العتبة العلوية المقدسة - المستبشرين بمقتل امير المؤمنين عليه السلام -
» » سيرة الإمام » استشهاد الامام علي عليه السلام » بعد شهادة الامام علي عليه السلام » المستبشرين بمقتل امير المؤمنين عليه السلام

 

 

المستبشرين بمقتل امير المؤمنين عليه السلام

وسادت موجة استبشار في بعض الأوساط الحاقدة على الإسلام والمسلمين مقابل المستنكرين لقتل أمير المؤمنين عليه السلام ولكنهم مضوا كفثاء السيل وسحب الخريف ، فلم يكن للأمه اعتناء باستبشارهم إلا ما يذكر زراية بهم وبيان منهج إنحرافهم عن الإسلام وأول هذه الطائفة هم :

1- جهات متضررة ماديا واجتماعيا :

اما المتضررين بحكومة امير المؤمنين وخلافته فانهم كان يسرهم مغادرة الساحة امثال الاشعث ومصقلة .

ومن هؤلاء نذكر :

مصقلة بن هبيرة فإنه قال لما سمع بمقتل أمير المؤمنين :

قضى وطرا منها علي فاصبحت             امارته فينا احاديث راكب([1])

أما الاشعث بن قيس فقد بعث ابنه قيس بن الاشعث صبيحة ضرب علي عليه السلام فقال :

اي بني انظر كيف اصبح الرجل وكيف تراه ؟

فنظر اليه ثم رجع فقال :

رأيت عينيه احنبكت في راسه ، فقال الاشعث :

عينا دميغ([2]) ورب الكعبة([3]).

2- الخوارج

وهم أصحاب العقيدة الفاسدة المنشقين عن الإمام الداعين إلى الهرج والمرج في صفوف الأمة فقد قال شاعرهم إبن أبي مياس المرادي([4])[ لعنه الله ]:

نحن ضربنا يالك الخير حيدره         أبا حسن مــأمومه فتقطــــرا

ونحن خلعنا ملكه من نظامــــه         بضربة سيف إذ علا وتجبرا([5])

وقال شاعر آخر لهم هو عمران بن حطان قائد فرقة الأزارقة إحدى فرق الخوارج يمدح الشقي عبد الرحمن بن ملجم ويعتبر ضربه لأمير المؤمنين عليه السلام ضربة إيمان وتقى أراد بها صاحبها التقرب إلى الله والدخول إلى الجنة وانظر إلى فسادهم واضطراب معتقداتهم والخلط الذي هم فيه نعوذ بالله

من سخط الله وسخط رسوله وأولياءه  عليهم السلام   قال عمران يمدح بن ملجم [ لعنة الله عليهما ] :

لله در المرادي الذي فتكـــــــــــت

 

 

كفاه مهجة شر الخلق انســـــــــــــانا

ياضربة من تقي مااراد بهــــــــــــا

 

 

الا ليبلغ من ذي العرش رضوانــــا

اني لاذكره يوما فاحســـــــــــــــــبه

 

 

ارضى الخليقة عند الله ميزانــــــا

أكرم بقوم بطون الأرض أقبرهم

 

 

لم يخلطوا دينهم بغيا وعدوانـــــا

 

 

 

 

فرد عليه الشافعي أبو الطيب طاهر بن عبد الله القاضي :

إني لأبرء مما أنت قائله

 

 

عن إبن ملجم الملعون بهتانـــا

يا ضربة من شقي ما أراد بها

 

 

إلا ليهدم للإسلام أركــانـــــــا

إني لأذكره يوما فألـعنـه

 

 

دنيا وألعن عمرانــا وحطانـــــا

عليه ثم عليه الدهر متصـــــــــلا

 

 

لعائن الله أسـرارا و إعلانـــــــا

فأنتما من كلاب النار جاء بــه

 

 

نص الشريعة برهانا وتبيانــــا

 

 

 

 

ورد عليه بكر بن حسان أيضا فقال :

قل لإبن ملجم والأقدار غالبـــــة

 

 

هدمت للدين والإسلام أركانــــــــــــــا

قتلت أفضل من يمشي على قـدم

 

 

وأعظم الناس إسلاما وإيمانـــــــــــــــــا

وأعلم الناس بالقرآن ثـم  بمـــــــا

 

 

سن الرسول لنا شـرعا وتبيانــــــــــــــــا

صهر النبي ومولاه ونــاصـــــــــره

 

 

أضحت مناقبـه نورا و بـرهانـــــــــــــــا

وكان منه على رغم الحسود لـــه

 

 

مكان هارون من موسى بن عمرانــــا

كان يخبرنا إن سوف يخضبهـــــــا

 

 

قبل المنية أزمانــا  فأزمـانـــــــــــــــــــــــا

ذكرت قاتله والدمع منحـــــــــدر

 

 

فقلـت سبحان رب العرش سبحانــــا

إني لأحسبه ما كان من بشـــــــــر

 

 

يخشى المعاد ولكن كـان شـيـطانـــــــــــا

أشقى مراد إذ أعدت قبائهــــــــــا

 

 

وآخسر الناس عند الله ميزانـــــــــــــــا

كعاقر الناقة الأولى التي حلبـــت

 

 

على ثمود بأرض الحجر خسرانــــــــــا

فلا عفا الله عن سـوء فعلتـــــــــــه

 

 

ولا سقى قـبر عمران بن حطانــــــــــا

لقوله في شقي ظل مجترمــــــــــــــا

 

 

ونال ما نال ظلما وعدوانــــــــــــــــــــا

((يا ضربة من تقي ما أراد بهـــــا

 

 

إلا ليبلغ من ذي الـعرش رضوانا))

بل ضربة من غوي أورثه لظـــــى

 

 

وسوف يلقى بها الرحمن غضبانــــا

كأن لم يرد قصدا لضربتــــــــــــــه

 

 

إلا ليصلى عذاب الخلـد نيرانـــــــا(1)

 

 

 

 

3- معاوية بن أبي سفيان

وعلى رأس قائمة المستبشرين الفرحين بمقتل أمير المؤمنين هو الطليق بن الطليق معاوية بن أبي سفيان والمتطاول على تراث محمد صلى الله عليه واله  والمغتصب للخلافة الظاهرية بالجور والتسلط

قال شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم :

ـ هل كان معاوية إلا معدن السفه والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين عليه السلام وكان متكأ فاستوى جالسا ثم قال :

ـ يا جارية غنني فاليوم قرة عيني فأنشأت تقول :

أفي شهر الصيـام فجعتمونا

 

 

بخير الناس طرا أجمعينـــــــــا

قتلتم خير من ركب المطـايا

 

 

وأفضلهم ومن ركب السفينا

 

 

 

 

فرفع معاوية عمودا كان بين يديه فضرب رأسها ونثر دماغها([6])

ومن وجوه استبشاره وفرحه أيضا ما قرأته في بداية هذا الكتاب من عفوه عن ضاربه حين قال له : إن لي أخ قتل هذه الليلة عليا فعفا عنه رغم إنه علاه بالسيف ليقتله

ومن وجوه استبشاره ما ذكره المبرد في الفاضل قال :

إن معاوية لما ورد عليه خبر علي بن أبي طالب [ صلوات الله عليه ] صعد المنبر فقال :

- الحمد لله الذي انالنا من عدونا ورد إلينا من زماننا .

فقام إليه رجل من أهل الشام فقال :

- ما ذاك من كرامتك على الله يا معاوية .

فقال له عمرو بن العاص :

- أسكت يا هذا فوالله رأيت أنذل أهل الشام وأقطعهم عن الكلام ، فتمثل معاوية :

إني أرى الحكم محمودا مغبته          والجهل أفنى من الأقوام أقواما([7])

 

 

شبهة وتلبيس

فمن أين جاء الزرندي بما رواه من أنه لما جاء نعي علي عليه السلام إلى معاوية استرجع وكان قايلا مع زوجته فاختة بنت قرضة نصف النهار في يوم صايف فقعد باكيا وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ماذا فقدوا من العلم .

فقالت له إمرأته : تسترجع عليه اليوم وتبكي وأنت الذي تطعن عليه بالأمس

فقال : ويحك ما تدرين ما ذهب من علمه وفضله وسابقته وما فقد الناس من علمه وعمله(1). أم هذه من تلبيسات أبالسة معاوية من الكتاب المأجورين إنطلت على الزرندي رحمه الله وإلا ..

ما للطليق و للتراث وإنما         إنما سجد الطليق مخافة الصمصام

4 - عائشة بنت أبي بكر

ولما وصل خبر استشهاد أمير المؤمنين إلى مكة والمدينة عم الحزن بني هاشم وأغلب أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله  ولكن بعض القرشيين وأتباعهم استبشروا بذلك فعلي قاتل آبائهم وأجدادهم على دين الله [ لم تأخذه في الله لومة لائم ] قد وتر فيه صناديد العرب وقتل أبطالهم وناوش ذؤبانهم فأودع قلوبهم أحقادا بدرية وخيبرية وحنينية (1)والجمل وصفين والنهروان وغيرها .

أما عائشة بنت أبي بكر زوج النبي صلى الله عليه واله  فقد أعلنت سرورها بكل لسانها فلقد كانت تحمل ضغينة وحقد من يوم الإفك على أمير المؤمنين عليه السلام حين اقترح على رسول الله  صلى الله عليه واله  بأن يطلقها (2) مرورا بالجمل وبقية المواقف .

فلما بلغ عائشة نبأ استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام سجدت لله شكرا(3) ثم رفعت رأسها متمثلة بقول البارقي معقر بن حمار :

فألقت عصاها واستقر بها النوى         كما قر عينا بالإياب المسافر(4)

ثم سألت من قتله ؟

فقيل لها : رجل من مراد .

فقالت :

فإن يك نائيا فلقد نعاه غلام           ليس في فمه التــراب

فأنكرت عليها زينب بنت أم سلمة أم المؤمنين قائلة لها :

ـ ألعلي تقولين هذا يا عائش ؟

فأجابت عائشة : إني نسيت فإذا نسيت فذكروني(1).

- عجبا نسيت أم تناست

حفضت أربعين ألف حديث         ومن الذكر آية تنساهـــا

ثم تمثلت :

مازال إهداء القصائد بيننــــا          باسم الصديق وكثيرة الألقاب

حتى تركت فإن قولك فيهم             في كل مجتمع طنين ذبـــــــــــاب

 

 


 


([1])انساب الاشراف   ج2 ص509

([2])دميغ : اي بلغت ضربته دماغه

([3])انساب الاشراف   ج2/ص496

([4])إبن أبي مياس المرادي أحد شعراء الخوارج في خبر الطبري هو إبن منباس المرادي ويذكر عن أبي سعيد البكري إن ميناس أمه ولم ينسبه ويعده إبن أبي الحديد فزاريا  شعراء الخوارج/9

([5])المختصر من اخبار البشر   ص93 .

(1) نور الأبصار ص 108 ، الأذكياء لإبن الجوزي ص 21

([6])نظم درر السمطين للزرندي ص 134

([7])ص 88

 (1) نظم درر السمطين للزرندي ص 134 ، مناقب الخوارزمي ص 382

 

 

 

 (1) دعاء الندبة / مفاتيح الجنان ص 607

(2) سيرة الرسول لإبن هشام

(3) عن أبي البختري قال : لما أن جاء عائشة قتل علي بن أبي طالب سجدت . أنساب الأشرلف 3/29 ، ويروى إن الذي مضى إلى الحجاز بمقتل علي سفيان بن أمية بن أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس ولا عتب له .      أنساب الأشراف 3/52

(4) يبدو إن عائشة تأنس بهذه الأبيات فقد ذكرتها يوم منعت دفن الحسن مع جده وكذلك استبشرت يومها راجع  بشارة المصطفى ص 273 وآمالي الطوسي ج1 ص 162

(1) تاريخ الطبري 6/132