العتبة العلوية المقدسة - أنا فرع من فروع الزيتونة -
» سيرة الإمام » » المناسبات » من سيرة الامام الصادق عليه السلام » قطوف من حياة الامام الصادق عليه السلام » أنا فرع من فروع الزيتونة

 

أنا فرع من فروع الزيتونة

* - عن الحسين بن محمد بن عامر بإسناده أن أباعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه الصلاة والسلام استحضره المنصور في مجلس غاص بأهله فأمره بالجلوس ، فأطرق مليا ثم رفع رأسه وقال له : ياجعفر إن النبي صلى الله عليه وآله قال لابيك علي بن أبي طالب عليه السلام يوما : ( لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك قولا لاتمر بملاء إلا أخذوا من تراب قدميك يستشفون به ) وقال علي عليه السلام : ( يهلك في اثنان : محب مفرط ، ومبغض مفرط ) فالاعتذار منه أن لايرضى بما يقول فيه المفرط ، ولعمري أن عيسى بن مريم عليهما السلام لوسكت عما قالت فيه النصارى لعذبه الله ، وقد نعلم مايقال فيك من الزور والبهتان ، وإمساكك عمن يقول ذلك فيك ورضاك به سخط الديان ، زعم أوغاد الشام وأوباش العراق أنك حبرالدهر وناموسه ، وحجة المعبود وترجمانه ، وعيبة علمه وميزان قسطه ، و مصباحه الذي يقطع به الطالب عرض الظلمة إلى فضاء النور ، وإن الله تبارك وتعالى لايقبل من عامل جهل حقك في الدنيا عملا ، ولا يرفع له يوم القيامة وزنا ، فنسبوك إلى غير حدك ، وقالوا فيك ماليس فيك ، فقل فإن أول من قال الحق لجدك ، وأول من صدقه عليه أبوك عليه السلام ، فأنت حري بأن تقتص آثارهما ، وتسلك سبيلهما .فقال أبوعبدالله عليه السلام : أنا فرع من فروع الزيتونة ، وقنديل من قناديل بيت النبوة ، وسليل الرسالة ، وأديب السفرة ، وربيب الكرام البررة ، ومصباح من مصابيح المشكاة التي فيها نورالنور ، وصفوة الكلمة الباقية في عقب المصطفين إلى يوم الحشر .فالتفت المنصور إلى جلسائه فقال : قد أحالني على بحر مواج لايدرك طرفه ، ولايبلغ عمقه ، تغرق فيه السبحاء ويحار فيه العلماء ، ويضيق بالسامع عرض الفضاء ، هذا الشجا المعترض في حلوق الخلفاء الذي لايحل قتله ، ولايجوز نفيه ، ولولا ما تجمعني وإياه من شجرة مباركة طاب أصلها وبسق فرعها وعذب ثمرها بوركت في الذر وتقدست في الزبر لكان مني إليه مالايحمد في العواقب ، لما يبلغني من شدة عيبه لنا ، وسوء القول فينا .فقال أبوعبدالله عليه السلام : لاتقبل في ذي رحمك وأهل الدعة من أهلك قول من حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار ، فإن النمام شاهد زور ، وشريك إبليس في الاغراء بين الناس ، وقد قال الله تبارك وتعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأ ) الآية ، ونحن لك أنصار وأعوان ، ولملكك دعائم وأركان ، ما أمرت بالمعروف والاحسان ، وأمضيت في الرعية أحكام القرآن ، وأرغمت بطاعتك أنف الشيطان ، وإن كان يجب عليك في سعة فهمك وكرم حلمك ومعرفتك بآداب الله أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك ، فإن المكافئ ليس بالواصل ، إنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها ، فصل يزدالله في عمرك ويخفف عنك الحساب يوم حشرك .فقال أبوجعفر المنصور : قد قبلت عذرك لصدقك ، وصفحت عنك لقدرك ، فحدثني عن نفسك بحديث أتعظ به ، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات .فقال أبوعبدالله عليه السلام : عليك بالحلم فإنه ركن العلم ، وأملك نفسك عند أسباب القدرة ، فإنك إن تفعل كل ما تقدرعليه كنت كمن شفى غيظا ، أو أبدى حقدا ، أويجب أن يذكر بالصولة ، واعلم أنك إن عاقبت مستحقالم يكن غاية ماتوصف به إلا العدل ، ولا أعلم حالا أفضل من حال العدل ، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر .فقال أبوجعفر المنصور : وعظت فأحسنت وقلت فأوجزت ، فحدثني عن فضل جدك علي بن أبي طالب عليه الطلاة والسلام حديثا لم تروه العامة .فقال أبوعبدالله عليه السلام : حدثني أبي ، عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ليلة اسري بي إلى السماء فتح لي في بصري غلوة كمثال مايرى الراكب خرق الابرة مسيرة يوم ، و عهد إلى ربي في علي ثلاث كلمات ، فقال : يا محمد ، فقلت : لبيك ربي فقال : إن عليا إمام المتقين ، وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ، وكانوا أحق بها وأهلها فبشره بذلك ، قال : فبشره النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال : يارسول الله وإني اذكرهناك ؟ فقال : نعم إنك لتذكر في الرفيع الاعلى .فقال المنصور : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . (

 

[1])



([1])  بحار الانوار 10 / 209