من سورة الملك
* - قوله تعالى في سورة الملك ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ ) (الملك/30)
عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) قال : سألته عن هذه الآية ، فقال : إذا فقدتم إمامكم فلم تروه ، فماذا تصنعون ؟ .
وعن عمار بن ياسر قال : كنت مع رسول الله في بعض غزواته ، وقتل علي أصحاب الألوية وفرق جمعهم وقتل جمعا ، أتيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقلت له : يا رسول الله إن عليا قد جاهد في الله حق جهاده . فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لأنه مني وأنا منه وإنه وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة من بعدي ، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي ، حربه حربي وحربي حرب الله وسلمه سلمي وسلمي سلم الله ، ألا إنه أبو سبطي والأئمة ، من صلبه يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين ومنهم مهدي هذه الأمة .
فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله من هذا المهدي ؟ قال ( صلى الله عليه وآله ) : يا عمار إن الله تبارك وتعالى عهد إلي أنه يخرج من صلب الحسين أئمة تسعة والتاسع من ولده يغيب عنهم وذلك قوله عز وجل ( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ) ، يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون ، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، وهو سميي وأشبه الناس بي .
يا عمار سيكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا واصحبه فإنه مع الحق والحق معه ،
يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين : الناكثين والقاسطين ثم تقتلك الفئة الباغية ، قال : يا رسول الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك ؟ قال : نعم على رضا الله ورضاي ، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه
فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال له : يا أخا رسول الله أتأذن لي في القتال ؟ فقال : مهلا رحمك الله ، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله ، فأعاد عليه ثالثا فبكى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فنظر إليه عمار فقال : يا أمير المؤمنين إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فنزل علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن بغلته وعانق عمارا وودعه ثم قال : يا أبا اليقظان جزاك الله عن نبيك وعني خيرا ، فنعم الأخ كنت ونعم الصاحب كنت ثم بكى ( عليه السلام ) وبكى عمار ثم قال : والله يا أمير المؤمنين ما تبعتك إلا ببصيرة فإني سمعت رسول الله يقول يوم خيبر : يا عمار ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا وحزبه فإنه مع الحق والحق معه ، وستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين ، فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء فلقد أديت وأبلغت ونصحت
ثم ركب وركب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ثم برز إلى القتال ثم دعا بشربة من ماء ، فقيل : ما معنا ماء ، فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه فقال : هكذا عهد إلي رسول الله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن ، ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل ( رحمه الله )
فلما كان في الليل طاف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في القتلى فوجد عمارا ملقى بين القتلى فجعل رأسه على فخذه ثم بكى عليه وأنشأ يقول :
ألا أيها الموت الذي ليس تاركي أرحني فقد أفنيت كل خليل
أيا موت كم هذا التفرق عنوة فلست تبقي خلة لخليل
أراك بصيرا بالذين أحبهم كأنك تمضي نحوهم بدليل