طوعة
مولاة الأشعث بن قيس الكندي ، أعتقها الأسيد الحضرمي ، ثم تزوّجها فولدت له ولداً يدعى بلالاً .
وهي من المؤمنات المجاهدات ، المواليات لأهل بيت العصمة سلام الله عليهم ، وقصتها في إخفاء مسلم بن عقيل سلام الله عليه معروفة لدى الجميع . ففي الوقت الذي خذل أهل الكوفة مُسلماً سلام الله عليه ـبعد أن بايعوهـ وبقي وحيداً لا أحد يدلّه على الطريق ، نرى هذه المرأة المؤمنة البطلة تأوي مسلماً في بيتها ، وتُعدّ له غرفة جانبية لكي لا ينتبه ولدها
فيخبر السلطة الظالمة ، وتحضر له طعاماً ، إلاّ أنه يرفض أن يأكل .
وفعلاً قد وقع ما كانت تتخوّف منه هذه المرأة ، ذهب ولدها وأخبر السلطة بوجود مسلم عليه السلام في بيت اُمّه ، وإذا بالأعداء يحاصرون الدار ويطلبون مسلماً عليه السلام ، ويخرج مسلم يقاتل هؤلاء الأعداء ، وهنا نرى هذه المرأة تقف إلى جنب مسلم عليه السلام ، تشجّعه على القتال ، وتنبّهه عند مجيء الأعداء من خلفه ، وتناوله الماء . فرحمها الله وجزاها خير جزاء المحسنين .
قال ابن الأثير في تأريخه حاكياً مصرع مسلم بن عقيل سلام الله عليه : فبقي وحيداً ليس معه مَن يدلّه على الطريق ، ولا مَن يأويه إلى منزله ، فذهب على وجهه ، واختلط الظلام ، وهو وحده يتردّد في الطريق ، لا يدري أين يذهب ، فأتى باباً فنزل عنده وطرقه ، فخرجت منه امرأة يقال لها طوعة ، كانت اُم ولد للأشعث بن قيس ، وقد كان لها ابن من غيره يقال له بلال بن أسيد ، خرج مع الناس و اُمّه قائمة بالباب تنظره ، فقال لها مسلم : أسقيني ماء ، ثم دخلت وخرجت فوجدته فقالت : ألم تشرب ؟
فقال : بلى .
قالت : فاذهب إلى أهلك عافاك الله ، فإنّه لا يصلح لك الجلوس على بابي ، ولا أحلّه لك .
فقام فقال : يا أمة الله ليس لي في هذا البلد منزل ولا عشيرة ، فهل إلى أجرٍ ومعروفٍ وفعل نكافئك به بعد اليوم ؟
فقالت : يا عبدالله وما هو ؟
قال : أنا مسلم بن عقيل ، كذّبني هؤلاء القوم وغرّوني .
فقالت : أنتَ مسلم ؟!
قال : نعم .
قالت : اُدخل ، فأدخلته بيتاً من دارها غير البيت الذي تكون فيه ، وفرشت له وعرضت عليه العشاء فلم يتعش
الإرشـاد/ 212 ، مقتـل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 1 / 207 ،