العتبة العلوية المقدسة - خطاب مع الدنيا -
» » سيرة الإمام » بلاغة الامام علي وحكمته » المختار من شعر الامام علي » خطاب مع الدنيا

 

خطاب مع الدنيا

 

عن محمد بن علي بن الحسين قال عليه السلام : لما تجهز الحسين عليه السلام إلى  الكوفة أتاه ابن عباس فنا شده الله والرحم أن يكون هو المقتول بالطف فقال : أنا  أعروف بمصرعي منك وما وكدي من الدنيا إلا فراقها ، ألا اخبرك يا ابن  عباس بحديث أمير المؤمنين عليه السلام والدنيا ؟ فقال له : بلى لعمري إني لاحب أن  تحدثني بأمرها ، فقال أبي : قال علي بن الحسين عليه السلام : سمعت أبا عبدالله  الحسين عليه السلام يقول : حدثني أميرالمؤمنين عليه السلام قال : إني كنت بفدك في بعض  حيطانها ، وقد صارت لفاطمة عليها السلام قال : فاذا أنا بامرأة قد هجمت علي وفي يدي  مسحاة وأنا أعمل بها ، فلما نظرت إليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها فشبهتها  ببثينة بنت عامر الجمحي وكانت من أجمل نساء قريش فقالت : يا ابن أبي طالب هل  لك أن تتزوج بي فاغنيك عن هذه المسحاة وأدلك على خزائن الارض فيكون لك  الملك ما بقيت ولعقبك من بعدك ؟ فقال لها : من أنت حتى أخطبك من أهلك فقالت :  أنا الدنيا قال لها : فارجعي واطلبي زوجا غيري  فلست من شأني  . وأقبلت على  مسحاتي وأنشأت أقول : 

 

لقد خاب من عزته دنيا دنية         وماهي إن غرت قرونا بنائل 

 

أتتنا على زي العزيز بثينة            وزينتها في مثل تلك الشمائل 

 

فقلت لها : غري سواي فإنني       عزوف عن الدنيا فلست بجاهل 

 

وما أنا والدنيا فان محمدا               أحل صريعا بين تلك الجنادل

 

وهبها أتتنا بالكنوز ودرها             وأموال قارون وملك القبائل 

 

أليس جميعا للفناء مصيرنا            ويطلب من خزانها بالطوائل

 

فغري سواي إنني غير راغب           بما فيك من ملك وعز ونائل 

 

فقد قنعت نفسي بما قد رزقته           فشأنك يا دنيا وأهل الغوائل 

 

فاني أخاف الله يوم لقائه              وأخشى عذابا دائما غير زائل " 

 

فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لاحد حتى لقى الله محمودا غير ملوم  ولا مذموم . ثم اقتدت به الائمة من بعده بماقد بلغكم لم يتلطخوا بشئ من بوائقها  صلوات الله عليهم أجمعين وأحسن مثواهم