العتبة العلوية المقدسة - مبيت الامام علي في فراش النبي صلى الله عليه واله -
» » سيرة الإمام » الهجرة النبوية ودور الإمام علي عليه السلام فيها » مبيت الامام علي في فراش النبي صلى الله عليه واله

مبيت الامام علي في فراش النبي صلى الله عليه واله

     * - تفسير العياشي : عن ابن عباس قال : فدى علي عليه السلام بنفسه ، لبس ثوب النبي صلى الله عليه وآله ثم نام مكانه ، فكان المشركون يرمون رسول الله ، قال : فجاء أبو بكر وعلي عليه السلام نائم ، وأبو بكر يحسب أنه نبي الله ، فقال : أين نبي الله ؟ فقال علي : إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون فأدرك ، قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ، وجعل عليه السلام يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يتضور قد لف رأسه ، فقالا : إنك كنت ، لو كان صاحبك لا يتضور قد استنكرنا  ذلك منك .

* - عن عامر بن واثلة في خبر الشورى قال أمير المؤمنين عليه السلام : نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقى رسول الله صلى الله عليه وآله حيث جاء المشركون يريدون قتله ؟ فاضطجعت في مضجعه وذهب رسول الله صلى الله عليه وآله نحو الغار وهم يرون أني أنا هو ، فقالوا أين ابن عمك ؟ فقلت : لا أدري ، فضربوني حتى كادوا يقتلونني . قالوا : اللهم لا .

* - عن ابن عباس رضي الله عنه قال في علي بن أبي طالب صلى الله عليه وآله لما انطلق النبي صلى الله عليه وآله إلى الغار فأنامه النبي صلى الله عليه وآله في مكانه وألبسه برده ، فجاء قريش يريدون أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وآله فجعلوا يرمون عليا عليه السلام وهم يرون أنه النبي صلى الله عليه وآله وقد ألبسه النبي صلى الله عليه وآله برده ، فجعل يتضور ، فنظروا فإذا هو علي عليه السلام فقالوا : إنك لنائم ؟ ! لو كان صاحبك ما  تضور لقد استنكرنا ذلك منك .

* - وروى الواقدي عن أشياخه أن الذين كانوا ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وآله تلك الليلة من المشركين أبو جهل ، والحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر ابن الحارث ، وأمية بن خلف ، وابن الغيطلة ، وزمعة بن الأسود ، وطعمة بن عدي وأبو لهب ، وأبي بن خلف ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج ، فلما أصبحوا قام علي عليه السلام من الفراش فسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : لا علم لي به . وروي أنهم ضربوا عليا وحبسوه ساعة ثم تركوه .

* -  وأورد الغزالي في كتاب إحياء العلوم أن ليلة بات علي بن أبي طالب عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله أوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل أني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بحياته ؟ فاختار كل منهما الحياة وأحباها ، فأوحى الله تعالى إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب عليه السلام ، آخيت بينه وبين محمد ، فبات على فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فكان جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل عليه السلام ينادي : بخ بخ ، من مثلك يا بن أبي طالب ؟ يباهي الله بك الملائكة ، فأنزل الله عز وجل :  ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله  والله رؤوف بالعباد  .

* - قال أمير المؤمنين عليه السلام في جواب اليهودي الذي سأل عما فيه من علامات الأوصياء فقال فيما قال : وأما الثانية يا أخا اليهود فإن قريشا لم تزل تخيل الآراء ، وتعمل الحيل في قتل النبي صلى الله عليه وآله حتى كان آخر ما اجتمعت في ذلك يوم الدار : دار الندوة ، وإبليس الملعون حاضر في صورة أعور ثقيف ، فلم تزل تضرب أمرها ظهرا لبطن حتى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كل فخذ من قريش رجل ، ثم يأخذ كل رجل منهم سيفه ، ثم يأتي النبي صلى الله عليه وآله وهو نائم على فراشه فيضربونه جميعا بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها فيمضي دمه هدرا ، فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنباه بذلك ، وأخبره بالليلة التي يجتمعون فيها ، والساعة التي يأتون فراشه فيها ، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار ، فأخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بالخبر ، وأمرني أن أضطجع في مضجعه وأقيه بنفسي ، فأسرعت إلى ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي بأن اقتل دونه ، فمضى صلى الله عليه وآله لوجهه ، واضطجعت في مضجعه ، وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها أن تقتل النبي صلى الله عليه وآله ، فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي ، فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس ، ثم أقبل على أصحابه  فقال : أليس كذلك ؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين .

  * - عن الحسين بن زيد ، عن  عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ، عن جعدة بن هبيرة ، عن أمه أم هانئ بنت أبي طالب عليه السلام قالت : لما أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله بالهجرة وأنام عليا عليه السلام على فراشه وسجاه ببرد حضرمي ثم خرج فإذا وجوه قريش على بابه ، فأخذ حفنة من تراب فذرها على رؤوسهم فلم يشعر به أحد منهم ودخل على بيتي ، فلما أصبح أقبل علي وقال : أبشري يا أم هانئ فهذا جبرئيل يخبرني أن الله عز وجل قد أنجى عليا عليه السلام من عدوه ، قالت : وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله مع جناح الصبح إلى غار ثور ، فكان فيه ثلاثا حتى سكن عنه الطلب ، ثم أرسل إلى علي عليه السلام وأمره بأمره وأداء الأمانة .

  * - روي أن ابن الكوا قال لعلي عليه السلام : أين كنت حيث ذكر الله أبا بكر فقال :  ثاني اثنين إذ هما في الغار  ؟ فقال عليه السلام : ويلك يا ابن الكوا كنت على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وقد طرح علي ريطته ، فأقبل قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها ، فلم يبصروا رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبلوا علي يضربوني حتى ينفط جسدي ، وأوثقوني بالحديد ، وجعلوني في بيت ، واستوثقوا الباب بقفل وجاؤوا بعجوز تحرس الباب ، فسمعت صوتا يقول : يا علي ، فسكن الوجه فلن أجده وسمعت صوتا آخر يقول : يا علي ، فإذا الحديد الذي علي قد تقطع ، ثم سمعت صوتا : يا علي فإذا الباب فتح وخرجت والعجوز لا تعقل .

  * - عن أبي ثابت ، عن أبيه ، عن مجاهد قال : فخرت عائشة بأبيها ومكانه مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار فقال عبد الله بن شداد بن الهاد : وأين أنت من علي بن أبي طالب حيث نام في مكانه و هو يرى أنه يقتل ؟ فسكتت ولم تحر جوابا .

  * - الروضة ، الفضائل : لما آخى سبحانه وتعالى بين الملائكة آخى بين جبرئيل وميكائيل فقال سبحانه وتعالى : إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر أحد كما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر أخاه بالحياة على نفسه فاختار كلاهما الحياة فقال الله عز وجل : أفلا تكونا مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين حبيبي محمد فآثره بالحياة على نفسه في هذه الليلة ، وقد بات على فراشه يفديه بنفسه : اهبطا فاحفظاه من عدوه ، فهبطا إلى الأرض فجلس جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وهما يقولان : بخ بخ لك يا بن أبي طالب ، من مثلك وقد باهى الله بك ملائكة  السماوات وفاخر بك ؟ .

 

  * - روى أحمد بن حنبل ، عن عمير بن ميمون قال : قوله عز وجل  ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء  وذلك حين نام علي عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ألبسه ثوبه ، وجعله مكانه ، وكان المشركون يتوهمون أنه رسول الله صلى الله عليه وآله . وروى الثعلبي في تفسيره قال : لما أراد النبي صلى الله عليه وآله الهجرة خلف عليا عليه السلام لقضاء ديونه ، ورد الودائع التي كانت عنده ، وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار ، وقال له يا علي : اتشح ببردي الحضرمي : ثم نم على فراشي فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله ، ففعل ما أمره ، فأوحى عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل : أني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختار كل منهما الحياة ، فأوحى الله عز وجل إليها : ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟ آخيت بينه وبين محمد صلى الله عليه وآله فبات على فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ، اهبطا إلى الأرض  فاحفظاه من عدوه ، فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجبرئيل يقول : بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب ، يباهي الله بك ملائكته فأنزل الله عز وجل على رسوله الله صلى الله عليه وآله وهو متوجه إلى المدينة في شان علي بن أبي طالب عليه السلام :  ومن الناس من يشري نفسه  الآية . وروى أخطب خوارزم حديثا يرفعه بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نزل علي جبرئيل صبيحة يوم الغار ، فقلت : حبيبي جبرئيل ! أراك فرحا ، فقال : يا محمد وكيف لا أكون كذلك وقد قرت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقلت : بماذا أكرمه الله ؟ قال : باهى بعبادته البارحة ملائكته ، وقال : ملائكتي ! انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيي وقد بذل نفسه ، وعفر حده في التراب تواضعا لعظمتي ، أشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي .

  * - تفسير الإمام العسكري : إن الله تعالى أوحى إلى النبي يا محمد إن العلي الاعلى يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : إن أبا جهل والملا من قريش قد دبروا يريدون قتلك ، وآمرك أن تبيت عليا في موضعك ، وقال لك : إن منزلته منزلة إسماعيل الذبيح من إبراهيم الخليل ، يجعل نفسه لنفسك فداء ، وروحه لروحك وقاء ، وأمرك  أن تستصحب أبا بكر ، فإنه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك و يعاقدك كان في الجنة من رفقائك ، وفي غرفاتها من خلصائك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : أرضيت إن اطلب فلا أوجد وتوجد ، فلعله أن يبادر إليك الجهال فيقتلوك ؟ قال : بلى يا رسول الله رضيت أن يكون روحي لروحك وقاء ، ونفسي لنفسك فداء ، بل رضيت أن يكون روحي ونفسي فداء لأخ لك أو قريب أو لبعض الحيوانات تمتهنها ، وهل أحب الحياة إلا لخدمتك . والتصرف بين أمرك ونهيك ، ولمحبة أوليائك ، ونصرة أصفيائك ، ومجاهدة أعدائك ؟ لولا ذلك لما أحببت أن أعيش في هذه الدنيا ساعة واحدة ، فأقبل رسول الله صلى لله عليه وآله على علي عليه السلام فقال له : يا أبا حسن قد قرأ علي كلامك هذا الموكلون باللوح المحفوظ وقرؤوا علي ما أعد الله لك من ثوابه في دار القرار ما لم يسمع بمثله السامعون ، ولا رأى مثله الراؤون ، ولا خطر مثله ببال المتفكرين ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي بكر : أرضيت أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما اطلب ، وتعرف بأنك أنت الذي تحملني على ما أدعيه فتحمل عني أنواع العذاب ؟ قال أبو بكر : يا رسول الله أما أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشد عذاب لا ينزل علي موت مريح ولا منهج متيح وكان ذلك في محبتك لكان ذلك أحب إلي من أن أتنعم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك ، وهل أنا ومالي وولدي إلا فداؤك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا جرم إن اطلع الله على قلبك ووجد ما فيه موافقا لما جرى على لسانك جعلك مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد ، ومنزلة الروح من البدن ، كعلي الذي هو مني كذلك ، وعلي فوق ذلك لزيادة فضائله وشرف خصاله ، يا أبا بكر إن من عاهد ثم لم ينكث ولم يغير ولم يبدل ولم يحسد من قد أبانه الله  بالتفضيل فهو معنا في الرفيق الاعلى ، وإذا أنت مضيت على طريقة يحبها منك ربك ولم تتبعها بما يسخط ووافيته بها إذا بعثك بين يديه كنت لولاية الله مستحقا ولمرافقتنا في تلك الجنان مستوجبا ، انظر أبا بكر ، فنظر في آفاق السماء فرأى أملاكا من نار على أفراس من نار ، بأيديهم رماح من نار ، وكل ينادي : يا محمد مرنا بأمرك في مخالفيك نطحطحهم ، ثم قال : تسمع على الأرض ، فتسمع فإذا هي تنادي : يا محمد مرني بأمرك في أعدائك أمتثل أمرك ، ثم قال : تسمع على الجبال فسمعها تنادي : يا محمد مرنا بأمرك في أعدائك نهلكهم ، ثم قال : تسمع على البحار فأحضرت البحار بحضرته وصاحت أمواجها : يا محمد مرنا بأمرك في أعدائك نمتثله ثم سمع السماء والأرض والجبال والبحار كل يقول : يا محمد ما أمرك ربك بدخول الغار لعجزك عن الكفار . ولكن امتحانا وابتلاء ليخلص الخبيث من الطيب من عباده وإمائه بأناتك وصبرك وحلمك عنهم ، يا محمد من وفى بعهدك فهو من رفقائك في الجنان ، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه ، وهو من قرناء إبليس اللعين في طبقات النيران . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام يا علي أنت مني بمنزلة السمع والبصر والرأس من الجسد ، والروح من البدن ، حببت إلي كالماء البارد إلي ذي الغلة الصادي ثم قال له : يا با حسن تغش ببردتي ، فإذا أتاك الكافرون يخاطبونك فإن الله يقرن بك توفيقه وبه تجيبهم ، فلما جاء أبو جهل والقوم شاهرون سيوفهم قال لهم أبو جهل : لا تقعوا به وهو نائم لا يشعر ، ولكن ارموه بالأحجار ليتنبه بها ثم اقتلوه ، فرموه بأحجار ثقال صائبة ، فكشف عن رأسه ، وقال : ماذا شأنكم ، فعرفوه فإذا هو علي عليه السلام فقال أبو جهل : أما ترون محمدا كيف أبات هذا ونجا بنفسه لتشتغلوا به  وينجو محمد ، لا تشتغلوا بعلي المخدوع لينجو بهلاكه محمد ، وإلا فما منعه أن يبيت في موضعه إن كان ربه يمنع عنه كما يزعم ؟ فقال علي عليه السلام : ألي تقول هذا يا با جهل ؟ بل الله قد أعطاني من العقل ما لو قسم على جميع حمقاء الدنيا ومجانينها لصاروا به عقلاء ومن القوة ما لو قسم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء ، ومن الشجاعة ما لو قسم على جميع جبناء الدنيا لصاروا به شجعانا ، ومن الحلم ما لو قسم على جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء ، ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن لا احدث حدثا حتى ألقاه لكان لي ولكم شأن ، ولأقتلنكم قتلا ، ويلك يا أبا جهل إن محمدا قد استأذنه في طريقه السماء والأرض والجبال والبحار في إهلاككم فأبى إلا أن يرفق بكم ، ويداريكم ، ليؤمن من في علم الله أنه ليؤمن منكم ، ويخرج مؤمنون من أصلاب وأرحام كافرين وكافرات ، أحب الله أن لا يقطعهم عن كرامته باصطلامهم ، ولولا ذلك لأهلككم ربكم ، إن الله هو الغني وأنتم الفقراء لا يدعوكم إلى طاعته وأنتم مضطرون ، بل مكنكم بما كلفكم وقطع معاذيركم فغضب أبو البختري بن هشام أخو أبي جهل فقصده بسيفه ، فرأى الجبال قد أقبلت لتقع عليه ، والأرض قد انشقت لتخسف به ، وأمواج البحار نحوه مقبلة لتغرقه في البحر ، ورأي السماء انحطت لتقع عليه ، فسقط سيفه وخر مغشيا عليه واحتمل ويقول أبو جهل : دير به لصفراء هاجت به ، يريد أن يلبس على من معه أمره ، فلما التقى رسول الله صلى الله عليه وآله مع علي عليه السلام قال : يا علي إن الله رفع صوتك في مخاطبتك  أبا جهل إلى العلو ، وبلغه إلى الجنان ، فقال من فيها من الخزان والحور الحسان : من هذا المتعصب لمحمد إذ قد كذبوه وهجروه ؟ وقيل لهم : هذا النائب عنه ، و البائت على فراشه يجعل نفسه لنفسه وقاء ، وروح لروحه فداء ، فقال الخزان والحور الحسان : يا ربنا فاجعلنا خزانه ، وقالت الحور الحسان : فاجعلنا نساءه فقال الله تعالى : فأنتم له ولمن اختاره ، وهو من أوليائه ومحبيه يقسمكم عليهم بأمر الله على من هو أعلم به من الصلاح ، أرضيتم ؟ قالوا : بلى ربنا وسيدنا .