العتبة العلوية المقدسة - قصيدة دعبل الخزاعي التائية التي قراها بحضرة الامام الرضا عليه السلا -
» » سيرة الإمام » المناسبات » من حياة الامام الرضا عليه السلام » قصيدة دعبل الخزاعي التائية التي قراها بحضرة الامام الرضا عليه السلا


 قصيدة دعبل الخزاعي التائية التي قراها بحضرة الامام الرضا عليه السلام

تجاوبن بالارنان والزفرات

 

 

نوائح عجم اللفظ والنطقات

يخبرن بالانفاس عن سر أنفس

 

 

اسارى هوى ماض وآخر آت

فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت

 

 

صفوف الدجى بالفجر منهزمات

 

 

على العرصات الخاليات من المها

 

 

سلام شج صب على العرصات

فعهدي بها خضر المعاهد مألفا

 

 

من العطرات البيض والخفرات

 

 

ليالي يعدين الوصال على القلى

 

 

ويعدي تدانينا على العزبات

وإذ هن يلحظن العيون سوافرا

 

 

ويسترن بالايدي على الوجنات

 

 

 

 

وإذ كل يوم لي بلحظي نشوة

 

 

 

 

يبيت بها قلبي على نشوات



فكم حسرات هاجها بمحسر

 

 

وقوفي يوم الجمع من عرفات

ألم تر للايام ما جر جورها

 

 

على الناس من نقض وطول شتات

ومن دول المستهزئين ومن غدا

 

 

بهم طالبا للنور في الظلمات

فكيف ومن أنى بطالب زلفة

 

 

إلى الله بعد الصوم والصلوات

سوى حب أبناء النبي ورهطه

 

 

وبغض بني الزرقاء والعبلات

وهند وما أدت سمية وابنها

 

 

اولو الكفر في الاسلام والفجرات

هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه

 

 

ومحكمه بالزور والشبهات

ولم تك إلا محنة كشفتهم

 

 

بدعوى ضلال من هن وهنات

تراث بلا قربى وملك بلا هدى

 

 

وحكم بلا شورى بغير هداة

 

 

رزايا أرتنا خضرة الافق حمرة

 

 

وردت اجاجا طعم كل فرات

وما سهلت تلك المذاهب فيهم

 

 

على الناس إلا بيعة الفلتات

وما قيل أصحاب السقيفة جهرة

 

 

بدعوى تراث في الضلال نتات

ولو قلدوا الموصى إليه امورها

 

 

 

 

لزمت بمأمون على العثرات

أخي خاتم الرسل المصفى من القذى

 

 

 

 

ومفترس الابطال في الغمرات

فان جحدوا كان الغدير شهيده

 

 

وبدر واحد شامخ الهضبات

وآي من القرآن تتلى بفضله

 

 

 

 

 

 

وإيثاره بالقوت في اللزبات

 

 

وعز خلال أدركته بسبقها

 

 

مناقب كانت فيه مؤتنفات



مناقب لم تدرك بخير ولم تنل

 

 

 

 

بشئ سوى حد القنا الذربات

نجي لجبريل الامين وأنتم

 

 

عكوف على العزى معا ومنات

بكيت لرسم الدار من عرفات

 

 

وأذريت دمع العين بالعبرات

وبان عرى صبري وهاجت صبابتي

 

 

 

 

 

 

رسوم ديار قد عفت وعرات

مدارس آيات خلت من تلاوة

 

 

ومنزل وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من منى

 

 

وبالبيت والتعريف والجمرات

ديار لعبد الله بالخيف من منى

 

 

وللسيد الداعي إلى الصلوات

ديار علي والحسين وجعفر

 

 

وحمزة والسجاد ذي الثفنات

ديار لعبد الله والفضل صنوه

 

 

نجي رسول الله في الخلوات

وسبطي رسول الله وابني وصيه

 

 

ووارث علم الله والحسنات

منازل وحي الله ينزل بينها

 

 

على أحمد المذكور في الصلوات

منازل قوم يهتدى بهداهم

 

 

فيؤمن منهم زلة العثرات

منازل كانت للصلاة وللتقى

 

 

وللصوم والتطهير والحسنات

منازل لا تيم يحل بربعها

 

 

ولا ابن صهاك فاتك الحرمات

ديار عفاها جور كل منابذ

 

 

 

 

ولم تعف للايام والسنوات

قفا نسأل الدار التي خف أهلها

 

 

متى عهدها بالصوم والصلوات

وأين الاولى شطت بهم غربة النوى

 

 

أفانين في الاقطار مفترقات

هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا

 

 

وهم خير سادات وخير حماة

إذا لم نناج الله في صلواتنا

 

 

بأسمائهم لم يقبل الصلوات

مطاعيم للاعسار في كل مشهد

 

 

لقد شرفوا بالفضل والبركات

 

 

وما الناس إلا غاصب ومكذب

 

 

ومضطغن ذو إحنة وترات

إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر

 

 

ويوم حنين أسبلوا العبرات

فكيف يحبون النبي ورهطه

 

 

وهم تركوا أحشاءهم وغرات

لقد لاينوه في المقال وأضمروا

 

 

قلوبا على الاحقاد منطويات

فان لم يكن إلا بقربي محمد

 

 

فهاشم أولى من هن وهنات

سقى الله قبرا بالمدينة غيثه

 

 

فقد حل فيه الامن بالبركات

نبي الهدى صلى عليه مليكه

 

 

وبلغ عنا روحه التحفات

وصلى عليه الله ما ذر شارق

 

 

ولاحت نجوم الليل مبتدرات

أفاطم لو خلت الحسين مجدلا

 

 

وقد مات عطشانا بشط فرات

إذا للطمت الخد فاطم عنده

 

 

وأجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي

 

 

نجوم سماوات بأرض فلات

قبور بكوفان واخرى بطيبة

 

 

واخرى بفخ نالها صلواتي

واخرى بأرض الجوزجان محلها

 

 

وقبر ببا خمرى لدى الغربات

وقبر ببغداد لنفس زكية

 

 

 

 

تضمنها الرحمن في الغرفات

وقبر بطوس يا لها من مصيبة

 

 

ألحت على الاحشاء بالزفرات

إلى الحشر حتى يبعث الله قائما

 

 

يفرج عنا الغم والكربات

علي بن موسى أرشد الله أمره

 

 

وصلى عليه أفضل الصلوات

فأما الممضات التي لست بالغا

 

 

مبالغها منى بكنه صفات

 

 

قبور ببطن النهر من جنب كربلا

 

 

معرسهم منها بشط فرات

توفوا عطاشا بالفرات فليتني

 

 

توفيت فيهم قبل حين وفاتي

إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم

 

 

سقتني بكأس الثكل والفظعات

أخاف بأن ازدارهم فتشوقني

 

 

مصارعهم بالجزع فالنخلات

تغشاهم ريب المنون فما ترى

 

 

لهم عقرة مغشية الحجرات

خلا أن منهم بالمدينة عصبة

 

 

مدينين أنضاء من اللزبات

قليلة زوار سوى أن زورا

 

 

من الضبع والعقبان والرخمات

لهم كل يوم تربة بمضاجع

 

 

ثوت في نواحي الارض مفترقات

تنكبت لاواء السنين جوارهم

 

 

ولا تصطليهم جمرة الجمرات

وقد كان منهم بالحجاز وأرضها

 

 

مغاوير نجارون في الازمات

حمى لم تزره المذنبات وأوجه

 

 

تضئ لدى الاستار والظلمات

إذا وردوا خيلا بسمر من القنا

 

 

مساعير حرب أقحموا الغمرات

فان فخروا يوما أتوا بمحمد

 

 

وجبريل والفرقان والسورات

وعدوا عليا ذا المناقب والعلى

 

 

وفاطمة الزهراء خير بنات

وحمزة والعباس ذا الهدي والتقى

 

 

وجعفرا الطيار في الحجبات

 

 

اولئك لا ملقوح هند وحزبها

 

 

سمية من نوكى ومن قذرات

ستسأل تيم عنهم وعديها

 

 

وبيعتهم من أفجر الفجرات

هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم

 

 

وهم تركوا الابناء رهن شتات

وهم عدلوها عن وصي محمد

 

 

فبيعتهم جاءت عن الغدرات

وليهم صنو النبي محمد

 

 

أبو الحسن الفراج للغمرات

ملامك في آل النبي فانهم

 

 

أحباي ما داموا وأهل ثقاتي

تخيرتهم رشدا لنفسي إنهم

 

 

على كل حال خيرة الخيرات

نبذت إليهم بالمودة صادقا

 

 

وسلمت نفسي طائعا لولاتي

فيا رب زدني في هواي بصيرة

 

 

وزد حبهم يا رب في حسناتي

سأبكيهم ما حج لله راكب

 

 

وما ناح قمري على الشجرات

وإني لمولاهم وقال عدوهم

 

 

وإني لمحزون بطول حياتي

بنفسي أنتم من كهول وفتية

 

 

لفك عتاة أو لحمل ديات

وللخيل لما قيد الموت خطوها

 

 

فأطلقتم منهن بالذربات

احب قصي الرحم من أجل حبكم

 

 

وأهجر فيكم زوجتي وبناتي

وأكتم حبيكم مخافة كاشح

 

 

 

 

عنيد لاهل الحق غير موات

فيا عين بكيهم وجودي بعبرة

 

 

فقد آن للتسكاب والهملات

لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها

 

 

وإني لارجو الامن بعد وفاتي

إلم تر أني مذ ثلاثون حجة

 

 

أروح وأغدو دائم الحسرات

أرى فيئهم في غيرهم متقسما

 

 

وأيديهم من فيئهم صفرات

وكيف اداوي من جوى بي والجوى

 

 

امية أهل الكفر واللعنات

وآل زياد في الحرير مصونة

 

 

وآل رسول الله منهتكات

 

 

سأبكيهم ما ذر في الافق شارق

 

 

ونادى مناد الخير بالصلوات

وما طلعت شمس وحان غروبها

 

 

وبالليل أبكيهم وبالغدوات

ديار رسول الله أصبحن بلقعا

 

 

وآل زياد تسكن الحجرات

وآل رسول الله تدمى نحورهم

 

 

وآل زياد ربة الحجلات

وآل رسول الله يسبى حريمهم

 

 

وآل زياد آمنوا السربات

 

 

إذا وتروا مدوا إلى واتريهم

 

 

أكفا عن الاوتار منقبضات

فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد

 

 

تقطع نفسي إثرهم حسرات

خروج إمام لا محالة خارج

 

 

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

 

 

ويجزي على النعماء والنقمات

فيا نفس طيبي ثم يا نفس فابشري

 

 

فغير بعيد كل ما هو آت

 

 

ولا تجزعي من مدة الجور إنني

 

 

أرى قوتي قد آذنت بثبات

فيا رب عجل ما اؤمل فيهم

 

 

لاشفي نفسي من أسى المحنات

فان قرب الرحمان من تلك مدتي

 

 

وأخر من عمري ووقت وفاتي

شفيت ولم أترك لنفسي غصة

 

 

ورويت منهم منصلي وقناتي

فاني من الرحمن أرجو بحبهم

 

 

حياة لدى الفردوس غير تباتي

عسى الله أن يرتاح للخلق إنه

 

 

إلى كل قوم دائم اللحظات

فان قلت عرفا أنكروه بمنكر

 

 

وغطوا على التحقيق بالشبهات

تقاصر نفسي دائما عن جدالهم

 

 

كفاني ما ألقى من العبرات

احاول نقل الصم عن مستقرها

 

 

وإسماع أحجار من الصلدات

فحسبي منهم أن أبوء بغصة

 

 

تردد في صدري وفي لهواتي


 

 

فمن عارف لم ينتفع ومعاند

 

 

تميل به الاهواء للشهوات

كأنك بالاضلاع قد ضاق ذرعها

 

 

لما حملت من شدة الزفرات

كرامة لهذه القصيدة

لمادخل دعبل بن علي الخزاعي رحمه الله على أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام  بمرو فقال له : يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة وآليت على نفسي أن  لا أنشدها أحدا قبلك ، فقال عليه السلام : هاتها فأنشده :

 مدارس آيات خلت عن تلاوة      ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما بلف إلى قوله

 أرى فيئهم في غيرهم متقسما       وأيديهم من فيئهم صفرات 

فلما بلغ إلى قوله هذا ، بكى أبوالحسن الرضا عليه السلام وقال له : صدقت يا  خزاعي فلما بلغ إلى قوله : 

إذا وتروا مدوا إلى واتريهم       أكفا عن الاوتار منقبضات 

جعل أبوالحسن عليه السلام يقلب كفيه ويقول : أجل والله منقبضات ، فلما بلغ  إلى قوله : 

لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها     وإني لارجو الامن بعد وفاتي 

قال الرضا عليه السلام : أمنك الله يوم الفزع الاكبر ، فلما انتهى إلى قوله : 

    وقبر بغداد لنفس زكية        تضمنها الرحمان في الغرفات 

قال له الرضا عليه السلام : أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين ، بهما تمام قصيدتك ؟  فقال : بلى يا ابن رسول الله ، فقال عليه السلام : 

وقبر بطوس يا لها من مصيبة       توقد بالاحشاء في الحرقات 

إلى الحشر حتى يبعث الله قائما      يفرج عنا الهم والكربات 

فقال دعبل : يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو ؟ فقال الرضا  عليه السلام : قبري ! ولا تنقضي الايام والليالي حتى يصير طوس مختلف شيعتي  وزواري ، ألا فمن زازني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة  مغفورا له .  ثم نهض الرضا عليه السلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح  من موضعه ، ودخل الدار ، فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية  فقال له : يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك ، فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا  قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ، ورد الصرة ، وسأل ثوبا من ثياب  الرضا عليه السلام ليتبرك به ، ويتشرف به ، فأنفذ إليه الرضا عليه السلام جبة خز مع  الصرة ، وقال للخادم : قل له خذ هذه الصرة فانك ستحتاج إليها ولا تراجعني  فيها .  فأخذ دعبل الصرة والجبة ، وانصرف وصار من مرو في قافلة ، فلما بلغ  ميان قوهان وقع عليهم اللصوص فأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل  فيمن كتف ، وملك اللصوص القافلة ، وجعلوا يقسمونها بيهنم ، فقال رجل من القوم  متمثلا بقول دعبل في قصيدته : 

أرى فيئهم في غيرهم متقسما       وأيديهم من فيئهم صفرات 

فسمعه دعبل فقال لهم دعبل : لمن هذا البيت ؟ فقال لرجل من خزاعة ، يقال  له دعبل بن علي ، قال دعبل : فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت  فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل ، وكان من الشيعة ، وأخبره  فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل وقال له ، أنت دعبل ؟ فقال : نعم ، فقال له : أنشد  القصيدة فأنشدها فحل كتافه ، وكتاف جميع أهل القافلة ، ورد إليهم جميع  ما أخذوا منهم لكرامة دعبل ، وسار دعبل حتى وصل إلى قم ، فسأله أهل قم أن  ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع .  فلما اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع  بشئ كثير ، واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار ، فامتنع من  ذلك ، فقالوا له : فبعنا شيئا منها بألف دينار ، فأبى عليهم ، وسار عن قم .  فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب ، وأخذوا الجبة  منه ، فرجع دعبل إلى قم وسألهم رد الجبة عليه ، فامتنع الاحداث من ذلك وعصوا  المشايخ في أمرها فقالوا لدعبل : لا سبيل لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى  عليهم فلما يئس من ردهم الجبة عليه ، سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها ، فأجابوه  إلى ذلك ، وأعطوه بعضها ، ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار .  وانصرف دعبل إلى وطنه ، فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله  فباع المائة دينار التي كان الرضا عليه السلام وصله بها من الشيعة ، كل دينار بمائة درهم  فحصل في يده عشرة الآف درهم ، فذكر قول الرضا عليه السلام ( إنك ستحتاج إلى  الدنانير ) .  وكانت له جارية لها من قلبه محل فرمدت رمدا عظيما ، فأدخل أهل الطب  عليها ، فنظروا إليها فقالوا : أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت ، وأما  اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم ، فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع  عليها جزعا عظيما ثم ذكر ما كان معه من فضلة الجبة ، فمسحها على عيني الجارية  وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح مما كانتا قبل ببركة  أبي الحسن الرضا عليه السلام