next page

fehrest page

back page

الباب الثاني عشر : في قصص موسى و هارون على نبينا و آله و عليهم السلام و فيه فصول - الفصل الأول فيما يشتركان فيه من علل التسمية و الفضائل

قال الله تعالى وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة .

قال المفسرون موسى اسم مركب من اسمين بالقبطية فمو هو الماء و سى الشجر و سمي بذلك لأن التابوت الذي كان فيه موسى وجد عند الماء و الشجر وجدته جواري آسية و قد خرجن ليغتسلن و هو موسى بن عمران بن يصهر بن يافث بن لاوي بن يعقوب .

و اختلف في اسم أم موسى و هارون فقال محمد بن إسحاق نخيب و قيل أفاحية و قيل يوخابيد و هو المشهور .

أقول و هو الذي وجدته في التوراة المعربة في البصرة سنة الخامسة و التسعين بعد الألف بعد انصرافي من حج البيت .

[216]

تفسير علي بن إبراهيم بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في خبر المعراج عن النبي ص قال : ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا فيها رجل كهل عظيم العين حوله ثلة من أمته فأعجبني كثرتهم فقلت من هذا يا جبرئيل فقال هذا المجيب في قومه هارون بن عمران فسلمت عليه و سلم علي و استغفرت له و استغفر لي و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات ثم صعدنا إلى السماء السادسة و إذا فيها رجل آدم طويل و سمعته يقول يزعم بنو إسرائيل أني أكرم ولد آدم على الله و هذا رجل أكرم على الله مني فقلت من هذا يا جبرئيل قال هذا أخوك موسى بن عمران فسلمت عليه و سلم علي و استغفرت له و استغفر لي و إذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات و قال (عليه السلام) كان عمر موسى بن عمران مائتين و أربعين سنة و كان بينه و بين إبراهيم خمسمائة سنة .

و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : اختار من الأنبياء أربعة للسيف إبراهيم و داود و موسى و أنا و اختار من البيوتات أربعة فقال الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ .

علل الشرائع ; سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله عز و جل يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ من هم فقال : قابيل يفر من هابيل و الذي يفر من أمه موسى و الذي يفر من أبيه إبراهيم و الذي يفر من صاحبته لوط و الذي يفر من ابنه نوح و الذي يفر من أبيه كنعان .

قال الصدوق : إنما يفر موسى من أمه خشية أن يكون قصر فيما وجب عليه من حقها .

أقول : ذكر جماعة من أهل الحديث أنه يجوز أن يتجوز بالأم عن المربية أو المرضعة التي أحضنته أو أرضعته في بيت فرعون قبل وقوع أمه عليه كما تجوزوا عن إبراهيم بأبيه.

الأمالي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أوحى الله إلى موسى بن عمران يا موسى أ تدري لم انتخبتك من خلقي و اصطفيتك لكلامي فقال لا يا رب فأوحى الله إليه أني اطلعت على الأرض فلم أجد أشد تواضعا لي منك خر موسى ساجدا

[217]

و عفر خديه في التراب تذللا منه لربه عز و جل فأوحى الله إليه ارفع رأسك يا موسى و مر يدك على موضع سجودك و امسح بها وجهك و ما نالته من بدنك فإنه أمان من كل سقم و داء و آفة و عاهة .

و في حديث آخر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : أوحى الله عز و جل إلى موسى (عليه السلام) أ تدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي فقال موسى لا يا رب فقال يا موسى إني قلبت عبادي ظهرا لبطن فلم أجد أحدا فيهم أذل لي منك نفسا يا موسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب .

و روي : أن موسى (عليه السلام) كان إذا صلى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض و الأيسر .

أقول : هذا الوضع على التراب بعد الصلاة هو سجدة الشكر الذي قال به علماؤنا و نطقت به أخبارنا و شنع المخالفون به علينا تشنيعا شنيعا و قالوا إن سجدة الشكر من مبتدعات اليهود و الرافضة و رووا في أخبارهم أن أول من سجد سجدة الشكر في الإسلام هوأمير المؤمنين (عليه السلام) لما أمر بالمبيت على فراش رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الغار .

تفسير علي بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام) : قال إن بني إسرائيل كانوا يقولون ليس لموسى ما للرجال و كان موسى (عليه السلام) إذا أراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد و كان يوما يغتسل على شط نهر و قد وضع ثيابه على صخرة فأمر الله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنو إسرائيل إليه فعلموا أنه ليس كما قالوا فأنزل الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا ... الآية .

قال أمين الإسلام الطبرسي : اختلفوا فيما آذوا به موسى (عليه السلام) على أقوال أحدها أن موسى و هارون (عليه السلام) صعدا الجبل فمات هارون فقالت بنو إسرائيل أنت قتله فأمر الله الملائكة فحملته حتى مروا به على بني إسرائيل و تكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا أنه قد مات فبرأه الله من ذلك .

[218]

روي ذلك عن علي (عليه السلام) و ابن عباس .

و ثانيها أن موسى (عليه السلام) كان جنبا يغتسل وحده فقالوا ما يتستر منا إلا لعيب بجلده إما برص و إما أدرة فذهب مرة ليغتسل فوضع ثوبه على حجر فمر الحجر بثوبه فطلبه موسى فرآه بنو إسرائيل عريانا كأحسن الرجال خلقا فبرأه الله مما قالوا رواه أبو هريرة مرفوعا .

و قال قوم إن ذلك لا يجوز لأن فيها اشتهار النبي و إبداء سوءته على رءوس الأشهاد و ذلك ينفر عنه .

و ثالثها أن قارون استأجر مومسة لتقذف موسى (عليه السلام) بنفسها على رءوس الملأ فعصمه الله تعالى من ذلك عن أبي العالية .

و رابعها أنهم آذوه من حيث إنهم نسبوه إلى السحر و الجنون و الكذب بعد ما رأوا الآيات عن أبي مسلم انتهى .

و أما السيد قدس الله ضريحه فقد رد الثاني بأنه ليس يجوز أن يفعل الله تعالى بنبيه ما ذكروه من هتك العورة لتنزيهه عن عاهة أخرى فإنه تعالى قادر أن ينزهه مما قذفوه به على وجه لا يلحقه معه فضيحة أخرى و ليس يرمي بذلك أنبياء الله من يعرف أقدارهم .

ثم قال و الذي روي في ذلك من الصحيح معروف و ذكر الوجه الأول .

و قال جماعة من أهل الحديث لا استبعاد فيه بعد ورود الخبر الصحيح و إن رؤيتهم له على ذلك الوضع الذي لم يتعمده موسى (عليه السلام) و لم يعلم أن أحدا ينظر إليه أم لا و أن مشيه عريانا لتحصيل ثيابه مضافا إلى تبعيده عما نسبوه إليه ليس من المنفرات .

و سئل الصادق (عليه السلام) : أيهما مات قبل موسى أم هارون قال هارون مات قبل موسى (عليه السلام) و سئل أيهما كان أكبر قال هارون و كان اسم ابني هارون شبرا و شبيرا و تفسيرهما بالعربية الحسن و الحسين .

و قد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : رأيت إبراهيم و موسى و عيسى (عليه السلام)

[219]

فأما موسى فرجل طوال سبط يشبه رجال الزط و رجال أهل شيوة و أما عيسى فرجل أحمر جعد ربعة ثم سكت فقيل يا رسول الله فإبراهيم قال فانظروا إلى صاحبكم يعني نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) .

next page

fehrest page

back page