التكريم الالهي
اولا: رد الشمس
ردّت الشمس للإمام علي (عليه السلام) في موطنين أحدهما في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) في غزوة خيبر والثاني بعد رجوعه من معركة النهروان(
[1]). وحديث ردّ الشمس يكاد يكون متواتراً ، وألّف فيه الكثير من العلماء كتباً خاصّة وعلى رأس هؤلاء السيوطي .
وقال الديار بكري : وفي هذه السنة طلعت الشمس بعد ما غربت لعلي (عليه السلام)على ما أورده الطحاوي في مشكلات الحديث عن أسماء بنت عميس من طريقين :
أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي (صلى الله عليه وآله) ولم يصلِّ العصر حتّى غربت الشمس فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أصلّيت ياعلي ؟
قال : لا .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : اللهمّ إنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس .
قالت أسماء : فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعدما غربت ووقعت على الجبل وذلك في الصهباء في خيبر (
[2])
وفي المنتقى قال أحمد بن صالح : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حفظ حديث أسماء لأنّه من علامات النبوّة (
[3]).
وبحث هذا الموضوع العلاّمة الأميني في كتابه الغدير بشكل رائع(
[4]).
والمؤيّدون لصحّة الحديث من علماء السنّة : أبو بكر الوراق([5]) والحافظ الخطيب البغدادي المترجم ذكره في تلخيص المتشابه([6]). والحافظ أبو زكريا الأصبهاني الشهير بابن مندة في كتابه المعرفة والحافظ القاضي عياض في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى 1 / 548 . وأخطب خوارزم في كتابه المناقب([7])، والحافظ أبو الفتح النطنزي في كتابه الخصائص العلوية والحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه(
[8]).
والحاكم ابن شاهين في مسنده الكبير والحاكم النيسابوري والحافظ ابن مردويه الأصبهاني وأبو إسحاق([9]) البغدادي الشهير بالماوردي في كتابه أعلام النبوّة(
[10]).
والحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الدلائل([11]). والحافظ محمد الطحاوي في كتابه مشكل الآثار قائلاً : هذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات(
[12]).
وذكرالحديث وصحّحه العلاّمة سبط بن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص(
[13]).
وصحّحه الحافظ أحمد زيني دحلان في كتابه السيرة النبوية(
[14]).
وأورد الحديث الحافظ الكنجي الشافعي في كتابه كفاية الطالب(
[15]).
وصحّح الحديث شيخ الإسلام الحموئي في كتابه فرائد السمطين([16]) والحافظ أبو زرعة العراقي في كتاب الطبراني الكبير(
[17]).
وصحّح الحديث الإمام السبتي في كتابه شفاء الصدور والحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري([18]) والإمام العيني في عمدة القاري في شرح صحيح البخاري(
[19]).
والحافظ السيوطي رواه في جمع الجوامع كما في ترتيبه([20]) عن الإمام علي (عليه السلام)في عدّ معجزات النبي (عليه السلام) وقال في الخصائص الكبرى([21]) أُتي يوشع حبس الشمس حين قاتل الجبّارين وقد حبست لنبيّنا (صلى الله عليه وآله) في الإسراء ، وأعجب من ذلك ردّ الشمس حين فات عصر الإمام علي (عليه السلام) ورواه السيوطى في اللآليء المصنوعة(
[22])عن أمير المؤمنين وأبي هريرة وجابر الأنصاري وأسماء بنت عميس من طريق ابن مندة والطحاوي والطبراني وابن أبي شيبة والخطيب والعقيلي والدولابي وابن شاهين وابن عقدة .
وأيّد صحّة الحديث الحافظ السمهودي في وفاء الوفا فقال : كان ذلك بالصهباء في خيبر(
[23]).
وأيّد صحّة الحديث الحافظ القسطلاني في المواهب اللدنية(
[24]).
والحافظ ابن حجر الهيثمي إذ عدّه في الصواعق المحرقة كرامة باهرة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ([25]). والحلبي الشافعي في السيرة الحلبية(
[26]).
وجاء في الأحاديث الصحيحة أنّ الشمس لم ترجع إلاّ ليوشع بن نون والإمام علي . والإمام علي (عليه السلام) أفضل من يوشع إذ ورد أنّه لم تردّ الشمس لأحد من خلق الله تعالى إلاّ ليوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام) ولأمير المؤمنين (عليه السلام) وكان آخر قتالهم له يوم الجمعة إلى أن غربت الشمس وقد ظهر على المنافقين أصحاب يوشع (عليه السلام) ، وقال قاتلوهم فقد غلبتموهم بإذن الله .
فقالوا : لا نقاتل وقد دخل السبت .
فإنفرد يوشع (عليه السلام) فتلا أسفاراً من صحف إبراهيم (عليه السلام) ومن التوراة ، وسأل الله عزّوجلّ بِرَدِّ الشمس عليهم حتّى لا يحتجّ المارقون ، فقال يوشع (عليه السلام) : قاتلوا .
قالوا : لا نقاتل لأنّ السبت قد دخل ، قال : هذا لا من السبت ولا من الجمعة ، وإنّنى سألت الله عزّوجلّ ردّ الشمس لتظهروا على أعدائكم ولا يظهروا عليكم . فقاتلوهم فغلبوهم وملكوهم وغربت الشمس .
وكانت صفراء ابنة شعيب النبي (عليه السلام) زوجة موسى بن عمران (عليه السلام) تقاتل يوشع بن نون (عليه السلام) مع المارقين من بني إسرائيل على زرافة كما قاتلت عائشة ابنة أبي بكر زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصيّه أمير المؤمنين (عليه السلام) مع المارقين من أُمّته على جمل(
[27]).
وقد ردّت الشمس ليوشع مرّة وقد ردّت لأمير المؤمنين (عليه السلام) ثلاث مرّات وسلّمت عليه بالبقيع(
[28]).
وبعد أن انتهى الإمام علي (عليه السلام) من قتل الخوارج وقطع أرض بابل([29]). حضرت صلاة العصر فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) ونزل الناس ، قال الإمام علي (عليه السلام) : أيّها الناس إنّ هذه الأرض ملعونة قد عذّبت في الدهر ثلاث مرّات وهي إحدى المؤتفكات
وأوّل أرض عبد فيها وثن ، وإنّه لا يحلّ لنبي ولا لوصي نبي أن يصلّي فيها ، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلّ ، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلّون .
وركب هو (عليه السلام) بغلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومضى ، قال جويرية فقلت : والله لأتّبعن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولأُقلّدنه صلاتي اليوم ، فمضيت خلفه فوالله ما جزنا جسر سوراء(
[30]) حتّى غابت الشمس فشككت ، فالتفت إليّ الإمام علي (عليه السلام) وقال : ياجويرية أشككت ؟
فقلت : نعم ياأمير المؤمنين .
فنزل (عليه السلام) ناحية فتوضّأ ثم نطق بكلام لا أُحسنه كأنّه بالعبراني ، ثمّ نادى الصلاة فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من جبلين لها صرير
) فصلّى العصر وصلّيت معه ، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان فالتفت إليّ (عليه السلام) وقال : ياجويرية بن مسهر الله عزّوجلّ يقول : (فَسَبِّحْ بِسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) .
وإنّي سألت الله عزّوجلّ باسمه العظيم فردّ عَلَيَّ الشمس .
فقال جويرية لمّا رأى ذلك : أنت وصي نبي وربّ الكعبة(
[31]).
وجاء أيضاً أنّ الشمس كانت قد ردَّت لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) في وقعة بني النضير حيث صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستّ ليال بأيّامها في مسجد هناك يعرف بمسجد الفضيخ(
[32]).
وهذا نبي الله سليمان بن داود (عليه السلام) أمر بأن تعرض عليه خيله حتّى أعجب بها وفتنته إلى أن غربت الشمس ، وفاتته صلاة العصر ، فذكر أنّه لم يصلّ صلاة العصر فأمر بردّ خيله واعتاقها كفّارة لما فوّتته صلاة العصر ولم تردّ الشمس له ، كما ردّت لأمير المؤمنين (عليه السلام) والفضل لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولأمير المؤمنين لأنّه أفضل الوصيين والأئمّة الراشدين . وقد قصّ الله خبر سليمان (عليه السلام) فقال تعالى : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِىِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالاَْعْنَاقِ) (
[33]).
والمخالفون للحديث هم ابن كثير ، وابن تيمية وابن الجوزي وابن حزم(
[34]) .
وقد ردّ سبط بن الجوزي قول جدّه في تضعيف الحديث لمكانة ابن عقدة لأنّه رافضي فقال : وابن عقدة مشهور بالعدالة(
[35]).
ثانيا : المناجاة
*- عن أبي رافع قال لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم خيبر فتفل في عينيه قال له إذا أنت فتحتها فقف بين الناس فان الله امرني بذلك قال أبو رافع فمضى علي عليه السلام وانا معه فلما أصبح افتتح خيبر ووقف بين الناس وأطال الوقوف فقال الناس ان عليا عليه السلام يناجى ربه فلما مكث ساعة امر بانتهاب المدينة التي فتحها قال أبو رافع فاتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت ان عليا عليه السلام وقف بين الناس كما امرته قال قوم منهم يقول إن الله ناجاه فقال نعم يا رافع ان الله ناجاه يوم الطايف ويوم عقبة تبوك ويوم حنين ([36])
*- علي بن محمد بن علي بن سعد ، عن حمدان بن سليمان النيشابوري قال : حدثني عبد الله ابن محمد اليماني ، عن منيع ، عن يونس ، عن علي بن أعين ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي رافع قال : لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم خيبر فتفل في عينيه قال له : إذا أنت فتحتها فقف بين الناس ، فإن الله أمرني بذلك ، قال أبو رافع : فمضى علي عليه السلام وأنا معه فلما أصبح بخيبر وافتتحها وقف بين الناس فأطال الوقوف فقال أناس : إن عليا يناجي ربه ، فلما مكث ساعة أمر الناس بانتهاب المدينة التي فتحها ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت يا رسول الله : إن عليا وقف بين الناس كما أمرته فسمعت قوما منهم يقولون : إن الله ناجاه ، فقال : نعم ، إن الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر (
[37])
([30])سورى وسوراء بلدة بأرض بابل وبها نهر يقال له نهر سوراء وفي القاموس سورى موضع بالعراق من بلد السريانيين وموضع من أعمال بغداد