العتبة العلوية المقدسة - المناجاة الانجيلية -
» » سيرة الإمام » بلاغة الامام علي وحكمته » من ادعيته عليه السلام » المناجاة الانجيلية

المناجاة الانجيلية

لامير المؤمنين عليه السلام

مروية عن الامام العسكرى  عن آبائه عليهم السلام : 

   إلهى صل على محمد وآل محمد ، وارحمنى إذا انقطع من الدنيا اثري وامتحى  من المخلوقين ذكري ، وصرت في المنسيين كمن قد نسي ، إلهى كبرت سنى ، ورق  جلدي ، ودق عظمى ، ونال الدهر منى ، واقترب أجلى ، ونفدت أيامى ، وذهبت  شهواتى ، وبقيت تبعانى . 

       إلهى ارحمنى إذا تغيرت صورتى ، وامتتحت محاسنى ، وبلي جسمى  وتقطعت أوصالي ، وتفرقت اعضائي ، إلهى افحمتني ذنوبي وقطعت مقالتي  فلا حجة لي ولا عذر ، فأنا المقر بجرمي ، المعترف بإساتي ، الاسير بذنبي ، المرتهن  بعملي ، المتهور في بحور خطيئتي ، المتحير عن قصدي ، المنقطع بي ، فصل على  محمد وآل محمد ، وارحمني برحمتك ، وتجاوز عني يا كريم بفضلك . 

          إلهى إن كان صغر في جنب طاعتك عملي فقد كبر في جنب رجائك أملي

            إلهي  كيف أنقلب بالخيبة من عندك محروما وكان ظني بك وبجودك أن تقلبني بالنجاة  مرحوما ،

         إلهى لم أسلط على حسن ظني قنوط الآيسين فلا تبطل صدق رجائي لك بين  الآملين ،

            إلهى إن دعاني إلى النار بذنبي مخشي عقابك فقد ناداني إلى الجنة بالرجاء  حسن ثوابك                         

           إلهى عظم جرمي إذ كنت المبارز به ، وكبر ذنبي إذ كنت المطالب به إلا  أني إذا ذكرت كبير جرمي وعظيم غفرانك ، وجدت الحاصل لي من بينهما عفو  رضوانك . 

 إلهي إن أوحشتني الخطايا عن محاسن لطفك ، فقد آنستني باليقين  مكارم عطفك

إلهي إن أنامتنى الغفلة عن الاستعداد للقائك ، فقد أنبهتني المعرفة  يا سيدي بكريم آلائك

إلهي إن انقرضت بغير ما أحببت من السعي أيامي ، فبالايمان أمضتها  الماضيات من أعوامي ،

 إلهى إن عزب لبي عن تقويم ما يصلحني فما عزب إيقاني  بنظرك لي فيما ينفعني

 إلهي جئتك ملهوفا قد ألبستعدم فاقتي ، واقامني مقام  الاذلاء بين يديك ضر حاجتي ،

 إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك  وجدت بالمعروف فاخلطني بأهل نوالك ،

 إلهي مسكنتي لا يجبرها إلا عطاؤك  وأمنيتي لا يغنيها إلا جزاؤك ،

إلهي أقمت على قنطرة من قناطر الاخطار ، مبلوا بالاعمال والاعتبار ، فأنا  الهالك إن لم تعن علينا بتخفيف الاثقال ،

 إلهى اصبحت على باب من أبواب منحك سائلا  وعن التعرض لسواك بالمسألة عادلا ، وليس من جيمل امتنانك رد سائل ملهوف  ومضطر لانتظار خيرك المالوف . 

إلهي أمن أهل الشقاء خلقتني فاطيل  بكائي ، أم من أهل السعادة خلقتني فانشر رجائي ،

إلهي وعزتك وجلالك لوقرنتني في الاصفاد طول الايام ، ومنعتني سيبك  من بين الانام ، وحلت بيني وبين الكرام ، ما قطعت رجائي منك ، ولا صرفت وجه  انتظاري للعفو عنك

 إلهي إن حرمتني رؤية محمد  صلى الله عليه وآله في دار السلام ، وأعدمتني تطواف الوصفاء من الخدام ، وصرفت  وجه تأميلي بالخيبة في دار المقام ، فغير ذلك منتني نفسي منك يا ذا الفضل والانعام . 

إلهي لو لم تهدني إلى الاسلام ما اهتديت ،

 ولو لم ترزقني  الايمان بك ما أمنت ،

ولو لم تطلق لساني بدعائك ما دعوت ،

ولو لم تعرفني حلاوة  معرفتك ما عرفت ،

إلهي أطعتك في أحب الاشياء إليك وهو التوحيد ، ولم أعصك في أبغض الاشياء  وهو الكفر ، فاغفر لي ما بينهما ،

 ولو لم تبين لي شديد عقابك ما استجرت  

 إلهى أحب طاعتك وإن قصرت عنها ، وأكره  معصيتك ، وإن ركبتها ، فتفضل علي بالجنة وإن لم أكن من أهلها ، وخلصنى من النار وإن استوجبتها ،

إلهي قلب حشوته من محبتك في دار الدنيا ، كيف تطلع عليه نار محرقة  في لظى ،

إلهى إن اقعدني الذنوب عن السبق مع الابرار  فقد أقامتني الثقة بك على مدارج الاخيار . 

إلهي نفس أعززتها بتأييد إيمانك كيف تذلها بين اطباق نيرانك ،

إلهي  لسان كسوته من تماجيدك أنيق اثوابها كيف تهوي إليه من النار مشتعلات التهابها 

إلهي كل مكروب إليك يلتجى ، وكل محزون إياك يرتجى . 

إلهي إن أخطأت طريق النظر لنفسى بما فيه كرامتها ، فقد اصبت طريق الفزع  إليك بما فيه سلامتها ، إلهى إن كانت نفسى استسعدتنى متمردة على ما يرديها ، فقد  استسعدتها الآن بدعائك على ما ينجيها ،

إلهي سمع العابدون بجزيل ثوابك فخشعوا ، وسمع الزاهدون بسعة رحمتك  فقنعوا ، وسمع المولون عن القصد بجودك فرجعوا ، وسمع المجرمون بسعة غفرانك  فطمعوا ، وسمع المؤمنون بكرم عفوك وفضل عوارفك فرغبوا ، حتى ازدحمت  مولاي ببابك عصائب العصاة من عبادك ، وعجت إليك منهم عجيج الضجيج بالدعاء  فلا بلادك ، ولكل أمل قد ساق صاحبه إليك محتاجا ، وقلب تركه وجيب خوف  المنع منك مهتاجا ، وأنت المسئول الذي لا تسود لديه وجوه المطالب ، ولم تزرء  بتنزيله قظيعات المعاطب . 

 إلهى إن عداني الاجتهاد في ابتغاء منفعتى فلم يعدني برك بي فيما فيه مصلحتي ،

 إلهي إن بسطت في الحكم على نفسي بما فيه  حسرتها فقد أقسطت الآن بتعريفي إياها من رحمتك إشفاق رأفتك ،

إلهي إن أحجم  بي قلة الزاد في المسير إليك فقد وصلته الآن بذخائر ما أعددته من فضل تعويلي  عليك . 

إلهى ادعوك دعاء من لم يرج غيرك بدعائه ، وأرجوك رجاء من لم يقصد  غيرك برجائه ،

إلهي إذا ذكرت رحمتك ضحكت إليها وجوه وسائلي ، وإذا ذكرت سخطتك  بكت لها عيون مسائلي ، إلهي فافض بسجل من سجالك على عبد آئس قد أتلفه  الظما ، وأحاط بخيط جيده كلال الونى . 

 إلهي كيف ارد عارض تطلعي إلى نوالك وإنما أنا في استرزاقي  لهذا البدن أحد عيالك ،

 إلهي كيف اسكت بالافحام لسان ضراعتي ، وقد أغلقني  ما أبهم علي من مصير عاقبتي ،

 إلهي قد علمت حاجة نفسي إلى ما تكفلت لها به من  الرزق في حياتي ، وعرفت قلة استغنائي عنه من الجنة بعد وفاتي ، فيا من سمح لي  به متفضلا في العاجل ، لا تمنعنيه يوم فاقتي إليه في الآجل ، فمن شواهد نعماء الكريم  استتمام نعمائه ، ومن محاسن الاء الجواد استكمال آلائه . 

إلهي لولا ماجهلت من أمري ما شكوت عثراتي ، ولولا ما ذكرت من  الافراط ما سفحت عبراتي ، إلهى صل على محمد وآل محمد وامح مثبتات العثرات  بمرسلات العبرات ، وهب لى كثير السيئات لقليل الحسنات . 

إلهى إن كنت لا ترحم إلا المجدين في طاعتك ، فالى من يفزع المقصرون  وإن كنت لا تقبل إلا من المجتهدين فإلى من يلتجئ المفرطون وإن كنت  لا تكرم إلا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون ، وإن كان لا يفوز يوم الحشر  إلا المتقون فبمن يستغيث المذنبون. 

إلهى إن كان لا يجوز على الصراط إلا من أجازته براءة عمله فأنى بالجواز  لمن لم يتب إليك قبل انقضاء أجله ، إلهى إن لم تجد إلا على من عمر بالزهد  مكنون سريرته ، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين سعى نقيبته ، إلهى إن  حجبت عن موحديك نظر تغمدك لجناياتهم ، أوقعهم غضبك بين المشركين في  كرباتهم . 

إلهى إن لم تنلنا يد إحسانك يوم الورود ، اختلطنا في الجزاء بذوي الجحود  اللهم فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك ، واستصف ما كدرته الجرائر منا بصفو  صلاتك . 

إلهى ارحمنا غرباء إذا تضمنتنا بطون لحودنا ، وغميت باللبن سقوف بيوتنا  واضجعنا مساكين على الايمان في قبورنا ، وخلفنا فرادى في أضيق المضاجع ، وصرعتنا  المنايا في أعجب المصارع ، وصرنا في دار قوم كأنها مأهولة وهى منهم بلاقع  

إلهى إذا جئناك عراة حفاة مغبرة من ثرى الاجداث رؤوسنا ، وشاحبة من تراب  الملاخيد وجوهنا وخاشعة من أفزاع القيامة ابصارنا وذابلة من شدة العطش شفاهنا  وجائعة لطول المقام بطوننا ، وبادية هنالك للعيون سوآتنا ، وموقرة من ثقل  الاوزار ظهورنا ، ومشغولين بما قددهانا عن أهالينا وأولادنا ، فلا تضعف المصائب علينا  بإعراض وجهك الكريم عنا ، وسلب عائدة مامثله الرجاء منا

إلهي ما حنت هذه العيون إلى بكائها ، ولاجادت متشربة بمائها ، ولا اسهدها  بنحيب الثاكلات فقد عزائها إلا لما اسلفته من عمدها وخطائها ، وما دعاها إليه  عواقب بلائها ، وأنت القادر يا عزيز على كشف غمائها . 

إلهي إن كنا مجرمين فانا نبكي على إضاعتنا من حرمتك ما تستوجه ، وإن  كنا محرومين ، فانانبكى إذفاتنا من جودك ما نطلبه إلهي شب حلاوة ما يستعذ به  لساني من النطق في بلاغته ، بزهادة ما يعرفه قلبي من النصح في دلالته . 

إلهي أمرت بالمعروف وأنت أولى به من المأمورين ، وأمرت بصلة السؤال  وأنت خير المسؤلين ، إلهي كيف ينقل بنا اليأس إلى الامساك عما لهجنا بطلابه ، و  قدادرعنا من تأميلنا إياك اسبغ أثوابه إلهي إذا هزت الرهبة أفنان مخافتنا انقلعت  من الاصول اشجارها ، وإذا تنسمت أرواح الرغبة منا أغصان رجائنا أينعت بتلقيح  البشارة أثمارها . 

إلهي إنك لم تزل علينا بحظوظ صنائعك منعما ، ولنا من بين الاقاليم  مكرما ، وتلك عادتك اللطيفة في أهل الخيفة في سالفات الدهور وغابراتها ، وخاليات  الليالي وباقياتها ،

إلهي إذا تلونا من صفاتك " شديد العقاب " اسفنا ، وإذا تلونا منها " الغفور الرحيم "  فرحنا ، فنحن بين أمرين فلا سخطك تؤمننا ولا رحمتك تويسنا ، إلهي إن قصرت مساعينا  عن استحقاق نظرتك  فماقصرت رحمتك بنا عن دفاع نقمتك . 

إلهي كيف تفرح بصحبة الدنيا صدورنا ، وكيف تلتئم في غمراتها أمورنا  وكيف يخلص لنا فيها سرورنا ، وكيف يملكنا باللهو واللعب غرورنا ، وقد دعتنا  باتقراب الآجال قبورنا ،

إلهي اجعل ما حبوتنا به من نور هدايتك درجات نرقى بها إلى  ما عرفتنا من جنتك . 

إلهي كيف ينتهج في دار حفرت لنا فيها حفائر صرعتها  وفتلت بايدي المنايا حبائل غدرتها ، وجرعتنا مكرهين جرع مرارتها ، ودلتنا النفس  على انقطاع عيشتها ، لولا ما صنعت إليه هذه النفوس من رفائغ لذتها 

وافتتانها بالفانيات من فواحش زينتها ، إلهي فاليك نلتجئ فاليك نلتجئ من مكائد خدعتها ، وبك  نستعين على عبور قنطرتها ، وبك نستفطم الجوارح عن أخلاف شهوتها ، وبك نستكشف  جلابيب حيرتها ، وبك نقوم من القلوب استصعاب جهالتها . 

إلهي إن عذبتني فعبد خلقته لما أردته فعذبته ، وإن رحمتني فعبد وجدته مسيئا فأنجيته ، إلهي لا سبيل إلى الاحتراس من الذنب إلا بعصمتك ، ولا وصول  إلى عمل الخيرات إلا بمشيتك ، فكيف لي بافادة ما أسلفتني فيه مشيتك ، وكيف  بالاحتراس من الذنب ما لم تدركني فيه عصمتك ،

إلهي كيف للدور أن تمنع من فيها من طوارق الرزايا ، وقد أصيب في كل  دارسهم من أسهم المنايا ،إلهي ما تتفجع أنفسنا من النقلة عن الديارإن لم توحشنا  هنالك من مرافقة الابرار ، إلهي ما تضيرنا فرقة الاخوان والقرابات إن قربتنا  منك يا ذا العطيات ، إلهي ما تجف من ماء الرجاء مجاري لهواتنا إن لم تحم طير  الاشائم (بحياض رغباتنا . 

إلهي إن كنت غير مستوجب لما ارجو من رحمتك ، فأنت أهل التفضل علي  بكرمك ، فالكريم ليس يصنع كل معروف عند من يستوجبه ،

 إلهي أنت دللتني على سؤال الجنة  قبل معرفتها ، فاقبلت النفس بعد العرفان على مسئلتها ، افتدل على خيرك السؤال  ثم تمنعهم النوال ، وأنت الكريم المحمود في كل ما تصنعه يا ذالجلال والاكرام . 

 إلهي إن كنت غير  مستأهل لما ارجو من رحمتك ، فأنت أهل أن تجود على المذنبين بسعة رحمتك

إلهي  إن كان ذنبي قد أخافني فان حسن ظني بك قد أجارني

إلهي كيف ادعوك وأنا أنا ، أم كيف أيأس منك وأنت أنت

، إلهي ليس تشبه مسئلتي  مسألة السائلين ، لان السائل إذامنع امتنع عن السؤال ، وأنا لاغناء بي عما سألتك  على كل حال ، إلهي ارض عني فان لم ترض عني فاعف عني ، فقد يعفو السيد  عن عبده وهو عنه غير راض . 

إلهي إن نفسي  قائمة بين يديك وقد اظلها حسن توكلي عليك ، فصنعت بها ما يشبهك وتغمدتني  بعفوك ،

 إلهي إن كان قد دنا أجلي ولم يقربني منك عملي ، فقد جعلت الاعتراف  بالذنب إليك وسائل عللي ، فان عفوت فمن أولى منك بذلك ، وإن عذبت فمن  أعدل منك في الحكم هنالك ،

إلهي إنك لم تزل بي بارا ايام حياتي فلا تقطع برك عني بعد وفاتي ،

 إلهي إني إن جرت على نفسي في النظر لها ، وبقي نظرك  لها ، فالويل لها إن لم تسلم به . 

إلهي سترت علي في الدنيا ذنوبا ولم تظهرها ، وأنا إلى سترها يوم القيامة  أحوج ، وقد أحسنت بي إذ لم تظهرها للعصابة من المسلمين فلا تفضحني بها يوم القيامة  على رؤوس العالمين

 إلهي  كيف أيأس من حسن نظرك لي بعد مماتي ، وأنت لم تولني إلا الجميل في أيام  حياتي ، إلهي إن ذنوبي قد أخافتني ، ومحبتي لك قد أجارتني ، فتول من أمري  ما أنت أهله ، وعد بفضلك على من غمره جهله ، يا من لا تخفى عليه خافية ، صل على  محمد وآل محمد ، واغفر لي ما قد خفي على الناس من أمري . 

إلهي جودك بسط أملي ، وشكرك قبل عملي ، فسرني بلقائك  عند اقتراب أجلي

 إلهي ليس اعتذاري إليك اعتذار من يستغني عن قبول عذره  فاقبل عذري يا خير من اعتذر إليه المسيؤون ،

 إلهي لا تردني في حاجة قد أفنيت عمرى  في طلبها منك ، وهي المغفرة . 

بماله قد هديتني وأدم لي ما به سترتني ،

إلهي إنك لو اردت إهانتي لم تهدنى ، ولو أردت فضيحتي لم تسترني فمتعني 

إلهي لولا ما قرفت من الذنوب ما فرقت عقابك ، ولولا ما عرفت من كرمك  ما رجوت ثوابك ، وأنت أولى الاكرمين بتحقيق أمل الآملين ، وأرحم منم استرحم  في تجاوزه عن المذنبين ،

إلهي ما وصفت من بلاء ابتليتنيه ، أو إحسان  أوليتنيه ، فكل ذلك بمنك فعلته ، وعفوك تمام ذلك إن أتممته . 

إلهي القتني الحسنات بين جودك وكرمك ، وألقتني السيئات بين عفوك  ومغفرتك ، وقد رجوت أن لا يضيع بين ذين وذين مسئ ومحسن ،

إلهي نفسي تمنيني بأنك تغفر لي فأكرم بهاأمنية بشرت  بعفوك ، فصدق بكرمك مبشرات تمنيها [ وهب لي بجودك مبشرات تمنيها ] وهب  لي بجودك مدبرات تجنيها . 

إلهي إن نظرت إلي بالهلكة عيون سخطتك ، فما نامت عن استنقاذي منها  عيون رحمتك ،

إلهي إذا شهد  لي الايمان بتوحيدك ، وانطلق لساني بتمجيدك ، ودلني القرآن على فواضل جودك  فكيف لا يتبهج رجائي بحسن موعودك ، إلهي تتابع احسانك إلي يدلني على  حسن نظرك لي ، فكيف يشقى امرء حسن له منك النظر

 إلهي إن عرضني ذنبي لعاقبك ، فقد أدناني رجائي من ثوابك ،

 إلهي  إن عفوت فبفضلك ، وإن عذبت فبعدلك ، فيامن لا يرجى إلا فضله ، ولا يخاف  إلا عدله ، صل على محمد وآل محمد ، وامنن علينا بفضلك ، ولا تستقص علينا في عدلك . 

إلهي ادعوك دعاء ملح لا يمل دعاء مولاه وأتضرع إليك تضرع من قد أقر على  نفسه بالحجة في دعواه ، إلهى لو عرفت اعتذار من الذنب في التنصل ابلغ من الاعتراف  به لآتيته ، فهب لى ذنبى بالاعتراف ولا تردنى بالخيبة عند الانصراف ،

إلهي خلقت لي جسما ، وجعلت لي فيه آلات اطيعك بها وأعصيك ، واغضبك  بها وارضيك وجعلت لي من نفسي داعية إلى الشهوات ، واسكنتني دارا قد ملئت من  الآفات ثم قلت لي : انزجر ، فبك أنزجر ، وبك أعتصم وبك استجير ، وبك أحترز  وأستوفقك لما يرضيك ، وأسألك يا مولاي فان سؤالى لا يحفيك . 

 إلهى سعت  نفسى إيك لنفسى تستوهبها وفتحت أفواه آمالها نحو نظرة منك لا تستوجبها فهب  لها ما سالت ، وجد عليها بما طلبت ، فانك أكرم الاكرمين بتحقيق أمل الآملين 

إلهى قد اصبت من الذنوب ما قد عرفت ، وأسرفت على نفسى بما قد علمت ، فاجعلني  عبدا إما طائعا فأكرمته وإما عاصيا فرحمته . 

إلهي كأني بنفسي قد أضجعت في حفرتها ، وانصرف عنها المشيعون من  جيرتها ، وبكى الغريب عليها لغربتها وجاد بالدموع عليها المشفقون من عشيرتها  وناداها من شفير القبر ذو وامودتها ، ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها ، ولم  يخف على الناظرين إليها عند ذلك ضر فاقتها ، ولا على من رآها قد توسدت الثرى  عجز حيلتها ، فقلت : ملائكتي فريد ناى عنه الاقربون ، ووحيد جفاه الاهلون  نزل بي قريبا ، واصبح في اللحد غريبا ، وقد كان لي في دار الدنيا داعيا ، ولنظري  إليه في هذا اليوم راجيا فتحسن عند ذلك ضيافتي ، وتكون أرحم بي من أهلي  وقرابتي . 

إلهي دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه ، فلا تحرمني جزاءك الذي وعدتنيه ، فمن  النعمة أن هديتني لحسن دعائك ، ومن تمامها أن توجب لي محمود جزائك

إلهي لو طبقت ذنوبي ما بين السماء إلى الارض وخرقت النجوم وبلغت أسفل  الثرى ، ما ردني اليأس عن توقع غفرانك ، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك 

، إلهي  وعزتك وجلالك لقد أحببتك محبة استقرت حلاوتها في قلبي ، وماتنعقد ضمائر  موحديك على أنك تبغض محبيك ،

 إلهي أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون ، ولست  أيأس من رحمتك التي يتوقعها المحسنون . 

إلهي اللنار ربتني أمي فليتها لم تربني ، أم للشقاء ولدتني فليتها لم تلدني ،

إلهي لا تغضب علي فلست اقوى لغضبك ، ولا تسخط علي فلست اقوم لسخطك 

إلهي  انهملت عبراتي حين ذكرت عثراتي ، ومالها لا تنهمل ، ولا ادري إلى ما يكون  مصيري ، وعلى ماذا يهجم عند البلاغ مسيري ، وارى نفسي تخاتلني ، وايامي تخادعني  وقد خفقت فوق رأسي أجنحة الموت ، ورمقتني من قريب أعين الفوت ، فما عذري  وقد حشا مسامعى رافع الصوت . 

إلهي لقد رجوت ممن البسني بين الاحياء ثوب عافيته الا يعريني منه بين  الاموات بجود رأفته ، ولقد رجوت ممن تولاني في حياتي بإحسانه أن يشفعه لي عند  وفاتي بغفرانه ، يا أنيس كل غريب ، آنس في القبر غربتي ، ويا ثاني كل وحيد  ارحم في القبر وحدتي ، ويا عالم السر والنجوى ويا كاشف الضر والبلوى ، كيف نظرك  لي بين سكان الثرى ، وكيف صنيعك إلي في دار الوحشة والبلى ، فقد كنت بي لطيفا  أيام حياة الدنيا ، يا افض لالمنعمين في آلائه ، وأنعم المفضلين في نعمائه ، كثرت 

اياديك عندي فعجزت عن إحصائها ، وضقت ذرعا في شكري لك بجزائها ، فلك  الحمد على ما أوليت ، ولك الشكر على ما ابليت ، يا خير من دعاه داع ، وافضل من  رجاه راج ، بذمة الاسلام أتوسل إليك ، وبحرمة القرآن أعتمد عليك ، وبحق  محمد وآل محمد أتقرب إليك ، فصل على محمد وآل محمد ، واعرف ذمتي التي بها رجوت قضاء حاجتي برحمتك يا ارحم الراحمين . 

ثم اقبل أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه يعاتبها ، ويقول : ايها المناجي ربه  بأنواع الكلام ، والطالب منه مسكنا في دار السلام ، والمسوف بالتوبة عاما بعد عام  ما اراك منصفا لنفسك من بين الانام ، فلو رافعت نومك يا غافلا بالقيام ، وقطعت  يومك بالصيام ، واقتصرت على القليل من لعق الطعام وأحييت مجتهدا ليلك بالقيام  كنت احرى أن تنال اشرف المقام .  ايتها النفس اخلصي ليلك ونهارك بالذاكرين ، لعلك أن تسكني رياض  الخلد مع المتقين ، وتشبهي بنفوس قد اقرح السهر رقة جفونها ، ودامت في الخلوات  شدة حنينها ، وابكى المستمعين عولة أنينها ، وألآن قسوة الضمائر ضجة رنينها ، فانها  نفوس قد باعت زينة الدنيا ، وآثرت الآخرة على الاولى ، أولئك وفد الكرامة 

يوم يخسر فيه المبطلون ، ويحشر إلى ربهم بالحسنى والسرور المتقون(

[1])

 



([1])  بحار الانوار  19 / 99 و 97/ 450