ص 31
على الكاذبين)*(1). 2 - قوله تعالى: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا)*(2). قال واثلة بن الأسقع لقد رأيتني ذات يوم وقد جئت النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) في بيت أم سلمة فجاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله، ثم
جاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه، ثم دعا
بعلي ثم قال: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)*. (3) 3
- قوله تعالى: *(قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)*(4).
(هامش)
(1) آل عمران: 61. (2) الأحزاب: 33. (3) أسد الغابة 2 / 20. (4) سورة الشورى: 23.
(*)
ص 32
قال ابن عباس: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من هؤلاء الذين يجب علينا
حبهم؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): علي وفاطمة وابناهما - ثلاث مرات - (1). 4 -
قوله تعالى: *(يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان)*(2). قال الإمام الصادق (عليه السلام)
في قوله تعالى: *(يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان)* الحسن والحسين (عليهما السلام). (3)
أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في ولديه الحسن والحسين (عليهما السلام)
إن كتب الصحاح، ومسانيد الحديث، مستفيضة بالأحاديث النبوية الواردة في أهل البيت
عليهم الصلاة والسلام، وقد جمع كثير من العلماء بعض هذه
(هامش)
(1) كشف الغمة: 95. (2) الرحمن: 22. (3) الخصال: 65 ح 96. (*)
ص 33
الأحاديث في مصنفات خاصة، كما أفرد لها غيرهم فصولا مستقلة في كتبهم، ومن بين هذه
الأحاديث ما هو خاص في الإمام الحسن (عليه السلام) رابع أهل الكساء، وسيد شباب أهل
الجنة، نذكر منها ومن غيرها: في البخاري: عن أبي بكر: رأيت رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) على المنبر والحسن بن علي معه، وهو يقبل على الناس مرة، وعليه مرة
ويقول: إن ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين. (1) قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم): حسن سبط من الأسباط. (2) روى الحمويني بسنده عن
أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أخذ بيد
الحسن والحسين رضي الله عنهما:قال من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي
(هامش)
(1) الإصابة: 1 / 33. (2) أسد الغابة: 2 / 13. (*)
ص 34
في درجتي يوم القيامة. (1) أسد الغابة لابن الأثير ج 5 ص 467 قال: روى إبراهيم
بن علي الرافعي، عن جدته زينب بنت أبي رافع، قالت: رأيت فاطمة بنت رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) أتت بابنيهما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في
شكواه الذي توفي فيه فقالت: يا رسول الله هذان ابناك فورثهما. فقال: أما حسن فإن له
هيبتي وسؤددي، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي. وروي عن الترمذي مرفوعا إلى ابن عباس
(رضي الله عنه) أنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حامل الحسن بن
علي (عليهما السلام) فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم): ونعم الراكب هو. وروي عن الحافظ أبي نعيم فيما أورده في حليته عن
(هامش)
(1) فرائد السمطين: 2 / 36. (*)
ص 35
أبي بكر قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي بنا فيجئ الحسن (عليه
السلام) وهو ساجد وهو إذ ذاك صغير فيجلس على ظهره ومرة على رقبته فيرفعه النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) رفعا رفيقا، فلما فرغ من الصلاة قالوا: يا رسول الله إنك تصنع
بهذا الصبي شيئا لا تصنعه بأحد! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن هذا ريحانتي،
وإن ابني هذا سيد، وعسى أن يصلح الله تعالى به بين فئتين من المسلمين. روي عن
الأصمعي قال: بعث الحجاج إلى يحيى بن يعمر، فقال له: أنت الذي تقول: إن الحسن بن
علي ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ والله لتأتيني بالمخرج أو لأضربن
عنقك، فقال له: إن أتيتك بالمخرج فأنا آمن؟ قال: نعم. قال له: أقرء: *(وتلك حجتنا
آتيناها إبراهيم على قومه.. إلى قوله... ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى
وهارون وكذلك نجزي المحسنين
ص 36
وزكريا ويحيى وعيسى)*(1) فمن أقرب، عيسى إلى إبراهيم، وإنما هو ابن ابنته أو الحسن
إلى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال الحجاج: فوالله لكأني ما قرأت هذه الآية
قط. (2) ومما جاء في كرم أخلاق الحسن والحسين (عليهما السلام) أنهما مرا على شيخ
يتوضأ ولا يحسن الوضوء فأظهرا تنازعا يقول كل منهما للآخر: أنت لا تحسن الوضوء،
وقالا: أيها الشيخ كن حكما بيننا فتوضئا وقالا: أينا يحسن الوضوء؟ فقال الشيخ: يا
سيدي كلاكما تحسنان الوضوء، ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن الوضوء وقد
تعلم الآن منكما وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أمة جدكما. (3)
(هامش)
(1) الأنعام: 83 - 85. (2) العقد الفريد ج 3 / 242، محاضرات ج 1 / 216. (3) المجالس
السنية للسيد محسن الأمين ج 5 / 355. (*)
ص 37
عن جابر قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الجنة تشتاق إلى أربعة من
أهلي وقد أحبهم الله وأمرني بحبهم: علي بن أبي طالب، والحسن والحسين، والمهدي صلى
الله عليهم، الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم (عليه السلام). ذكر العلامة القندوزي
الحنفي، في ينابيع المودة (1) في فضائل الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)
انقل محل الحاجة منها، ولعلها مكررة بطرق وأسانيد ومصادر مختلفة. في سنن الترمذي،
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد، قال: أخبرني أخي
[الإمام] موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن
أبيه، عن جده علي بن أبي طالب قال: أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بيد
الحسن
(هامش)
(1) ص 161 - 166 ط الأعلمي - بيروت. (*)
ص 38
والحسين (عليهما السلام) وقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي
يوم القيامة، وفي رواية أنا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم. من تاريخ دمشق للحافظ
ابن عساكر في ترجمة الإمام الحسن بن علي (عليهما السلام) ومناقبه (تحقيق الشيخ
المحمودي، الطبعة الأولى في مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر بيروت، لبنان سنة 1400
ه = 1980 م) خلال أحاديث الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بشأن سبطه
الإمام الحسن (عليه السلام) انقل لك مخلصا هذه الأحاديث: من أحبهما فقد أحبني نقل
هذا الحديث ابن عساكر بعدة طرق، منها: أ - ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
(عليه السلام) قال: أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيد الحسن والحسين (عليهما
السلام) فقال:
ص 39
من أحبني وهذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة. أقول: اللهم ارزقني
حبهم. ب - وفي رواية أم المؤمنين عائشة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان
يأخذ الحسن فيضمه إليه فيقول: اللهم إن هذا ابني أحبه فأحبه وأحب من يحبه. أقول:
فلماذا منعت عائشة دفنه عند جده وقالت: لا تدخلوا بيتي من لا أحب؟! نعم الجمل
جملكما أ - عن جابر بن عبد الله قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وهو حامل الحسن والحسين على ظهره وهو يمشي بهما، فقلت: نعم الجمل جملكما، ونعم
العدلان أنتما، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ونعم الراكبان هما. ب -
عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن أبيه قال:
ص 040
صَلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) بأصحابه، فلما سجد وثبت الحسن على ظهره، فلم
يزل حتى نزل، فلما فرغ من صلاته قيل: يا رسول الله طولت بنا! قال: إن ابني هذا
ارتحلني، وإني كرهت أن أنزله حتى يقضي حاجته. شفقة الرسول (صلى الله عليه وآله
وسلم) بهما عن زيد بن أرقم قال: خرج الحسن بن علي (عليهما السلام) وعليه بردة،
ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطب، فعثر الحسن وسقط، فنزل رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) من المنبر وابتدره الناس فحملوه، وتلقاه رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) فحمله ووضعه في حجره، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الولد
لفتنة، ولقد نزلت إليه وما أدري أين هو، وقال: صدق الله ورسوله: *(إنما أموالكم
وأولادكم فتنة)*.
ص 41
دعاء في قنوت الوتر الذي علمه (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن (عليه السلام) اللهم
اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت، وقني
شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت،
تباركت ربنا وتعاليت. النص عليه بالخلافة: نص الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله
وسلم) والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على (1) الإمامين الحسن والحسين وعلى
الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) بالخلافة والوصاية من بعدهم.
(هامش)
(1) ومما هو جدير بالذكر أنه لم يدع أحد من الأمة الإسلامية النص على الخلفاء الذين
ملكوا من عهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وإلى الخلفاء العباسيين، بينما تجد
النصوص النبوية على أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وهذه من مميزاتهم الكثيرة. (*)
ص 42
كما إن هناك أحاديث في النص على الحسنين (عليهما السلام) خاصة، كقوله (صلى الله
عليه وآله وسلم): ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا (1). ومضافا لنصوص الرسول (صلى
الله عليه وآله وسلم) الصريحة على إمامة الأئمة (عليهم السلام)، كان بعضهم ينص على
البعض، وفي هذه الصفحات بعض نصوص الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) على الحسن
(عليه السلام): عن سليم بن قيس قال: شهدت أمير المؤمنين (عليه السلام) حين أوصى إلى
ابنه الحسن، وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده، ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم
دفع إليه الكتاب والسلاح وقال: يا بني أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
أن أوصي إليك، وأدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي ودفع إلي كتبه وسلاحه، وأمرني
أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك
(هامش)
(1) الإرشاد 199 وذكر الحديث جل من ترجم للحسنين (عليهما السلام). (*)
ص 43
الحسين. ثم أقبل على ابنه الحسين فقال: وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين [وهو طفل حدث] وقال: وأمرك رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي، فاقرأه من رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومني السلام (1). وقال الأصبغ بن نباتة: إن عليا
لما ضربه الملعون ابن ملجم دعا بالحسن والحسين فقال: إني مقبوض في ليلتي هذه،
فاسمعا قولي، وأنت يا حسن وصيي (2)
(هامش)
(1) الكافي: 1 / 297 ح 1، عنه إعلام الورى: 207 وحلية الأبرار: 1 / 540. وأخرجه في
البحار: 43 / 322 ح 1، وعوالم العلوم: 16 / 98 ح 2 عن إعلام الورى. (2) ولتواتر
النص عندهم ذكر المؤرخون أن ابن عباس قام بين يدي الحسن (عليه السلام) فقال: معاشر
الناس هذا ابن نبيكم، ووصي إمامكم فبايعوه، فقالوا: ما أحبه إلينا، وأوجب حقه
علينا، وبادروا إلى البيعة له بالخلافة. (*)
ص 44
والقائم بالأمر بعدي، وأنت يا حسين شريكه في الوصية، فاصمت وكن لأمره تابعا ما بقي،
فإذا خرج من الدنيا فأنت الناطق من بعده، والقائم بالأمر عنه، وكتب له بالوصية عهدا
منشورا نقله جمهور العلماء (1). وقال ابن أبي الحديد: عهد بها - الخلافة - إلى
الحسن (عليه السلام) عند موته (2). كما ذكر في إعلام الورى عن الكليني عن أبي جعفر
(عليه السلام) قال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) لما حضرته الوفاة قال لابنه
الحسن: ادن مني حتى أسر إليك ما أسر إلي رسول
(هامش)
(1) إثبات الهداة: 5 / 140. (2) شرح نهج البلاغة: 1 / 57. (*)
ص 45
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأئتمنك على ما ائتمنتني عليه، ففعل. (1) وذكر
العلامة ابن شهرآشوب في مناقبه، قال الله تعالى كتابه في المجيد: *(والذين آمنوا
واتبعتهم ذريتهم بإيمان)*(2). ولا اتباع أحسن من اتباع الحسن والحسين (عليهما
السلام). وقال تعالى: *(ألحقنا بهم ذريتهم)* فقد ألحق الله بهما ذريتهما برسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)، وشهد بذلك كتابه، فوجب لهم الطاعة لحق الإمامة، مثل ما
وجب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لحق النبوة. إلى هنا أكتفي. وحين حضرت أمير
المؤمنين (عليه السلام) الوفاة عين ولده الأكبر، الإمام الحسن بن علي (عليه السلام)
وصيا له وخليفة من بعده، وذلك بوصية مسبقة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،
وأشهد
(هامش)
(1) الكافي: 1 / 298 ح 2، عنه إعلام الورى: 207 والبحار: 43 / 322 ح 3. (2) الطور:
21. (*)
ص 46
بذلك أهل بيته وسائر أبنائه، وكبار أصحابه من شيعته. ولما قبض أمير المؤمنين (عليه
السلام) خطب الإمام الحسن (عليه السلام) خطبة ذكر فيها فضل أبيه وفضله وفضل أهل
بيته، ثم جلس، فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال: معاشر الناس، هذا ابن نبيكم
ووصي إمامكم فبايعوه. فقالوا: ما أحبه إلينا وأوجب حقه علينا. وبادروا إلى البيعة
له بالخلافة وذلك يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة،
فرتب العمال وأمر الأمراء وأنفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة ونظر في الأمور. قتل
ابن ملجم قتل ابن ملجم: أدخل ابن ملجم على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مسجى،
فقال له: أي عدو الله، ألم أحسن إليك؟ قال: بلى.
ص 47
قال: فما حملك على هذا؟ فسكت فلم يجب، ثم التفت إلى أولاده خاصة الإمامين الحسن
والحسين (عليهما السلام) وقال: النفس بالنفس، إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، وإن
سلمت فأنا ولي دمي، رأيت فيه رأيي، وأوصى به وقال أطعموا م أسيرك من طعامكم، فأخذوه
إلى الحبس، وأحدق به الناس يحاولون أن ينهشوا لحمه بأسنانهم. فلما فرغ الإمام من
دفن أبيه بعث إلى ابن ملجم فأحضره، فقال للإمام (عليه السلام) هل لك في خصلة إني
أعطيك عهد الله فإن شئت خليت بيني وبين معاوية حتى أقتله، فإن لم أقتله وبقيت، أن
آتيك حتى أضع يدي في يدك. فقال الإمام (عليه السلام): لا والله حتى تعاين النار، ثم
قدمه وضرب عنه. وأخذ الناس جيفته فأدرجوه في بواري وأحرقوه بالنار. وقال المفيد
(قدس سره) في الإرشاد: استوهبت أم الهيثم بنت
ص 48
الأسود النخعية جيفته من الإمام (عليه السلام) لتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها
بالنار. وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن أبي إسحاق الهمداني: رأيت ابن ملجم
قاتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) يحرق بالنار في أصحاب الرماح.
ص 49
الفصل الثالث
فضائله، ومناقبه، ومحاسن أخلاقه، ومعجزاته (عليه السلام)
شذرات من فضائله (عليه السلام):
روى مرفوعا إلى أم الفضل قالت: قلت يا رسول الله، رأيت [في
المنام] عضوا من أعضائك في بيتي. قال (صلى الله عليه وآله وسلم): خيرا رأيت، تلد
ابنتي فاطمة غلاما. وترضعيه بلبن قثم، فولدت فاطمة الحسن (عليه السلام)، بلبن
فأرضعته قثم. وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. الحديث. ذكر في أخبار
أصفهان ج 1 ص 44، ما معناه: الحسن
ص 50
ابن علي بن أبي طالب: سيد شباب أهل الجنة، والمصلح بين المسلمين، شبيه رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) وحبيبه، سليل الهدى، وحليف أهل التقى، ورابع (1) أهل
الكساء وابن سيدة النساء. وفي ج 2 ص 242، عن حذيفة، أن النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) قال: ألا إن الحسن بن علي قد أعطي من الفضل ما لم يعط أحد من ولد آدم ما خلا
يوسف بن يعقوب. وفي تهذيب ابن عساكر ج 4 ص 199 و211 نظير ذلك. وفي الإستيعاب ج 1 ص
385 لا أسود ممن سماه رسول الله سيدا. وكان رحمة الله عليه حليما، ورعا فاضلا. كما
ذكر قبل ذلك في تاريخ الخلفاء ص 72، وفي طبقات الشعراني، وفي البداية ج 8 ص 37
(هامش)
(1) في المصدر: وخامس. (*)
ص 51
وغيرهم. وقد أطبق الجميع على حلمه، وفضائله، ومواقفه الحكيمة، وشجاعته الفذة،
وزهده، وورعه، وكلما يقال في شأنه فهو دون مقامه، كيف لا؟ فهو عين قريش وأوسطهم،
وسيد بني هاشم بعد جده وأبيه، ومن أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الذين
أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بنص الكتاب، وسيد شباب أهل الجنة، ومن يحبه
الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وريحانته، وأفضل الناس علما، وحلما، وورعا،
وكرما بعد جده وأبيه، فلا يقاس به من الناس أحد. عبادته: أمالي الصدوق: قال الإمام
الصادق (عليه السلام): حدثني أبي، عن أبيه (عليهما السلام) أن الحسن بن علي بن أبي
طالب (عليهما السلام) كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان
ص 52
إذا حج حج ماشيا، وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى،
وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على
الله تعالى شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي
ربه عز وجل وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم، ويسأل الله الجنة،
ويعوذ به من النار، وكان (عليه السلام) لا يقرأ من كتاب الله عز وجل *(يا أيها
الذين آمنوا)* إلا قال: لبيك اللهم لبيك، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكرا لله
سبحانه: وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقا. (1) حج (عليه السلام) خمسا وعشرين
حجة ماشيا وإن النجايب
(هامش)
(1) أمالي الشيخ الصدوق: 151. (*)
ص 53
لتقاد معه. (1) كان إذا توضأ ارتعدت مفاصله، واصفر لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حق
على كل من وقف بين يدي رب العرش أن يصفر لونه، وترتعد مفاصله. يا بن آدم عف عن
محارم الله تكن عابدا، وارض بما قسم الله تكن غنيا، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما،
وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك بمثله تكن عدلا، إنه كان بين أيديكم قوم يجمعون
كثيرا ويبنون مشيدا ويأملون بعيدا، أصبح جمعهم بورا، وعملهم غرورا، ومساكنهم قبورا،
يا ابن آدم، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، فجد بما في يده لما بين
يديك، وإن المؤمن يتزود والكافر يتمتع.
(هامش)
(1) كشف الغمة: 164، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار: 176. (*)
ص 54
فصاحته وبلاغته (عليه السلام):
في كتاب العدد: قيل طعن أقوام من أهل الكوفة في
الحسن بن علي (عليهما السلام) فقالوا: إنه عي لا يقوم بحجة، فبلغ ذلك ر أمي
المؤمنين (عليه السلام) فدعا الحسن وقال: يا ابن رسول الله، قم فاخطب الناس. فصعد
(عليه السلام) المنبر فخطب خطبة بليغة وجيزة، فضج الناس، فقال منها: أيها الناس
اعقلوا عن ربكم *(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين *
ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)*(1) فنحن الذرية من آدم، والأسرة من نوح،
والصفوة من إبراهيم، والسلالة من إسماعيل، وآل من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)،
نحن فيكم كالسماء المرفوعة، والأرض المدحوة، والشمس الضاحية،
(هامش)
(1) آل عمران: 33 - 34. (*)
ص 55
وكالشجرة الزيتونة، لا شرقية ولا غربية التي بورك زيتها، النبي أصلها، وعلي فرعها،
ونحن والله ثمرة تلك الشجرة، فمن تعلق بغصن من أغصانها نجى، ومن تخلف عنها فإلى
النار هوى. فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) فصعد المنبر مع الحسن فقبل ما بين
عينيه، ثم قال: يا ابن رسول، أثبت على القوم حجتك، وأوجبت عليهم طاعتك، فويل لمن
خالفك. (1) حلمه (عليه السلام): كانت سيرته (عليه السلام) سيرة جده وأبيه (عليهما
السلام) في الصفح عن المسئ، والعفو عند المقدرة، والتواضع، إلى غير ذلك من المزايا
الحميدة، والصفات الكريمة. وما أحوج الأمة إلى تبني هذه السيرة والسير في هذا
(هامش)
(1) بحار الأنوار ج 43 ص 358. (*)
ص 56
الطريق، ليعود لها ماضيها المجيد، وعزها التليد.
نذكر في هذا الفصل بعض ما ورد من
حلمه في سيرته (عليه السلام):
1 - عن المبرد وابن عائشة قالا: إن شاميا رآه راكبا
فجعل يلعنه والحسن لا يرد، فلما فرغ، أقبل الحسن عليه وتبسم، وقال: أيها الشيخ أظنك
غريبا ولعلك شبهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا
أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت محتاجا أغنيناك، وإن كنت طريدا آويناك، وإن
كانت لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك، كان
أعود عليك، لأن لنا موضعا رحبا، وجاهلا عريضا، ومالا كبيرا. فلما سمع الرجل كلامه
بكى ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت
وأبوك أبغض خلق الله إلي، والآن أنت أحب
ص 57
خلق الله إلي، وحول رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقدا لمحبتهم.
جوده
وكرمه (عليه السلام):
ولعل أبرز صفات الإمام السبط (عليه السلام) وفضائله جلاء من
بين أخلاقه الفاضلة السامية: السخاء، فهو معروف بكريم أهل البيت. الكرم والجود من
الغرائز الثابتة في شخصية الإمام (عليه السلام) واستمرار صلاته للمحتاجين والوافدين
طفحت على كل فضائله وحسن صفاته، بنهج رائد لا زال يقتفي أثره الكرماء ولم يلحقوا
به، وكل جواد وكريم من ذلك الحين إلى يومنا هذا فهو عيال عليه، ومنه آخذ وبه اقتدى.
فمما رواه الخطيب البغدادي في تاريخه ج 6 ص 34 إنه قال: روي عن الإمام الحسن بن علي
(عليه السلام) أنه كان مارا
ص 58
في حيطان (1) المدينة فرأى عبدا اسودا بيده رغيف خبز يأكل ويطعم كلبه لقمة إلى أن
شاطره طعامه في الرغيف، فقال له الإمام الحسن (عليه السلام) ما حملك على ما عملت
وشاطرته ولم تعافيه فيه شيء؟ فقال الغلام: استحت عيناي من عينه. فقال له الإمام:
غلام من أنت؟ فقال: غلام أبان بن عثمان، فقال: والحائط؟ قال: لأبان بن عثمان. فقال
له الإمام الحسن أقسمت عليك لا برحت حتى أعود إليك. فمر على صاحب الحائط فاشترى
الحائط والغلام معا، وجاء إلى الغلام فقال: يا غلام قد اشتريتك، فقام الغلام قائما
وقال: السمع والطاعة لله ولرسوله ولك
(هامش)
(1) الحيطان: البستان. (*)
ص 59
يا مولاي. قال: واقد اشتريت الحائط، وأنت حر لوجه الله، والحائط هبة مني إليك. فقال
الغلام: يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له. وجاء أعرابي سائلا، فقال: أعطوه
ما في الخزانة، وكان فيها عشرون ألفا فدفعوها إليه، فقال الأعرابي يا مولاي ألا
تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي، فقال الإمام (عليه السلام): نحن أناس نوالنا خضل *
يرتع فيه الرجاء والأمل تجود قبل السؤال أنفسنا * خوفا على ماء وجه من يسل لو علم
البحر فضل نائلنا * لفاخر من بعد فيضه حمل
ص 60
ومنها: سمع (عليه السلام) رجلا إلى جنبه في المسجد الحرام يسأل الله تعالى أن يرزقه
عشرة آلاف درهم، فانصرف إلى منزله وبعث إليه بعشرة آلاف درهم. ويروي المؤرخون عن
سخائه أيضا أن جماعة من الأنصار كانوا يملكون بستانا يعتاشون منه فاحتاجوا لبيعه،
فاشتراه منهم بأربعمائة ألف درهم، ثم أصابتهم ضائقة بعد ذلك اضطرتهم لسؤال ما في
أيدي الناس، فرد عليهم البستان حتى لا يسألوا أحدا شيئا. وحيت جارية الحسن (عليه
السلام) بطاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله فقيل له في ذلك، فقال: أدبنا
الله تعالى فقال: *(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها)*(1) وكان أحسن منها
إعتاقها. (2)
(هامش)
(1) النساء: 86. (2) البحار ج 43 / 342 - 343. (*)
|