العتبة العلوية المقدسة - احتجاجه أمير المؤمنين صلوات الله عليه على قريش واليهود -
» » سيرة الإمام » الامام علي والقران » احتجاجه أمير المؤمنين صلوات الله عليه على قريش واليهود

 

احتجاجه أمير المؤمنين صلوات الله عليه على قريش واليهود
* - المفسر باسناده إلى أبي محمد العسكري عليه السلام أنه قال : كذبت قريش واليهود بالقرآن ، وقالوا : سحر مبين تقوله ، فقال الله : ألم ذلك الكتاب أي يا محمد هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو بالحروف المقطعة التي منها ألف لام ميم ، وهو بلغتكم وحروف هجائكم فأتوا بمثله إن كنتم صادقين ، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم . ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله : قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا . ثم قال الله : ألم أي القرآن الذي افتتح بالم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى فمن بعده من الأنبياء فأخبروا بني إسرائيل أني سأنزله عليك يا محمد كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد لا ريب فيه لا شك فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل ، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم هدى بيان من الضلالة للمتقين الذين يتقون الموبقات ، ويتقون تسليط السفه على أنفسهم ، حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه ، عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم . قال : وقال الصادق عليه السلام : ثم الألف حرف من حروف قولك الله ، دل بالألف على قولك الله ، ودل باللام على قولك الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين ودل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله ، وجعل هذا القول حجة على اليهود ، وذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران ثم من بعده من الأنبياء إلى بني إسرائيل لم يكن فيهم قوم إلا أخذوا عليهم العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الأمي المبعوث بمكة الذي يهاجر إلى المدينة ، يأتي بكتاب بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره ، يحفظه أمته فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة ، وعلى كل الأحوال ، يسهل الله عز وجل حفظه عليهم . ويقرنون بمحمد صلى الله عليه وآله أخاه ووصيه علي بن أبي طالب عليه السلام الآخذ عنه علومه التي علمها ، والمتقلد عنه لأماناته التي قلدها ، ومذلل كل من عاند محمدا بسيفه الباتر ، ومفحم كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر ، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين ، ثم إذا صار محمد صلى الله عليه وآله إلى رضوان الله عز وجل وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان ، وحرفوا تأويلاته ، وغيروا معانيه ، ووضعوها على خلاف وجوهها ، قاتلهم بعد على تأويله حتى يكون إبليس الغاوي لهم هو الخاسر الذليل المطرود المغلوب . قال : فلما بعث الله محمدا وأظهره بمكة ثم سيره منها إلى المدينة وأظهره بها ثم أنزل عليه الكتاب وجعل افتتاح سورته الكبرى بالم ، يعني ألم ذلك الكتاب وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك يا محمد لا ريب فيه فقد ظهر كما أخبرهم به أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الباطل ، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم ثم اليهود يحرفونه عن جهته ويتأولونه على غير جهته ، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال أجل هذه الأمة وكم مدة ملكهم . فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله منهم جماعة فولى رسول الله عليا عليهما السلام مخاطبتهم فقال قائلهم : إن كان ما يقول محمد حقا لقد علمنا كم قدر ملك أمته ؟ هو إحدى وسبعون سنة : الألف واحد ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون ، فقال علي عليه السلام : فما تصنعون بالمص وقد أنزلت عليه ؟ قالوا : هذه إحدى وستون ومائة سنة ، قال : فماذا تصنعون بالر وقد أنزلت عليه ؟ فقالوا : هذه أكثر هذه مائتان وإحدى وثلاثون سنة ، فقال علي عليه السلام : فما تصنعون بما انزل إليه المر ؟ قالوا : هذه مائتان وإحدى وسبعون سنة ، فقال علي عليه السلام : فواحدة من هذه له أو جميعها له ؟ فاختلط كلامهم فبعضهم قال له : واحدة منها ، وبعضهم قال : بل يجمع له كلها وذلك سبعمائة وأربع سنين ، ثم يرجع الملك إلينا يعني إلى اليهود . فقال علي عليه السلام : أكتاب من كتب الله نطق بهذا أم آراؤكم دلتكم عليه ؟ فقال بعضهم : كتاب الله نطق به ، وقال آخرون منهم : بل آراؤنا دلت عليه ، فقال علي عليه السلام : فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون ، فعجزوا عن إيراد ذلك ، وقال للآخرين : فدلونا على صواب هذا الرأي ؟ فقالوا صواب رأينا دليله أن هذا حساب الجمل . فقال علي عليه السلام : كيف دل على ما تقولون وليس في هذه الحروف إلا ما اقترحتم بلا بيان ؟ أرأيتم إن قيل لكم إن هذه الحروف ليست دالة على هذه المدة لملك أمة محمد صلى الله عليه وآله ، ولكنها دلالة على أن كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب ، أو أن عدد ذلك لكل واحد منكم ومنا بعدد هذا الحساب دراهم أو دنانير أو أن لعلى على كل واحد منكم دين عدد ماله مثل عدد هذا الحساب . قالوا : يا أبا الحسن ليس شئ مما ذكرته منصوصا عليه في ألم و المص و الر و المر فقال علي عليه السلام : ولا شئ مما ذكرتموه منصوص عليه في ألم و المص والر والمر فان بطل قولنا لما قلنا ، بطل قولك لما قلت ، فقال خطيبهم ومنطيقهم : لا تفرح يا علي ، إن عجزنا عن إقامة حجة فيما تقولهن على دعوانا فأي حجة لك في دعواك إلا أن تجعل عجزنا حجتك ، فإذا ما لنا حجة فيما نقول ولا لكم حجة فيما تقولون . قال علي عليه السلام : لا سواء ، إن لنا حجة هي المعجزة الباهرة ثم نادي جمال اليهود : يا أيتها الجمال اشهدي لمحمد ، ولوصيه ، فتبادر الجمال : صدقت صدقت يا وصي محمد ، وكذب هؤلاء اليهود . فقال علي عليه السلام : هؤلاء جنس من الشهود ، يا ثياب اليهود التي عليهم اشهدي لمحمد ولوصيه ، فنطقت ثيابهم كلها : صدقت صدقت يا علي نشهد أن محمدا رسول الله حقا وأنك يا علي وصيه حقا ، لم يثبت محمد قدما في مكرمة إلا وطئت على موضع قدمه ، بمثل مكرمته ، فأنتما شقيقان من أشرف أنوار الله ، فميزتما اثنين ، وأنتما في الفضائل شريكان ، إلا أنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله . فعند ذلك خرس ذلك اليهودي ، وآمن بعض النظارة منهم برسول الله ، وغلب الشقاء على اليهود وسائر النظارة الآخرين ، فذلك ما قال الله تعالى لا ريب فيه إنه كما قال محمد ووصي محمد عن قول محمد صلى الله عليه وآله عن قول رب العالمين . ثم قال : هدى بيان وشفاء للمتقين من شيعة محمد وعلي إنهم اتقوا أنواع الكفر فتركوها ، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها ، واتقوا إظهار أسرار الله وأسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد صلى الله عليه وآله فكتموها ، واتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها ، وفيهم نشروها .