العتبة العلوية المقدسة - شهيد الكـرامــة -
» سيرة الإمام » » اولاد الامام علي عليه السلام » سيرة الامام الحسين عليه السلام » الامام الحسين باقلام اعلام الامة » شهيد الكـرامــة

 

 

 

شهيد الكـرامــة

 

 

 

بقلم: السيد محمد جمال الهاشمي

 

(قد ركزني بين إثنتين بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة يأبى الله ذلك ورسوله، وجدود طابت، وحجور طهرت، وأنوف حميه. ونفوس أبيه، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).

 

بهذه القبسات الملتهبة نخرق أغوار النهضة الحسينية المباركة، ونكتشف اسرارها المحجوبه.

 

إنها مفتاح الثورة التي طوحت بعرش أمية، وأذلت دولة أبي سفيان.

 

إنها البذرة التي إنتشرت جذورها، وإنبسطت فروعها حتى راينا الخلود يستظل في طرف منها.

 

إنها تصرح أن حركة الحسين لا ترتكز إلاّ على رعاية كرامته المقدسة التي تنسجم فيها كرامة الإسلام وكرامة القرآن، وهيهات أن يفرط فيهما مثل الحسين عليه السلام وهو الذي تغلغل الإسلام في كيانه من طريق الوراثة ومن طريق التربية أيضاً، فهو سبط النبي ورث منه الروح التي أبت أن تتنازل عن دعوتها ولو وضعوا الشمس في يمينها والقمر في شمالها، وهو أبن علي الذي ما أخذته في الله لومة لائم، ولا شطحت به عن الحق سياسة ومصلحة، وهو الذي وعى سيرة جده في مختلف حالاتها، وحفظ من مواقفه وأحاديثه ما يؤهله لأن يكون في مقدمة من خرجتهم مدرسة محمد (صلى الله عليه واله) كما وعى من سيرة أبيه ومـواقفـه الكـثيرة في مخـتلف عهوده وأدواره ما يجعله الرجل الأول في دنيا علي(عليه السلام) إنه ورث كما أخذ منهما كل ما يعتز به الإسلام، ويفتخر فيه القرآن، ولذلك كان عليه أن يحافظ على هذه العزة والكرامة، يحافظ عليهما ولو ببذل حياته وتضحية وجوده المادي، ولذلك أبى أن يتنازل عن جزء من ذلك التراث المجيد، يتنازل عنه ليعيش مخدوش الكرامة مثلوم العزة، هيهات أن يكون ذلك يأبى الله ذلك ورسوله، وجدود طابت، وحجور طهرت، وأنوف حميه ونفوس أبيه، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام، إن سبط محمد مفخرة الإنسانية وأبن علي والزهراء طرفا السلسلة الذهبية في المجد الإسلامي، يأبى عنصره وتأبى تربيته، أن يعيش هو ويزيد في دور واحد، يعيش ليرى يزيد حفيد أبي سفيان عدو محمد(صلى الله عليه واله) وأبن معاوية عدو الوصي والزكي ( عليه السلام) يحكم دنيا محمد (صلى الله عليه واله) ودين محمد، وأمة محمد (صلى الله عليه واله) بإسم محمد (صلى الله عليه واله) هيهات يأبى ذلك تربية الحسين، ويأباه دمه الزكي، فكان عليه أن يناهض هذه الحكومة، يناهضها وحده، لأن العصر كان محكوماً لقوة يزيد وماله، يناهضها بإسم الحق المهضوم، يناهضها ليقيم على أشلائه وأوصال أولاده لأصحابه تمثال الحق، وليجعل من رأسه لذلك التمثال إشارة مقدسة تخشع له القرون والأجيال.

 

ولذلك نرى التأريخ في كل عام يعيد تمثيل تلك الكارثة الموحشة، ليستعرض للعالم الإسلامي بدموعه مصائب الحسين، وليستعرض الجيل الجديد ما ضحى به الجيل القديم المتمثل في شخصية الحسين في سبيل الحق والإسلام والإنسانية، إننا نستقبل موقف الحسين وأصحابه الأحرار الأبرار بكل خشوع وإبتهال، نستقبله لنستمد منه التضحية والإيمان والعقيدة، نستقبله لنعرضه على جماهير الشعوب المسلمة ما يريده الإسلام من قادته وأئمته، فعسى أن نبعث الشباب المسلم روح التضحية والعقيدة فينتفض على القيود التي كبلت عقيدته، وكممت لسانه، ينتفض على القيود ليجعل منها سياطاً تؤدب جلاوزة المستعمرين