العتبة العلوية المقدسة - قصة أبي البقاء قيم مشهد أمير المؤمنين عليه السلام -
» » سيرة الإمام » كرامات في المرقد العلوي » قصة أبي البقاء قيم مشهد أمير المؤمنين عليه السلام

 

قصة أبي البقاء قيم مشهد أمير المؤمنين عليه السلام

 في سنة إحدى وخمسمائة بيع الخبز بالمشهد الشريف الغروي كل رطل بقيراط ، بقي أربعين يوما ، فمضى القوم من الضر على وجوههم إلى القرى ، وكان من القوم رجل يقال له أبو البقاء بن سويقة ، وكان له من العمر مائة وعشر سنين فلم يبق من القوم سواه ، فأضر به الحال ، فقالت له زوجته وبناته هلكنا امض كما مضى القوم فلعل الله تعالى يفتح بشي نعيش به ، فعزم على المضي فدخل إلى القبة الشريفة  صلوات الله على صاحبها  وزار وصلى ، وجلس عند رأسه  الشريف  وقال : يا أمير المؤمنين ، لي في خدمتك مائة سنة ما فارقتك ، وما رأيت الخلة ، ولا  رأيت  السكون ، وقد أضر بي وبأطفالي الجوع ، وها انا مفارقك ، ويعز علي فراقك ، استودعك ، هذا فراق بيني وبينك . ثم خرج ومضى مع المكارية حتى يعبر إلى الوقف وسوراء وفي صحبته وهبان السلمي ، وأبو كردي ، وجماعة من المكارية طلعوا من المشهد  بليل  ، فلما  وصلوا  إلى أبي هبيش قال بعضهم لبعض هذا وقت كثير ، فنزلوا ونزل أبو البقاء معهم ، فنام فرأى في منامه أمير المؤمنين  عليه السلام  وهو يقول له : يا أبا البقاء ، فارقتني بعد طول هذه المدة ، عد إلى حيث كنت ، فانتبه باكيا ، فقيل له ما يبكيك ، فقص عليهم المنام ، ورجع فحيث رأينه بناته صرخن  في وجهه  ، فقص عليهن القصة ، وطلع وأخذ مفتاح القبة من الخازن أبي عبد الله بن شهريار القمي ، وقعد على عادته بقي ثلاثة أيام ، ففي اليوم الثالث اقبل رجل وبين كتفيه مخلاة كهيئة المشاة إلى طريق مكة ، فحلها وأخرج منها ثيابا لبسها ودخل إلى القبة الشريفة ، وزار وصلى ، قال : ودفع إلي خفيفا ، وقال : ائت بطعام نتغدى . فمضى القيم أبو البقاء وأتى بخبز ولبن وتمر ، فقال : ما يؤكل لي هذا ، ولكن امض به إلى أولادك يأكلونه ، وخذ هذا الدينار الاخر واشتر لنا  به  دجاجا وخبزا . فأخذت له بذلك ، فلما كان وقت صلاة الظهر ، صلى الظهرين وأتى إلى داره والرجل معه ، فأحضر الطعام وأكلا وغسل الرجل يديه ، وقال لي : ائتني بأوزان الذهب ! فطلع القيم أبو البقاء إلى زيد بن واقصة وهو صائغ على باب دار التقي بن أسامة العلوي النسابة ، فأخذ منه الصينية وفيها أوزان الذهب وأوزان الفضة . فجمع الرجل جميع الأوزان فوضعها في الكفة حتى الشعيرة والأرزة وحبة الشبه ، وأخرج كيسا مملوء ذهبا  وترك  منه بحذاء الأوزان وصبه في حجر القيم ، ونهض وشد ما تخلف عنه ، ومد مداسه  فقال له القيم : يا سيدي ما اصنع بهذا ؟ ! فقال له : هولك . قال : ممن ؟ ! قال : من الذي قال لك ارجع حيث كنت ، قال لي أعطه حذاء  الأوزان ، ولو جئت بأكثر من هذه الأوزان لأعطيتك ! . فوقع القيم مغشيا عليه ومضى الرجل ، فزوج القيم بناته وعمر داره وحسنت حاله . (

 

[1])

 

وايضا نظم العلامة السماوي هذه الكرامة قائلا :

 

وقال في الفرحة عن ابي البقا

 

 

 

بانه كان معيلا مملقا

 

وانه اشتد الغلاء في النجف

 

 

 

وهو من القوام لا ذوي الحرف


 

فقال اهلوه  الا تسافر

 

 

 

فكم يعود السفر وهو ظافر

 

وقوت البنات منه عزمة

 

 

 

فجاء للقبر ووالى لثمة

 

وقال اعذرني يا ابا الحسن

 

 

 

فليس لي صبر على هذا الزمن

لقد مضت علي خمسون سنة(

 

[2])

 

 

 

ولم ادع خدمتك المستحسنة

 

لكنما الجات الضرورة

 

 

 

الى فراق السدرة المعمورة

 

ثم مضى حتى اذا الليل وفى

 

 

 

راى الوصي في الكرى معنفا

 

يقول قد فارقتني ابا البقا

 

 

 

ولم تصابر في جواري رهقا

 

ان ضقت بالعيال والاولاد

 

 

 

فهل ترى باتوا بغير زاد

 

فهب من نومته  بطيش

 

 

 

يبكي وكان في ابي هبيش

 

ثم انثنى عودا  على الغري

 

 

 

معتقدا لشبع به والري

 

وباكر الاهلين بالرجوع

 

 

 

فولولوا  خوف العرى والجوع

 

وصابح المرقد مثل العادة

 

 

 

فجاء وافد الى السعادة

 

وقال خذ هذا الخفيف وابتع

 

 

 

زادا لنا في بيتك الممنع

 

حتى اذا ما حضر الزاد انتهب

 

 

 

وقال جيىء بكل اوزان الذهب

 

وكل في ميزانهن تبرا

 

 

 

وقال لوزدت  لزدت قدرا

 

لكن اتيت بالذي توفقا

 

 

 

فضمه اليك  يا ابا البقا

 

قال فما ذا اصنع فيه قال لك

 

 

 

من الذي على الفراق عذلك

 

وظل في عيش له رغيد

 

 

ممتعا في عمره المديد([3])

 

 

 



([1])  فرحة الغري 170 ، بحار الانوار 42/322، الغارات  2/876

([2])  في اصل الخبر مائة سنة وهكذا جاء في النظم

([3])  عنوان الشرف ص32