العتبة العلوية المقدسة - ليلة القدر وتعينها وأعمالها -
» » سيرة الإمام » موسوعة فقه الامام علي عليه السلام » كتاب الصوم » ليلة القدر وتعينها وأعمالها

ليلة القدر وتعينها وأعمالها

*- محمّد بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان عليّ (عليه السلام) كثيراً ما يقول(ما) اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقرأ (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ )بتخشّع وبكاء، فيقولان: ما أشدّ رقّتك لهذه السورة، فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما رأت عيني ووعا قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي، فيقولان: وما الذي رأيت، وما الذي يرى؟ قال: فكتب لهما في التراب (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر )قال: ثمّ يقول: هل بقي شيء بعد قوله عزّ وجلّ (كُلِّ أَمْر) فيقولان: لا، فيقول: هل تعلمان من المنزَّل إليه بذلك؟ فيقولان: أنت يا رسول الله، فيقول: نعم، فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدي، فيقولان: نعم، قال: فيقول هل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان: نعم، فيقول: إلى مَن؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي، قال: فإن كانا ليعرفان تلك الليلة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من شدّة ما يداخلهما من الرعب (في تلك الليلة)  (

 

[1])  .

*- إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الأصبغ بن نباتة، أنّ رجلا سأل علياً (عليه السلام) عن الروح، قال:ليس هو جبرئيل، فإنّ جبرئيل من الملائكة والروح غير جبرئيل، وكان الرجل شاكّاً، فكبر ذلك عليه، فقال: لقد قلت عظيماً ما أجد من الناس من يزعم أنّ الروح غير جبرئيل، قال علي (عليه السلام): أنت ضالّ تروي عن أهل الضلال، يقول الله تعالى لنبيّه: (أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)  ([2])   فالروح غير الملائكة، وقال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ)  ([3])   وقال تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً)  ([4])   وقال لآدم وجبرئيل يومئذ مع الملائكة: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِين فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)  ([5])   فسجد جبرئيل من الملائكة للروح، وقال تعالى لمريم: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً)  ([6])   وقال لمحمد (صلى الله عليه وآله) (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ)  ([7])   ثمّ قال: (لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَان عَرَبِي مُبِين وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الاَْوَّلِينَ)  (

 

[8])   والزبر الذكر، والأوّلين رسول الله (صلى الله عليه وآله) منهم، فالروح واحدة والصور شتّى.

 

قال: فلم يفهم الشاك ما قاله أمير المؤمنين (عليه السلام) غير أنّه قال: الروح غير

جبرئيل، فسأله عن ليلة القدر، فقال: إنّي أراك تذكر ليلة القدر تنزّل الملائكة والروح فيها؟ قال له علي (عليه السلام): فإن عمي عليك شرحه فسأعطيك ظاهراً منه تكون أعلم أهل بلادك بمعنى ليلة القدر، قال: قد أنعمت عليّ (إذا) بنعمة، قال له عليّ (عليه السلام): إنّ الله فرد يحبّ الوتر، وفرد اصطفى الوتر فأجرى جميع الأشياء على سبعة، فقال عزّ وجلّ: (خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَات وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)  ([9])   وقال: (سَبْعَ سَمَاوَات طِبَاقاً)  ([10])   وقال: جهنّم (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَاب)  ([11])   وقال: (سَبْعَ سُنْبُلاَت خُضْر وَأُخَرَ يَابِسَات)  ([12])  وقال: (سَبْعَ بَقَرَات سِمَان يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَاف)  ([13])   وقال: (حَبَّة أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ)  ([14])  وقال: (سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)  (

 

[15])  .

فأبلغ حديثي أصحابك لعلّ الله يجعل فيهم نجيباً إذا هو سمع حديثنا نفر قلبه إلى مودّتنا ويعلم فضل علمنا، وما نضرب من الأمثال التي لا يعلمها إلاّ العالمون بفضلنا، قال السائل: بيّنها في أيّ ليلة أقصدها؟ قال: اُطلبها في السبع الأواخر، والله لئن عرفت آخر السبعة لقد عرفت أوّلهنّ، ولئن عرفت أولهنّ لقد أصبت ليلة القدر، قال: ما أفقَه ما تقول، قال: إنّ الله طبع على قلوب قوم فقال: (إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً)  ([16])   فأمّا إذا أبيت وأبى عليك أن تفهم، فانظر فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرون من شهر رمضان فاطلبها في أربع وعشرين وهي ليلة السابع، ومعرفة السبعة فإنّ من فاز بالسبعة كمل الدين كلّه، وهي الرحمة للعباد والعذاب عليهم، وهم الأبواب التي قال الله تعالى: (لِكُلِّ بَاب مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ)  ([17])   يهلك عند كلّ باب جزء وعند الولاية كلّ باب.  (

 

[18])

 

 

*- يحيى بن صالح، عن مالك بن خالد، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبد الله بن الحسن، عن عباية، عن أمير المؤمنين (عليه السلام)أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) اعتكف عاماً في العشر الأوّل من شهر رمضان، واعتكف في العالم المقبل في العشر الأوسط، فلمّا كان العام الثالث رجع من بدر فقضى اعتكافه، فنام فرآى في منامه ليلة القدر في العشر الأواخر كأنّه يسجد في ماء وطين، فلمّا استيقظ رجع من ليلته وأزواجه وأناس من أصحابه، ثمّ إنّهم مطروا ليلة ثلاث وعشرين، فصلّى النبي (صلى الله عليه وآله) حين أصبح، فرئي في وجه النبي (صلى الله عليه وآله) الطين، فلم يزل يعتكف في العشر الأواخر حتّى توفّاه الله تعالى.  (

 

[19])

 

 

*- ابن أبي الحديد، في أمالي ابن دُريد، قال: أخبرنا الجرموزي، عن ابن المهلبي، عن شداد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن الحسن الفهري، عن ابن عرادة، قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه السلام) أخبرنا عن ليلة القدر؟ قال:ما أخلو من أن أكون أعلمها فأستر علمها، ولست أشك أنّ الله إنّما يسترها عنكم نظراً لكم، لأنكم لو أعلمكموها عملتم فيها وتركتم غيرها، وأرجو أن لا تخطئكم إن شاء الله.  (

 

[20])

 

 

*- أحمد بن محمّد، عن الحسن بن العباس بن حريش، قال: عرضت هذا الكتاب على أبي جعفر (عليه السلام) فأقرّ به، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال عليّ (عليه السلام) في صبح أوّل ليلة القدر التي كانت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)

فاسألوني فوالله لأخبرنّكم بما يكون إلى ثلاثمائة وستين يوماً من الذرّ فما دونها فما فوقها، ثمّ لا أخبرنّكم بشيء من ذلك بتكلّف ولا برأي ولا بادّعاء في علم إلاّ من علم الله وتعليمه، والله لا يسألني أهل التوراة، ولا أهل الانجيل، ولا أهل الزبور، ولا أهل الفرقان، إلاّ فرّقت بين كل أهل كتاب بحكم ما في كتابهم.  (

 

[21])

 

 

 



([1])الكافي 1: 249; تفسير البرهان 4: 483; البحار 25: 71; تفسير نور الثقلين 5: 633.

([2])النحل: 1-2.

([3])القدر: 3-4.

([4])

([5])النبأ: 38.

([6])ص: 72.

([7])مريم: 17.

([8])الشعراء: 193-194.

([9])الطلاق: 12.

([10])الملك: 3.

([11])الحجر: 44.

([12])يوسف: 43.

([13])يوسف: 43.

([14])البقرة: 261.

([15])الحجر: 87.

([16])الكهف: 57.

([17])الحجر: 44.

([18])مستدرك الوسائل 7: 463 ح8666; البحار 97: 5; الغارات 1: 183.

([19])مستدرك الوسائل 7: 465 ح8667; البحار 97: 7; دار السلام 1: 48.

([20])شرح النهج لابن أبي الحديد 4: 473; البحار 97: 5.

([21])البحار 97: 20; بصائر الدرجات: 152.