الباب الرابع
فيما ورد في شأن نبي الله يعقوب عليه السلام
الباب الرابع فيما ورد في شأن يعقوب عليه السلام محمد بن علي بن الحسين بن بابويه في العلل،
قال: حدثنا محمد بن
موسى بن المتوكل،
قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن الثمالي عن علي بن الحسين
(ع) أنه قال لمولاة له
يقال لها
سكينة - يوم جمعة - لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه فان اليوم الجمعة، فقلت له ليس كل من يأكل محقا، فقال يا ثابت
[ 27 ]
أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقا فلا نطعمه فينزل بنا أهل
البيت ما نزل بيعقوب
وآله:
اطعموهم اطعموهم إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه ويأكل هو وعياله وإن سائلا صواما محقا له عند الله منزلة - وكان غريبا مجتازا
- اعتر - على باب
يعقوب عشية
جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه اطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم يهتف بذلك على بابه مرار، وهم يسمعونه
قد جهلوا حقه ولم
يصدقوا
قوله، فلما يئس أن يطعموه، وغشيه الليل استعبر واسترجع، وشكى جوعه الى الله تعالى وبات طاويا وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله، وبات
يعقوب وآل يعقوب بطانا
شباعا
وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم، قال فأوحى الله عز وجل الى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي
واستوجبت بها أدبي ونزول
عقوبتي عليك
وعلى ولدك، يا يعقوب إن أحب أنبيائي الي وأكرمهم علي من رحم مساكين عبادي وقربهم إليه وأطعمهم وكان لهم مأوى وملجأ، يا يعقوب أما
رحمت ذميال عبدي
المجتهد في
عبادته،، القانع باليسير من طاهر الدنيا - عشاء أمس - لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره، وهتف بكم اطعموا السائل الغريب المجتاز
القانع فم تطعموه شيئا
فاسترجع
واستعبر وشكى ما به إلي - وبات طاويا حامدا لي، وأنت يا يعقوب وولدك شباع، وأصبحت عندكم فضلة من طعامكم أو ما علمت يا يعقوب أن العقوبة
والبلوى الى أوليائي
أسرع منها
الى أعدائي، وذلك
[ 28 ]
حسن النظر من لأوليائي واستدراج مني لأعدائي، أما وعزتي
لانزلن بك بلوائي،
ولأجعلنك
وولدك غرضا لمصائبي ولاؤدبنك بعقوبتي فاستعدوا لبلوائي وارضوا بقضائي واصبروا للمصائب الحديث. أقول لا ريب أن الذي صدر من يعقوب
انما هو ترك الأولى أعني
اطعام ذلك
السائل وكذلك جميع ما يوهم صدور الذنب من المعصومين (ع) فيجب تأويل الغضب بغايته - هنا - وهي منع ثواب ذلك المندوب الذي تركه يعقوب،
ولو فعله لأثابه الله
بصرف البلاء
عنه، ويجب تأويل العقوبة بالبلوى وإن لم يتقدمها ذنب. محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن اسباط عن عمه يعقوب
بن سالم عن اسحاق بن
عمار عن
الكاهلي، قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إن يعقوب (ع) لما ذهب منه بنيامين نادى يا رب أما ترحمني اذهبت عيني وأذهبت ابني فأوحى
الله تعالى إليه لو
أمتهما
لاحييتهما لك حتى اجمع بينك وبينهما، ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلتها، وفلان الى جانبك صائم لم تنله منها شيئا. قال
الكليني وفي رواية اخرى فكان
يعقوب ينادي
مناديه كل غداة من منزله على فرسخ ألا من أراد الغداء فليأت الى يعقوب وإذا أمسى نادى من أراد الع شاء فليأت الى يعقوب. ورواه أحمد
بن محمد البرقي في
المحاسن عن
عدة من
[ 29 ]
أصحابنا عن علي بن اسباط مثله ثم روى الثاني مرسلا كما رواه
الكليني.
الباب الخامس
فيما ورد في شأن نبي الله يوسف عليه السلام
الباب الخامس فيما ورد في شأن يوسف عليه السلام محمد بن يعقوب عن
علي بن ابراهيم عن أبيه
عن الحسن ابن
محبوب عن الحسن بن عمار الدهان عن مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما طرح أخوة يوسف يوسف في الجب أتاه جبرائيل عليه السلام
فقال: يا غلام ما
تصنع هاهنا
؟ فقال ان اخوتي ألقوني في الجب، قال: أفتحب أن تخرج منه ؟ قال ذاك الى الله عز وجل إن شاء أخرجني، قال: فقال: ان الله تعالى يقول
لك: ادعني بهذا الدعاء
حتى أخرجك
من الجب - فقال له: وما الدعاء ؟ فقال: قل اللهم اني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال
والاكرام أن تصلي على محمد
وآل محمد،
وأن تجعل لي مما أنا فيه فرجا ومخرجا، قال ثم كان من قصته ما ذكر الله في كتابه. وعنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن سيف
ابن عميرة قال: سمعت
أبا عبد
الله (ع) يقول: جاء جبرائيل (ع) الى يوسف وهو في السجن، فقال له يا يوسف قل في دبر كل صلاة اللهم اجعل لي فرجا ومخرجا وارزقني من حيث
أحتسب ومن حيث لا أحتسب.
أقول هذا لا
يتعين كونه كلاما قدسيا غير أنه يترجح فيه
[ 30 ]
ذلك والله
أعلم
الباب السادس
فيما ورد في شأن نبي الله شعيب عليه السلام
الباب السادس فيما ورد في شأن شعيب عليه السلام محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد ابن خالد ومحمد بن الحسن
الطوسي في التهذيب عن
المفيد عن
الصدوق عن أبيه ومحمد بن الحسن عن سعد والحميري عن أحمد ابن محمد بن خالد عن بعض أصحابنا عن بشر بن عبد الله عن أبي عصمة قاضى مرو عن
أبي جعفر (ع)، وذكر
حديثا طويلا
يتضمن تهديدا ووعيدا لتارك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ثم قال: إن الله عز وجل أوحى الى شعيب النبي أني معذب من قومك مئة الف
أربعين ألفا من
شرارهم،
وستين ألفا من خيارهم فقال (ع) يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى الله إليه أنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي. محمد بن
علي بن الحسين بن
بابويه في
كتاب العلل قال حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن يوسف بن سليمان بن الريان، قال: حدثنا القسم ابن
ابراهيم الرقى، قال:
حدثنا محمد
بن أحمد بن مهدي الرقى، قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس، قال: قال رسول الله (ص): بكى شعيب من حب الله - عز وجل -
حتى عمى فرد الله
عليه بصره،
ثم بكى حتى عمي، فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره، فلما كانت الرابعة
[ 31 ]
أوحى الله
عز وجل إليه يا شعيب الى متى يكون هذا أبدا منك: ان يكن هذا خوفا من النار فقد أجرتك، وان يكن شوقا الى الجنة، فقد أبحتك. فقال
الهي وسيدي أنت تعلم أني
ما بكيت
خوفا من نارك ولا شوقا الى جنتك، ولكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر أو أراك، فأوحى الله إليه أما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا، سأخدمك
كليمي موسى بن عمران.
قال ابن
بابويه يعني لا أزال أبكي أو أراك قد قبلتني حبيبا. أقول مرجع هذا الى تأويل الرؤية بالرؤية القلبية، وللعلماء توجيهات لطيفة
وتقريرات شريفة في معنى
أمثال هذا
الكلام يضيق عن ذكرها المقام.
|