وادركت السلطه خطوره سلاح الاحتجاج بالنصوص الشرعيه، خاصه السنه النبويه بفروعها الثلاثه:
القول، والفعل، والتقرير، لذلك منعت كتابه وروايه احاديث رسولاللّه (280)، وقالت:
ان القرآن وحده يكفى (281)، وعممت بانه لا ينبغى الركون الى كل ما قاله رسولاللّه، فرسولاللّه بشر يتكلم بالغضب والرضى
(282)، والسلطه هى الاعلم بالحاله النفسيه التى صدر فيها القول عن رسولاللّه!!
هل هو فى الغضب فتهمله او بالرضى فتعمل به!!
ولتحقيق هذه الغايه اضطرت السلطه ان تستعين بالجميع بما فيهم المنافقين واعداء اللّه الذين يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر والعصيان، لتكون الامه كلها فى جهه، واهل بيت النبى فى الجهه المواجهه لها!!
فتظهره كانهم قد خرجوا عن الجماعه، وشقوا عصا الطاعه!!
واكتشفت السلطه ان رسولاللّه قد لعن اعداء اللّه، وكشف حقيقتهم، وتعذر على السلطه ان تلغى نصوص اللعن، وتعذر عليها ان تستغنى عن اعداء اللّه ورسوله ليكون الحشد كاملا بمواجهه اهل البيت، فاشاعت بين الناس ان رسولاللّه كان يتكلم بالغضب والرضى فلا ينبغى ان يعمل كلامه (283)، وللتغطيه على الذين لعنهم رسولاللّه وكشف عداواتهم للّه ولرسوله، وهم الذين استعانت بهم السلطه وبواتهم ارفع المناصب -اشاعت السلطه بكل وسائل اعلانها ان الرسول كان يغضب ويفقد السيطره على نفسه، فيسب ويشتم ويلعن ويسيىء لمن لا يستحق ذلك- فدعا اللّه تعالى ان يجعل كل ذلك زكاه وطهورا لمن صدرت منه هذه الاساءات بحقهم!!(284)
وبهذا التاويل المرعب على صاحب الخلق العظيم، صار ابو سفيان ومعاويه ابنه وسادات بنى اميه الذين حاربوا النبى واهل بيته طوال 18عاما زاكين مطهرين (285)، وصار الحكمبن العاص وابنه مروان، وذريتهم وهم الذين لعنهم رسولاللّه، وحرم عليهم ان يساكنوه، صاروا بجره قلم، زكاه، طاهره نفوسهم، وبحكم هذا التاويل صاروا فيما بعد خلفاء وقاده للمسلمين (286).
وطمعا بتاليف القلوب حول السلطه، ولضمان وحدتهم بمواجهه مطالب اهل بيت النبوه اخذ قاده هذه المرحله ينفقون اموال بيت المسلمين كيفما اتفق، وبما يحقق غاياتهم، فوزعوا العطايا حسب منازل الناس عندهم، ووفق معاييرهم (287)، والغوا سنه المساواه بتوزيع العطايا التى اوجدها رسولاللّه (288)، وعندما قيل ان رسولاللّه قد وزع بالتساوى فلم تميزون؟ قالوا:
رسولاللّه مجتهد، والخليفه مجتهد، فمن حق المجتهد ان لا ياخذ باجتهاد مجتهد آخر (289).
وهكذا نشات فى هذه المرحله الطبقات، ووجد الغنى الفاحش بجانب الفقر المدقع، وعاش اصحاب الملايين جنبا الى جنب مع مئات الالوف الذين كانوا يفترشون الغبراء ويلتحفون السماء، ويطوون الليالى جياعا هم وذرياتهم (290)، ثم جيشوا الجيوش، وخرجوا لحرب العالم، ونشر دين الاسلام وتطبيق شرعيته ونشر عدالته بين الناس.
وخلعت وسائل الاعلام التى تملكها السلطه على موسسى هذه المرحله اثواب القداسه والعصمه، فصار عملهم وقولهم وتقريرهم سنه واجبه الاتباع تقرا مع ما تبقى من سنه الرسول، وصار لكل واحد من هولاء الموسسين سنه، واذا تعارضت سنه الموسسين مع سنه الرسول، تترك سنه الرسول ويعمل بسنه الموسسين من باب الاجتهاد (291) وتحت شعار تغير الاحكام بتغير الزمان (292).
فعلى سبيل المثال:
اقنعت وسائل اعلام دوله الموسسين العامه:
بان رسول قد خلى على الناس امرهم، ولم يعين خليفه من بعده ليختار الناس لانفسهم (293)، فكان الاولى بخليفه النبى ان يخلى على الناس امرهم اقتداء برسولاللّه ولكن سن الموسسون سنه خلاصتها ان الخليفه ينبغى ان يعين الخليفه الذى ياتى بعده وذلك لعده اسباب:
اولا:
الخليفه ينظر للناس حال حياته، وتبع ذلك ان ينظر لهم بعد وفاته، فمن هنا صار من حق الخليفه القائم ان يعين من يخلفه (يعهد اليه) (294) على حد تعابير ابن خلدون.
ثانيا:
حتى لا تترك امه محمد هملا بلا راع على حد تعبير ام المومنين عائشه (295) او كالظان على حد تعبير معاويه (296) او خروجا من اللوم على حد تعبير عبداللّهبن عمر (297) وهكذا صار العهد سنه واقتنع العامه ان رسولاللّه لم يسنها انما سنها الخلفاء الراشدون (298).
ومثال آخر:
ان الرسول كان يوزع العطايا بين الناس بالتساوى لان حاجات البشر الضروريه متشابهه فكل واحد من ابناء البشر بحاجه لماكل ومشرب وملبس ومركب ومنزل وزوجه وذريه...
الخ.
فجاء الموسسون لهذه المرحله وقالوا ان هذه السنه ليست مناسبه، وان الافضل اعطاء الناس على حسب منازلهم، واخترعوا موازين لتلك المنازل (299).
مثال ثالث:
ان اللّه قد جمع لال محمد النبوه والملك كما جمعها لال ابراهيم وجعل الصلاه على آلمحمد جزءا من الصلوات المفروضه على العباد (300)، وارشد الخلق بان الهدى لا يدرك الا بالقرآن وباهل بيت محمد، وان الضلاله لا يمكن تجنبها الا بالاثنين معا كما هو ثابت بحديث الثقلين (301).
وجاء الموسسون فقالوا:
انه ليس من العدل ان ياخذ آلمحمد النبوه والملك، وان تحرم بقيه البطون من هذين الشرفين معا، والافضل برايهم ان ياخذ الهاشميون النبوه لا يشاركهم فيها احد من بطون قريش، وان تاخذ بقيه بطون قريش الملك او الخلافه لا يشاركهم فيها هاشمى قط (302) واقتنع العامه ان هذا الترتيب هو الاول بالاعمال.
وكضربه نهائيه وفنيه وللوقوف امام حديث الثقلين الذى نقلته الامه بالتواتر، ولابقاء حاله المواجهه بين الامه، وبين اهل بيت النبوه وجد مصطلح العشره المبشرين فى الجنه، ومصطلح النفر الذى مات رسولاللّه وهو عنهم راض (303)، ولما مات هولاء وجد مصطلح الصحابه العدول (304)، والعداله تشبه العصمه(305)، واشاعوا ان كل من راى النبى او سمعه ونطق بالشهادتين فهو صحابى معصوم من سبه او شتمه او نقده فهو زنديق لا تجوز الصلاه عليه، ولا يجوز دفنه فى مقابر المسلمين (306) وبعد موت الصحابه صار التابعون بمواجهه اهل البيت!!
وبعد موت التابعين صار علماء المسلمين بمواجهه اهل البيت، وبهذه التدابير الذكيه الغوا عمليا مفاعيل حديث الثقلين، وصار وجود اهل البيت للتبرك ان لزموا الصمت، واعرضوا عن السياسه اما ان لوحوا بحقهم بقياده الامه، فهم باحثون عن الفتنه التى حرمها اللّه ودمهم حلال للحاكم الغالب.
وهكذا تم عمليا فى هذه المرحله وضع كافه الاسس التى نسفت النظام السياسى الاسلامى برمته، وتكون على انقاضه نظام سياسى بديل، مولف من اجتهادات الموسسين، وسوابقهم الدستوريه، والاعراف التى اوجدوها، ومن تنظيرات شيعتهم التى جعلت الموالاه لهولاء الموسسين الكرام، جزءا لا يتجزء من الموالاه للّه تعالى.
موسسوا هذه المرحله:
يدين نظام الخلافه التاريخى الذى نشا بعيد وفاه النبى واستمر بصوره مختلفه حتى سقوط آخر سلاطين بنى عثمان بوجوده وتنظيراته المختلفه الى مجموعه من الرجال الموسسين العظام الذين ابلوا اعظم البلاء حتى اخرجوه بهذه الصيغه التى عرفناها واعظم اولئك الموسسين هم:
1- عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه:
الخليفه الراشد الثانى فهو الذى قاد مرحله التاسيس وتحمل اعباءها كامله فلولاه لما وجد نظام الخلافه التاريخى بصورته المعروفه، ولتغير وجه التاريخ الاسلامى تماما ولنحا منحى آخر فهو الذى تصدى للنبى وهو على فراش الموت حيث قال لمن حوله:
(قربوا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا) عندئذ تصدى له عمر وقال:
لا حاجه لنا بالكتاب، حسبنا كتاب اللّه (307)، وهو الذى حشد اعوانه لهذه المواجهه فما ان قال عمر:
حسبنا كتاب اللّه حتى ردد اعوانه من خلفه:
(القول ما قال عمر)، فوجد النبى نفسه امام تكتل حقيقى وقد فهم النبى ذلك.
ولما استغرب بعض الحاضرين هذا التصرف، وقالوا قربوا يكتب لكم رسولاللّه!!
قال عمر (رضى اللّه عنه):
ان النبى يهجر (308) فردد اعوانه من خلفه استفهموه؟ انه يهجر وكثر اللغط والاختلاف (309) وفهم النبى مغزى المعارضه وادرك ان كتابه الكتاب بهذا المناخ لم تعد مجديه، فقال:
(قوموا عنى) (310) وهكذا نجح عمر وبتكتله بالحيلوله بين النبى وبين كتابه ما اراد، فضاعت الى الابد فرصه تلخيص النبى للموقف.. وفيما بعد اعترف عمر ببعض الاسباب التى دفعته وحز به لهذا التصرف الرهيب (311)، فليس فى الدنيا احد يجرا على مواجهه النبى بهذه الصوره المرعبه غير عمر، وهكذا انكشفت هيبه الشرعيه، وهتك سترها فى حضره النبى نفسه، وانفتح امام الطلقاء باب الجراه على انتهاك الشرعيه، وفك عراها عروه بعد عروه وباعصاب هادئه.
وعمر نفسه الذى انبا الناس عما سمى فيما بعد باجتماع الانصار فى السقيفه (312)، وهو الذى قاد ابو بكر، وابا عبيدهبن الجراح الى ذلك المكان، واستطاع بعبقريته ان يحوله من مجرد تجمع عند مريض وهو سعدبن عباده، وعواده الى اجتماع سياسى (313)، ثم حوله الى هيئه عامه تبايع الخليفه (314)، وهو الذى حشر اعوانه ورتبهم وحولهم الى جيش يزف الخليفه زفا ليواجه آلمحمد بامر واقع (315)، ورتب قسما من اعوانه ليستقبلوا الخليفه الجديد بالترحاب ويقبلوا على بيعته (316).
فقد جمع عمر بطون قريش حول هذا الهدف، ونظر مبدا النبوه لبنى هاشم، والخلافه للبطون (317) هدد الامام على بالقتل ان لم يبايع (318)، وجمع الحطب واعوانه ليحرق بيت فاطمه على من فيه وفيه سيده نساء العالمين وسيدا شباب اهل الجنه الحسن والحسين (319).
كان وراء القرارات الاقتصاديه التى اتخذتها السلطه لتركيع اهل بيت محمد (320) وهو الذى عين ابا بكر اول خليفه، وليتحمل ظاهريا مسووليه مواجهه اهل بيت النبوه ولو شاء عمر لكان هو الخليفه الاول (321) وكان وراء وحده بطون قريش حول النظام الجديد ووراء تعيين يزيدبن ابى سفيان قائدا لجيش الشام ومعاويه خليفه ليزيد، وهو الذى مكن لمعاويه فى الارض، واعده ليكون الحارس الاحتياطى للترتيبات الجديده (322).
ولما مات ابو بكر رضى اللّه عنه عهد بالخلافه لعمر، فورث دوله مستقره، واوجد كافه الترتيبات الضروريه للنظام الذى اراد (323).
ولما طعن عمر، وجلس على فراش الموت كما جلس رسولاللّه اوصى، وهو بهذه الحاله، بان الخليفه من بعده احد سته مات الرسول وهو راض عنهم (324)، وعمليا عهد بالخلافه لعثمان، لان عثمان موضع ثقه ابى بكر وعمر والثلاثه حلف واحد، ولا فرق بينهم فلو كتب عثمان لابى بكر:
ان قد وليت عليكم عثمان، لما اعترض ابو بكر (325)، ولان عثمان كان يعرف بالرديف اى الرجل الذى ياتى بعد الرجل وليس فى الدنيا من هو احب الى الخليفتين من عثمان (326)، فهو عميد بنى اميه المعروفه بقوتها وحاجه النظام لها، والمعروفه بعداوتها لبنى هاشم (327)، ولكن الاعلان عن السته هو من باب رسم مدى الصراع مستقبلا، فعندما ينادى اهل البيت بحقهم بالقياده فى غياب عمر يتصدى لهم خمسه يمثلون بطون قريش، ويحولون بينهم وبين تحقيق حلمهم بالجمع بين النبوه والخلافه (328) عندئذ تطمئن روح عمر الطاهره ويومن الناس ضد اجحاف بنى هاشم (329).
وهكذا عهد عمر بالخلافه عمليا لعثمان بن عفان رضى اللّه عنه (330)، وبمده يسيره استطاع عثمان ان يجمع حوله كل اعداء رسولاللّه، فعمه الحكمبن العاص (طريد رسولاللّه) اعاده الى المدينه معززا مكرما، واعطاه مائه الف (331)، واتخذ ابنه مروان رئيسا لوزرائه، وزوج ابنته لابنه الاخر (332)، ولما مات عدو اللّه الحكمبن العاص ضرب عثمان فسطاطا على قبره امعانا بحزنه عليه.
واتخذ عبداللّهبن ابى سرح وزيرا له، وولاه مصر اعظم ولايات الدوله مع ان الرسول قد اباح دم عبداللّهبن ابى سرح ولو تعلق باستار الكعبه، حيث ارتد عن دينه، وافترى على اللّه الكذب، ونزلت فيه آيه:
(ومن اظلم ممن افترى على اللّه الكذب) (333) ووسع ولايه معاويه واطلق يده، وقد لعن رسولاللّه معاويه ولعن اباه واخاه (334) واتخذ الوليدبن عقبه بن معيط العدو اللدود لرسولاللّه وزيرا وهو الفاسق بنص القرآن (335) وقرب الامويين ومن والاهم واغدق عليهم من العطايا ما يفوق التصور والتصديق، حتى صاروا طبقه متميزه بجاهها ومالها (336) وصارت مقاليد الامور فى ايديهم عمليا وليس لعثمان من الخلافه غير الاسم (337).
وصارت الدوله امويه بما للكلمه من معنى، فلا تجد مصرا الا وواليه امويا او موالى لبنى اميه، وضج الناس وثاروا على عثمان وقتلوه (338).
المرحله الخامسه:
وبدات هذه المرحله بعد قتل عثمان وتولى الامام على بعد ان بايعه المهاجرون والانصار، ودانت له بلاد الاسلام الا ان معاويه ابن ابى سفيان والى بلاد الشام رفض مبايعه الامام على، وادعى انه مخول بالمطالبه بدم عثمان الاموى، ولكن السبب الحقيقى هو طلب الملك، واعمالا للمبدا الذى اوجده الموسسون بعدم جواز جمع الهاشميين للنبوه والملك (339).
ووقف معه كل الطلقاء، وجمع حوله كل قوى النفاق وطلاب الدنيا، وسخر موارد بلاد الشام التى ادخرها طوال عشرين عاما لهذه الغايه.
روع معاويه الناس، وخرج على الامام وحاربه ونشر الارهاب (340) وبعد مقتل الامام على بويع الحسن، وبغدر قاده جيشه به (341) وبتخلى وجوه العراق عنه، ولقله الناصر (342)، وابقاء على ما تبقى من الصحابه، وحقنا للدماء تنازل الحسن لمعاويه على ان تعود الخلافه بعد موته شورى او تعود للحسن (343)، الا ان معاويه دس السم للامام الحسن، ونقل الملك لابنه يزيد حتى لا تبقى امه محمد كالظان على حد تعبيره (344) ويزيد فاسق جاهر بكفره، استباح مدينه الرسول وقتل فيها عشره آلاف شخص بيوم واحد هو يوم (الحره) (345)، وختم اعناق وايدى ما تبقى من الصحابه امعانا باذلالهم، وارسل جيشا كبيرا لملاقاه الامام الحسين فى كربلاء مع ان عدد من كان مع الحسين لا يتجاوز 73-رجلا، الا انه امر بقتل الحسين، وبقتل شباب الذريه المباركه، وهندس مجزره كربلاء، واباد اهل بيت النبوه، ولم ينج منهم الا غلام مريض، واخذ نساء اهل البيت سبايا حفايا (346).
وعندما وضعت بين يديه رووس الضحايا اعلن بصراحه انه ينتقم من محمد ومن على لما فعلوه بالامويين يوم بدر، وبالتالى تلك ثارات لهم (347)، وجلل اعماله المخزيه بهدم الكعبه المشرفه، ولم يطل به الامر فهلك، وجاء من بعده ابنه معاويه الثانى، وكان فتى صالحا اعترف بذنوب ابيه وجده واعتزل الامر (348).
وانقض مروانبن الحكمبن العاص عدو اللّه ورسوله على الخلافه، وتغلب عليها بالقوه، ثم تناقلها اولاده من بعده.
وخلال فتره الحكم الاموى اوجدوا سنه لعن علىبن ابى طالب واهل بيت النبوه على المنابر، وعمموا هذه على كافه بلاد المسلمين، فكان الخطباء يلعنون عليا واهل البيت فى كل خطبه ومستهل كل درس، وعمم الامويين على كافه حكامهم ورعاياهم:
ان انظروا، فمن ثبتت موالاته لاهل بيت محمد فامحوا اسمه من ديوان العطاء، ولا تقبلوا له شهاده، وان استمر فاهدموا داره، واقتلوه (349).
ولوحق الذين يوالون اهل بيت النبوه، وذبحوا بغير رحمه (350)، وظلت هذه السنه متبعه حتى جاء عمربن عبدالعزيز فالغاها.
ونادى العباسيون بعداله قضيه اهل بيت النبوه، وعرضوا للناس ما لحق باهل البيت فاستقطبوا حولهم الناس، وتمكن العباسيون من القضاء على الحكم الاموى بالقوه، ومن التملك على رقاب الناس بالقوه تماما، كما فعل الذين من قبلهم، وبعد ان تحقق لهم ذلك، تنكروا لاهل بيت النبوه، ونكلوا بهم تنكيلا يفوق التنكيل الاموى (351)، ونكلوا بمن يواليهم او ينادى بحقهم بالحكم.
وضعف العباسيون، وانفرد كل والى بولايته، وظهر العثمانيون وبالقوه والتغلب قبضوا على مقاليد الامور، وحكموا لانهم غلبوا، وتابع العثمانيون سيره الذين من قبلهم فنكلوا بمن يذكر بحق اهل بيت النبوه بالقياده، وتوارث العثمانيون الخلافه كما توارثها الذين قبلهم حتى سقط آخر سلاطين بنى عثمان بالغزو الغربى، وبسقوطه سقط نظام الخلافه التاريخى.
لقد انقرض الصحابه، والتابعون، وسقط نظام الخلافه، وتداعى اهل النخوه من العلماء لاعاده نظام الخلافه التاريخى، والطريقه المثلى برايهم ان يستقطب هذا العالم او ذاك الناس حوله، حتى اذا انس من نفسه القوه انقض على الحكم القائم، واقام حكما بديلا له كما فعل الذين من قبله.
وظهر الوهابيون، وظهر الاخوان المسلمون، وظهر التحرير.. الخ.
ونسجوا على منوال اللذين قبلهم بتجاهل اهل بيت النبوه وتجاهل حديث الثقلين، والنصوص الشرعيه التى تعطى اهل البيت الحق بقياده الامه وتوجيهها، ولان هذه الجماعات لا تملك السلطه، ولا القدره على التنكيل بمن يوالى اهل البيت اكتفت تلك الاحزاب بحملات التشهير، واختلاق الاكاذيب والقول بان شيعه اهل بيت النبوه كفره... الخ.
الفصل السادس: اشكال مواجهه بطون قريش للنبى وعترته واتباعه
اخذت مواجهه بطون قريش العدائيه للنبى ودينه وعترته واتباعه اشكالا متعدده:
بدات بالسخريه والاستهزاء، وتكذيب النبى، ثم محاوله اغرائه، ثم ايذائه والطعن بشخصيته، واختلاق الاكاذيب عليه، ونشرها بين العرب، والتهديد بقتله، وفرض الحصار والمقاطعه على بنى هاشم الذين احتضنوه، والطعن بالقرآن الكريم وزعمهم بانه اساطير الاولين، وان عناصر اجنبيه تلقنه هذا القرآن، والطعن بمضامين الدعوه الاسلاميه والتشكيك بها، والشروع بقتله لمنعه من الهجره، وتخصيص الجوائز لمن يقبض عليه حيا او ميتا، والتضييق على اتباعه، ومنعهم من الهجره، ومحاوله اعاده الذين هاجروا منهم ليردوهم عن دينهم، وسومهم سوء العذاب لمن لا عشيره له، حتى مات بعضهم تحت التعذيب.
واخيرا جيشت بطون قريش الجيوش، وحاربت النبى ودينه فى بدر واحد والخندق.. وعندما هزمت البطون واضطرت الى الدخول فى الاسلام كارهه، اندست بين الصفوف وشكلت مركز تاثير، وبعد موت النبى قبضت على مقاليد الامور بدعوى ان محمدا رجل من قريش، وان البطون القريشيه اولى به لانه منها، وايضاحا للامور وتمهيدا لبسط الحقائق، سنفرد فقره خاصه بكل شكل من اشكال مواجهه بطون قريش العدائيه للنبى وعترته واتباعه المخلصين.
الهزء والسخريه:
فى المرحله السريه من الدعوه الاسلاميه، وقبل ان يومر النبى باعلان دعوته انتشرت فى اوساط مكه شائعات عن انباء النبوه والرساله والكتاب، فكان النبى اذا مر بملا من قريش قالوا:
(ان فتى عبد المطلب ليكلم من السماء) (352) حتى اذا ما اعلن النبى دعوته افصحوا عن سخريتهم واعلنوا هزءهم بصوره واضحه.
ولقد سجل القرآن الكريم هذا الشكل من مواجهه بطون قريش حيث قال تعالى:
(واذا رءاك الذين كفروا ان يتخذونك الا هزوا اهذا الذى يذكر آلهتكم) (353) وقوله تعالى:
(واذا راوك ان يتخذونك الا هزوا اهذا الذى بعث اللّه رسولا) (354).
وقد قررت بطون قريش ان تكون فرقه خاصه مهمتها الاستهزاء بالرسول، وجعلت اقطابها الوليدبن المغيره والد خالدبن الوليد، وعقبهبن ابى معيط، والحكمبن العاصبن اميه، جد ملوك بنى اميه ووالد مروانبن الحكم بانى المملكه الامويه، وعم عثمانبن عفان الخليفه الراشد الثالث، وابو جهل (355).. وقد اشار القرآن الكريم لوجود هذه الفرقه بقوله تعالى (انا كفيناك المستهزئين) (356).
وما يوكد واقعه الاستهزاء قوله تعالى:
(ولقد استهزىء برسل من قبلك...) (357) وقوله تعالى:
(ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون) (358).
وبالايجاز فقد كانت بطون قريش تسخر من النبى، وتستهزىء به وترى انه غير آهل للرساله، لانه ليس عظيما بمقاييسهم الفاسده للعظمه، انظر الى قوله تعالى مسجلا الظواهر التى كانت بطون قريش تبنى عليها مواقفها:
(وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) (359).
تكذيب البطون للنبى:
لم تكتف بطون قريش بالسخريه والاستهزاء بالنبى، انما اشاعت بين سكان مكه وقبائل العرب بان النبى (حاشاه) كاذب فيما زعم من امر النبوه والرساله، وزعمت انه مفتر، وقد سجل القرآن الكريم واقعه تكذيب البطون لرسولاللّه حيث قال تعالى:
(وان يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم) (360).. وقوله تعالى:
(قل انى على بينه من ربى وكذبتم به) (361).. وقوله تعالى:
(قل ما يعبوا بكم ربى لولا دعاوكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما) (362).
وكان تاثير هذه الاشاعات ساحقا على قبائل العرب، لان بطون قريش لها مكانه ادبيه خاصه عند العرب بوصف هذه البطون حماه البيت الحرام وجيرانه وسدنته، وبالتالى فان قبائل العرب تعتبر راى البطون بالنبى ثقه، واقتنعت اكثر هذه القبائل بان رسولاللّه (حاشاه) كاذب فى امر النبوه والرساله بدليل انه عرض نفسه على قبائل كثيره فكانت تلك القبائل تقول له:
اسرتك وعشيرتك اعلم بك حيث لم يتبعوك (363)... وظل على هذه الحاله حتى ساقه اللّه لحى من اهل يثرب.
محاولات الاغراء:
فى اطار الحرب النفسيه، ومحاولات بطون قريش، لتطويق الداعيه، واجهاض الدعوه، توجهت زعامه تلك البطون الى ابى طالب، حامى الداعيه والدعوه، وعميد البيت الهاشمى وقالوا له:
(ان ابن اخيك قد عاب آلهتنا، وسفه احلامنا وضلل اسلافنا، فليمسك عن ذلك، وليحكم فى اموالنا بما يشاء)، واطلع ابو طالب النبى على عرض قريش، ومن الطبيعى ان يرفض هذا العرض، واجاب عمه قائلا:
(ان اللّه لم يبعثنى لجمع الدنيا والرغبه فيها، وانما بعثنى لابلغ عنه، وادل عليه) (364).
واستفاضت الروايات بان زعامه قريش جاءت الى ابى طالب وشكت له امر رسولاللّه وقالت له:
فان كان مريضا داويناه، وان اراد مالا جمعنا له من اموالنا حتى يكون اكثرنا مالا.. فقال رسولاللّه:
واللّه لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى ما تركت هذا الامر حتى يظهره اللّه او اموت دونه (365).
فكفت قريش عن محاولاتها الفاشله لاغراء النبى.
الطعن بشخصيه الرسول وايذائه:
ان محمدا كشخص لم يكن خافيا على زعامه قريش، فهو ابن انهد واشرف فتيانها عبد اللّهبن عبد المطلب (366)، وهو حفيد عبد المطلب (367)، السيد الصالح الذى نادى باخلاق الحنيفيه السمحاء فى المجتمع الجاهلى، الحكيم المجاب الدعوه وهو من بنى هاشم (368)، ذوابه البطون وتاجها المتالق، ولقد لفتت سيره النبى قبل النبوه واخلاقه العاليه انظار سكان مكه فسموه الامين، ولقد شاعت هذه الصفه بين سكان مكه كلها فعندما اختلفت بطون قريش على من يضع الحجر الاسود مكانه فى الكعبه المشرفه، وكادت هذه البطون ان تقتتل، واتفقوا على ان يحكموا بالامر اول داخل عليهم، فدخل محمدبن عبداللّه ففرحت بطون قريش وقالت بلسان واحد:
(هذا الامين قد رضينا به، هذا محمد) (369).
فوضع الحجر فى ردائه وطلب من كل قبيله من القبائل المتنازعه ان تمسك بطرف الرداء وترفعه، وهكذا فعلت القبائل فتناوله بيده الشريفه ووضع الحجر الاسود مكانه فى البناء، فرضيت البطون، واكتشفت ان محمدا مع الامانه حكيم.
ولقد شاعت هذه الصفات مع غيرها من صفاته الكريمه، فكل بطون قريش تعلم علم اليقين ان محمدا امين وصادق وحكيم، ولكنها تجاهلت يقينها، وكيدا منها زعمت انه (حاشاه) كاذب، وساحر، وكاهن، ومجنون، ومفتر على اللّه تعالى، وجندت بطون قريش كل امكانياتها لنشر اكاذيبها على رسولاللّه، لتصد الناس عن دينه، ولتفشل دعوته ونبوته ان استطاعت، حتى لا يومن به احد، فقلبت بطون قريش الحقائق واغرقتها فى بحار من اكاذيبها الى حين، وتعمدت الكذب مع سبق الاصرار، ولقد سجل القرآن الكريم الكثير من مطاعن هذه البطون بالنبى الاعظم:
(فذكر فما انت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون ام يقولون شاعر نتربص به ريب المنون) (370)، (وقالوا يا ايها الذى نزل عليه الذكر انك لمجنون) (371).
لم تكتف بطون قريش بقلب الحقائق وبطعونها الظالمه بشخصيه الرسول انما آذته ايضا بافعال ماديه تمجها الفطره السليمه، فعلى سبيل المثال:
بينما كان النبى واقفا بين يدى اللّه مصليا، ومعلنا عبوديته له فى بيت اللّه الحرام الذى يامن فيه الخائف، راته زعامه قريش على هذه الحاله فجمح بها طغيانها وامرت غلاما ان يلقى فرثا وسلى قد استخرجوه من جزور مذبوح على ظهر النبى، فنهض رسولاللّه من صلاته كسير الحال، واخبر عمه ابا طالب بما جرى، فغضب ابو طالب وتوشح بسيفه واقبل على زعامه البطون الجالسه حول الكعبه، وقال مهددا:
(واللّه لا يتكلم منكم رجل الا ضربته ثم امر غلامه فالقى الفرث والسلى على وجوه زعامه البطون ردا على ما فعلته بمحمد) (372).
وقال القرطبى فى تفسيره:
ان ابا طالب لطخ بالفرث وجه عبداللّهبن الزبعرى، وهو الذى لطخ رسولاللّه.
الطعن بالقرآن الكريم:
فى معرض مواجهه بطون قريش لمحمد ولال محمد ولمن والاهم، واصرارا منها على الحاق الهزيمه بمحمد وآله، وصرفا لشرف النبوه عنهم، طعنت بطون قريش فى القرآن الكريم، على اعتبار انه اعظم براهين النبوه، فزعمت ان هذا القرآن اساطير الاولين، وان محمدا تقوله على اللّه، وانه مفترى، ولو شاءت تلك البطون لقالت مثله، وعندما تحداها محمد بامر من ربه ان تاتى بعشر سور مفتريات من مثله كما تزعم عجزت، وسلمت عمليا، وتحداها ان تاتى بسوره فعجزت، ثم اعلن النبى بامر من ربه بان الجنس والانس لو اجتمعا لن ياتوا بمثل هذا القرآن ولو تظاهروا.
ومضت بطون قريش فى اكاذيبها، فقالت:
ان القرآن عمل ساحر، وفن شاعر، وتراتيل كاهن، ولكن البطون كانت مقتنعه ان اتهاماتها مختلقه، وغير مقنعه وان دعاياتها فاشله، وعاجزه عن اقناع العقل البشرى مهما انحط مستواه، ولكنها قدرت ان هذه الدعايات على هزالتها، ستشغل العامه وتصدهم عن الاصغاء لمحمد.
وشككت بطون قريش بصحه الاخبار والانباء التى جاء بها القرآن، وابدت عجبها من جعل الالهه الها واحدا، ويجيبها القرآن بانه على فرض وجود آلهه، فان بعض الالهه سيعلو على بعض وستكون الكلمه العليا لاله واحد، وبغير ذلك يتعذر تدبير الكون، وتبدى بطون قريش شكها المطلق بامكانيه اعاده تركيب الانسان بعدم موته، ويجيبهم القرآن الكريم، كونوا اى شيىء مما يكبر فى صدوركم، فان الذى خلق هذا الشىء اول مره بقادر على اعادته بعد تلفه.
وكان واضحا ان بطون قريش قد هزمت منطقيا وهزمت عقليا، وان النبى بهدى من ربه قد اجابها على كافه تساولاتها وطعونها اجابات مقنعه، وان الحجه قد اقيمت على بطون قريش تماما (373) ثم ان قريش تعرف محمدا ولم تعهد عليه الكذب على الناس، وكانت بطون قريش مجتمعه تلقبه بالامين لصدقه وامانته ورجاحه عقله (374)، وقد عاش النبى بين البطون، وايقنت بنبله وشرفه وتميزه، ثم ان محمدا سليل عبداللّه، وعبداللّه سليل عبد المطلب، وعبد المطلب سليل هاشم، وهاشم سليل عبدمناف، وهولاء سادات قريش واشرافها وحكماوها، فهل يعقل ان يكذب من كانت هذه صفاته على الكبر بعد ان بلغ اربعين عاما!!
وهل يعقل ان يكون كذبه على اللّه تعالى!!
ان بطون قريش مقتنعه باستحاله ذلك وهى ترى ان محمدا سويا ليس به جنه، ويزداد كل يوما تالقا ورجاحه وبهاء.
لكن بطون قريش تكره ان يكون النبى من بنى هاشم، وان يختص الهاشميون بشرف النبوه من دون بطون قريش، ودافع البطون الحقيقى هو الحسد لبنى هاشم والخوف على مصالحها (375).
وللتعبير عن حقيقه دافعها هذا وضعت البطون اصابعها فى آذانها، وتجاهلت صوت العقل والمنطق، واصرت على متابعه دعاياتها المختلفه الفاشله، وشكلت فرقه من المستهزئين بمبلغ الرساله منهم الوليدبن المغيره والد خالدبن الوليد، والعاصبن وائل والد عمروبن العاص، وعقبهبن ابى معيط والد الوليدبن عقبه، والحكمبن العاص جد ملوك بنى اميه ووالد مروانبن الحكم بانى المملكه الامويه، وعم عثمانبن عفان (376) واستعانت هذه الفرقه بمحدثين كالنضربن الحرث الذى كان يحدث قريش عن اخبار ملوك فارس وهو عليم بها (377) وذلك لغايات صد الناس عن محمد، وصدهم عن السماع له او الانصات الى القرآن الكريم، ولالهاء الناس عن الدين الجديد.
التعذيب والتقتيل والايذاء:
قلنا:
ان عددا من سكان مكه قد دخل فى دين الاسلام، وكان المطلوب من المسلم ان يشهد بوحدانيه اللّه تعالى، وبان محمدا نبى اللّه ورسوله وان يطيع النبى، ويسمع منه، لم يطلب منهم النبى ان يواجهوا بطون قريش، او ان يحموه او يحموا دعوته، فقد كانت المواجهه الفعليه محصوره بالنبى وبنى هاشم من جهه، وبين بطون قريش ال23 من جهه ثانيه، وتصدى الهاشميون ومعهم بنو المطلب لحمايه النبى وحمايه دعوته (378) بمعنى ان دور الذين اسلموا محصور بالثبات على اسلامهم واعتقادهم بوحدانيه اللّه وبنبوه محمد ورسالته.
ومع هذا كانت تعتبرهم بطون قريش من موالى محمد، وجزءا من جبهه المواجهه التى يقودها النبى بالتعاون والتعاضد مع البطن الهاشمى.
ومن هنا فقد صبت بطون قريش جام غضبها على الموالى او الاحابيش او العبيد -الذين لا قبائل لهم تحميهم- فنكلت بهم تنكيلا تقشعر من هوله الابدان، وكشفت هذه البطون عن طبيعه الشرك بتعامله مع من يظفر بهم من اعدائه، وابرز التاريخ مجموعه من الصور المرعبه لهذا التنكيل، فقد كان اميهبن خلف احد ساده البطون يخرج عبده المملوك بلالبن رباح الحبشى اذا حميت الشمس وقت الظهيره ويلقيه فى الرمضاء على وجهه وعلى ظهره، ثم يامر بوضع صخره كبيره على صدره (379).
وياسر، وابنه عمار، وزوجته سميه، تلك الاسره الضعيفه اخرجها ابو جهل احد سادات البطون وعذبها عذابا اليما، فتوجعت الام سميه فاغضبت ابا جهل فطعنها بحربه فى فرجها فماتت، ومات ياسر من التعذيب، وتحمل عمار العذاب (380).
وعاش عمار بعد ذلك، حتى قتله معاويه فى معركه صفين وهو يقاتل الى جانب الامام على.
وخباب بن الارت التميمى احد السبايا الذى عذب بالرضن -حجاره محماه بالنار- ولووا عنقه، وثبت على دينه حتى شهد انتصار الاسلام (381).
وصهيب بن سنان الرومى وعامر بن فهير الذين عذبوا حتى دلعت السنتهم (382).
ولبيبه جاريه بنى مومل بن حبيب بن عدى التى انزل بها عمربن الخطاب اشد الوان العذاب ثم تركها سآمه (383).
وزنيره المراه التى عذبها عمر بن الخطاب حتى فقدت بصرها ولكن رد بصرها.
اما الذين آمنوا ممن لهم قبائل تحميهم، فقد تعرضوا للمضايقات النفسيه، ولقارص القول، ولصنوف الهزو والسخريه، ولانواع من الضغوط، لان القبيله كانت بمثابه كيان سياسى ملتزم بخلع حمايته على افراده، ومن هنا تعرض الذين اسلموا من بطون قريش للمضايقات والضغوط ليتخلوا عن اعتقادهم بنبوه محمد ورسالته بالدرجه الاولى.
فرض الاقامه الجبريه على المسلمين:
بعد ان نجحت قياده بطون قريش بتطويق الدعوه، وتشكيك قبائل العرب بصدق النبى، وعقله، وكجزء من مخططات قياده هذه البطون لافشال مشروع النبوه والرساله والقضاء عليه، تابعت ضغوطها النفسيه على الذين اتبعوا محمدا من ابناء البطون، اذ يتعذر عليها ان تتجاوز معهم التضييق والضغوط النفسيه حتى لا تثير حفيظه البطون التى ينتمون اليها فيتداعى التحالف ضد النبى وضد آله وضد الاسلام.
وبنفس الوقت استمرت قياده تلك البطون بانزال ابشع انواع التعذيب الوحشى ضد الذين اتبعوا محمدا من الموالى والعبيد الذين لا بطون لهم تحميهم...
وحتى لا يغيب اتباع محمد عن عيون تلك البطون وطمعا بخنق الدعوه المحمديه، فرضت قياده تلك البطون لونا من الوان الاقامه الجبريه فمنعت اتباع محمد من الهجره، واجبرتهم على البقاء فى مكه، ليسهل على البطون السيطره على حركه النبوه والرساله واتباعها.
فقد حاولت ان تمنع المهاجره الاولى الى الحبشه (384) وحاولت ان تمنع موجه المهاجرين الثانيه الى الحبشه، وعندما نجح المهاجرون بالوصول الى الحبشه شكلت قياده بطون قريش وفدا الى النجاشى برئاسه عمرو بن العاص ومعه الهدايا وكلفته باقناع النجاشى ليرد المهاجرين الى مكه (385).
وبعد موت ابى طالب، قويت عيون بطون قريش على النبى فذهب الى الطائف، وجرت اتصالات بين زعامه البطون وزعامه الشرك فى الطائف، ورتبوا اسوا استقبال لرسولاللّه فى الطائف وهكذا اجهضوا مشروع هجرته الى الطائف (386).
وعندما هم النبى بالهجره الى المدينه المنوره تآمرت قياده بطون قريش على قتله وشرعت بهذا القتل فعلا، ولكن اللّه نجى نبيه (387)، ولما نجح النبى بالهجره الى المدينه المنوره خصصت بطون قريش الجوائز لمن يقبض على النبى حيا او ميتا ويرده الى مكه، ليمضى بقيه عمره تحت الاقامه الجبريه (388).
الحصار والمقاطعه:
المعسكران:
عندما امر النبى ان يصدع بامر ربه، دعا البطن الهاشمى لاجتماع فى داره، ثم اعلن رسولاللّه (ص) امام المجتمعين انباء النبوه والرساله، وبامر من ربه عين علىبن ابى طالب وليا لعهده واماما من بعده، وما ان انتشرت وقائع هذا الاجتماع حتى انقسم المجتمع المكى الى معسكرين متواجهين.
ا- المعسكر الاول:
ويتالف من الهاشميين بقياده ابى طالب، ويتعاطف معهم بطن بنى المطلببن عبدمناف، والمسلمون من البطون الاخرى، والموالى، والعبيد وهم معسكر الاسلام.
ب- المعسكر الثانى:
ويتالف من بطون قريش ال23 بقياده البطن الاموى وبنى مخزوم، وبالتحديد ابى سفيان وبنيه وبنى عمومته، وابى جهل وسادات البطون ال23، ومن والاهم من الموالى، والاحابيش، والعبيد وهم معسكر الشرك.
اسس وحده معسكر الشرك:
قامت وحده معسكر الشرك على اسس منها:
1- ان بطون قريش ال23 تعتبر النبوه شرفا ومفخره، وترفض بشده ان ينال الهاشميون هذا الشرف دون البطون، فاذا اختص الهاشميون بشرف النبوه ونالوا فخرها، عندئذ يتعذر على البطون ان تحصل على مفخره مشابهه لمفخره النبوه، فتقع الطامه الكبرى، ويتكرس التميز الهاشمى وتختل الصيغه السياسيه الجاهليه، القائمه على التوازن بين البطون (389).
2- ثم ان قياده معسكر الشرك اعتبرت النبوه طريقا للملك، ليس ملك قريش فقط انما ملك العرب، فاذا اعترفت بطون قريش بنبوه محمد الهاشمى فسيصبح سيد قريش وتتبعه العرب، فيمسى سيدا للعرب كلها عندئذ يجمع الهاشميون شرف وفخر النبوه مع شرف وفخر الملك، ويتحقق التميز الهاشمى الى الابد، وعلى الرغم من ان بطون قريش ال23 قد دخلت الاسلام فيما بعد الا انها بقيت مسكونه بهذه التصورات المريضه (390).
3- كانت بطون قريش ال23 تشترك بحسد بنى هاشم، وتكره ان ياتيها الهدى عن طريق هاشمى، فالظلام احب اليها من نور ياتيها عن طريق هاشمى.
تلك حقيقه يصل اليها حتما وبالضروره كل من وقف على مفاصل الحادثات التاريخيه.
هدف معسكر الشرك:
ينصب هدف معسكر الشرك المكون من بطون قريش ال23 على الرفض التام والمطلق للنبوه الهاشميه، وتبعا لذلك رفض الرساله، ورفض الكتاب الالهى (القرآن الكريم) لانها وصلتهم عن طريق الهاشميين، وتعميم فكره الرفض المطلق هذه على سكان مكه خاصه، وعلى قبائل العرب ومواليها وعبيدها عامه، وذلك باخفاء الدافع الحقيقى لرفضها، واشاعه اكاذيب مفادها:
ان محمدا صلى اللّه عليه وآله وسلم شاعر، او كاهن، او مسحور او مجنون، او كاذب (حاشاه)، او هذه الصفات مجتمعه قد توفرت فيه، ثم انه رجل نكره وليس عظيما من عظماء القرشيين، ثم ان هذا الذى جاء به محمد ما هو فى الحق والحقيقه الا اساطير الاولين، ومضامينه غير معقوله!!
فقد جعل الالهه الها واحدا!!!
ويدعى ان الانسان اذا مات وتحول الى تراب يبعثه اللّه من جديد ويحاسبه على كافه اعماله.. الخ من اكاذيب بطون قريش وتصوراتها المريضه.
اسهل خطه لتحقيق هدف معسكر الشرك:
اسهل خطه لتحقيق هدف معسكر الشرك تكمن بقتل محمد، وبقتله تقتل النبوه والرساله ويسدل الستار عليها قبل ان يفهمها الناس.
او ان تتسلم قياده معسكر الشرك محمدا وتتصرف به كما يتصرف السيد بعبده، فتنزل به اشد انواع العذاب حتى يموت او تنتزع منه بالقوه اعترافات بعدم صحه انباء النبوه والرساله والكتاب وولايه العهد، وان هذه الانباء برمتها مختلقفه، عندئذ تقدم قياده معسكر الشرك هذه الاعترافات الزائفه لعامتها على اساس انها حقائق، ويسدل الستار نهائيا على تلك الانباء العظيمه!!!
وتنتصر بطون قريش!!
وترقص على انقاض المشروع الالهى لانقاذ الجنس البشرى.
من الذى منع معسكر الشرك من تنفيذ خطته السهله؟ منذ اليوم الاول لاعلان النبوه والرساله والكتاب وولايه العهد اعلن الهاشميون بلسان عميدهم عبد منافبن عبد المطلب المكنى بابى طالب بان اى اعتداء على محمد هو اعتداء على كل الهاشميين باستثناء ابى لهب، وان الهاشميين ملتزمون بحمايه النبى، وحمايه حقه بالدعوه الى اللّه، وان الهاشميين لن يمكنوا احدا من الوصول الى محمد حتى يوسدوا فى التراب (391)، وان اى ايذاء يلحق بمحمد سيرد الهاشميون فورا بمثله (392)، وخاطب ابو طالب النبى بحضور الهاشميين:
(يا ابن اخى اذا اردت ان تدعو الى ربك فاعلمنا حتى نخرج معك بالسلاح) (393) وطمانه نيابه عن الهاشميين قائلا:
(واللّه لا ازال احوطك وامنعك) (394)، وقد اشاعت قياده معسكر الشرك بان محمدا قد قتل لتختبر جديه الهاشميين بالدفاع عن محمد، وعلى اثر الاشاعه جمع ابو طالب رجالات بنى هاشم واعطى لكل واحد منهم حديده صارمه، وامر كل واحد منهم ان يقف فوق راس عظيم من عظماء البطون الذين تحلقوا حول الكعبه، وان ينتظر كل هاشمى اشاره من ابى طالب ليقتل زعماء بطون قريش كلهم ان صح موت محمد، وبهذه الاثناء وصل الخبر بان محمدا لم يقتل، فخاطب ابو طالب زعماء بطون قريش واخبرهم بحقيقه ما هم بفعله لو ان محمدا قد قتل، فصعقت زعامه البطون من هول رد الفعل الهاشمى (395).
وتوعد ابو طالب زعامه بطون قريش قائلا:
(واللّه لو قتلتموه ما ابقيت منكم احدا حتى نتفانى نحن وانتم) (396)، فقال له المطعمبن عدىبن نوفلبن عبد مناف لقد كدت تاتى على قومك؟ قال ابو طالب:
هو ذلك، وخاطب النبى امامهم شعرا:
فاذهب بنى فما عليك غضاضه اذهب وقر بذاك منك عيونا فواللّه لن يصلوا اليك بجمعهم حتى اوسد فى التراب دفينا (397) لقد اقتنعت زعامه معسكر الشرك ان اقدامها على قتل محمد بهذه الظروف يعنى اشعال حرب اهليه بين البطن الهاشمى وبطن بنى المطلب -الذى تضامن مع الهاشميين- وبين بقيه بطون قريش ال23، واذا اشتعلت هذه الحرب فستاتى على قريش كلها، ويبقى الفخر والشرف مع الدمار والاشلاء فاحجمت عن القتل الى حين.
ومن هنا انصبت مطالبها على تسليم محمد، او ان يخلى الهاشميون بين البطون وبين محمد، ورفض الهاشميون بلسان عميدهم ابى طالب هذين المطلبين جمله وتفصيلا.
الهاشميون هم العدو وليس محمدا:
ادركت زعامه معسكر الشرك ان عدوها اللدود هو البطن الهاشمى، فلولا هذا البطن لحققت زعامه الشرك الانتصار السريع على محمد ودعوته، لذلك فكرت هذه الزعامه بطريقه حاسمه تجنب قريش اراقه الدماء وتركع نهائيا البطن الهاشمى، وتجبره على التخلى عن محمد لتتمكن قريش من تصفيه حسابها معه.
فكره الحصار والمقاطعه:
فكره الحصار والمقاطعه، فكره جديده على العرب عامه وعلى بطون قريش خاصه، ورغم تنقيبى المتواصل عن الفكره الا اننى لم اجد فى تاريخ العرب وقريش خاصه حاله مشابهه لها، ولست ادرى كيف نشا تصور الحصار والمقاطعه فى ذهن زعامه الشرك، ولا من الذى اوحى لها بهذا التصور وحدد معالمه ومداه، لكن الاقرب الى المنطق ان بطون قريش ادركت ان قتل محمد مكلف، وان الهاشميين جادون فى موقفهم، وانه ليس بامكان قريش ان تدع محمدا وشانه، فالناس يدخلون فى دينه، ومن يدخل بهذا الدين لا يخرج منه، واذا تركوا محمدا وشانه فستنموا دعوته وسيتكاثر اتباعه، فاذا اصبح قتل محمد مستحيلا بسبب الموقف الهاشمى، فيجب ان تتحد البطون على مقاطعه بنى هاشم، ومواليهم، وعبيدهم وحصرهم فى شعب ابى طالب حتى يركعوا فيسلموا محمدا للبطون فتقتله، وعلى هذا اجمعت بطون قريش ال23 بقياده البطن الاموى الذى يلتقى مع البطن الهاشمى بالجد الثالث (عبد مناف).
صحيفه الحصار والمقاطعه:
اجتمع زعماء معسكر الشرك (قاده بطون قريش ال23) واتفقوا على ان يحصروا محمدا وبنى هاشم وبنى المطلب، ومواليهم فى شعب ابى طالب، وتعاهدوا ان يقاطعوا النبى، وابا طالب، وبنى هاشم، وبنى المطلب، مقاطعه اقتصاديه واجتماعيه كامله، وان لا يبايعوا احدا من بنى هاشم، ولا يناكحوهم، ولا يعاملوهم ابدا حتى يقوم الهاشميون بتسليم محمد لبطون قريش فتقتله، واعتبروا ذلك عقدا وعهدا، وكتبوا به صحيفه مهرت بتواقيع ثمانين من زعماء بطون قريش ال23، ولاضفاء القداسه والجديه على هذا التعاقد والتعاهد، علقوا الصحيفه فى جوف الكعبه فى السنه السابعه من النبوه خلال شهر محرم (398).
الهاشميون يعانون فى الشعب وبطون قريش تتفرج:
انحاز الهاشميون باستثناء ابى لهب، وبنو المطلب بن عبد مناف الى ابى طالب ودخلوا فى شعبه او شعب بنى هاشم، ولم يكن يصل اليهم اى شىء من الطعام الا ما يتسرب اليهم سرا من بعض المتعاطفين معهم، واستمر الحصار ثلاث سنوات، انفقت خلال هذه المده خديجه بنت خويلد زوجه الرسول كافه اموالها، وانفق ابو طالب وبنوه كل ما عندهم، واشتد الامر على الهاشميين، وعلى المطلبيين، وعانوا الحرمان والجوع، واكلوا نباتات الارض، واضطر اطفالهم ان يمصوا الرمال من العطش، وكانت بطون قريش تشاهد معاناه الهاشميين وتتلذذ بها، وتتفرج دون اى احساس بالحرج، وكان على راس المتفرجين بنو اميه، وبنو تيم وبنو عدى، وبنو مخزوم، وبنو نوفل... الخ.
كان مطلب بطون قريش من بنى هاشم ينحصر فى تسليم محمد لهذه البطون لتقتله، وتضع حدا لدعوته ولدين الاسلام.
ولكن الهاشميين لم يركعوا، ولم يستسلموا، ولم يعطوا الدنيه، انما تحملوا ما لم تتحمله ايه قبيله من القبائل فى سبيل محمد وفى سبيل دينه.
فلولاهم لقتلت البطون محمدا كما قتل غيره من الانبياء، ولولاهم لما قامت للاسلام قائمه، ولكان شان الاسلام كشان غيره من دعوات الحق التى جاء بها النبيون والتى اجهضت من قبله، ولكن اللّه تعالى اراد ان يظهر دينه، وان يتحمل البطن الهاشمى اعباء مرحله التاسيس الحاسمه.
فشل الحصار والمقاطعه:
استمر الحصار ثلاث سنوات عانى فيها الهاشميون الامرين، وتحملوا ما لم يتحمله بشر، وكان يكفيهم ان يخلوا بين محمد وبين بطون قريش، او ان يسلموا محمدا لقياده تلك البطون، عندئذ يتجنبون مواجهه بطون قريش التى رمتهم بقوس واحده، وينجون من العذاب الاليم الذى مسهم اثناء فتره الحصار والمقاطعه.
لكن تسليم الهاشميين لمحمد او تركه للبطون لتقضى فيه بامرها، امر لا يتفق مع طبيعه ابى طالب عميد البطن الهاشمى آنذاك، ولا يتفق مع الطبيعه الهاشميه، من هنا فقد صبروا وصابروا واحتسبوا وجاء الفرج.
فاوحى اللّه تعالى لنبيه ان اللّه قد ارسل حشره على صحيفه الحصار والمقاطعه فاكلت تلك الحشره كل ما كتب فيها عدا ما كان فيها من اسم اللّه، وما ان انتهى جبريل من القاء تلك البشاره العظيمه حتى نهض رسولاللّه فاخبر عمه بتفاصيل خبر السماء هذا.
عندئذ توجه ابو طالب ومحمد ومعهما الهاشميون الى البيت الحرام، وسمعت بطون قريش بعوده ابى طالب ومحمد والهاشميون وبتجميعهم حول الكعبه، فاقبلت قريش لتقف على حقيقه الامر، ولما اكتمل جمعها قالت زعامه الشرك لابى طالب:
(قد آن لك يا ابا طالب ان تذكر العهد، وان تشتاق الى قومك وتدع اللجاج فى امر ابن اخيك) (399).
كانت زعامه الكفر تتصور ان ابا طالب جاء ليعلن استسلامه واستسلام بنى هاشم، وانه لا يدرى كيف يعلن هذا الاستسلام، فابتدات زعامه البطون بالقول لتسهل اعلانه!!
وطلب ابو طالب من زعماء معسكر الشرك احضار الصحيفه، وتصورت زعامه البطون انه لم يبق بينها وبين اعلان الاستسلام الا قاب قوسين، ولما احضرت الصحيفه اشار اليها ابو طالب وقال:
اليست هذه صحيفتكم على العهد الذى تركتموها فيه؟ فقالت زعامه البطون:
نعم.
قال ابو طالب:
فهل احدثتم فيها حدثا؟ قالت زعامه البطون:
اللهم لا.
المعجزه ونهايه الحصار والمقاطعه:
قال ابو طالب:
لقد اعلمنى محمد عن ربه ان اللّه قد بعث الارضه فاكلت كل ما فيها الا ذكر اللّه، افرايتم ان كان صادقا، ما تصنعون؟ قالت زعامه البطون:
نكف ونمسك.
قال ابو طالب:
فان كان كاذبا دفعته اليكم تقتلونه.
فقالت زعامه البطون قد انصفت واجملت.
وفضت الصحيفه فاذا كل ما فيها قد محى الا مواضع اسم اللّه عز وجل وبهتت زعامه الشرك، ولكنها جادلت بالباطل.
وقالت ان هذا الا سحر مبين (400).
وعلى اثر هذه المعجزه اسلم عدد من الناس، واعلن ابو طالب انه لن يبقى محاصرا وهو على الحق، واهتزت شرعيه الحصار والمقاطعه فى النفوس، وعاد النبى وابو طالب والهاشميون الى مكه، وفشلت تماما فكره الحصار والمقاطعه، وتكرست الرجوله الهاشميه، والتميز الهاشمى.
وبالرغم من التعتيم الاعلامى على تلك المعجزه، فقد انتشرت وسمع بها العرب.
مثلما سمعوا بانباء الحصار والمقاطعه.
فضل على كل مسلم: