سيرة الإمام الحسن (ع)

الصفحة السابقة الصفحة التالية

سيرة الإمام الحسن (ع)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 3

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ص 5

المقدمة

 الإمام أبو محمد الحسن الزكي، سبط الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أول مولود ولد في الإسلام لأهل البيت (عليهم السلام)، جده رسول الله، وأبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة الزهراء، صلوات الله عليهم أجمعين، وهو أول فرع للدوحة الهاشمية النبوية، والشجرة العلوية. ولد في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة للهجرة النبوية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه وفي أخيه أحاديث كثيرة منها. 1 - الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . 2 - من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني . 3 - إبناي هذان إمامان قاما أو قعدا .

ص 6

4 - الحسن والحسين ريحانتاي في الدنيا وفي الآخرة . إلى غير ذلك من الأحاديث النبوية الشريفة، المتواترة التي نقلها حملة الأحاديث من جهابذة العلماء وأكابر الحفاظ في سننهم وصحاحهم ومسانيدهم مسندة ومرسلة إرسال المسلمات. ويكفيهما فخرا أنهما طاهران مطهران بحكم آية التطهير التي نزلت في جدهما رسول الله، وأبيهما أمير المؤمنين، وأمهما فاطمة الزهراء، وفيهما، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. يمتاز الإمام الحسن (عليه السلام): بمناقب، وفضائل، وصفات، ومزايا انحصرت فيه، وما اجتمعت في غيره إلا في أخيه الإمام الحسين وأهل بيته، وخص به من المآثر والمكارم التي فاق بها على الأوائل والأواخر، لا يقوم بوصفها البنان، ولا ينهض بذكرها اللسان، لأنه أرفع

ص 7

مكانا ومحلا، وأوفى شرفا ونبلا، وأزكى فرعا، وأعلى أصلا. عرف الإمام الحسن (عليه السلام) بجوده وكرمه، وسماحته وسخائه، كما اشتهر بحلمه وصبره، وكذلك بفصاحته وبلاغته، ظاهر ذلك في محاوراته مع أعدائه، وكذلك بزهده، وورعه، وعبادته. لكن الإمام الحسن (عليه السلام) ابتلي بأدهى طغاة زمانه معاوية، الذي تجسد فيه عداء بني أمية السافر وحقدهم الدفين على بني هاشم، الممتد والمتأصل منذ القدم على هاشم وعبد المطلب من عبد شمس، وأمية، وصخر، ولم يترك معاوية وسيلة من وسائله الخبيثة إلا استعملها ضد بني هاشم وضد الإمام الحسن وأبيه من قبل (عليهم السلام)، وآزر معاوية وسار في ركابه قرناء السوء الذين باعوا دينهم بدنياهم، والأدهى من ذلك بدنيا معاوية وبني أمية، ومهدوا لهم الطريق وعبدوها، مع علمهم ودرايتهم

ص 8

بأحقية أهل البيت وعصمتهم (عليهم السلام). لكن الإمام الحسن (عليه السلام) ما كان غافلا عن خطط بني أمية الجهنمية وأهدافهم الخبيثة التي ترمي إلى قلع جذور الإسلام من أساسه عن طريق محاربة أهل البيت وإزاحتهم، لا سيما أئمة الهدى (عليهم السلام) ليخلو لهم الجو في العبث بمقدرات شريعة السماء، عن طريق رواة السوء في بث الأحاديث الكاذبة كما أسلفت، حتى وصل الاعتقاد بالمسلمين حينذاك، لا سيما جديدي العهد بالإسلام إلى أن الإسلام متمثل ببني أمية وخلافة معاوية، لأنهم يعتبرونه خال المؤمنين وكاتب الوحي، استنادا إلى أجهزتهم الإعلامية الكاذبة المنحرفة. فقد استهدف الإمام (عليه السلام) من قبول الهدنة هدفين - حسبما توصلت إليه -. الهدف الأول: الإبقاء على البقية الباقية من أهل بيته وأصحاب أبيه المخلصين الذين يمثلون بيضة الإسلام.

ص 9

الهدف الثاني: كشف معاوية وبني أمية على حقيقتهم، وواقعهم المزيف وبعدهم عن الإسلام، وإنما كانوا يتظاهرون به كذبا وزورا لتمرير سياستهم وخططهم في البقاء على دولتهم وكيانهم، وخداع المسلمين. ولما شاهد انهيار معنويات أصحابه، وجنده، وقواد جيشه، ورؤساء قبائلهم، وتخاذلهم أمام إغراءات معاوية ومواعيده المعسولة بالمال، والمناصب، والمصاهرة منه، ومن جهة أخرى اتخاذ سياسة الشدة والبطش، والتعذيب من سمل العيون، وقطع الأيدي والأرجل والإبادة لمن لا يستجيب له من شيعة علي (عليه السلام)، والواعين من المسلمين المخلصين حتى وصل الأمر إلى خيانة قائد جيش الإمام الحسن (عليه السلام) وابن عمه عبيد الله بن العباس، الذي أمره على رأس جيش جرار، ليكون الطليعة لمواجهة معاوية وجيش أهل الشام، لكن بإغراء معاوية له بالمال ترك قيادة جيش

ص 10

الإمام، وانحاز سرا ليلا إلى معاوية في نفر من أصحابه وخاصته. كما إن بعض قواد الإمام الحسن (عليه السلام) وبعض رؤساء القبائل كاتبوا معاوية سرا مبدين استعدادهم لتسليم الإمام الحسن (عليه السلام) له حيا إن شاء أو مقتولا عند اقتراب الجيشين، ومن دهاء معاوية وخبثه أن بعث بجميع تلك الرسائل إلى الإمام الحسن (عليه السلام) ليطلعه على جلية الأمر وخبث سريرة أصحابه. عند ذلك رجع الإمام (عليه السلام) إلى نفسه مفكرا بأي جيش يا ترى وبأي قوة يواجه معاوية وجيشه الجرار ويحاربه؟ أبهذا الجيش أم بأولئك الأصحاب؟ لذلك قرر قبول الهدنة التي عرضها عليه معاوية، لتنفيذ خطته التي كان يرمي بها إلى كشف معاوية وبني أمية، وإلى حفظ بيضة الإسلام ومبادئه حتى ولو تجرع الغصص، والعتاب من بعض خلص أصحابه الذين لا يدركون

ص 11

عمق خطته ومدى بعد هدفه. ومأثورة الإمام الحسين (عليه السلام) وتضحياته الهائلة في التصميم على الوقوف بوجه الظلم والظالمين وتقديم أعز أولاده، وفلذات كبده، وأهل بيته، وأصحابه، وما يملك حتى نفسه الزكية، قرابين على مذبح الشهادة والدين، والحرية، والإباء إلا امتدادا وإتماما لخطة أخيه الإمام الحسن (عليهما السلام) لكشف ظلم بني أمية وجورهم، وإظهار حقيقة كفرهم. وكسر الطوق واختراق الستار الحديدي الذي ضربه معاوية خلال عشرين عاما من حكمه على عقول المسلمين وغسل أدمغتهم عامة، وأهل الشام خاصة، الذين هم حديثي عهد بالإسلام، ولولا ثورة الحسين (عليه السلام) لكانت شريعة الإسلام أموية جاهلية. وقد أعقبت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ثورات متتالية أهمها ثورة المدينة، وثورة التوابين، وثورة المختار بن

ص 12

عبيدة الثقفي، وتبعتها ثورات أخرى، الواحدة تلو الأخرى، من هنا وهناك حتى قضت على عرش بني أمية وأدت إلى انهيار دولتهم إلى هاوية سحيقة من البغض والنسيان، وستجد تفصيل ذلك ضمن البحث. وقد ركزت في هذا البحث على ثلاث نقاط مهمة:

 النقطة الأولى: دراسة وتحليل المجتمع الكوفي وعناصره.

 النقطة الثانية: بيان عدد زوجاته وعدد أولاده، وتكذيب الشائعات والتهم التي روجها الأعداء بكثرة زوجاته، وكثرة مطلقاته بأدلة وأسانيد لا تقبل المناقشة والكلام.

 النقطة الثالثة: موقف الإمام السياسي السليم تجاه مؤامرات معاوية، وخذلان أصحابه وتفكك جيشه. سيد شباب أهل الجنة في سطور راجيا منه تعالى أن يتقبل مني هذا القليل ويعفو عني الكثير، فإنه أرحم الراحمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد خلقه محمد وآله الطاهرين.

 حسين الشاكري

ص 13

 سيد شباب أهل الجنة في سطور

 اسمه: الحسن سماه به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . أبوه: علي أمير المؤمنين (عليه السلام). أمه: فاطمة الزهراء (عليها السلام). جده لأمه: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). جده لأبيه: أبو طالب بن عبد المطلب. جدته لأمه: خديجة بنت خويلد. جدته لأبيه: فاطمة بنت أسد بن هاشم. أخوته لأمه وأبيه: الإمام الحسين - ومحسن الذي سقط يوم الدار - (عليهم السلام). أخواته لأمه وأبيه: زينب، أم كلثوم (عليهما السلام).

ص 14

ولادته: ولد بالمدينة يوم الثلاثة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث للهجرة، فجئ به إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: اللهم إني أعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم، وأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وسماه حسنا، وعق عنه كبشا. صفته: كان (عليه السلام) أبيض، مشربا بحمرة، أدعج العينين، سهل الخدين، رقيق المشربة، كث اللحية، ذا وفرة، وكأن عنقه إبريق فضة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، مليحا، من أحسن الناس وجها، وكان يخضب بالسواد، وكان جعد الشعر، حسن البدن. حياته مع أبيه: لازم أباه أمير المؤمنين (عليه السلام) طيلة حياته، وشهد معه حروبه الثلاث: الجمل، صفين، النهروان. كنيته: أبو محمد كناه بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وأبو

ص 15

القاسم. ألقابه: التقي، والزكي، والسبط، والسيد، والأمين، والحجة، والأثير، والمجتبى، والزاهد، والبر. نقش خاتمه: العزة لله وحده. أشهر زوجاته: خولة بنت منظور الفزارية، أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي، أم بشر بنت أبي مسعود الأنصاري، جعدة بنت الأشعث، هند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. أولاده: زيد، الحسن، عمرو، القاسم، عبد الله، عبد الرحمن، الحسين، طلحة. بناته: أم الحسن، أم الحسين، فاطمة، أم عبد الله، أم سلمة، رقية. بيعته: بويع بالخلافة في الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 40 للهجرة. وسيأتي تفصيل ذلك فيما بعد.

 خلص أصحابه: سفيان بن أبي ليلى الجهداني،

ص 16

حذيفة بن أسيد الغفاري، أبو زرين الأسدي. بوابه: سفينة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) . كاتبه: عبد الله بن أبي رافع. صلحه: هادن معاوية في النصف من جادي الأولى سنة 41 للهجرة بعد ما تبين الوهن في أصحابه، عاش مظلوما، ومات مسموما، وقبض بالمدينة بعد مضي عشر سنين من ملك معاوية.

وفاته: توفي (عليه السلام) في يوم الخميس السابع من شهر صفر سنة 50 للهجرة وله من العمر سبع وأربعون سنة. قبره: دفنه الحسين (عليه السلام) في البقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بوصية منه.

 مدة إمامته: كانت مدة إمامته (عليه السلام) 10 سنين. هدم قبره: هدم الوهابيون قبره وقبور بقية الأئمة (عليهم السلام) في الثامن من شوال سنة 1344 ه‍. ولادته

ص 17

 

 

 الفصل الأول
ولادته (عليه السلام):

 

 إقترن الإمام أمير المؤمنين، بفاطمة الزهراء (عليهما السلام)، في شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة، بعد رجوعه من واقعة بدر منتصرا بالإسلام، وثمرة زواجهم الأول مرج البحرين المولود البكر، أبو محمد الحسن بن علي (عليهما السلام)، وذلك في منتصف شهر رمضان المبارك من السنة التالية الثالثة للهجرة في المدينة المنورة. قال الإربلي في كشف الغمة ج 2 / 140: ولد الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام)، بالمدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة للهجرة، وهو أول غرس للشجرة العلوية الفاطمية، والدوحة الهاشمية.

ص 18

ولما حضرت السيدة فاطمة الولادة، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأم سلمة، وأم أيمن [بركة] وفي رواية لأسماء أحضراها [أي فاطمة] فإذا وقع ولدها واستهل صارخا فأخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وجاء [وقال: ناولوني ابني] فأخذه فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، فسره (1) ولثاه بريقه، وهو أول طعام يدخل جوفه، وقال: اللهم إني أعيذه بك [وذريته] وولده من الشيطان الرجيم (2). وبلفظ آخر: وفي رواية: (3) عندما جاء (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) قال: ناولوني إبني، فأخذه وضمه إلى صدره، وألعقه من ريقه فهو أول طعام يدخل جوف

(هامش)

(1) فسره - حضنه. (2) الإرشاد للشيخ المفيد ص 169، نزهة المجالس ج 2 ص 205. (3) مع بعض التصرف في العبارة روما للاختصار، دون المساس بالمعنى. (*)

ص 19

الطفل، وبعد أن أذن وأقام، قال لعلي (عليه السلام): ما سميته؟ قال: ما كنت لأسبقك بتسميته يا رسول الله، فسكت هنيئة، وفي رواية ، قال: ما كنت لأسبق ربي حتى هبط الأمين جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام، ويقول سمه باسم ابن هارون، لأن عليا منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): وما اسمه؟ قال: شبر. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لساني عربي. فقال (عليه السلام): إن الله يقول: سمه حسن، إشتققته من إسمي، فأنا المحسن وهذا حسن، فسماه (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحسن، وكناه بأبي محمد، ولقبه بالسيد، وختنه في اليوم السابع، وعق عنه بكبش، وأمر بحلق رأسه والتصدق بوزن شعره فضة، وأعطى للقابلة فخذا من العقيقة ودينارا، فكان وزن شعر رأسه بعد الحلق ورقا

ص 20

[فضة] درهما وشيئا فتصدق به، فصارت هذه سنة تجري على كل مولود إلى يومنا هذا (1). نسبه: أما نسبه: ففي ذلك غنى عن التعريف، وهو امتداد لجده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). ولله در القائل: نسب كأن عليه من شمس الضحى * نورا ومن فلق الصباح عمودا زوجاته صفاته: وعن المفيد في الإرشاد: كان الحسن، أشبه الناس برسول الله خلقا، وهيأة، وهديا، وسؤددا.

(هامش)

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 238، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 151 تاريخ الخلفاء ص 188. (*)

ص 21

وفي أسد الغابة، بسنده إلى أنس بن مالك: لم يكن أحد أشبه برسول الله من الحسن بن علي. قال المدائني: كان الحسن بن علي (عليه السلام) أكبر ولد علي، وكان سيدا سخيا حليما، وكان رسول الله يحبه. وعن واصل بن عطاء: كان الحسن بن علي، عليه سيماء الأنبياء، وهيبة الملوك.

 زوجاته: 1 - تزوج الإمام الحسن (عليه السلام) جعدة بنت الأشعث في عهد أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، والظاهر أنها أول زوجة تزوجها وكانت عنده إلى أن (سمته) وتوفي، ولم يذكر لها ولد، ويحتمل أن يكون هذا هو الباعث - أو أحد البواعث - لتزويج نساء أخر، كما إن هذا المعنى، بأنها لم تلد، وتزوج الإمام بعدها هو الموجب لحدوث البغضاء وانتفاء المحبة منها والوفاء.

ص 22

2 - لا يخفى إن تعدد الزوجات في ذلك الوقت كان متعارفا، يتزوج الرجل ويطلق بأي سبب كان أو بأي وسيلة، وكان مرسوما وشائعا في ذلك الزمان، وما من رجل إلا وله زوجات متعددة، وهذا واضح لمن راجع كتب الرجال والتواريخ، ميلا في سنن البيهقي ج 3 ص 85 قال: المغيرة بن شعبة: فنظرت إليها ثم تزوجتها، فما وقعت عندي امرأة بمنزلتها، ولقد تزوجت بسبعين امرأة. وأمثال المغيرة من رجال ذلك العصر كثيرون. وفي المعارف ص 230 ولد لطلحة عشرة بنين وأربع بنات لأمهات شتى، وقد تزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أربع عشرة زوجة، وتوفي عن تسع. 3 - يظهر من القرائن أن بعضا من رؤساء القبائل أو الأشراف يعرضون بناتهم على الإمام للزواج منهن ليحصلوا على الشرف والفخر والفضل والانتساب إلى

ص 23

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو لا يقبل التزويج إلا نادرا، ويدل على ذلك قلة الأولاد. 4 - يظهر من الروايات أن الإمام (عليه السلام) كان يمسك بالمعروف أو يسرح بالإحسان، وعلى أي حال فأزواجه كن راضيات، وهن كما قال تعالى: *(وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف)* وهذا هو المناط في المزاوجة، بأن يكون كل من الزوجين راضيين وموافقين على ذلك من الزواج أو الفراق. ذكر البيهقي في سننه ج 7 ص 44 عن ابن سيرين: أن الحسن بن علي (رضي الله عنه) [(عليه السلام)] طلق امرأة له، فمتعها بعشرة آلاف درهم، فقالت: متاع قليل لحبيب مفارق. فبلغه ذلك فراجعها. فالمسلم به والمقطوع: إنه (عليه السلام) تزوج بكرا واحدة، وخمس زوجات ثيبات أو سبعا، في بعض الروايات،

ص 24

وتملكه خمس أمهات أولاد، وما زاد على ذلك فهو من نسج وعاظ السلاطين: فلا سند له في كتب الحديث والتاريخ والأنساب. والله العالم بحقائق الأمور. وأشهر زوجاته: خولة بنت منظور الفزارية، وأم إسحاق بن عبيد الله التميمي، وأم بشير بنت أبي مسعود الأنصاري، وجعدة بنت الأشعث، وهند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. وأما الطلاق.. فلم يحدثنا التاريخ إلا عن اثنتين، طلقهما الإمام (عليه السلام) لداع اقتضى ذلك: الأولى: حفصة أو هند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، التي كان يهواها المنذر، فوشى بها للإمام بشيء لم يذكره التاريخ والظاهر أنه أمر لا يناسب الإمام معه أن يبقيها في عصمته، بل يكفي في ذلك نفس الوشاية، التي قد تصبح بعد ذلك وسيلة للتشهير. والثانية: امرأة من بني شيبان من آل همام بن مرة،

ص 25

وكان طلاقه لها بعد أن علم أنها ترى رأي الخوارج، حيث هنأته بالخلافة بعد شهادة أبيه وهي فرحة مسرورة وقد اعتذر الإمام عن طلاقها، بأنه يكره أن يضم إلى نحره جمرة من جمر جهنم، هكذا في بعض الروايات، أنقلها أمانة. ولم يحدثنا التاريخ عن ثالثة طلقها الإمام (عليه السلام) فيمن طلق، وحتى لو كانت لربما يكون للإمام عذر في ذلك. إذن.. أين يكون موقع الاتهام، بأن الإمام كان مزواجا مطلاقا..؟ وأين هن زوجاته السبعون؟ وأين هن مطلقاته الكثيرات؟ أعوذ بالله من البهت وخطل الرأي.

 أولاده (عليه السلام): في الإرشاد للشيخ المفيد وفي بحار الأنوار ج 44 ص 163 - 168 أولاد الحسن بن علي (عليهما السلام) خمسة عشر

ص 26

ولدا ذكرا وأنثى: زيد بن الحسن، وأختاه أم الحسن وأم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود بن عقبة بن عمر بن ثعلبة الخزرجية، والحسن بن الحسن أمه خوله بنت منظور الفزارية وعمرو بن الحسن، وأخواه القاسم وعبد الله ابنا الحسن أمهم أم ولد، وعبد الرحمن بن الحسن أمه أم ولد، والحسين بن الحسن الملقب بالأثرم، وأخوه طلحة بن الحسن وأختهما فاطمة بنت الحسن أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي وأم عبد الله، وفاطمة، وأم سلمة، ورقية بنات الحسن (عليه السلام) لأمهات شتى (1). وفي إعلام الورى: له من الأولاد ستة عشر، وزاد فيهم أبا بكر وقالت: قتل عبد الله مع الحسين (عليه السلام). عمدة الطالب (ص 47) وأولد أبو محمد الحسن في

(هامش)

(1) الإرشاد: ص 176. (*)

ص 27

رواية شيخ الشرف العبيدلي: ستة عشر ولدا منهم خمس بنات وأحد عشر ذكرا، هم زيد، والحسن المثنى، والحسن، وطلحة، وإسماعيل، وعبد الله، وحمزة، ويعقوب، وعبد الرحمن، وأبو بكر، وعمر، وقال الموضح النسابة: عبد الله هو أبو بكر، وزاد القاسم، وهي زيادة صحيحة. وأما البنات فهن أم الحسين رملة، وأم الحسن، وفاطمة، وأم سلمة، وأم عبد الله، وزاد الموضح: رقية. فهن في روايته ست بنات، وجملة أولاده في روايته سبعة عشر. وقال أبو نصر البخاري: أولد الحسن بن علي ثلاثة عشر ذكرا وست بنات. أعقب من ولد الحسن أربعة: زيد والحسن والحسين الأثرم وعمر، إلا أن الحسين الأثرم وعمر انقرضا سريعا، وبقي عقب الحسن من رجلين لا غير: زيد والحسن المثنى. فالمشهور إذن أن أولاده (عليه السلام): زيد، والحسن المثنى،

ص 28

وعمرو، والقاسم، وعبد الله، وعبد الرحمن، والحسين، وطلحة. وأما بناته فهن: أم الحسن، وأم الحسين، وفاطمة، وأم عبد الله، وأم سلمة، ورقية. فالمجموع الكلي خمسة عشر، ثمانية ذكور، وستة إناث كما ذكرنا أعلاه. وقد اشترك الحسن بن الحسن المثنى، مع عمه الحسين (عليه السلام) في معركة الطف، وقاتل قتال الأبطال، وظل يقاتل حتى سقط إلى الأرض لكثرة ما أصابه من الجراح، وظنه الناس مع القتلى، وحينما أرادوا قطع رأسه تبين لهم أنه لا يزال حيا، فتشفع به أسماء بن خارجة الفزاري، ويعتبر من أخواله لأن أمه كانت فزارية وعالجه من ستة أشهر حتى برئ من جراحه، وتزوج من فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، وأكثر الحسنيين الذين ثاروا على الظلم والطغيان في العصر العباسي

ص 29

وغيره من نسله وأحفاده. وإليه، وإلى أخيه زيد بن الحسن ينتسب السادة الحسنيون الذين لا يزالون حتى عصرنا هذا يفخرون ويتباهون بنسبهم كغيرهم ممن يدعون الانتساب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

ص 30

 

 

 الفصل الثاني

 ما جاء في حقه في القرآن والسنة

 

 ما جاء في حقه في القرآن والسنة

 النص القرآني:

 ما أكثر الآيات الواردة في أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، لا سيما الخمسة أصحاب الكساء، وكيف لا يكونون كذلك وقد قرنهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالقرآن، وجعلهم عدلا له؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا بعدي أبدا. وهذه أربع آيات مما وردت فيه وفي أخيه (عليهما السلام): 1 - قوله تعالى: *(فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

سيرة الإمام الحسن (ع)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب