العتبة العلوية المقدسة - خطبة له عليه السّلام فى يوم عيد الفطر -
» » سيرة الإمام » بلاغة الامام علي وحكمته » خطب الامام علي عليه السلام » خطبة له عليه السّلام فى يوم عيد الفطر

  

خطبة له عليه السّلام فى يوم عيد الفطر

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى‏ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ ، وَ جَعَلَ الظُّلُماتِ وَ النُّورَ ، ثُمَّ الَّذينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ، لا نُشْرِكُ بِاللَّهِ ، وَ لا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ اِلهاً وَ لا وَلِيّاً . اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذى‏ لا مَقْنُوطٌ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَ لا مَخْلُوٌّ مِنْ نِعْمَتِهِ ، وَ لا مُسْتَنْكِفٌ عَنْ عِبادَتِهِ ، بِكَلِماتِهِ قامَتِ السَّماواتُ ، وَ اسْتَقَرَّتِ الْأَرَضُونَ ، وَ ثَبَتَتِ الْجِبالُ الرَّواسى‏ ، وَ جَرَتِ الرِّياحُ اللَّواقِحُ ، وَ سارَ فى‏ جَوِّ السَّمآءِ السَّحابُ ، وَ قامَتْ عَلى‏ حُدُودِهَا الْبِحارُ ، قاهِرٌ يَخْضَعُ لَهُ الْمُعِزُّونَ ، وَ يَذِلُّ طَوْعاً ، وَ كُرْهاً لَهُ الْعالَمُونَ . نَحْمَدُهُ كَما حَمِدَ نَفْسَهُ ، وَ كَما هُوَ اَهْلُهُ ، وَ نَسْتَعينُهُ وَ نَسْتَغْفِرُهُ ، وَ نَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، يَعْلَمُ ما تُخْفِى النُّفُوس ، وَ ما تُجِنُّ بِهِ الْبِحارُ ، وَ ما تُوارِى الْأَسْرارُ ، وَ ما تَغيظُ الْاَرْحامُ وَ ما تَزْدادُ ، وَ كُلُّ شَىْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ ، وَ نَسْتَهْدِى اللَّهَ الْهُدى‏ ، وَ نَعُوذُ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَ الرَّدى‏ وَ نَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ نَبِيُّهُ ، وَ رَسُولُهُ اِلى‏ خَلْقِهِ ، وَ اَمينُهُ عَلى‏ وَحْيِهِ ، قَدْ بَلَّغَ رِسالاتِ رَبِّهِ ، وَ جاهَدَ فىِ اللَّهِ ، الْمُوَلِّينَ عَنْهُ الْعادِلينَ بِهِ ، وَ عَبَدَ اللَّهَ حَتّى‏ اَتاهُ الْيَقينُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ وَ سَلَّمَ . اُوصيكُمْ وَ نَفْسى‏ بِتَقْوَى اللَّهِ ، الَّذى‏ لا تَنْفَدُ مِنْهُ نِعْمَةٌ ، وَ لا تفْقَدُ لَهُ رَحْمَةٌ الَّذى‏ رَغَّبَ بِالتَّقْوى‏ ، وَ زَهَّدَ فىِ الدُّنْيا ، وَ حَذَّرَ مِنَ الْمَعاصى‏ ، وَ تَعَزَّزَ بِالْبَقآءِ وَ ذَلَّلَ خَلْقَهُ بِالْمَوْتِ وَ الْفَنآءِ ، فَالْمَوْتُ غايَةُ الْمَخْلُوقينَ ، وَ سَبيلُ الْعالَمينَ ، وَ مَعْقُودٌ لِنَواصِى الْباقينَ ، فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ ، وَ ادْعُوهُ يَسْتَجِبْ لَكُمْ ، وَ اَدُّوا فِطْرَتَكُمْ ، فَاِنَّها سُنَّةٌ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ ، وَ هِىَ لازِمَةٌ لَكُمْ ، واجِبَةٌ عَلَيْكُمْ ، فَلْيُؤَدِّها كُلُّ امْرءٍ مِنْكُمْ عَنْ عِيالِهِ ، ذَكَرِهِمْ وَ اُنْثاهُمْ ، صَغيرِهِمْ وَ كَبيرِهِمْ ، حُرِّهِمْ وَ مَمْلُوكِهِمْ ، عَنْ كُلِّ اِنْسانٍ مِنْهُمْ صاعاً مِنْ بُرٍّ .

 من رواية اخرى‏ :

صاعاً مِنْ بُرٍّ اَوْ صاعاً مِنْ شَعيرٍ وَ تَمْرٍ ، فَاَطيعُوا اللَّهَ فيما فَرَضَ عَلَيْكُمْ وَ اَمَرَكُمْ بِهِ مِنْ اِقامَةِ الصَّلوةِ وَ ايتآءِ الزَّكوةِ ، وَ حِجِّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ اِلَيْهِ سَبيلاً ، وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضانَ ، وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ النَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْأِحْسانِ اِلى‏ نِسآئِكُمْ ، وَ ما مَلَكَتْ اَيْمانُكُمْ ، وَ اَطيعُوا اللَّهَ فيما نَهاكُمْ عَنْهُ مِنْ قَذْفِ الْمُحْصَناتِ ، وَ اِتْيانِ الْفاحِشاتِ ، وَ شُرْبِ الْخَمْرِ ، وَ بَخْسِ الْمِكْيالِ ، الْميزانِ ، وَ شَهادَةِ الزُّورِ ، وَ الْفِرارِ مِنَ الزَّحْفِ ، عَصَمَنَا اللَّهُ وَ اِيَّاكُمْ بِالتَّقْوى‏ وَ جَعَلَ الْأخِرَةَ خَيْراً لَكُمْ وَ لَنا مِنَ الاْولى‏ . اِنَ اَحْسَنَ الْحَدِيثِ ، وَ اَبْلَغَ الْمَوْعِظَةِ كِتابُ اللَّهِ ، اَعُوذُ بِاللَّهِ السَّميعِ الْعَليمِ ، مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ ، قُلْ هُوَ اللَّهُ اَحَدٌ ، اللَّهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ ، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً اَحَدٌ .

ثمّ جلس عليه السّلم و قام فقال :

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَحْمَدُهُ وَ اَسْتَعينُهُ ، وَ اُومِنُ بِهِ وَ اَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، وَ اسْتَهْدِى اللَّهَ الْهُدى‏ ، وَ اَعُوذُ بِهِ مِنَ الضَّلالَةِ وَ الرَّدى‏ ، وَ اَشْهَدُ اَنْ لا اِلهَ اِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَ اَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ وَ سَلَّمَ ، اَرْسَلَهُ عَلى‏ حينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ، وَ انْقِطاعٍ مِنَ الْوَحْىِ ، وَ طُمُوسٍ مِنَ الْعِلْمِ ، وَ دُرُوسٍ مِنْ مَعالِمِ الْهُدى‏ ، فَصَدَعَ بِوَحْيِهِ ، وَ جَلا غَمَراتِ الظُّلَمِ بِنُورِهِ ، وَ قَمَعَ مُشْرِفَ الْباطِلِ بِحَقِّهِ ، حَتّى‏ اَنارَ الْأِسْلامَ ، وَ وَضَحَتِ الْاَحْكامُ ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ ، وَ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ . اُوصيكُمْ عِبادَ اللَّهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَ الْأِعْتِصامِ بِوَثآئِقِ عُراها ، وَ الْمُواظَبَةِ عَلى‏ رِعايَتِها ، فَاِنَّها جُنَّةٌ حَصينَةٌ ، وَ عُقْدَةٌ مَتينَةٌ ، وَ غَنيمَةٌ مُغْتَنَمَةٌ ، قَبْلَ اَنْ يُحالَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَها ، بِانْقِطاعٍ مِنَ الرَّجاءِ ، وَ حُدُوثٍ مِنَ الزَّوالِ ، وَ دَنَفٍ مِنَ الْإِنْتِقالِ ، فَاذْكُرُوا مَنْ فارَقَ الدُّنْيا ، وَ لَمْ يَاْخُذْ مِنْها فَكاكَ رَهْنِهِ ، وَ لا بَرآئَةَ اَمْنِهِ ، فَخَرَجَ مِنْها سَليباً مَحْسُوراً ، قَدْ اَتْعَبَ الْمَلآئِكَةَ نَفْسُهُ الَّتى‏ هِىَ مُطَّلِعَةٌ عَلَيْها ، وَ هُوَ مُسَوَدٌّ وَجْهُهُ ، زُرْقَةٌ عَيْناهُ ، بادِيَةٌ عَوْرَتُهُ ، يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ ، لا يُرْحَمُ دُعآؤُهُ ، وَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُ مِنْ عَذابِها شَىْ‏ءٌ ، كَذلِكَ يُجْزى‏ كُلُّ كَفُورٍ . وَ اذْكُرُوا مَنْ فارَقَ الدُّنْيا ، وَ قَدْ اَخَذَ مِنْها فَكاكَ رَهْنِهِ ، وَ بَرآئَةَ اَمْنِهِ ، فَرَحَلَ مِنْها امِناً مَرْحُوماً ، مُوَفَّقاً مَعْصُوماً ، قَدْ ظَفَرَ بِالسَّعادَةِ ، وَ فازَ بِالْخُلُودِ ، وَ اَقامَ بِدارِ الْحَيَوانِ ، وَ عيشَةِ الرِّضْوانِ ، حَيْثُ لا تَنُوبُ الْفَجآئِعُ وَ لا تَحُلُّ القَوارِعُ ، وَ لا تَمُوتُ النُّفُوسُ ، عَطآؤُهُمْ عَطآءٌ غَيْرُ مَجْذُوذٍ .

و منها ايضاً برواية اخرى‏ :

عِبادَ اللَّهِ اِنَّ الدُّنْيا دارٌ رَضِىَ اللَّهُ لِأَهْلِهَا الْفَناءَ ، وَ قَدَّرَ عَلَيْهِمْ بِهَا الْجَلآءَ ، فَكُلُّ ما فيها نافِدٌ ، وَ كُلُّ مَنْ يَسْلُكُها بآئِدٌ ، وَ هِىَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، رآئِقَةٌ نَضِرَةٌ ، قَدْ زُيِّنَتْ لِلطَّالِبِ ، وَ لاطَتْ بِقَلْبِ الرَّاغِبِ ، يُطَيِّبُهَا الطَّامِعُ ، وَ يَحْتَويهَا الْوَجِلُ الْخآئِفُ ، فَارْتَحِلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْها بِاَحْسَن ما بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ ، وَ لا تَطْلُبُوا مِنْها سِوىَ الْبُلْغَةِ ، وَ كُونُوا كسَفْرٍ نَزَلُوا مَنْزِلاً ، فَتَمَتَّعُوا مِنْهُ بِاَدْنى‏ ظِلّ ثُمَّ ارْتَحَلُوا لِشَأْنِهِمْ ، وَ لا تَمُدُّوا اَعْيُنَكُمْ فيها اِلى‏ ما مُتِّعَ بِهِ الْمُتْرَفُونَ ، فَاِنَّ ذلِكَ اَخَفُّ لِلْحِسابِ ، وَ اَقْرَبُ مِنَ النَّجاةِ . اَلا وَ اِنَّ الدُّنْيا قَدْ تَنَكَّرَتْ وَ اَدْبَرَتْ وَ اذَنَتْ بِوِداعٍ ، اَلا وَ اِنَّ الْأخِرَةَ قَدْ اَقْبَلَتْ وَ نادَتْ بِاطِّلاعٍ ، اَلا وَ اِنَّ الْمِضْمارَ الْيَوْمُ ، وَ غَداً السِّباق ، اَلا وَ اِنَّ السُّبْقَةَ الْجَنَّةُ ، وَ الْغايَةَ النَّارُ ، اَفَلا تآئِبٌ مِنْ خَطيئَةٍ قَبْلَ هُجُومِ مَنِيَّتِهِ ، اَ وَ لا عامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ فَقْرِهِ وَ بُؤُسِهِ ، جَعَلَنَا اللَّهُ وَ اِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَخافُهُ وَ يَرْجُو ثَوابَهُ .