قياما بواجب البيان، واقامه للحجه، وابطالا لكيد قاده التحالف قال الرسول لاصحابه:

(الا ان مثل اهل بيتى فيكم مثل سفينه نوح من قومه من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) (1014) النص الخامس عشر:

قال الرسول لاصحابه:

(النجوم امان لاهل الارض من الغرق، واهل بيتى امان لامتى من الاختلاف، فاذا خالفتها قبيله من العرب، اختلفوا فصاروا حزب ابليس) (1015).

النص السادس عشر:

قال الرسول لاصحابه:

(النجوم امان لاهل السماء، واهل بيتى امان لامتى) (1016).

راى ابن حجر بمعنى مصطلح الامان للامه:

قال ابن حجر الشافعى حول حديث (اهل بيتى امان لامتى) يحتمل:

ان المراد باهل البيت الذين هم امان، علمائهم لانهم هم الذين يهتدى بهم كالنجوم (1017).

النص السابع عشر:

امام حمله الرسول المركزه لترتيب عصر ما بعد النبوه، سال الصحابه رسول‏اللّه:

ما بقاء الناس بعد اهل البيت؟، فقال الرسول لاصحابه:

(بقاء الحمار اذا كسر صلبه) (1018).

النص الثامن عشر:

خطب الرسول يوما فقال لاصحابه:

(يا ايها الناس ان الفضل والشرف والمنزله لرسول‏اللّه وذريته فلا تذهبن بكم الاباطيل) (1019).

النص التاسع عشر:

قال الرسول لاصحابه:

(فى كل خلف من امتى عدول من اهل بيتى ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتاويل الجاهلين، الا وان ائمتكم وفدكم الى اللّه، فانظروا من تفدون) (1020).

النص العشرون:

قال الرسول لاصحابه:

(واجعلوا اهل بيتى منكم مكان الراس من الجسد، ومكان العينين من الراس، ولا يهتدى الراس الا بالعينين) (1021).

النص الحادى والعشرون:

قال النبى لاصحابه يوما:

(لا يحبنا اهل البيت الا مومن تقى، ولا يبغضنا الا منافق شقى) (1022).

النص الثانى والعشرون:

اقسم الرسول امام اصحابه قائلا:

(والذى نفسى بيده، لا يبغضنا اهل البيت احد الا ادخله اللّه النار) (1023).

الولاء لاهل بيت النبوه قضيه دينيه من جميع الوجوه:

من اجل هذا جعل اللّه الصلاه على آل محمد جزءا لا يتجزا من الصلاه المفروضه على العباد فيتوجب حتى تتم الصلاه ان يصلى المصلى على محمد وعلى آل محمد وهكذا فسر رسول‏اللّه آيه (ان اللّه وملائكته يصلون على النبى، يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (1024).

قال الشافعى مشيرا الى هذه الناحيه:

فيا اهل بيت رسول‏اللّه حبكم فرض من اللّه فى القرآن انزله فكفاكم من عظيم الفخر انكم من لم يصل عليكم لا صلاه له (1025)

النبى يحدد الائمه من بعد عصر على:

قياما بواجب البيان الملقى على عاتق الرسول، وقطعا لدابر الخلاف والاختلاف وابطالا لكيد قاده التحالف واشياعهم وامثالهم من الطامعين بالسلطه، لم يكتف النبى باعلام الامه بكل وسائل الاعلام بان الامام من بعده هو على‏بن ابى طالب، ولم يكتف بتحديد وتوضيح الدور المميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه وتوجيهها من بعده، ولم يكتف بالرباط الوثيق الذى شد عراه بين الامام والقرآن وبين القرآن واهل البيت، ولم يكتف بان بين للامه استحاله ادراك الهدى دون التمسك بالثقلين، كتاب اللّه وعتره نبيه، واستحاله تجنب الضلاله بغير التمسك بهما.

لم يكتف النبى بكل ما قدم وانما سمى اثنى عشر اماما يلونه اولهم:

على، وثانيهم الحسن، وثالثهم الحسين، وسمى كل واحد من هولاء بالامام اطلاقا بدون قيد وهذا الاصطلاح معروف شرعا.

وبالرغم من تكميم الافواه، وسيطره قاده التاريخ على الاعلام (فقد عرف الرازى كلمه (الامام) بانه كل شى‏ء يقتدى به فى الدين، فالامام ابو حنيفه هو القدوه بالفقه، والبخارى هو القدوه فى الحديث، والغزالى هو القدوه فى التوحيد (1026)، (وقياده الامه تسمى الامامه الكبرى او العظمى، وامامه الصلاه تسمى الامامه الصغرى، واطلاق لفظ الامام يعنى صاحب الامامه الكبرى، والخلاصه ان كلمه امام استقرت اصطلاحا ونهائيا على انها تعنى رئيس الدوله الذى يخلف النبى، والمعين وفق الشرع الحنيف) (1027).

وعلى اى حال، فان الرسول بامر من ربه قدم على بن ابى طالب للامه، كامام او كقائد او كمرجع، او كولى لها من بعده، او كخليفه له وكل هذه المصطلحات تدل على ذلك الشخص المكلف شرعا بقياده دعوه الاسلام ودولته معا.

ولكن افضل هذه الالفاظ واكثرها انطباقا على الشرعيه وانسجاما معها هو مصطلح الامام، ومن هنا كرر رسول‏اللّه بان على هو الامام من بعده، وكرر بان الحسن امام، وكرر بان الحسين امام، وسمى من ذريته اثنى عشر اماما.

جاء فى ينابيع الموده للقندوزى الحنفى (1028) فى الماده العاشره عن جابر بن سمره قال:

كنت مع ابى عند النبى فسمعته يقول:

(بعدى اثنى عشر خليفه، ثم اخفى صوته، فقلت لابى ما الذى اخفى صوته؟ قال:

قال كلهم من بنى هاشم).

وعن جابر قال رسول‏اللّه (ص):

(انا سيد النبيين، وعلى سيد الوصيين وان اوصيائى بعدى اثنا عشر اولهم على وآخرهم القائم المهدى).

وجاء فى كفايه الاثر لابى قاسم الخزار بالاسناد الى عبد اللّه بن مسعود سمعت رسول‏اللّه (ص) يقول:

(الائمه من بعدى اثنى عشر اماما كلهم من قريش).

وفى كفايه الاثر ايضا بالاسناد الى ابى سعيد الخدرى قال:

صلى بنا رسول‏اللّه الصلاه الاولى ثم اقبل علينا فقال:

(معاشر اصحابى ان مثل اهل بيتى فيكم مثل سفينه نوح، وباب حطه فى اسرائيل، فتمسكوا باهل بيتى، والائمه الراشدين من ذريتى فانكم لن تضلوا ابدا فقيل يا رسول‏اللّه كم عدد الائمه بعدك؟ قال الرسول(ص):

اثنى عشر من اهل بيتى او قال من عترتى).

وفى كفايه الاثر بالاسناد الى واثله‏بن الاسقع قال:

قال رسول‏اللّه:

(ان الائمه من بعدى اثنى عشر، فمن احبهم واقتدى بهم فاز ونجى، ومن تخلف عنهم ضل وغوى).

وبالاسناد الى على قال رسول‏اللّه (ص):

(اثنا عشر من اهل بيتى اعطاهم اللّه فهمى وعلمى وحكمتى، وخلقهم من طينتى، فويل للمتكبرين عليهم من بعدى القاطعين فيهم صلتى، ما لهم لا انالهم اللّه شفاعتى) (1029).

عدد الائمه فى احاديث ائمه اهل البيت الكرام:

قال الامام الصادق عليه السلام:

(الائمه اثنى عشر) وقال:

(نحن اثنا عشر مهديا) عن عبد اللّه بن ابى الهذيل قال:

سئل الامام الصادق عن الامامه فى من تجب، وعلى من تجب له الامامه؟ فقال عليه السلام:

(ان الدليل على ذلك، والحجه على المومنين، والقائم بامور المسلمين، والناطق بالقرآن، والعالم بالاحكام، اخو نبى اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وخليفته على امته، ووصيه عليهم ووليه الذى كان منه بمنزله هارون من موسى المفروض الطاعه بقول اللّه عز وجل (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول واولى الامر منكم) من سوره النساء آيه 59، الموصوفه بقوله عز وجل (انما وليكم اللّه ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاه ويوتون الزكاه وهم راكعون) المدعو اليه بالولايه، المثبت له الامامه يوم غدير خم بقول(ص) عن اللّه عز وجل:

(الست اولى منكم بانفسكم؟ قالوا بلى، قال فمن كنت مولاه، فعلى مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، واعن من اعانه ذلك على‏بن ابى طالب امير المومنين وامام المتقين، وقائد الغر المحجلين وافضل الوصيين، وخير الخلق اجمعين بعد رسول‏اللّه (ص).

ثم الحسنان سبطا رسول‏اللّه، وابنا خيره النساء، ثم على‏بن الحسين، ثم محمدبن على، ثم جعفربن محمد، ثم موسى‏بن جعفر، ثم على‏بن موسى، ثم محمدبن على، ثم على‏بن محمد، ثم الحسن‏بن على، ثم ابن الحسن عليه السلام المهدى.

وهم عتره الرسول(ص)، المعروفون بالوصيه والامامه، لا تخلو الارض من حجه، والحجه على اهل الدنيا الى ان يرث اللّه الارض ومن عليها، وكل من خالفهم ضال، تارك للحق والهدى، وهم المعبرون عن القرآن، والناطقون عن الرسول(ص) بالبيان، وان من مات ولا يعرفهم مات ميته جاهليه ودينهم الورع والعفه والصدق والصلاح والاجتهاد) (1030).

قال الامام محمد الباقر عليه السلام:

(الائمه بعد رسول‏اللّه (ص) كعدد نقباء بنى اسرائيل، وكانوا اثنى عشر الفائز من والاهم، والهالك من عاداهم).

وقال ايضا:

(نحن اثنا عشر اماما منهم حسن وحسين ثم الائمه من ولد الحسين عليه السلام).

وقال ايضا:

(الائمه بعد الرسول(ص) اثنا عشر، الثانى عشر هو القائم عليه السلام).

وقال ايضا:

(تكون تسعه ائمه بعد الحسين بن على تاسعهم قائمه).

وقال ايضا:

(ان اللّه عز وجل ارسل محمدا الى الجن والانس وجعل من بعده اثنى عشر وصيا) (1031).

الاتفاق على العدد:

شيعه الحكام اجمعوا بان الائمه من بعد النبى اثنا عشر اماما، وقالوا بان اولئك الائمه هم الصفوه، والى هذا العدد اشار البخارى فى صحيحه (1032)، ومسلم فى صحيحه (1033)، والترمذى فى صحيحه (1034)، وابو داود فى مسنده (1035)، واحمد فى مسنده (1036)، والمتقى الهندى فى كنزه (1037).

والى هذا العدد اشارت النصوص الشرعيه، واحاديث الائمه الاطهار.

الاختلاف على العدد بعد الائتلاف:

بعد ان اجمعوا على ان الائمه من بعد النبى اثنا عشر اماما اختلفوا، فالحكام وشيعتهم قالوا:

ان الائمه الاثنى عشر من بعد النبى هم الحكام الذين قبضوا على مقاليد الامور بالقوه بعد النبى حسب تسلسلهم الزمنى.

وفريق آخر منهم انتقى اثنى عشر حاكما راى انهم اصلح من حكم وقال:

انهم الاثنا عشر الذين نص عليهم النبى، ونفوا نفيا قاطعا ان يكون احد آخر سواهم، فهم ملتصقون بالواقع التاريخى، يتشبثون بكل شى‏ء، ويحرفون كل شى‏ء حتى يضفوا الشرعيه والمشروعيه على ذلك الواقع التاريخى، لانهم لو سلموا بالشرعيه لانهار الكهف على من فيه.

اما الشرعيه وائمه اهل بيت النبوه فيرون ان رسول‏اللّه هو الامام القدوه، وهو الاعلم والافهم بالدين، والاقرب الى اللّه، واصلح الخلق، وافضل الموجودين، وهو الموتمن على الدين والدنيا، ومن هنا كان اماما لعلم اللّه اليقينى بامتلاك النبى لهذه الصفات، وخليفته والامام من بعده يجب ان يكون من هذا الطراز الرفيع، وممتلك لهذه الصفات، حتى يكون موتمنا على مصالح المعاد والعباد.

ومن المهازل حقا ان يكون يزيد بن معاويه احد الائمه وهو المشهور بعهره وفجوره، على الاقل ان لم يكن بكفره!!

ومن المهازل حقا ان يكون الامام من يغلب كائنا من كان، او من يعهد اليه الغالب بغض النظر عن دينه وخلقه، وعلمه!!

الرسول يقدم الائمه الاثنى عشر للامه:

قدم رسول‏اللّه اول الائمه من بعده على بن ابى طالب، ثم قدم ابنه الحسن، وابنه الحسين ووصفهما بانهما امامان قاما او قعدا، وانهما سيدا شباب اهل الجنه (1038)، وفوق ذلك فان كل واحد من الائمه الثلاثه تبوء عماده اهل بيت النبوه فى زمنه، وقد عرفنا الدور المميز لاهل بيت النبوه، ويكفى السبطين شرفا انهما ذريه رسول‏اللّه.

قال الحسين بن على عليه السلام:

(دخلت على جدى رسول‏اللّه، فاجلسنى على فخذه، وقال لى:

ان اللّه اختار من صلبك يا حسين تسعه ائمه تاسعهم قائمهم وكلهم فى الفضل عند اللّه سواء) (1039).

وعن ابن عباس قال:

سمعت رسول‏اللّه (ص) يقول:

(انا وعلى والحسن والحسين وتسعه من ولد الحسين مطهرون معصومون) (1040).

قال جابر بن عبد اللّه الانصارى:

لما انزل اللّه على نبيه (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا اللّه واطيعوا الرسول واولى الامر منكم) قلت:

يا رسول‏اللّه عرفنا اللّه ورسوله فمن هم اولى الامر الذين قرن اللّه طاعتهم بطاعتك؟ فقال الرسول:

(هم خلفائى يا جابر، وائمه المسلمين بعدى، اولهم على‏بن ابى طالب ثم الحسن، ثم الحسين ثم على بن الحسين) (1041).. الخ حتى يكتملوا اثنى عشر.

فى حديث طويل جاء فيه ان جابر بن عبد اللّه الانصارى قال:

(يا رسول‏اللّه ومن الائمه من ولد على بن ابى طالب؟ فقال الرسول:

الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنه، ثم سيد العابدين فى زمانه على بن الحسين، ثم الباقر..) الخ (1042)، حتى يكتمل العدد اثنى عشر.

وعن عبد اللّه بن جعفر الطيار قال:

سمعت رسول‏اللّه يقول:

(انى اولى بالمومنين من انفسهم، ثم اخى على بن ابى طالب اولى بالمومنين من انفسهم، فاذا استشهد فابنى الحسن اولى بالمومنين من انفسهم، ثم ابنى الحسين اولى بالمومنين من انفسهم، فاذا استشهد فابنه على اولى بالمومنين من انفسهم) (1043).

وصيه الامام على للحسن السبط (ع):

حين حضرت الوفاه امير المومنين كانت وصيته للحسن السبط بالنص التالى:

(.. يا بنى انه امرنى رسول‏اللّه، ان اوصى اليك وادفع اليك كتبى وسلاحى كما اوصى الى ودفع الى كتبه وسلاحه، وامرنى ان آمرك اذا حضرك الموت ان تدفعها الى اخيك الحسين، ثم اقبل على ابنه الحسين فقال وامرك رسول‏اللّه ان تدفعها الى ابنك هذا، ثم اخذ بيد على بن الحسين وقال وامرك رسول‏اللّه ان تدفعها الى ابنك محمد بن على، فاقرئه من رسول‏اللّه ومنى السلام).

نماذج من آراء بعض علماء شيعه الحكام بالائمه الكرام:

الاصل بالائمه الكرام ان يكونوا اعلاما للامه، ومصابيح هداها، وسفن نجاتها، وفراق ليلها تطيعهم وتقتدى بهم، لانهم ائمه الامه وقادتها ومراجعها الشرعيه، بالنصوص القاطعه، ولكن الناس مع من غلب ولان قاده التاريخ غلبوا، ادار الناس لائمه اهل البيت ظهورهم، وصفقوا للغالب، وتجاهلوا الشرعيه التى يمثلها الائمه، والاصل ايضا ان يبدى الائمه حكمهم بالناس وبالعلماء بوصف الائمه هم الساده والقاده ولكن الزمان انقلب فنسال التابع عن رايه بالمتبوع، ونسال المقتدى عن رايه بالقدوه.

على والحسن والحسين:

بعد ان هلك معاويه، وانهارت الدوله الامويه واستشهد على والحسن والحسين اكتشف علماء شيعه الحكام بان الثلاثه ائمه وانهم ساده اهل الجنه، وقاده الامه، فهم نفس العلماء الذين سبوا الثلاثه، وتبراوا منهم ومن اهل البيت استجابه لقرار معاويه بن ابى سفيان، وهم نفس العلماء الذين شهدوا مقتل الثلاثه ظلما دون ان ينصروا او يقفوا على الحياد على الاقل ومكانه الثلاثه فى الدين اعظم من ان يستدل عليها باراء علماء شيعه الحكام، فقد تسربت كامل النصوص الشرعيه الى العامه، وبوقت يطول او يقصر سيكتشفون كم ضيعوا بجنب اللّه ثم خذلوا ائمه الهدى.

زين العابدين:

قال الزهرى:

(لم ادرك احدا من اهل هذا البيت يعنى اهل بيت النبوه افضل من على بن الحسين).

قال سعيد بن المسيب:

(هذا سيد العابدين على بن الحسين بن على بن ابى طالب عليهم السلام).

قال ابن حجر فى صواعقه (زين العابدين هو الذى خلف اباه علما وزهدا وعباده).

وعن ابى حازم وسفيان بن عيينه كان كل منهما يقول:

(ما رايت هاشميا افضل من على بن الحسين).

قال ابو حازم:

(ما رايت افقه منه).

وقال الامام مالك:

(سمى زين العابدين لكثره عبادته) (1044).

الامام محمد الباقر عليه السلام (محمدبن على):

قال عبد اللّه بن عطاء المكى:

(ما رايت العلماء عند احد قط اصغر منهم عند ابى جعفر محمد بن على بن الحسين عليهم السلام) وقال النووى:

(هو تابعى جليل، امام بارع مجمع على جلالته، معدود فى فقهاء المدينه وائمتهم، سمع جابرا وانسا، وروى عنه ابن اسحاق، وعطاء بن ابى رباح، وعمرو بن دينار الاعرج، وهو اسن منه والزهرى وربيعه وخلائق كثيرون، وروى له البخارى ومسلم.

وقال ابن العماد الحنبلى:

(ابو جعفر محمد الباقر كان من فقهاء اهل المدينه وقيل له الباقر لانه بقر العلم اى شقه، وعرف اصله وتوسع فيه) (1045).

وقال محمد بن طلحه الشافعى:

(محمد بن على الباقر هو باقر العلم وجامعه وشاهر علمه، ورافعه.. صفا قلبه، وزكا عمله، وطهرت نفسه وشرفت اخلاقه، وعمرت بطاعه اللّه اوقاته) (1046).. وقال ابو الفداء بن كثير:

(ابو جعفر الباقر تابعى جليل كبير القدر، احد اعلام هذه الامه علما وعملا وسياده، وسمى الباقر لبقره العلوم، كان ذاكرا خاشعا صابرا وكان من سلاله النبوه) (1047)..

الامام جعفر الصادق بن محمد الباقر:

نقل المحقق العلامه السيد محسن الامين ان الحافظ بن عقده جمع فى كتاب رجاله اربعه آلاف رجل من الثقات الذين رووا عن جعفربن محمد، فضلا عن غيرهم وذكر مصنفاتهم (1048).

وروى النجاشى فى رجاله بسنده عن الحسن بن على الوشا فى حديث انه قال:

(ادركت فى هذا المسجد مسجد الكوفه تسعمايه شيخ كل يقول حدثنى جعفربن محمد، وكان جعفر عليه السلام يقول حديثى حديث ابى وحديث ابى حديث جدى، وحديث جدى حديث على بن ابى طالب، وحديث على حديث رسول‏اللّه، وحديث رسول‏اللّه قول اللّه عز وجل) (1049).. جاء فى حليه الاولياء:

(ان جعفر الصادق حدث عنه من الائمه والاعلام:

مالك بن انس، وشعبه بن الحجاج، وسفيان الثورى، وابن جريج.. واخرج عنه مسلم فى صحيحه، وروى عنه مالك والشافعى والحسن‏بن صالح وايوب السجستانى واحمدبن حنبل) (1050).

وقال مالك بن انس:

(ما رات عين ولا سمعت اذن، ولا خطر على قلب بشر افضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعباده وورعا) (1051).

قال المورخ اليعقوبى عنه:

(وكان افضل الناس، واعلمهم بدين اللّه، وكان اهل العلم الذين سمعوا منه اذا رووا عنه قالوا:

(اخبرنا العالم) (1052).

قال محمد فريد وجدى صاحب دائره المعارف عن الامام جعفر:

(... كان من سادات اهل البيت لقب بالصادق لصدقه فى كلامه، كان من افاضل الناس) (1053).

قال ابو فتح الشهرستانى عن الامام:

(... وهو ذو علم غزير فى الدين، وادب كامل فى الحكمه، وزهد بالغ فى الدنيا، وورع تام عن الشهوات.

قال ابو حنيفه:

(جعفر بن محمد افقه من رايت، وقال ما كنت تاركا قولا قلته او قضاء قضيته لقول احد الا رجلا واحدا هو جعفر بن محمد) (1054).

قال انس امام المالكيه:

(.. وما رايته يحدث عن رسول‏اللّه الا عن طهاره) (1055).

قال امام خراسان:

فانت يا جعفر فوق المدح والمدح عناء فانما الاشراف ارض ولهم انت سماء (1056) قال شيخ الازهر محمد ابو زهره عن الامام جعفر:

(وله على الاكابر منهم فضل خاص، فقد كان ابو حنيفه يروى عنه، ويراه اعلم الناس، واوسع الفقهاء احاطه، وكان الامام مالك يختلف اليه دارسا، وكان له فضل الاستاذيه على ابى حنيفه ومالك، فحسبه ذلك فضلا..) (1057).

الفصل الحادى عشر: نجاح البيان النبوى الشامل للقرآن والقياده معا

تصور قاده التحالف انهم اذا نهوا الناس سرا عن كتابه احاديث رسول‏اللّه وشككوا، بشخص الرسول، واشاعوا اشاعاتهم الباطله، سيحولون بين الامه وبين معرفه الحكم الشرعى والبيان النبوى المتعلق بمنصب القياده او الامامه او المرجعيه من بعد النبى، مما يسهل عليهم فى ما بعد الانقضاض على قياده الامه، والاستيلاء عليها بالقوه والغلبه، وفرض الامر الواقع على الناس، ولكن اللّه خيب ظنهم، وفوت رسول‏اللّه الفرصه عليهم.

فقد بين رسول‏اللّه القرآن الكريم كله بيانا كاملا وقائما على الجزم واليقين، وسمع المسلمون هذا البيان وفهموه او تظاهروا بسماعه وفهمه.

وركز الرسول تركيزا خاصا على منصب الامامه او القياده او المرجعيه من بعده، فوضحه توضيحا كاملا، وبينه بيانا شاملا، ورتب امور الناس الى يوم القيامه.

وقد راينا بيان الرسول المتعلق بالامامه من بعده، وكيف ان اللّه تعالى قد اختار على‏بن ابى طالب ليكون ولى عهد النبى حال حياته، وقائد الامه وامامها ومرجعها بعد وفاته، وقد بين الرسول هذا الامر بيانا لا يختلف عليه اثنان، وفى غدير خم اعلن الرسول رسميا ولايه على امام مائه الف مسلم او يزيدون، وبايعه المسلمون وهناه المهنوون وكان اولهم عمر بن الخطاب.

وان اللّه تعالى قد اختار اهل بيت النبوه، فاعطاهم دورا خاصا ومميزا بقياده الامه.

وبامر من اللّه قد بين الرسول استحاله ادراك الامه للهدى الا بالتمسك باثنين وهما كتاب اللّه باعتباره (القانون النافذ فى مجتمع الامه الاسلاميه) وباهل بيت النبوه باعتبار عميدهم فى كل زمان هو قائد الامه وامامها ومرجعها، مثلما بين الرسول استحاله تجنب الضلاله بغير التمسك بالاثنين.

ولم يكتف الرسول بذلك انما حدد الائمه من بعده وسمى اثنى عشر اماما باسمائهم وكلهم من ذريته الطاهره، وكلهم عمداء لاهل بيت النبوه، فعلى وحسن، وحسين، وزين العابدين على بن الحسين، والباقر.. سماهم الرسول، وتسعه منهم لم يلدوا بعد كما بينا.

كيفيه انتقال منصب الامامه من امام الى آخر:

رسول‏اللّه قد تلقى امرا من ربه بان يعلن على‏بن ابى طالب وليا لعهده واماما من بعده، وكلف اللّه رسوله ان يعد الامام على اعدادا خاصا للامامه من بعده، وقبل ان ينتقل النبى الى جوار ربه اكد عهده لعلى وتوجه امام مائه الف، والمفترض حسب قواعد الشرعيه ان تتقدم الامه وتبايع امامها الجديد.

لم يكتف رسول‏اللّه بذلك.

انما طلب من على ان يعهد الى الحسن وطلب من الحسن ان يعهد الى الحسين، ومن الحسين ان يعهد الى ابنه على وطلب من على ان يعهد الى ابنه محمد الباقر.. الخ، بمعنى ان الرسول قد رتب الامور بحيث يتعين كل امام بنص ممن سبقه.

وحيث ان الامه قد دلها اللّه ورسوله على الشخص المتصف بصفات الامامه، او القياده، او المرجعيه، فانها بهذه الحاله تقبل على امامها الجديد فتبايعه، بيسر وسهوله بدون هزه ولا رجه، فيسير الجميع ضمن اطار الشرعيه والمشروعيه الالهيه، تحت قياده الرجل الذى ارتضاه اللّه ورسوله لقياده الامه (1058).

قبول الامه الاسلاميه بالترتيبات الالهيه التى بينها الرسول:

قبلت الامه الاسلاميه بالترتيبات الالهيه المتعلقه بالقياده، او الامامه، او المرجعيه من بعد النبى، والتى بينها الرسول بيانا كاملا واقتنعت الامه او تظاهرت بالاقتناع بان اهل البيت وآل محمد احق بميراث محمد من غيرهم، ولم يندهش الناس من جمع الهاشميين للنبوه والملك معا، (وربك يخلق ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيره) (1059) (وما كان لمومن ولا مومنه اذا قضى اللّه ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم) (1060) ثم ان اللّه اعط‏ى آل ابراهيم النبوه والملك والكتاب، كما ورد بالتنزيل.

ولم يثر هذا الجمع حفيظه احد، خاصه وان المسلمين قد سمعوا بان رسول‏اللّه خير من ابراهيم عليهما وآلهما الصلاه والسلام، واحيطوا علما بالدور المميز لبنى هاشم عامه ولاهل بيت النبوه خاصه فى نصره قضيه الاسلام طوال عهدى النبوه فى الدعوه والدوله، وبالمكانه الدينيه التى يتمتع بها على‏بن ابى طالب واهل بيت النبوه، ومن هنا تقبل الجميع الترتيبات الالهيه او تظاهروا بقبولها، صحيح ان بطون قريش لم تقبل قلبيا بهذه الترتيبات، فهى تحسد الهاشميين، وتحقد على الامام على لانه قتل ساداتها، ومن هذا المنطلق عارضت بطون قريش النبوه الهاشميه وقاومتها بكل وسائل المقاومه، ثم فشلت وظهر امر اللّه، ودخل الناس فى دين اللّه افواجا، فلبدت بطون قريش امام حاله القناعه العامه بالترتيبات الالهيه التى اعلنها الرسول، وتظاهرت بقبولها، لان البطون موقنه بتعذر تغييرها او تبديلها بذلك الوقت، ولانها مهزومه نفسيا ويائسه من الانتصار على محمد فى اى مواجهه، ثم انها لم تعرف من يعلق الجرس!!!

وهى كغيرها تفهم او تتفهم بان محمد رجل واقارب الرجل اولى به.

شهاده من رساله معاويه بن ابى سفيان:

فى مروج الذهب (1061) للمسعودى، وفى وقعه صفين (1062) لنصربن مزاحم تجد النص الحرفى للرساله التى ارسلها معاويه‏بن ابى سفيان لمحمدبن ابى بكر وجاء فيها بالحرف مخاطبا محمدبن ابى بكر الصديق (وقد كنا وابوك معنا فى حياه من نبينا نرى حق ابن ابى طالب لازما لنا، وفضله مبرزا علينا، فلما اختار اللّه لنبيه ما عنده، واتم له ما وعده، واظهر دعوته وافلج حجته، قبضه اللّه اليه فكان ابوك وفاروقه اول من ابتزه وخالفه، على ذلك اتفقا واتسقا.. الخ).

فاذا كان معاويه الطليق ابن الطليق الذى قاد وابوه الشرك والمواجهه ضد النبى طوال 21 عاما، والذى قتل على اخوه وجده وخاله وابن خاله وسادات بنى اميه يرى حق ابن ابى طالب لازما له، وفضله مبرزا عليه، فالاولى بغيره ان يرى هذا الحق وهذا الفضل مما يعنى ان الترتيبات الالهيه التى اعلنها النبى والمتعلقه بالامامه او القياده من بعده صارت قناعه عامه لدى الناس، وقبلوا بها، ولا تنزع هذه القناعه الا بتدبير وجهد جبار وقوه خاصه.

شهاده من اعترافات عمر بن الخطاب:

مع ان عمر هو الذى قاد الانقلاب على الشرعيه، ونفذ نسف الترتيبات الالهيه المتعلقه بالقياده والتى اعلنها الرسول وبينها بيانا كاملا، وعلى الرغم من انه قد نصب ابا بكر خليفه، ثم وصل الى سده الخلافه الا انه قد صدرت منه مجموعه من الاعترافات تفيد، بان آل‏محمد هم الاولى بميراثه، وان على‏بن ابى طالب هو اولى الناس بخلافه النبى ليضمن عمر وقوف الانصار الى جانبه او حيادهم، فقد خاطبهم فى سقيفه بنى ساعده قائلا (انه واللّه لا ترضى العرب ان تومركم ونبيها من غيركم، ولكن العرب لا ينبغى ان تولى هذا الامر الا من كانت النبوه فيهم،.. لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجه الظاهره والسلطان المبين، من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن اولياوه وعشيرته، الا مدل بباطل..) (1063).

انت تلاحظ ان حجه عمر هى حجه اهل بيت النبوه وقد وظفها عمر لصالحه، مع انه من بنى عدى ومحمد من بنى هاشم ولكن عمر يقر صراحه بان اهل محمد اولى بميراثه، وقد نقلت اقرار عمر بصيغته هذه الاكثريه من المورخين!!!

وعمر يجلس على كرسى الخلافه قال يوما لابن عباس (... اما واللّه يا بنى عبد المطلب لقد كان على بن ابى طالب فيكم اولى بهذا الامر منى ومن ابى بكر) (1064).. وقال يوما لابن عباس (يا ابن عباس واللّه ان صاحبك هذا لاولى الناس بالامر بعد رسول‏اللّه ولكننا خفنا...) (1065)، وقال يوما لابن عباس:

(.. ما اظن صاحبك الا مظلوما) (1066)، ثم اعلن عمر بصراحه تامه:

(بان الامر كان لعلى‏بن ابى طالب فزحزحوه عنه لحداثه سنه، والدماء التى عليه) (1067)، فهذا اقرار واضح بان عمربن الخطاب يعلم علم اليقين بان الامر لعلى، وكيف ينسى ذلك، وهو اول من قدم التهانى لعلى‏بن ابى طالب فى غدير خم!!؟

ولكنه مقتنع بان اختيار الرسول لعلى بن ابى طالب ليس مناسبا، لحداثه سن على!!

هذا اولا.

ويذكر ان ابن عباس قال له:

(واللّه ما استصغره رسول‏اللّه عندما امره ان ياخذ سوره براءه من صاحبك ابى بكر) (1068) والسبب الثانى، الدماء التى على على بن ابى طالب، فانت ترى ان عمر يعتبر تميز على بن ابى طالب بالجهاد سبب يحول دون حقه بالخلافه،!!

فعمر يكره سفك الدماء حتى ولو كانت فى سبيل اللّه، وهذا هو السر فى انه لم يثبت ان عمربن الخطاب قتل او جرح مشركا قط!!!

والخلاصه:

ان عمر كان يعلم علم اليقين بان الولى من بعد النبى هو على‏بن ابى طالب، وكان من اوائل الذين تقدموا بالتهانى لامير المومنين فى غدير خم ولما لا يعلم عمر، طالما ان الطلقاء كمعاويه والاعراب كانوا يعلمون، فقد قال الحسين‏بن على لعمر يوما:

(انزل عن منبر ابى فقال عمر:

(هذا منبر ابيك لا منبر ابى من امرك بهذا!!)(1069).

قيل لعمر انك تفعل امورا لعلى‏بن ابى طالب لا تفعلها لسواه؟، فقال عمر انه مولاى، وقول عمربن الخطاب:

(هنيئا لك يا ابن ابى طالب اصبحت وامسيت مولاى ومولى كل مومن ومومنه) «قول مشهور» وقد وثقناه وهذا مما يجعلنا ان نجزم ان عمر كغيره من افراد المجتمع المسلم كان يعلم علم اليقين ان الامر من بعد النبى لعلى، حسب البيان النبوى، ولكن عمربن الخطاب كان يعتقد بان بيان الرسول ليس وحيا من اللّه، وان الرسول يتكلم فى الغضب والرضى، فلا ينبغى ان يحمل كل كلامه على محمل الجد!!

وقد وثقنا ذلك فى فصل الشائعات، ولعل هذا هو السر الذى حمل عمر فى ما بعد على جمع الاحاديث المكتوبه عن رسول‏اللّه وحرقها، ومنعه الناس من كتابه احاديث الرسول وروايتها بدعوى:

ان القرآن وحده يكفى!!

وقد وثقنا ذلك فى البحوث السابقه.

ومن جهه ثانيه فان عمر كان يعتقد ان قرار الرسول باختيار على‏بن ابى طالب خليفه له ليس مناسبا لحداثه سن على، ولان على اثخن بقتل سادات بطون قريش وهم على الشرك.

ومن جهه ثالثه فان عمر كان يعتقد انه ليس من الانصاف ان يكون النبى من بنى هاشم وان يكون الملك فى بنى هاشم!!

قد لا يصدق القارى‏ء ذلك!!

وحتى يقطع الشك باليقين فليراجع الكامل لابن الاثير (1070).

وحسبك قول علامه المعتزله ابن ابى الحديد نقلا عن ابن اسحاق:

(كان عامه المهاجرين وجل الانصار لا يشكون بان على بن ابى طالب هو صاحب الامر بعد رسول‏اللّه) (1071).

قيس بن سعد بن عباده:

وعبر قيس بن سعد بن عباده سيد الخزرج عن عمق هذه القناعه فقال فى ما بعد عن على:

(ايها الناس انا قد بايعنا خير من نعلم بعد محمد نبينا) (1072).

المقداد بن عمرو:

قال المقداد بن عمرو متعجبا من فعله قريش:

(واعجبا لقريش، ودفعهم هذا الامر عن اهل بيت نبيهم، وفيهم اول المومنين، وابن عم رسول‏اللّه واعلم الناس وافقههم فى دين اللّه، واعظمهم عناء فى الاسلام، وابصرهم فى الطريق، واهداهم الى الصراط المستقيم).

واللّه، لقد زوروها عن الهادى المهتدى، الطاهر النقى، واللّه ما ارادوا اصلاحا للامه، ولا صوابا فى المذاهب، ولكنهم آثروا الدنيا على الاخره فبعدا وسحقا للقوم الظالمين (1073)!!.

نصيحه عبد الرحمن بن عوف للمقداد:

لما قال المقداد:

(ما رايت مثل ما اوتى اهل هذا البيت بعد نبيهم ولا اقضى منهم بالعدل ولا اعرف بالحق.. -تاثر عبد الرحمن بن عوف- فقال للمقداد:

(يا مقداد اتق اللّه!!

فانى اخشى عليك الفتنه)!!!(1074).

وقال المقداد يوما:

ما رايت مثل ما اوذى اهل هذا البيت بعد نبيهم فقال له عبد الرحمن:

وما انت وذلك يا مقدادبن عمر؟!!

فقال المقداد:

انى واللّه لاحبهم بحب رسول‏اللّه، وان الحق معهم وفيهم يا عبد الرحمن، اعجب من قريش.. قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول‏اللّه بعده من ايديهم، اما واللّه، يا عبد الرحمن، او اجد على قريش انصارا لقاتلتهم كقتالى اياهم مع رسول‏اللّه يوم بدر) (1075).

الانصار باسرها:

الانصار باسرها قد تخلفت عن بيعه ابى بكر وقالت:

لا نبايع الا عليا، او قالت:

منا امير ومنكم امير (1076).

ورجال من المهاجرين:

وتقاعس عن بيعه ابى بكر:

طلحه، والزبير، والمقداد، وسلمان، وعماربن ياسر، وابو ذر، وخالدبن سعيد، ورجال من المهاجرين وابو الا عليا (1077).

لو اجتمعت الجن مع الانس:

كان سعد بن عباده يقول لابى بكر:

(وايم اللّه، لو ان الجن اجتمعت لكم مع الانس ما بايعتكم حتى اعرض على ربى واعلم ما حسابى)، وكان لا يصلى بصلاتهم ولا يجمع معهم، ولا يفيض بافاضتهم (1078).

ابو بكر يقول: اقيلونى:

بعد ان اقيمت الحجه على ابى بكر قال:

(اقيلونى، اقيلونى فلست بخيركم وعلى فيكم) (1079).

وآل محمد لم يبايعوا:

لم يبايع الولى ولا عم النبى، ولا بنو هاشم، حيث كانوا مشغولين بمصيبتهم، والرسول مسجى بين ايديهم، وقد اغلق عليهم الباب (1080).

مفاعيل البيان النبوى:

عندما جلس النبى على فراش الموت، كانت الامه كلها على علم بالبيان النبوى لعصر ما بعد النبوه وحتى قيام الساعه، كانت على علم بان عليا هو الامام من بعد النبى، وان الحسن هو الامام من بعد على، وان الحسين هو الامام من بعد الحسن.. الخ، كانت على علم بالدور المميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه من بعد النبى.

وعلى علم بعمق الارتباط والتصور الشرعى بين اللّه ورسوله والقرآن الكريم من جهه، وبين الولى من بعد النبى واهل بيت النبوه من جهه اخرى.

وكان من غير المتصور نجاح اى قوه بتقطيع شبكه الترابط او تعكير شاشه هذا التصور، ولم تكن تدرى ان الانقلابين وخصوم الامس قد دبروا امرهم بليل بهيم!!

الفصل الثانى عشر: النبى يحذر من وقوع انقلاب ومن الانقلابيين!!

بعد ان بين الرسول بكل وسائل البيان كافه الترتيبات الالهيه المتعلقه بقياده الامه من بعد النبى، وبعد ان نصب على بن ابى طالب اميرا على المومنين من بعده، واماما للمتقين، وطلب من الامه ان تبايعه على ذلك، فبايعته فعلا، وقدمت له التهانى، وكان اول المهنئين عمر بن الخطاب، وبعد ان بين رسول‏اللّه الدور المميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه من بعد النبى، وبعد ان بين عدد واسماء الذين اختارهم اللّه لقياده الامه حتى يوم القيامه!!

بعدما سمعت الامه كل ذلك، او تظاهرت بسماعه، بعدما فهمت كل ذلك، او تظاهرت بفهمه، حذرها النبى من وقوع انقلاب، يقلب كل شى‏ء راسا على عقب، ويوجد المفارقه التامه بين الانقلابيين ومن والاهم وبين رسول‏اللّه، فيقول لعلى امام اصحابه:

(يا على من فارقنى فقد فارق اللّه، ومن فارقك يا على فقد فارقنى) (1081).

وحذر الرسول من ان الانقلابيين سيغضبون ويسبون ويوذون عليا ويحملون الناس على ذلك، فقال لاصحابه (من احب عليا فقد احبنى، ومن ابغض عليا فقد ابغضنى) (1082).

وقال:

(من سب عليا فقد سبنى، ومن سبنى فقد سب اللّه ومن سب اللّه اكبه اللّه على منخريه فى النار) (1083).

وقال:

(من آذى عليا فقد آذانى) (1084).

وحذر الرسول من وقوع جهد للامام من بعده فقال لعلى امام اصحابه:

(اما انت ستلقى بعدى جهدا) (1085).. وابعد من ذلك فقد حذر الرسول من وقوع قتال وغدر، فقال لعلى امام اصحابه:

(يا على ستقاتلك الفئه الباغيه، وانت على الحق فمن لم ينصرك فليس منى) (1086).

وقال لابى رافع احد اصحابه امام الصحابه:

(يا ابا رافع سيكون بعدى قوم يقاتلون عليا، حق على اللّه جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده، فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه) (1087).

وقال الرسول لعلى امام اصحابه (ان الامه ستغدر بك بعدى) (1088).

وحذر النبى من الانقلابيين سينكلون باهل بيت النبوه من بعد وسيشردونهم.

وقال عبد اللّه بن مسعود:

اتينا رسول‏اللّه فخرج الينا مستبشرا يعرف السرور فى وجهه فما سالناه عن شى‏ء الا اخبرنا.. حتى مرت فتيه من بنى هاشم فيهم الحسن والحسين عليهما السلام، فلما رآهم رسول‏اللّه، التزمهم وانهملت عيناه، فقلنا يا رسول‏اللّه ما نزال نرى فى وجهك شيئا نكرهه فقال (انا اهل بيت اختار اللّه لنا الاخره على الدنيا، وانه سيلقى اهل بيتى من بعدى تطريدا وتشريدا فى البلاد).. رواه ابن ماجه فى صحيحه (1089)، وحذر النبى فوضح الصوره لاصحابه فقال لهم يوما:

(ان اهل بيتى سيلقون من بعدى من امتى قتلا وتشريدا وان اشد قومنا لنا بغضا بنو اميه، وبنو المغيره، وبنو مخزوم) (1090).

والاهم من ذلك قد حذر بان عليا سيقتل، وان الحسن سيقتل وان الحسين سيقتل، وسيقتل معه الطيبون من اهل بيت النبوه فى كربلاء (1091).

سيل الماسى والنكبات سيتدفق اذا نجح الانقلابيون!!

ثم حذر الرسول اصحابه بان نجاح الانقلابيين، سيفجر السد الذى يحجز الماسى والنكبات عن هذه الامه، ومفتاح نجاح الانقلابيين يتمثل باقصاء على بن ابى طالب عن حقه بقياده الامه، وبحرمان اهل بيت النبوه من ممارسه دورهم الذى كلفهم اللّه تعالى به، وحذر اصحابه من ان يتخلوا عن على وليهم الشرعى من بعد النبى، فتفتح عليهم ابواب مغلقه، وتشتعل النار فى كل مقدس، وتاكل فى النهايه الاخضر واليابس.

ها هنا الفتنه من حيث يطلع قرن الشيطان:

وابلغ من ذلك كله ان النبى قد قام خطيبا فى اصحابه واشار نحو مسكن عائشه فقال لهم:

(ها هنا الفتنه، ها هنا الفتنه، ها هنا الفتنه.. من حيث يطلع قرن الشيطان) (1092)!!

راس الكفر من ها هنا حيث يطلع قرن الشيطان:

وفى لفظ آخر:

ان رسول‏اللّه خرج من بيت عائشه فقال:

(راس الكفر من ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان) (1093).

وسنثبت ان شاء اللّه فى الفصول اللاحقه اكمال المواقع لهذين الحديثين الشريفين وعلاقتهما بكشف الانقلاب والانقلابيين.

الاهداف الحقيقيه للانقلاب والانقلابيين:

ام المومنين عائشه زوج النبى، اشاعت بعد وفاه الرسول، ان النبى لم يستخلف على ابن ابى طالب، ولم يتطرق الرسول للامامه من بعده واضافت:

(ولو ان رسول‏اللّه اراد ان يستخلف لاستخلف ابا بكر، ثم عمر) (1094)!!.

وسئلت ام المومنين مره (لو ان الرسول استخلف، من يستخلف؟ فقالت:

لو ان الرسول استخلف لاستخلف ابا بكر ومن بعده عمر، ومن بعده ابى عبيده) (1095)!!

بمعنى:

ان ام المومنين انكرت ان يكون الرسول قد استخلف على‏بن ابى طالب او احدا من اهل بيت النبوه، وبمعنى ان ام المومنين تعلم علم اليقين ما خفى فى نفس رسول‏اللّه، وتعرف ماذا ينوى ان يفعل الرسول قبل ان يصدر منه الفعل.

ويلاحظ ان الامور واقعيا قد جرت وفق هذا الافتراض فابو بكر هو الخليفه الاول واتخذ عمر وليا لعهده وسماه خليفه من بعده، وقد صرح عمر مرارا وتكرارا وباسف بالغ بانه لو كان ابو عبيده حيا لولاه واستخلفه من بعده!!!

ولكن لسوء الحظ مات ابو عبيده.

انظر لقول عمر:

(لو كان ابو عبيده حيا وليته واستخلفته) (1096).

وهكذا انحصرت اهداف الانقلابيين، او قاده التحالف على ما يلى:

1- صرف الامر عن على بن ابى طالب صرفا كاملا.

2- الغاء الدور المميز الذى خص اللّه به اهل بيت النبوه لقياده الامه.

3- الحيلوله بين اى شخص من اهل بيت النبوه وبين الخلافه، بحيث تبقى النبوه للهاشميين وحدهم لا يشاركهم فيها احد، وتختص بطون قريش بالخلافه وحدها لا يشاركهم فيها اى هاشمى (1097).

4- ان ينصب فى البدايه ابو بكر، وان يخلفه عمر، ثم يخلفه ابو عبيده ولما مات ابو عبيده وقع اختيار قاده التحالف على عثمان ليكون الخليفه من بعد عمر فهو موضع سرهما، وكان يعرف بالرديف فى عهد عمر والرديف الرجل الذى يرجوه الناس قائدا لهم بعد وفاه قائدهم.

5- ليس هنالك ما يمنع بعد هذا من ان يتولى الخلافه اى رجل سواء اكان من الانصار ام من الموالى، انظر الى قول عمر:

(لو ادركت سالم مولى ابى حذيفه لوليته واستخلفته) وسالم هذا مولى لا نسب له فى العرب، وموهلاته الحقيقيه هى ولاوه المطلق لعمر ولقاده التحالف (راجع قول عمر لو ادركت سالم مولى ابى حذيفه وليته واستخلفته) (1098).

ثم ان عمر يتمنى لو كان معاذ بن جبل حيا لولاه واستخلفه والمدهش ان معاذ من الانصار وكانت توليه الانصار غير جائزه شرعا فى سقيفه بنى ساعده بحجه ان عشيره الرسول اولى بميراثه!!

وان ابا بكر وعمر وابو عبيده هم من عشيره الرسول واهله الاقربون (1099).

6- وما يعنى قاده التحالف الانقلابيين هو الحيلوله بين على وحقه بالامامه من بعد النبى، وبين اهل بيت النبوه وحقهم بممارسه الدور المميز الذى خصهم اللّه به لقياده الامه.

او بتعبير ادق هدف قاده التحالف ينصب على الغاء الترتيبات الالهيه المتعلقه بالقياده والذى بينها الرسول واعلنها امام الامه مرارا وتكرارا كما فصلنا ذلك فى الابواب السابقه تلك هى الاهداف الحقيقيه لقاده التحالف او لقاده الانقلاب الذى حذر رسول‏اللّه من وقوعه!!

الباب الخامس - الانقلاب الاسود على الشرعيه الالهيه

الفصل الاول: التنظير الفكرى للانقلاب

ظاهره فيه الرحمه!!

لقد اخفى الانقلابيون او قاده التحالف مشاعرهم الحاسده والحاقده على آل محمد، وتناسوا جراحات الماضى كلها، فلم يذكروا قتلاهم فى بدر واحد والخندق، ولم يظهروا مشاعرهم وغصات حلوقهم، ولم يشعروا عليا بانه قاتل الاحبه، ولم يشعروا الرسول بانه المتسبب بل اعترفوا بالرسول وصار من مصلحتهم ان يعترفوا به، لانهم ادركوا ان الرسول ضمنا قد بنى ملكا عريضا فصار هدفهم الاستيلاء على هذا الملك، ودوامه، وهذا الدوام مرتبط بالاعتراف برساله محمد، وبالدين الذى جاء به محمد حتى يحكموا العرب بهذين الشعارين، ويضمنوا طاعه الرعايا بهذين السببين، فمحمد من هذه الناحيه خدمهم فقد رقاهم من حكم بلده مكه الى حكم العرب كلها، وفتح امامهم ابواب الخيرات التى ستتدفق عليهم عن طريق الجهاد.

وعلى العكس من ذلك فقد قالت بطون قريش (مهاجروها وطلقاوها):

ان الاسلام يجب ما قبله، وان اللّه تعالى قد اباح دماء الذين ماتوا من البطون على الشرك، وقالت البطون:

ان الخلاف بينها وبين الهاشميين فى حقيقته كان خلافا عائليا من جميع الوجوه، وان اختلافها مع محمد كان من قبيل سوء الفهم، وان المقاومه والحرب التى نشبت بين البطون وبين محمد والهاشميين كانت من قبيل تسارع الاحداث ومن عمل الشيطان، وتحمد البطون ربها الذى اعزها بالاسلام، واكرمها بابنها البار محمد رسول‏اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فمحمد ما كان ولن يكون الا ابن قريش البار، الكريم الواصل لارحامه!!!

وما كان الهاشميون الا العتره الطاهره التى احتضنت النبى، واحتضنت الاسلام، وجاهدت احسن الجهاد، وابلت البلاء الحسن!!

وان ابا الحسن فارس قريش وابن عم النبى، وزوج ابنته.

الاشاعات الخفيه:

لما رات بطون قريش اصرار محمد على ولايه على بن ابى طالب من بعده، واصراره على اعطاء دور مميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه من بعد النبى، وسمعوا اعلانات النبى المتكرره حول هذا الموضوع، وشاهدوا حرصه العميق على توضيح ادق التفاصيل المتعلقه بالقياده والامامه من بعده وسمعوا تاكيداته المتلاحقه بان كافه الامور المتعلقه بقياده الامه والتى بينها الرسول لهم والمتعلقه بولايه على وبالدور المميز لاهل البيت ما هى الا اوامر الهيه، (واتبع ما يوحى اليك) (1100) (ان اتبع الا ما يوحى الى) (1101).

لما رات بطون قريش كل هذا اخذت تبث الشائعات بين الناس، كان تقول:

بان الرسول بشر يتكلم فى الغضب والرضى، ولا ينبغى ان يحمل كل كلامه على محمل الجد، فلا ينبغى ان يكتب (1102) ومثل اشاعتها:

بان الرسول يفقد احيانا السيطره على اعصابه فيسب ويلعن ويشتم من لا يستحق ذلك (1103).

وقصد البطون من هذه الاشاعه هو ابطال النص الشرعى اللاعن لاعداء اللّه.

ومثل شائعه البطون:

بان الرسول يسقط من القرآن (1104)، واخيرا واجهت بطون قريش النبى وهو على فراش الموت وقالت له:

انت تهجر (1105).

ومثل شائعه البطون بان بعض اليهود سحروا الرسول حتى ليخيل اليه انه يفعل الشى‏ء وما فعله (1106).

والهدف من هذه الاشاعات التشكيك بشخصيه الرسول واقواله، وصولا الى ابطال مفاعيل البيان النبوى المتعلقه بالامامه او القياده من بعد النبى، والذى انصب بكليته على اختيار الامام على اماما للامه من بعد النبى، وعلى اعطاء الدور المميز لاهل بيت النبوه فى قياده الامه.

ومن غير المستبعد ان البطون قد تصورت بان هذه الترتيبات من عند محمد وليس من عند اللّه، فهان عليها انتهاكها ومحاوله تبديلها وافراغها من مضمونها الحقيقى.

تكوين جبهه من كل العناصر التى تكره آل محمد:

فمدت البطون يدها للمنافقين، والمنافقون كانوا حقيقه من حقائق الحياه فى المدينه المنوره وما حولها من الاعراب، وفى مكه بعد الفتح وكانت مشكله النفاق من اعظم المشكلات التى واجهت الاسلام وواجهت رسول‏اللّه، وكم بذل رسول‏اللّه من جهد مميز لردع المنافقين عن غيهم، وهدايتهم الى الاسلام، ولكنهم بقوا على حالهم ظاهرهم مسلم يرى فيه النفاق، وباطنهم كافر باللّه وبرسوله وحاقد على محمد وعلى آل محمد، فكم عارضوا النبى، وكم ثبطوا العزائم، وكم شككوا.

وفجاه وبدون مقدمات اعلن المنافقون:

انهم مع دوله البطون، وليس من العدل ان يكون النبى من بنى هاشم وان يكون الخليفه منهم، ووقفوا مع دوله البطون مويدين مناصرين لها.

ولهذا لم نجد مورخا او باحثا قط ذكر ان منافقا قد اعترض على توليه ابى بكر او عمر.

لقد كان المنافقون مع بطون قريش عامه فى صراعها مع اهل بيت النبوه، ومع ابى بكر وعمر خاصه فى صراعهما مع الامام على، وهكذا اختفت ظاهره النفاق تماما واصلح اللّه المنافقين بيوم وليله.

ومدت بطون قريش يدها لطلاب الدنيا يقول المورخون:

(وقد اقبلت قبيله اسلم بجماعتها حتى تضايق بهم السكك، فكان عمربن الخطاب يقول:

(ما هو ان رايت اسلم حتى ايقنت بالنصر) (1107).