَ ، فَكوُنوُا مِنْ اَبْنآءِ الَْاَخِرَةِ ،
اَلْيَوْمَ عَمَلٌ وَ لا حِسابَ ، وَ غَداً حِسابٌ وَ لا عَمَلَ .
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى نَصَرَ وَلِيَّهُ ، وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ ، وَ اَعَزَّ الصَّادِقَ الْمُحِقَّ ، وَ اَذَلَّ النَّاكِثَ الْمُبْطِلَ .
عَلَيْكُمْ بِتَقْوىَ اللَّهِ ، وَ طاعَةِ مَنْ اَطاعَ اللَّهَ مِنْ اَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ ، الَّذينَ هُمْ اَوْلى بِطاعَتِكُمْ فيما اَطاعوُا اللَّهَ فيهِ ، مِنَ الْمُسْتَحِلّينَ الْمُدَّعينَ الْقابِلينَ اِلَيْنا ، يَتَفَضَّلُونَ بِفَضْلِنا ، وَ يُجاحِدُونَنا اَمْرَنا ، وَ يُنازِعُونَنا حَقَّنا ، وَ يُباعِدُونَنا عَنْهُ ،
فَقَدْ ذاقوُا وَبالَ مَا اجْتَرَحوُا ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً .
اَلا اِنَّهُ قَدْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتى رِجالٌ مِنْكُمْ ، وَ اَنَا عَلَيْهِمْ عاتِبٌ زارٍ ، فَاهْجُروُهُمْ وَ اَسْمِعوُهُمْ ما يَكْرَهوُنَ ، حَتّى يُعْتِبوُا لِيُعْرَفَ بذلِكَ حِزْبُ اللَّهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ .