في الاخلاص
قال الصادق عليه السلام : الاخلاص بجميع فواضل الأعمال وهو معنى افتتاحه القبول وتوقيعه الرضا فمن تقبل الله منه ويرضى عنه فهو المخلص وان قل عمله ومن لم يتقبل منه فليس بمخلص وكثر عمله اعتبارا بادم عليه السلام وإبليس عليه اللعنة وعلامة القبول وجود الاستقامة ببذل كل محاب مع اصابه علم حركة وسكون والمخلص ذائب روحه باذل مهجته تقويم ما به العلم والأعمال والعامل والمعمول بالعمل لأنه إذا أدرك ذلك فقد أدرك الكل وإذا فاته فاته الكل وهو تصفية معاني التنزيه في التوحيد كما قال الأول هلك العاملون إلا العابدون وهلك العابدون إلا العالمون وهلك العالمون الصادقون وهلك الصادقون إلا المخلصون وهلك المخلصون إلا المتقون وهلك المتقون إلا الموقنون وان الموقنين لعلى خلق عظيم . قال الله تعالى : ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) وأدنى حد الاخلاص بذل العبد طاقته ثم لا يجعل لعمله عند الله قدرا فيوجب به على ربه مكافاة لعلمه بعمله انه لو طالبه بوفاء حق العبودية لعجز وأدنى مقام المخلص الدنيا السلامة من جميع الآثام وفي الآخرة النجاة النار والفوز بالجنة * الباب السابع عشر في التقوى قال الصادق عليه السلام : التقوى على ثلاثة أوجه : تقوى بالله وترك الخلاف فضلا عن الشبهة وهو تقوى خاص الخاص وتقوى من الله تعالى وهو ترك الشبهات فضلا عن الحرام وتقوى الخاص وتقوى من خوف النار والعقاب وهو ترك الحرام وهو تقوى العام ومثل التقوى كماء يجرى في النهر ومثل هذه الطبقات الثلاث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر من كل لون جنس وكل شجرة منها تمتص الماء من ذلك النهر قدر جوهره وطعمه ولطافته وكثافته ثم منافع الخلق ذلك الأشجاروالثمار على قدرها وقيمتها قال الله تعالى : ( صنوان أو غير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ) . فالتقوى للطاعات كالماء للأشجار ومثل طبائع الأشجار والأثمار في لونها وطعمها مثل مقادير الايمان فمن كان أعلى درجة في الايمان وأصفى جوهره بالروح كان اتقى ومن كان التقى عبادته أخلص وأطهر ومن كان كذلك كان من أقرب وكل عباده مؤسسة على غير التقوى فهي هباء منثورا . قال الله تعالى : ( أفمن أسس بنيانه تقوى من الله ورضوان خير امن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم ) وتفسير التقوى ما ترك ليس بأخذه باس حذرا مما به الباس وهو في الحقيقة طاعة بلا عصيان وذكر بلا نسيان وعلم بلا جهل مقبول غير مردود