الصفحة 191
ــ " فالركوع هو الانحناء وانخفاض الرأس، ويستعمل للتواضع والتخضع، و بمعنى انخفاض الحال وانحطاطها. قال في القاموس: ركع الشيخ: انحنى كبراً، أو كبا على وجهه، وافتقر بعد غني، وانحطت حاله. وكُلّ شيء يخفض رأسه فهو راكع. وفي المفردات الركوع: الانحناء ".

ــ " وإذن فهو تارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في الصلاة كما هي، تارة في التواضع والتذلل إما في العبادة وإما في غيرها ".

ــ " فالظاهر أ نّه وضع في بدء الأمر للانحناء الحسي، ثُمّ استعمل في التواضع والتذليل بعناية، وفي الاعسار والافتقار بعناية أُخرى ".

ــ " وهل استعملت الولاية بصيغها المختلفة في القرآن؟ ".

ــ " أجل استعملت في القرآن الكريم، وذلك في موارد كثيرة: فاستعمل (الولى) و(الوالى) و(المولى) في اللّه تعالى: وسمى الملائكة (أولياء) المؤمنين ".

ــ " والشياطين؟ ".

ــ " وسُمي الطاغوت والشياطين كذلك (أولياء) الكافرين، وذكر أنّ المؤمنين بعضهم (أولياء) بعض ".

ــ " والظالمين؟ ".

ــ " وكذلك الظالمون ".

ــ " والكافرين؟ ".

ــ " كذلك، كان قد نهى المؤمنين عن اتخاذ الكافرين (أولياء) ".

ــ " وهل تنتفي الولاية عن المؤمنين في بعض المواطن؟ ".

ــ " لقد نفيت (ولاية) المؤمنين عن الذين لم يهاجروا من المؤمنين مع الأمر

الصفحة 192
بنصرهم عند الاستنصار. واستعمل (الولي) أيضاً في الوارث فهو ولي الدم والصديق ".

ــ " هل لك أن تأتيني بنماذج من الآيات؟ ".

ــ " إليك نماذج منها: { اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا } البقرة: 257. { وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }الجاثية: 19. { وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وال } الرعد: 11. { وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ مِنْ وَلِيّ وَلا نَصِير } العنكبوت: 22. { وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً } الكهف: 17. { ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ } محمّد: 11 ".

ــ " إنّها كثيرة؟ ".

ــ " كثيرة جداً..: { هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً }الكهف: 44. { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللّهُ هُوَ الْوَلِيُّ }الشورى: 9. { الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللّهِ زُلْفى }الزمر: 3. { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً }العنكبوت: 41 ".

ــ " همم! ".

ــ " { وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ } الأعراف: 3. وقال سبحانه حكاية عن الملائكة: { نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخِرَةِ } فصلت: 31. وقال عزّ وجلّ في الشياطين: { إِنّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ }الأعراف: 27. وقال تعالى: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطّاغُوتُ } البقرة: 257. { فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً } النساء: 76. { يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيّاً }مريم: 45 ".


الصفحة 193
ــ "؟! ".

ــ " وقال تبارك وتعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض }. التوبة: 71.

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْء حَتّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاّ عَلى قَوْم بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الأنفال: 72، { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض } الأنفال: 73 ".

ــ " إنها لعديدة حقاً؟ ".

ــ " { وَإِنَّ الظّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض } الجاثية: 19. وقال عزّ اسمه: { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } آل عمران: 28. { الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً } النساء: 139. { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْر مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ }المائدة: 51 ـ 52 ".

ــ " أووه! ".

ــ " { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفّارَ أَوْلِياءَ } المائدة: 57. { لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ } الممتحنة: 1. { يا أَيُّهَا الَّذِينَ

الصفحة 194
آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ } التوبه: 23. وقال تعالى ذكره: { فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ }مريم: 5 ـ 6. { وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً } الإسراء: 33. { فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } فصلت: 34 ".

ــ " وهل يمكن الادعاء بأنّ ثمة انحصار في الولاية؟ ".

ــ " قال تعالى: { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ } ".

ــ " سألتُك؟! ".

ــ " وأنا أجيبك.. هذا الخطاب الإلهي يتوجه إلى الأُمّة الإسلامية ليحدد لها أولياءها بالخصوص. وإن الواضح جداً هنا أنّ المولَّى غير المولَّى عليه ".

ــ " وعليه؟! ".

ــ " فالذين آمنوا ـ في تعبير الآية ـ هم غير المخاطبين المولّى عليهم. سياق هذه الآية ليس كسياق آية: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْض }. وهو أمر لا يخفى على العارف بأساليب الكلام ".

ــ " وعليه فـ { الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ } هم أفراد معينون لهم شأن وامتياز عن الآخرين. وذلك إما لأنّ هذه الصفات المذكورة تتجلى بكُلّ واقعها فيهم، أو لأ نّهم سبقوا غيرهم إليها ".

ــ " وإذن فهذه الرابطة المعبّر عنها بالولاية هي لتختلف ".

ــ " بالتأكيد، فإنّ من الواضح جداً أنّ حقيقة هذه العلاقة المعبر عنها بالولاية بين اللّه ورسوله وهؤلاء الذين آمنوا وبين أفراد الأُمّة الإسلامية ليست كالرابطة المتقابلة بين فردين أو جماعتين من الأُمّة ".


الصفحة 195
ــ " كيف؟ ".

ــ ".. أي رابطة الحب والتعاون والتناصر، وإنّما هي علاقة خاصّة يكون أحد الطرفين فيها مؤثراً في الآخر دون العكس، وليست هي إلاّ الأولوية في التصرف ".

ــ " وإن اختلفت؟ ".

ــ " وإن اختلفت بالنسبة إلى اللّه تعالى وإلى غيره أصالة وتبعاً، وشدّة وضعفاً ".

ــ " ".

ــ " فولاية اللّه تعالى هي الأصيلة في حين إنّ ولاية الرسول ومن يتلوه هي ولاية مستمدة من ولاية اللّه تعالى ".

ــ " فمن هم المراد بهم الذين آمنوا؟ ".

ــ " إذا لاحظنا هذا الذي قلناه وأدركنا الربط بين الحكم الوارد في هذه الآية ومدى تناسبه مع موضوعه، وركزّنا على جعل ولاية الذين آمنوا ـ هؤلاء ـ في سياق ولاية اللّه تعالى ورسوله، عرفنا بدقة أن المراد هم أُولو الأمر ".

ــ " أُولو الأمر؟ ".

ــ " أجل أُولو الأمر، الذين افترض اللّه تعالى طاعتهم على المؤمنين وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله ".

ــ " وما يمكن أن يشتمل عليه مدى هذه الولاية؟ ".

ــ " لقد جاءت الولاية المعطاة لهؤلاء مطلقة في الآية بلا أي تقييد بجانب معين من الجوانب، ولذا فيلتزم بهذا الاطلاق إلاّ ما خرج بالدليل القطعي، هو الاستقلال بالولاية التكوينية والتشريعية. فولايتهم على أي حال تبعية متفرعة

الصفحة 196
على ولاية اللّه تعالى الأصلية المستقلة ".

ــ " من هم هؤلاء الذين آمنوا؟ ".

ــ "ومن الواضح أنّ هذا اللفظ لم يعين بالتحديد من هم هؤلاء ـ بأشخاصهم ـ ولذا وجب الرجوع إلى النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) وهو المرجع الوحيد في معرفة مجملات الكتاب وتفاصيل الأحكام ".

ــ " قال تعالى: { وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }. (النحل: 44) قد بيّن ذلك بأحسن بيان وبلغ رسالة ربه بأحسن بلاغ. وقد روى الفريقان بياناته بما لا يبقى معه مجال ريب لمن ألقى السمع وهو شهيد ".

ــ " وكتب الحديث والتفسير، ماذا يمكن أن يكون دورها في هذا المضمار؟ أو كيف لها أن تسهم في الكشف عن مثل هذه الحقائق؟ ".

ــ " إن كتب العلماء في الحديث والتفسير والتاريخ، لتشكل حجّة لكل من يطلب الحقّ، وتضادّ كُلّ معاند. فإنّها تنتج العلم القطعي بمراد الآية وأ نّها نزلت في شأن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام)حين تصدق بخاتمة الشريف وهو راكع يصلي في المسجد ".

ــ " وهل سجل الشعراء مثل هذه الحادثة، باعتبارهم صحفيوا الأزمنة القديمة ".

ــ " لقد مدح (حسان بن ثابت) عليَّ بن أبي طالب، وذلك لأجل هذه المكرمة في أبيات شعرية ".

ــ " من نقلها عنه من المؤرخين والقدامى؟ ".

ــ " نقلها عنه الخوارزمي، وشيخ الإسلام الحمويني، وصدر الحفاظ الكنجي، وسبط ابن الجوزي، وجمال الدين الزرندي ـ على ما حكاه العلاّمة

الصفحة 197
الأميني في الغدير (ج 2 ص 59) ـ وقد ذكرها الالوسي في تفسيره فى ذيل الآية الشريفة ".

ــ " وغيرهم؟ ".

ــ " كذلك: فمنهم أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره، والطبري في تفسيره (ج6، ص 165) والرازي في تفسيره (ج3، ص 431) والخازن في تفسيره (ج1، ص 496) عن عدّة من الصحابة والتابعين. ومنهم من صرّح بصحتها. وقد أنهى أسماء الناقلين في (موسوعة الغدير) إلى ستة وستين رجلاً (ج 3، ص156 ـ 162) وأما روايات الشيعة في ذلك فهي ربما تبلغ حد التواتر ".

ــ " وإذن ففي كُلّ ذلك يمكن أن يكمن العجب كُلّ العجب؟ ".

ــ " وإنّ تعجب فعجب قول من قال: إنّ قصة الخاتم ونزول الآية فيها موضوعة مختلقة بإجماع العلماء (!) فهؤلاء الأكابر إمّا أ نّهم لا يعدون عنده من العلماء، أو أ نّه لم يقف على كلماتهم ولم يطلع على كتبهم وموساعتهم!! لكن قتل اللّه العصيبة فإنّها تعمي وتصم: { فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ } ".

ــ " ماذا تعني؟ ".


الصفحة 198

الصفحة 199

الفصل السادس عشر
فعلية وصف أولي الأمر


ــ " استمع.. فإليك بعض ما ورد في الباب ".

ــ " عن السنّة؟ ".

ــ " فعن السنّة روايات كثيرة! ".

ــ " هاتها! هات ما عندك؟ ".

ــ " منها: ما أخرجه الثعلبي في تفسيره باسناده عن أبي ذر الغفارى قال: أما إنّى صلّيت مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً من الأيام الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئاً، فرفع السائل يديه إلى السماء وقال: اللهم اشهد أ نّي سألت في مسجد نبيك محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يعطني أحد شيئاً. وكان علي(رضي الله عنه) في الصلاة راكعاً، فأومأ إليه بخنضره اليمنى وفيه خاتم، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره، وذلك بمرأى من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في المسجد. فرفع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) طرفه إلى السماء وقال: "اللهم إنّ أخي موسى سألك فقال: { رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي }. فأنزلت عليه قرآناً: { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما }. اللهم وإنّي محمّد نبيك وصفيك. اللّهم واشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي علياً أُشدد به ظهري ".


الصفحة 200
ــ "؟! ".

ــ ".. قال أبوذر(رضي الله عنه) فما استتم دعاءه حتّى نزل جبرئيل(عليه السلام)من عند اللّه عزّ وجلّ قال: يا محمّد اقرأ: { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ } ".

ــ " أين وردت هذه الرواية؟ ".

ــ " راجع غاية المرام ص102 ب18 ح1، الغدير: ج2، ص 5، عمدة ابن البطريق: الفصل 15 ص59 ".

ــ " ".

ــ " كذلك: ما روي عن موفق بن أحمد في جواب مكاتبة معاوية إلى عمرو ابن العاص: لقد علمت يا معاوية ما أنزل في كتابه في عليّ من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشركه فيها أحد، كقوله تعالى: { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ }، { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ }، { أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ }.. قد قال اللّه تعالى: { رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ }، وقد قال اللّه تعالى لرسوله: { قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى } ".

ــ " أين ذكر مثل هذا؟ ".

ــ " ذكره صاحب غاية المرام في كتابه: ص105، ح10 ".

ــ " وهل رواها غيره؟ ".

ــ " لقد روى المغازلي في هذا المعنى أربع روايات فراجع مناقبه (ص 111ـ 112 ح 354 إلى 357) وغاية المرام (ص104) ".

ــ " وهل ثمة شبهات يمكن لها أن تحوم حول هذا التفسير؟ ".


الصفحة 201
ــ " أجل، فهناك شبهات أذكرها، ثُمّ أعقبها بما يناسب المقام من الردّ ".

ــ " هاتها؟ ".

ــ " فالشبهة الأُولى: هي منافاة السياق لهذا التفسير، فإنّ هذه الآية وردت في سياق نهي المؤمنين عن ولاية اليهود والنصارى والمسارعة إليهم خشية أن تصيبهم دائرة، وهذه الولاية هي ولاية النصرة والمعونة ".

ــ " ووحدة السياق؟ ".

ــ " لذا، فإنّ وحدة السياق تقتضي أن يكون المراد بولاية اللّه تعالى ورسوله والذين آمنوا هو ولاية النصرة والمعونه أيضاً ".

ــ " والجواب؟ ".

ــ " الجواب عليها يشتمل على: أولاً: فإن وحدة سياق هذه الآية مع التي تسبقها غير محرزة، ذلك أن ظاهر جل الروايات هو نزول هذه الآية بمفردها لا في سياق ما قبلها، فلا يمكن التعويل على السياق. على أن الأدب القرآني لا يناسب عدّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ناصراً للمؤمنين، فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم)هو الأصل في كُلّ كرامة، وكذا من هو في حكم الرسول ".

ــ " وثانياً؟ ".

ــ " أما ثانياً: فإننا إذا تصورنا الولاية طبق ما سبق لم نخرق السياق على فرض وجوده، لأنّ مخالفة السياق إنّما تأتي إذا افترضنا تعدد معنى الولاية وكونها تأتي بمعنى النصرة تارة، وبمعنى تدبير الأمر أُخرى بحيث يكون اللفظ مشتركاً لفظياً بين المعنيين، وقد علمنا سابقاً أنّ الأمر ليس كذلك ".

ــ " وعليه؟ ".

ــ " وعليه، فإنّ الآيات السابقة لهذه الآية تنهى عن الركون إلى أهل الكتاب

الصفحة 202
والتقرب إليهم رجاء عونهم وابتغاء العزة من قبلهم وخشية صولتهم، وتعلن أنّ تولي هؤلاء لا يغني من اللّه شيئاً، فعسى أن يأتي اللّه بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما فعلوا نادمين ".

ــ "... ".

ــ " فالعزّة للّه جميعاً، وها هو قد جعلها لرسوله وللمؤمنين، وضمن لهم النصر والغلبة، وأكد على أنّ جند اللّه لهم المنصورون، وأنّ حزب اللّه لهم الغالبون، وأنّ أعداءهم هم المهزومون، لأ نّهم يتولون الشيطان ويسلمونه أزمتهم، وأنّ من يتولى أهل الكتاب فإنّه منهم ".

ــ " ".

ــ ".. وكيف يمكن تولي قوم اتخذوا الدين هزؤاً ولعباً وقد غضب اللّه عليهم ولعنهم وجعل منهم القردة والخنازير؟ وكيف يمكن للمؤمنين أن يتولوهم ويقيموا أواصر المودة ويستنصروهم وهم الأعداء الألداء؟ ".

ــ " فالولي المطلق هو اللّه تعالى؟ ".

ــ " فإذا لم يكن للإنسان بدّ من اتخاذ ولي ينظر في أمره ويصلح شأنه وينصره على أعدائه، أو فقل: يسد حاجاته إلى القيادة في مختلف الأُمور، فليكن اللّه تعالى هو الولي: وما لهم من دونه من ولي ولا نصير، ذلك أنّ اللّه هو المطلق الكامل القادر على تحقيق كُلّ ذلك ومنح الأُمّة النصرة، ومن هنا كان الدخول في حزب اللّه واعتناق ولايته هو الطريق الوحيد للعزة والكمال ".

ــ " وبعدئذ لتصير حالات اشتقاق من ولايته المطلقة! اليس كذلك؟ ".

ــ " فمن ظلال ولاية اللّه تعالى ولاية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) خلفائه، لأ نّهم المعينون للقيام بأمر الناس بإذن اللّه، وهم الذين يهدون بالحق ويحكمون بالقسط، وبهم

الصفحة 203
يجمع شمل الأُمّة، وتتحد كلمتها، وتقوى أواصرها، وباتباعهم تسير الأُمّة سيراً سجحاً نحو الغاية والعزة بالدخول في حزب اللّه { أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ".

ــ " والحاصل؟ ".

ــ " لهذا، فحتّى لو قبلنا وجود سياق من هذا القبيل فإنّه لا يعني ولا يلزم بأن يكون القرب الواجب تحصيله من الذين آمنوا هو نفس القرب المنهي عنه من أهل الكتاب، بحيث لا يتصور أي اختلاف بحسب المراتب والمزايا ".

ــ " فيكفي إذن ـ للاحتفاظ بوحدة السياق ـ أن يكون المعنيان مشتركين في أصل القرب والاتصال الذي يستتبع نوعاً من التصرف والتدخل في الأُمور ".

ــ " بالتأكيد، وهذا المعنى المشترك متوفر في ولاية الكفار بنحو بسيط، في ولاية اللّه تعالى بنحو حاد شديد: { هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ } ".

ــ " وخلاصة الأمر؟ ".

ــ " خلاصة الأمر، هي أنّ اللّه تعالى نهى المؤمنين عن التقرب إلى الكفار التودد إليهم وأمرهم بالتقرب إليه تعالى وإلى رسوله ومن هو بمنزلته. وليس التقرب إلى الكفار إلاّ بعقد المعاهدات الودية وتوثيق العلاقات المتبادلة ".

ــ " أما التقرب إلى اللّه تعالى فكيف يكون؟ ".

ــ " إنّه لا يكون إلاّ بالتسليم المطلق لقضائه التكويني وأوامره التشريعية والعمل بها، والاتكال عليه وطلب العزة منه، كما أنّ التقرّب إلى الرسول يتم بقبول رسالته واطاعته في ما بلغه عن اللّه وما أمر بإذن اللّه، هكذا يكون التقرب إلى ولاة الأمر بطاعتهم والانضواء تحت لوائهم، عدم الاستقلال في الأُمور

الصفحة 204
دونهم ".

ــ " وكُلّ هذه الأُمور تطبيقات للولاية؟ ".

ــ " نعم! ".

ــ " واختلاف الأحكام في هذا التطبيق عنه في غيره؟ ".

ــ " هو ناتج من اختلاف من تكون له الولاية ".

ــ " ومن يمكنه أن يعيّن هذه الخصوصيات؟ ".

ــ " إنّ الذي يعيّن هذه الخصوصيات هو الفهم العرفي لما تقتضيه المناسبات والقرائن ".

ــ " وما هي الشبهة الثانية؟ ".

ــ " أمّا الثانية فهي: أنّ التعبير عن الواحد بلفظ الجمع خلاف الظاهر، وهو أمر يستلزمه هذا التفسير المذكور ".

ــ " وجوابها؟ ".

ــ " جوابها: أ نّه يجب أن نميز بين استعمال لفظ الجمع في المفرد وبين انطباق العنوان الجمعي على الواحد الذي تحقق من أفراد العنوان الجمعي مع إمكان انطباق هذا العنوان على أفراد آخرين يفرض تحققهم ".

ــ " كيف؟ ".

ــ " فلقد ورد في الآية السابقة لهذه الآية قوله تعالى: { يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ }.. مع أن القائل ـ على ما رواه القوم ـ هو عبد اللّه بن أبي، ولم يقع هذا التفسير موقع الإشكال من قبل أحد. كما أ نّهم رووا في قوله تعالى: { يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ }. إنّ القائل هو عبداللّه بن أبي أيضاً، وكذلك في قوله تعالى: { تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ }. إنّ

الصفحة 205
المراد هو حاطب بن أبي بلتعة وقد ذكر في (الغدير) عشرين مورداً من هذا القبيل، فيمكنك مراجعة (ج 3، ص 163 ـ 167) ".

ــ " وبماذا يمكن أن يتميز هؤلاء الذين رووا تلك الروايات؟ ".

ــ " إنّ ما يمكن أن يلاحظ وبوضوح، هو أنّ الذين رووا تلك الروايات التي مرت كان جلّهم من العرب العرباء الذين لم تختلط لغتهم بعد، وأ نّهم نقلوا تلك الروايات بدون أي ارتياب في انطباق عنوان (الذين آمنوا) هنا على الإمام علي(عليه السلام).. مما يجعلنا نعرض عن تشكيكات البعض ممن اختلطت لغتهم العربية أو من حذا حذوهم من غير العرب ".

ــ " وما هو السر في الاتيان بلفظ الجمع في هذه الموارد دون تعيين الشخص؟ ".

ــ " هه، فلعل السر في الاتيان بمثل هذا اللفظ الجمع، وفى كُلّ هذه الموارد دون تعيين الشخص، هو التنبيه على عدم انحصار الملاك في القائل الخاص أو الفرد المتحقق بالفعل، وإمكان تحقق أفراد آخرين معه أو بعده ".

ــ " والوضع العام هل يحكم بمثل ذلك؟ ".

ــ " على أنّ من يدرس الوضع العام والجوّ الذي نزلت فيه الآية يمكنه أن يلاحظ أنّ تخصيص الذكر بالإمام(عليه السلام) يتضمن ـ في ما يتضمن ـ تهييجاً للاضغان الكامنة وإثارة للحمية الجاهلية وللتقولات الباطلة، بخلاف ما لو ذكر بعنوان جمعي يرجى معه تحقق أفراد كثيرين له ".

ــ " والشبهة الثالثة؟ ".

ــ " كيف اعتقدت أن ثمة شبهة ثالثة؟ ".

ــ "... ".


الصفحة 206
ــ " أجل، فأمّا الثالثة، فإنّ ما يظهر من الآية عند اطلاقها وصف: أُولي الأمر، هو فعلية هذا الوصف، مع أنّ علياً(عليه السلام) لم يكن في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)ولي الأمر فعلاً ".

ــ " والإجابة عليها؟ ".

ــ " أما الإجابة على هذه الشبهة، فهي تكمن في ملاحظة إثبات الآية الشريفة للولاية بلفظ المفرد (وليّكم) للّه تعالى ولرسوله ولمن يليه، وذلك يعني أنّ هناك ولاية أصيلة واحدة هي للّه تعالى، أما ولاية الرسول وأُولي الأمر من الأُمّة فهي من توابع تلك الولاية الإلهية، ومع هذا فتكفي أن تكون الولاية الأصيلة فعلية ".

ــ " وكيف لنا أن نستظهر الفعلية؟ ".

ــ " إننا، وإنّما نستظهر الفعلية فيما إذا كان الحكم قد جيء به على نحو القضية الخارجية، أي يراد اثباته لموضوع خارجي متحقق بعينه فعلاً. أما لو كان الحكم قد جيء به بنحو القضية الحقيقية التي لا ينظر فيها إلى تحقق الموضوع خارجاً وإنما يفترض وجوده، فلا تستظهر الفعلية من ذلك الحكم في هذه الآية على نحو القضية الحقيقية لا الخارجية ".

ــ " وهل من رابعة؟ ".

ــ " أجل فالشبهة الرابعة هي تلخص في أنّ اطلاق لفظ (الزكاة) على الصدقة المندوبة هو خلاف الظاهر ".

ــ " ".

ــ " وهذه الشبهة هي أهون الشبه فإنّ الزكاة المصطلحة في عرف المتشرعين إنّما هي اصطلاح مستحدث، في حين استعملها القرآن بمعناها اللغوي العام

الصفحة 207
جرياً على ما يقتضيه عرف المحاورة ".

ــ " ولكن وحسبما يحتفظ به ذهني، فإنّ الزكاة قد استعملت كثيراً ومن قبل أن تشرّع! أليس كذلك؟ ".

قال:

ــ " صحيح، ولقد استعمل لفظ الزكاة كثيراً قبل أن تشرع الزكاة المصطلحة عندنا، فقال تعالى: { وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيّاً } مريم: 31. قال تعالى: { وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ }الأنبياء: 73 وغير ذلك. ولا شك في أنّ المراد بها هو مطلق الإنفاق لوجه اللّه تعالى ".

ــ " ".

ــ " والشبهة الخامسة؟ ".

ــ " الشبهة الخامسة!..؟ ".

ــ " وهي أ نّه: لماذا لم يحتج الإمام علي(عليه السلام) بها؟ ".

ــ " صحيح؟ ".

ــ " انتبِه قليلاً ثُمّ تبيّن! فلقد قال الرازي بعد كلام طويل له خرج فيه عن حد الخلق والانصاف: ولو كانت هذه الآية دالة على إمامته لاحتجّ بها. ليس للقوم أن يقولوا إنّه ترك للتقية، فإنّهم ينقلون عنه أ نّه تمسك يوم الشورى بخبر الغدير والمباهلة وجميع فضائله ومناقبه، ولم يتمسك البتة بهذه الآية ".

ــ " والجواب؟ ".

ــ " وجواب هذه الشبهة: أنّ علياً كان قد احتج بهذه الآية مراراً، فقد روى أصحابنا ـ رضي اللّه عنهم ـ في حديث مناشدته لأبي بكر أ نّه قال: فأنشدك باللّه ألي الولاية من اللّه مع رسول اللّه في آية زكاة الخاتم أم لك؟ قال: بل لك، وفي

الصفحة 208
حديث مناشدته يوم الشورى: فهل فيكم أحد آتى الزكاة وهو راكع فنزلت فيه: { إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ }.. غيري؟ قالوا: لا ".

ــ " أين ذكرت مثل هذا الأخبار؟ ".

ــ " لقد ذكرت في غاية المرام: ص 108 ".

ــ " عمّن وردت؟ ".

ــ " عن ابن بابويه بإسناده عن أبي سعيد الوراق ".

عندها قلت له:

ــ " عبد الرزاق؟ والفقه ماذا تقول عنه؟ ".

قال:

ــ " سأعرض لك الفقه، وأحاججك منطقياً، والتمس عندك ومن بعد ذلك معرض الحل والنتيجة، وأخبرني بعدها: ما الذي ستعثر عليه خلال حديثي؟ أو أية نتيجة يمكن لك أن تستلها وتستخلصها منه؟! ".

ــ " لم أفهم ما الذي تريد عرضه عليّ؟! ".

ــ " سأعرض عليك شيئاً مما يمكن أن ينمّ على وضوح ما في بعض الأخبار من خصوصيات التفسير التي تنعكس نتائجها بالتالي على سياقات الفقه الحية ".

ــ " من أي المصادر.. السنية أم الشيعية؟ ".

ــ " سأخاطب فيك الحس الداخلي وأعالج فيك لمسات القلب الصادقة ".

ــ " وإذن، فالأخبار تتعدى حدود المذهبية، وتتجاوز حدود الطائفية ".

ــ " فمثلاً.. عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد اللّه(عليه السلام) عن قول اللّه عزّ وجلّ: { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } قال: العمل الذي أقربه، من ذلك أن يترك الصلاة من غير سقم ولا شغل ".


الصفحة 209
ــ " وهل كان ثمة محاكاة لمعان متعددة أو إشارات لدلالات أُخرى من خلال توظيف ألفاظ لا تقصدها بالذات؟ ".

ــ " لقد سمى اللّه تعالى الصلاة إيماناً في قوله: { وَما كانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ } البقرة: 143 ولعله(عليه السلام) خصها بالذكر لذلك ".

ــ " وأين ولاية علي بن أبي طالب في هذا المضمار؟ ".

ــ " من آمن ثُمّ أطاع أهل الشرك. وعن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عن قول اللّه تبارك وتعالى: { وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ } قال: تفسيرها في بطن القرآن: ومن يكفر بولاية علي وعلي هو الإيمان ".

ــ " وتفسيرها؟ ".

ــ " أما تفسيرها فهو من البطن المقابل للظهر بالمعنى الذي ينطبق فيه الكلام على المحكم والمتشابه، ويمكن أن يكون من الجري والتطبيق على المصداق، وقد سمى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً(عليه السلام) إيماناً حينما برز إلى عمر وبن عبدود يوم الخندق حيث قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "برز الإيمان كُلّه إلى الكفر كُلّه". وفي هذا المعنى بعض روايات أُخر ".


الصفحة 210