وأما عمر ورقية اللذين هما من أم حبيب بنت ربيعة التغلبية)، وكانت تسمى الصهبا. في كتاب أعلام الورى : كانت رقية بنت علي عليها السلام عند مسلم بن عقيل فولدت له عبد الله بن مسلم قتل يوم الطف وعليا ومحمد ابني مسلم.
وفي العمدة : عمر الأطرف بن أمير المؤمنين عليها السلام ويكنى أبا القاسم قاله أبو نصر النسابة، وقال ابن جذاع يكنى أبا الحفص وولد تؤما لأخته رقية وكان آخر من ولد من بني علي، ثم قال ذا لسان وفصاحة وعفة. حكى العمري قال اجتاز عمر بن علي في سفر له في بيوت من بني عدي فنزل عليهم وكانت سنة قحط فجاءه شيوخ الحي فحادثوه واعرض من رجل ما رأى له بشارة فقال من هذا ؟ فقالوا سالم بن رقية وله انحراف من بني هاشم، فاستدعاه وسأله عن أخيه سليمان بن رقية وكان سليمان من الشيعة، فخبره انه غائب فلم يزل عمر يلطف في القول ويشرح في الأدلة حتى رجع عن انحرافه عن بني هاشم وفرق عمر اكثر زاده ونفقته وكسوته عليهم فلم يرحل عنهم بعد يوم وليلة حتى غيثوا واخصبوا فقالوا: هذا أبرك الناس حلا ومرتحلا وكانت هداياه تصل الى سالم بن رقية، فلما مات عمر قال سالم يرثيه:
صلى الاله على قبر تضمن من * * نسل الوصي علي خير من سئلا
قد كنت اكرمهم كفا واكثرهم * * علما وأبركهم حلا ومرتحلا
قال وتخلف عمر من أخيه الحسين عليها السلام ولم يسر معه الى الكوفة وكان قد دعاه الى الخروج معه فلم يخرج، يقال انه لما كان بعد ذلك خرج عمر في معصفراة له وجلس بفناء داره وقال انا الرجل الحزم لم اخرج مع اخوتي ولو اخرج معهم لدهيت في المعركة وقتلت. أقول: لعله كان يقول ذلك ليحقن دمه من بني امية لأنهم إذا سمعوا مثل تلك الكلمات منه اما يقولون انه مجنون أو جبان أو مطيع لهم فلا يتعرضون له بسوء فيكون صدور تلك الكلمات منه جاريا مجرى التقية،
ثم قال في (العمدة): ولا يصح رواية من روى ان عمر بن علي حضر كربلا وكان اول من بايع عبد الله بن الزبير ثم بايع بعده الحجاج بن يوسف وأراد الحجاج ادخاله مع الحسن بن الحسن في تولية صدقات أمير المؤمنين عليها السلام فلم يتيسر له ذلك. ومات عمر بينبع وهو ابن سبع وسبعين سنة وقيل خمس وسبعين، انتهى. وفي حاشية (العمدة) لم ادر لمصنفها ام لغيره: مات عمر في زمن الوليد بن عبد الملك. كذا نقل الحافظ بن حجر في التقريب، وذهب بعض المؤرخين الى انه استشهد في محاربة مصعب بن الزبير مع المختار بن أبي عبيدة الثقفي، وكان مع مصعب هو واخوه عبيد الله فاستشهدا جميعا. انتهى أقول: قال العلامة المجلسي في البحار: ويروى ان عمر بن علي خاصم علي بن الحسين عليها السلام الى عبد الملك في صدقات النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليها السلام فقال يا أمير المؤمنين انا ابن المصدق وهذا ابن ابن فأنا اولى بها منه فتمثل عبد الملك بقول ابن أبي الحقيق:
إنا إذا مالت دواعي الهوى * * وانصت السامع للقايل
واصطرع القوم بألبابهم * * نقضي بحكم عادل فاصل
لا تجعل الباطل حقا ولا * * نلط دون الحق بالباطل
نخاف ان تسفه أحلامنا * * فيخمل الدهر مع الخامل
قم يا علي بن الحسين فقد وليتكها فقاما فلما خرجا تناوله عمر وآذاه، فسكت عليها السلام ولم يرد عليه شيئا، فلما كان بعد ذلك دخل محمد بن عمر ولده على علي بن الحسين فسلم عليه واكب عليه يقبله، فقال علي بن الحسين عليها السلام يابن عم لا تمنعني قطيعة أبيك ان اصل رحمك فقد زوجتك ابنتي خديجة ابنة علي. وروى الزبير بن بكار قال كان الحسن بن الحسن واليا صدقات أمير المؤمنين عليها السلام في عصره فسار يوما الى الحجاج بن يوسف في موكبه وهو إذ ذاك أمير المدينة فقال له الحجاج ادخل عمر بن علي معك في صدقات أبيه فانه عمك وبقية اهلك، فقال له الحسن بن الحسن: لا اغير شرط علي عليها السلام ولا ادخل فيها من لم يدخل، فقال له الحجاج: إذن ادخله معك، فنكص الحسن بن الحسن عنه حين غفل الحجاج ثم توجه الى عبد الملك حتى قدم عليه فوقف ببابه يطلب الاذن فمر به يحيى بن ام الحكم فلما رآه يحيى عدل إليه وسلم عليه وسأله عن مقدمه وخبره ثم قال له سأنفعك عند عبد الملك، فلما دخل الحسن بن الحسن على عبد الملك رحب به وأحسن مسائلته، وكان الحسن قد اسرع إليه الشيب ويحيى بن ام الحكم في المجلس، فقال له عبد الملك لقد أسرع اليك الشيب يا أبا محمد، فقال له يحيى: وما يمنعه لأبي محمد شيبه اما ان أهل العراق تفد إليه الركبان يمنونه بالخلافة، فأقبل عليه الحسن بن الحسن فقال له: بئس والله الرفد رفدت ليس كما قلت ولكنا أهل بيت طيبة افواهنا فتميل نساؤنا الينا فتقبلنا فيها فيسرع الينا الشيب من أنفاسهن، فنكس عبد الملك رأسه لأنه كان ابخر الفم، ثم أقبل عليه وقال يا أبا محمد هلم لما قدمت له، فأخبره بقول الحجاج، فقال: ليس ذلك له اكتبوا كتابا إليه لا يتجاوزه، فكتب إليه ووصل الحسن بن الحسن وأحسن صلته، فلما خرج من عنده لقيه يحيى بن ام الحكم فعاتبه الحسن على سوء محضره وقال له: ما هذا الذي وعدتني به ؟ فقال له يحيى: ابها عليك فو الله لا يزال يهابك ولولا هيبتك ما قضى لك حاجة وما الوتك رفدا. وروى الزبير بن بكار أيضا ان عمر بن علي نازع عبيد الله بن العباس بن علي عليها السلام وطلب منه ارث اخوته من أبيه اولاد أم البنين الذين قتلوا يوم الطف ورفعه الى القاضي وبعد كثرة النزاع اعطوه حصته من ذلك الميراث. قال جامع هذا الكتاب عفى عنه: وفي هذه الرواية نظر لا يخفى لأن هذا النزع لا يصح على قول أئمة أهل البيت عليها السلام لأن اخوة العباس قد استشهدوا قبله وانتقل إرثهم الى امهم ام البنين إذ لم يكن لهم ولد وكانت هي في قيد الحياة كما مر ووهبته هي لأولاد العباس، وإن لم تهبه لهم فلا حق لهم لأن العباس عليها السلام لا يرث اخوته مع وجود امهم. نعم تصح هذه المنازعة على مذهب بعض العامة، وهذا
غير مرضي أيضا لأن عمر بن علي لم يكن عاميا بل كان يتبع أباه واخوته عليهم السلام كما هو مذكور في التواريخ وغيرها.
وعن (تذكرة الخواص) لابن الجوزي: عاش عمر الأكبر بن علي خمسا وثمانين سنة حتى حاز نصف ميراث أمير المؤمنين (عليه السلام)، وروى الحديث وكان فاضلا وفي جملة من كتب السير انه قتل يوم المذار مع أصحاب مصعب بن الزبير، والسبب في خروجه الى العراق: ان الناس لم تكن تألف إليه لعدم خروجه مع أخيه الحسين عليه السلام فضاق صدره لذلك ولما سمع بخروج المختار في الكوفة سار إليه يتنعم هناك ولما لم يكن معه كتاب من السجاد عليه السلام أو محمد بن الحنفية وكان المختار قد سمع بما صنع مع السجاد، ما اعتنى به وقال له: لا تبق هنا بل امض حيث شئت لأنك لو كان لك وداد مع المهدي (يعني محمد بن الحنفية) لكان معك منه كتاب، فغضب عمر بن علي وسار الى المصعب وقتل في المذار، وقيل ان الذي سار الى مصعب هو عبد الله بن علي (ع)، وسنذكر الخلاف تفصيلا في أحوال عبد الله بن علي.