العتبة العلوية المقدسة - كلام له عليه السّلام في ذكر ولد النبي صلى الله عليه واله -
» » سيرة الإمام » بلاغة الامام علي وحكمته » خطب الامام علي عليه السلام » كلام له عليه السّلام في ذكر ولد النبي صلى الله عليه واله

 

كلام له عليه السّلام  في ذكر ولد النبي صلى الله عليه واله

لمّا قال له قائل : يا امير المؤمنين ، أ رأيت لو كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم ، و انس منه الرّشد ، أكانت العرب تسلّم اليه امرها ؟

قال عليه السلام : لا بَلْ كانَتْ تَقْتُلُهُ اِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما فَعَلْتُ ، اِنَّ الْعَرَبَ كَرِهَتْ اَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ الِهِ ، وَ حَسَدَتْهُ عَلى‏ ما اتاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ، وَ اسْتَطالَتْ اَيَّامُهُ حَتّى‏ قَذَفَتْ زَوْجَتَهُ ، وَ نُفِّرَتْ بِهِ ناقَتُهُ ، مَعَ عَظيمِ اِحْسانِهِ اِلَيْها ، وَ جَسيمِ مِنَنِهِ عِنْدَها ، وَ اَجْمَعَتْ مُذْ كانَ حَيّاً عَلى‏ صَرْفِ الْاَمْرِ عَنْ اَهْلِ بَيْتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَ لَوْ لا اَنَّ قُرَيْشاً جَعَلَتْ اِسْمَهُ ذَريعَةً اِلىَ الرِّئاسَةِ ، وَ سُلَّماً اِلَى العِزِّ وَ الْأِمْرَةِ ، لَما عَبَدَتِ اللَّهَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَوْماً واحِداً ، وَ لاَرْتَدَّتْ فى‏ حافِرَتِها وَ عادَ قارِعُها جَذَعاً ، وَ بازِلُها بَكْراً ، ثُمَّ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْفُتوُحَ فَاَثَرَتْ بَعْدَ الْفاقَةِ ، وَ تَمَوَّلَتْ بَعْدَ الْجُهْدِ وَ الْمَخْمَصَةِ [ 2 ] ، فَحَسُنَ فى‏ عُيوُنِها مِنَ الْأِسْلامِ ما كانَ سَمِجاً ، وَ ثَبَتَ فى‏ قُلوُبِ كَثيرٍ مِنْها مِنَ الدّينِ ما كانَ مُضْطَرِباً ، وَ قالَتْ لَوْلا اَنَّهُ حَقٌّ لَما كانَ كَذا ، ثُمَّ نَسَبَتْ تِلْكَ الْفُتُوحَ اِلى‏ ارآءِ وُلاتِها ، وَ حُسْنِ تَدْبيرِ الْأُمَرآءِ الْقآئِمينَ بِها ، فَتَأَكَّدَ عِنْدَ النَّاسِ نَباهَةُ قَوْمٍ ، وَ وَ خُمُولُ اخرينَ ، فَكُنَّا نَحْنُ مِمَّنْ خَمَلَ ذِكْرُهُ ، وَ خَبَتْ نارُهُ ، وَ انْقَطَعَ صَوْتُهُ وَصِيْتُهُ ، حَتّى‏ اَكَلَ الدَّهْرُ عَلَيْنا وَ شَرِبَ ، وَ مَضَتِ السِّنُونَ وَ الْأَحْقابُ بِما فيها ، وَ ماتَ كَثيرٌ مِمَّنْ يُعْرَفُ ، وَ نَشَأَ كَثيرٌ مِمَّنْ لا يُعْرَفُ ، وَ ما عَسى‏ اَنْ يَكوُنَ الْوَلَدُ لَوْ كانَ اِنَّ رَسوُلَ اللَّهِ لَمْ يُقَرِّبْنى‏ ما تَعْلَموُنَهُ مِنَ الْقُرْبِ لِلنَّسَبِ وَ اللُّحْمَةِ ، بَلْ لِلجِهادِ وَ النَّصيحَةِ ، اَفَتَراهُ لَوْ كانَ لَهُ وَلَدٌ كانَ يَفْعَلُ ما فَعَلْتُ وَ كَذلِكَ لَمْ يَكُنْ يُقَرِّبُ ما قَرَّبْتُ ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ قُرَيْشٍ وَ الْعَرَبِ سَبَباً لِلْحُظْوَةِ وَ الْمَنْزِلَةِ ، بَلْ لِلْحِرْمانِ وَ الْجَفْوَةِ .

اَللَّهُمَّ اِنَّكَ تَعْلَمُ اَنّى‏ لَمْ اُرِدِ الْأِمْرَةَ ، وَ لا عُلُوَّ الْمُلْكِ وَ الرِّئاسَةِ ، وَ اِنَّما اَرَدْتُ الْقِيامَ بِحُدُودِكَ ، وَ الْأَدآءَ لِشَرْعِكَ ، وَ وَضْعَ الْأُمُورِ فى‏ مَواضِعِها ، وَ تَوْفيرَ الْحُقوُقِ عَلى‏ اَهْلِها ، وَ الْمُضِىَّ عَلى‏ مِنْهاجِ نَبِيِّكَ ، وَ اِرْشادَ الضَّآلِّ اِلى‏ اَنْوارِ هِدايَتِكَ .