next page

fehrest page

back page

ترجمة الامام الحسن (عليه السلام)

من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد

تهذيب وتحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي قدس سرّه

مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث

تـقـديـم :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

وبعد :

فكم يسع المرء في ساعات تفجعه الاولى ، ولحظات تأسيه الباكرة، أن يلوي عنان قلمه اللاهث خلف نبضان قلبه الملتاع، ووجيبه المضطرب ، بل وأنّى له أن يكبح فورانه المندفع ـ كالسيل ـ وهو يخط بعناد ظلالاً قاتمة سوداء لا تفصح في أهون معالمها المعتمة إلا عن اللوعة والحزن، والشكوى والتأسّي.

ولاغرو في ذلك، فقليل ـ وحقّك ـ هم من تبكيهم الأقلام، ومن تتوشّح سواداً لفقدهم صفحاتُ الأسفار، بل ومن تكلم حدة غروبهم أفئدة

[6]

رجال الفكر، وروّاد العلم، وترى وطأتها عليهم ـ دون غيرهم ـ أكبر ثقلاً، وأشد فداحة.

نعم، لقد شائت ارادة السماء أن تطوي الساعات الاولى من فجر اليوم السابع من شهر رمضان هذا بثوبها المسدل ـ وعلى حين غرة ـ علماً بارزاً من رجال العلم والمعرفة، وينبوعاً معطاءً متدفقاً بالخير والعطاء المزدان بالتواضع الجم والبساطة المتناهية.

بلى، لقد شهدت تلك الساعات ـ ثكلى ـ رحيل العلامة الجليل، والمحقّق القدير، سماحة آية الله السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله سبط صاحب كتاب (العروة الوثقى) آية الله العظمى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي رحمه الله (ت 1337هـ).

رحل السيد الطباطبائي بعد عمر ناهز الثمانية والستين عاماُ أوقف جلُه ـ بشهادت جميع من عرفوه ـ في طلب العلم وتعليمه، فخلّف خلالها الكثير من البصمات المباركة المشهودة في المكتبة الإسلامية الكبرى، والاكثر منها في قلوب الكثير من الباحثين والمحققين الذين اعتبروه ـ بحق ـ مرشداً أميناُ، وموجّها قلّ نظيره.

ونحن اذ ننعى ـ بقلوب أشجاها الحزن وأقرحها المصاب ـ وفاة هذا العالم الفذ فانّا نقدم في الوقت نفسه بين يدي القارئ الكريم واحداً من آخر انجازاته النفيسة ـ وهو ترجمة الامام الحسن عليه السلام من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد ـ كان مقدرا له أن يصدر قبل أكثر من عام من الزمن، بيد أن جملة من ظروف متعددة أحاطت بمحققه ـ كان أهمها ابتلاؤه بمرضه الذي أودى بحياته (1) ـ أجّلت انجاز هذا العمل الى هذه الايام، ليرى النور بعد مغادرة


(1) تعرّض السيد الطباطبائي رحمه الله السنتين الاخيرتين الى أزمتين قلبيتين حادتين،

[7]

محقته الحياة (1)، جعله الله تعالى له ذخراً يضاف الى غيره من أعماله الكثيرة الاخرى.

وكان هذا الاثر النفيس قد نشر على صفحات مجلة تراثنا ـ التي كان السيد الطباطبائي رحمه الله أباً روحياً لها، ورائداً كبيراً من روادها ـ في عددها الحادي عشر، الصادر في شهر ربيع الآخر عام (1408هـ)، واذ تبادر المؤسسة الى نشرها مستلّة ضمن مستلات تراثنا المتلاحقة، فانها تجعل ذلك مقروناً في اليوم السابع من وفاته، رحمه الله تعالى برحمته الواسعة، وأسكنه فسيح جنانه، انه نعم المولى نعم النصير.

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث


شاءت ارادة البارئ جل اسمه أن ينجو منهما، وأن يتوفّى بعد بضيق التنفس كما ذكر.

والحق يقال بان هاتين الازمتين القلبيتين قد دفعتا السيد الطباطبائي الى محاولة المسارعة في انجاز ما يمكن انجازه من أعماله المتعددة التي لا زالت قيد العمل، خوفاً من أن تدركه الوفاة قبل ذلك، فأنجز البعض منها، ولا زال الكثير متوقف عند مراحل مختلفة، بعضها في مراحله الاخيرة.

(1) نقل عن السيد الطباطبائي رحمه الله قوله بانّه ستدركه الوفاة قبل أن يرى صدور هذا العمل... وصدق ظنه.

[8 ]


[9]

next page

fehrest page

back page