فما الذى اخبر عمر ان اسلم ستقف معه، هل هو يعلم الغيب ام ان هنالك اتفاق مسبق بين قياده التحالف وقبيله اسلم؟ ومن الذى اخبر اسلم بخبر الاجتماع طالما ان كبار الصحابه لا يعرفون عنه؟ ومن الذى دعا اسلم لتحضر وتبايع وتحقق لعمر ما سماه نصرا (1108)؟!!

استفادت بطون قريش وقياده التحالف من التنافس الفطرى بين الاوس والخزرج، ومن الخصومه القديمه بين هاتين القبيلتين، فاذا اتخذ الخزرج موقفا فالاوس يتخذون موقفا مناقضا له تماما، نعم كان للاوس والخزرج موقفا ظاهريا واحدا فقدموا سعد بن عباده لكبر سنه وشرفه، ولانه مريض، وعندما لمع سعد والمقداد، والحباب بن منذر عز ذلك على الاوس، وفى اللحظه الحاسمه نهض بشير بن سعد وقال:

(ان محمد رسول‏اللّه رجل من قريش وقومه احق بميراثه وتولى سلطانه) (1109).. ولم يكتف بشير بذلك انما قفز وبايع ابا بكر فكان بشير اول من بايع (1110)، وهذا لم يكن صدفه انما هو وليد اتفاق وتدبير.

فبنفس اليوم الذى بويع فيه ابو بكر ذهبت سريه فيها اسيد بن حضير سيد الاوس او هكذا اظهر لاستحضار على للبيعه وحرق بيت فاطمه بنت رسول‏اللّه على من فيه!!

فهل يعقل ان هذا وليد لحظته، ام انه ثمره اتفاق وتدبير مسبق؟!

وضغائن تغلى فى الصدور؟!

وصدق رسول‏اللّه ضغائن فى صدور اقوام:

قال الرسول يوما:

(ضغائن فى صدور اقوام لا يبدونها الا بعدى) (1111).

شعارات الانقلاب الاسود:

رفع الانقلابيون مجموعه من الشعارات فى اوقات متعدده، وفى مراحل مختلفه فكل مرحله لها شعارها او شعاراتها.

فبمرحله الاعداد للانقلاب، رفع قاده البطون او قاده التحالف شعار:

(منع الاجحاف يتحقق بالحيلوله دون جمع الهاشميين للنبوه والخلافه) وشعار الصواب والتوفيق باختصاص الهاشميين بالنبوه لا يشاركهم فيها احد من البطون، واختصاص بطون قريش بالخلافه لا يشاركهم فيها هاشمى!

حوار عمر بن الخطاب مع ابن عباس، يفصح عن هذين الشعارين:

قال عمر لابن عباس اثناء خلافته:

(يا ابن عباس اتدرى ما منع قومكم منكم بعد محمد؟ قال ابن عباس:

فكرهت ان اجيبه، فقلت:

ان لم اكن ادرى فان امير المومنين يدرى، فقال عمر:

كرهوا ان يجمعوا لكم النبوه والخلافه، فتجفخوا على قومكم بجحا بجحا، فاختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت.

قال ابن عباس:

فقلت يا امير المومنين ان تاذن لى فى الكلام وتحط عنى الغضب تكلمت، قال عمر:

تكلم، قال ابن عباس:

فقلت:

اما قولك يا امير المومنين:

اختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت، فلو ان قريشا اختارت لانفسها من حيث اختار اللّه لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود، واما قولك انهم كرهوا ان تكون لنا النبوه والخلافه، فان اللّه عز وجل وصف قوما بالكراهيه فقال:

(ذلك بانهم كرهوا ما انزل اللّه فاحبط اعمالهم) (1112)، فقال عمر:

هيهات يا ابن عباس قد كانت تبلغنى عنك اشياء اكره ان اقرك عليها فتزيل منزلتك عندى، قال ابن عباس فقلت:

يا امير المومنين فان كان حقا فما ينبغى ان تزيل منزلتك منى، وان كان باطلا فمثلى اماط الباطل عن نفسه.

فقال عمر:

بلغنى انك تقول:

صرفوها عنا حسدا وبغيا وظلما.

قال ابن عباس فقلت:

اما قولك يا امير المومنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم، واما قولك حسدا فان آدم حسد، ونحن ولده المحسدون.

فقال عمر:

هيهات، هيهات ابت قلوبكم واللّه يا بنى هاشم الا حسدا لا يزول.

قال ابن عباس:

فقلت:

يا امير المومنين، مهلا لا تصف بهذا قلوب قوم اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) (1113).

عمق هذان الشعاران فى قلوب قاده التحالف:

ذكر عبد اللّه بن عباس:

ان عمر ارسل اليه فقال:

(يا ابن عباس ان عامل حمص هلك، وكان من اهل الخير، واهل الخير قليل، وقد رجوت ان تكون فيهم وفى نفسى منك شى‏ء لم اره منك، واعيانى ذلك فما رايك فى العمل؟ قال ابن عباس:

قلت لن اعمل حتى تخبرنى بالذى فى نفسك.

قال عمر:

وما تريد الى ذلك؟ قال ابن عباس فقلت:

اريده فان كان شيئا اخاف منه على نفسى خشيت منه عليها، الذى خشيت، وان كنت بريئا من مثله علمت انى لست من اهله، فقبلت عملك هنالك، فانى قلما رايتك طلبت منى شى‏ء الا عاجلته.

فقال عمر يا ابن عباس:

(انى خشيت ان ياتى على الذى هو آت -يعنى موته- وانت فى عملك فتقول، هلم الينا، ولا هلم اليكم دون غيركم (1114).

بمعنى انه من فرط خشيه عمر من ان يجمع الهاشميون النبوه والملك، لا يريد ان يولى اى هاشمى حتى لا يدعو مستقبلا للهاشميين فتكون الخلافه فيهم مع النبوه، يريد ان يتاكد اثناء حياته ان الهاشميين بعيدين تماما عن مركز الخطر والتاثير، حتى لا ياخذوا الخلافه بعد وفاته.

لم يحتاط عمر من معاويه، ولا من المغيره، ولا من احد من عماله، فهم موضع ثقه وضد فكره جمع الهاشميين للنبوه مع الملك لكنه احتاط عندما خطر بباله ان يولى ابن عباس الهاشمى، واكبر الظن ان ابن عباس لو وافق بالكامل على شروط عمر واقسم له اغلظ الايمان بان يفكر كما يفكر، فان عمر لن يوليه، فقط لانه هاشمى، والهاشمى لا ينبغى ان يسلط على رقاب الناس، فعمر رجل عادل ويحب العادلين مثله.

وموالى لقضيه بطون قريش ويحب الموالين لتلك القضيه، وفى قلوب الهاشميين حسدا للبطون لا يزول!!

كما قال.

شعار القرابه:

عندما تاكد قاده التحالف ان النبى قد انتقل الى جوار ربه، وان آل محمد مشغولون بمصابهم وليس بامكانهم ترك النبى والخروج، رتبوا امورهم ليتعين خليفه للنبى فى غياب آل محمد كلهم وطمعا باجتذاب الانصار الى صفهم لمواجهه آل محمد بالامر الواقع فى ما بعد رفع قاده التحالف شعار:

انهم اقارب محمد واهله وعشيرته وانهم الاولى بميراثه وسلطانه!!

فقال ابو بكر فى سقيفه بنى ساعده:

(الناس تبع لنا ونحن عشيره الرسول) وقال عمر:

(انه واللّه، لا ترضى العرب ان تومركم ونبيها من غيركم، ولكن، العرب لا ينبغى ان تولى هذا الامر الا من كانت النبوه فيهم.. من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن اهله وعشيرته..).

واقوال ابى بكر وعمر هذه فى السقيفه متفق عليها (1115).

وعندما قالت الانصار لا نبايع الا عليا (1116).

تجاهل الموجودون من قاده التحالف هذا الطلب، وقالوا:

هذا عمر، وهذا ابو عبيده بايعوا ايهما شئتم، وبايعهم الانصار على اساس انهم عشيره النبى واهله الاحق بميراثه وسلطانه، انظر الى قول بشير بن سعد اول رجل بايع ابا بكر:

(ان محمدا رجلا من قريش وعشيرته احق بتولى سلطانه) (1117).

شعار الامر شورى:

لما قبض قاده التحالف على مقاليد الامور، وبايعهم اولياوهم بالخلافه واحتج آل محمد رفع قاده التحالف شعار ان الامر شورى بين المسلمين، والمسلمون قد اختاروا ابا بكر اول الخلفاء وفق قواعد الشرع، انظر الى قول ابى بكر للعباس:

(فخلى الرسول على الناس امرهم ليختاروا لانفسهم فى مصلحتهم متفقين غير مختلفين، فاختارونى عليهم وليا ولامورهم راعيا... الخ، وقد جئناك ونحن نريد ان نجعل لك فى هذا الامر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك، اذ كنت عم رسول‏اللّه، وان كان الناس قد راوا مكانك، ومكان اصحابك فعدلوا الامر عنكم.. الخ) (1118).

بمعنى انهم بمواجهه الانصار وبغياب آل بيت محمد احتجوا بالقرابه من رسول‏اللّه، ولما قبضوا على مقاليد الامور وواجهوا آل محمد بامر واقع رفعوا شعار الشورى، واحتجوا باختيار الناس لهم وبالبيعه.

شعار حسبنا كتاب اللّه:

وجد هذا الشعار عمليا عندما بدا الرسول بالتركيز المكثف على الخلافه من بعده وعندما بين بان الامام من بعده هو على بن ابى طالب، وبين الدور المميز فى قياده الامه التى اختص اللّه به اهل بيت النبوه.

عندئذ بدا قاده التحالف بالاشاعات للتشكيك بقول الرسول وشخصه وصولا الى ابطال مفاعيل النصوص النبويه التى احكمت ترتيب عصر ما بعد النبوه، وكانت العمليه سريه، وعندما قعد الرسول على فراش الموت قال عمر بن الخطاب والحاضرون من حزبه للرسول مباشره، لا حاجه لنا بوصيتك حسبنا كتاب اللّه!!

انت تهجر (1119)!!.

احاديث الرسول سبب الاختلاف ويجب احراق المكتوب ومنع كتابتها وروايتها:

واخراجا لبيان الرسول عن التاثير على الاحداث السياسيه، والغاء للبيان النبوى الذى غط‏ى بدقه تفاصيل كل ما يتعلق بالقياده من بعد النبى، منع قاده التحالف كتابه احاديث الرسول وجمعوا المكتوب منها فاحرقوه، وكتبوا الى الامصار لمحو كل ما هو مكتوب عن الرسول وقد وثقنا ذلك اكثر من مره، وقد فعلوا كل ذلك تحت شعار حسبنا كتاب اللّه!!

على سبيل المثال، راجع تذكره الحفاظ للذهبى (1120)، حيث يوكد ابو بكر ان روايه الناس لاحاديث الرسول تسبب اختلافهم، والذى يامر فيه بعدم التحديث عن رسول‏اللّه، وتجد ان ابا بكر بدا بنفسه وحرق الاحاديث التى كتبها شخصيا عن رسول‏اللّه وكان عنده 500 حديث، وعندما آلت الخلافه لعمر طلب من الناس ان ياتوه باحاديث الرسول المكتوبه، فلما اتوه بها حرقها (1121)، وحبس عمر عددا من الصحابه بجرم انهم اكثروا الحديث عن رسول‏اللّه وقد وثقنا ذلك فى البحوث السابقه.

وكل هذا كان يجرى ضمن اطار شرعى ظاهر يحدد حسبنا كتاب اللّه، ونسج عثمان على منوال صاحبيه.

معاويه بين الحكمه من منع كتابتها وروايتها:

معاويه احد قاده التحالف وموضع ثقه ابى بكر وعمر وعثمان، بعد ان هزم الشرعيه وقلم اظافر المعارضه، واستولى بالقوه على مقاليد الامور وصار ملكا حقيقيا على امه محمد بين الحكمه من حرق احاديث الرسول المكتوبه ومنع كتابه وروايه الاحاديث فاصدر مرسوما ملكيا الى كافه عماله على كافه الاقاليم:

(ان برئت الذمه ممن روى شيئا من فضل ابى تراب واهل بيته)، كما روى ذلك ابن ابى الحديد فى شرح النهج نقلا عن كتاب الاحداث للمدائنى (1122)، فالحكمه هى ابطال النصوص النبويه المتعلقه بخلافه النبى، وبالدور المميز لاهل بيت النبوه، ثم طور معاويه الحمله على على‏بن ابى طالب واهل البيت حيث حمل عددا من الصحابه وقوما من التابعين على روايه اخبار قبيحه فى على، تقتضى الطعن فيه، والبراءه منه وجعل لهم على ذلك حصيلا، وقد ذكر ذلك شيخ المعتزله ابو جعفر الاسكافى فيما نقله ابن ابى الحديد (1123).

التاثر البالغ:

سمعت بطون قريش -مهاجرها وطليقها- البيان النبوى فتاثروا تاثرا بالغا وادركوا ان الهاشميين سيجمعون النبوه مع الملك، وهكذا تحرم البطون من الشرفين معا، ويختص الهاشميون الشرفين معا، وادركوا ان النبى جاد فى ما يقوله، والاعظم فان محمدا يقول ان هذه الترتيبات والتعيينات من عند اللّه لانه يتبع ما يوحى اليه!!

التحرك السريع والقسمه:

وقررت قياده البطون المهاجرين والطلقاء معا ان تتحرك، وان تحول دون تحقيق ذلك، ورفعت شعارا بدى لها معقولا، وعرضت قسمه لاح لها بانها عادله، فقالت:

لتبقى النبوه لبنى هاشم لا يشاركهم فيها احد من البطون، ولتكون الخلافه لبطون قريش وللناس عند الاقتضاء لا يشاركهم فيها هاشمى قط.

دعايات لدعم قسمه البطون:

وفى سبيل اقناع الناس، (باجحاف قسمه اللّه ورسوله) وعداله قسمه البطون، اخذ قاده البطون يبثون الدعايات والشائعات سرا التى تهدف الى التشكيك بقول الرسول، وبشخص الرسول، وان الترتيبات التى اعلنها الرسول ليست من عند اللّه، انما هى باجتهاده الشخصى وتاويله، اذ من غير المعقول ان يعط‏ى اللّه النبوه لبنى هاشم ثم يعطيهم الملك، ويجمع لهم الشرفين معا، واستمالت هذه الدعايات الكاذبه المنافقين دغدغت احلامهم بتقويض الاسلام ووجدوها فرصه فمد المنافقون ايديهم القذره للبطون، وشجعوهم ليمضوا قدما بمواجهه الرسول، وادرك طلاب الدنيا ان بطون قريش والمنافقين كونوا حزبا قويا، وانهم قوه واقعيه، قد تنجح فعلا بانقلابها، وتستولى على السلطه بالقوه.

وتعاطف مع البطون طلاب الدنيا ايضا، وانضمت المرتزقه من الاعراب الى هذا التجمع، وصار هذا التحالف الواقعى والغير معلق عنه، والمكون من بطون قريش، ومن المنافقين، ومن طلاب الدنيا، ومن المرتزقه من الاعراب قوه هائله.

وصارت الفئه المومنه الصادقه اقليه، وسط بحر هذا التجمع، وقد سمع المومنون الصادقون بدعايات البطون وشائعاتهم، فظنوها نفثات الصدور، وسمعوا بالتقارب الذى حدث بين بطون قريش والمنافقين والمرتزقه من الاعراب، ولكنهم لم يعطوا اهميه، فطوال تاريخ الدعوه والدوله الاسلاميه كان المومنون اقليه، وشكل المنافقون الاكثريه، ولكن المومنون كانوا هم الفائزون، وكلمتهم فى المجتمع هى العليا، وقياده البلاد بايديهم.

وجود فكره الانقلاب لم تخطر على البال:

لم تخطر فكره وجود انقلاب على البال، ولا خطرت وجود قاعده شعبيه لهذا الانقلاب، ولا وجود قياده للانقلابيين، ولا وجود خطط لهذا الانقلاب، ولم يخطر ببال احد ان قاده الانقلاب سيواجهون الرسول وهو فى بيته المقدس ويقول له وبكل جراه:

(لا حاجه لنا بوصيتك ولا بكتابك، عندنا كتاب اللّه يكفينا انت تهجر يا محمد) (1124)!!

الفصل الثانى: توقيت الاعلان عن وجود الانقلاب

مرض رسول‏اللّه ليس مفاجاه، لقد اعلن رسول‏اللّه مرارا وتكرارا بانه سيمرض فى ذلك العام، ويموت فى مرضه لانه قد خير فاختار ما عند اللّه، فقال للناس فى حجه الوداع لعلى:

لا القاكم بعد عامى هذا، وقال للناس فى غديرخم:

يوشك ان ادعى فاجيب.. لقد قعد رسول‏اللّه على فراش المرض، فى بيت عائشه ام المومنين، واحيط الناس علما بان الرسول سيموت من مرضه هذا، كل شى‏ء واضح تماما، اكمل اللّه الدين واتم النعمه، ولقد جرت العاده ان تجتمع الاسره عند مريضها، وان تستمع اليه، فيلخص لها الموقف.

وجرت العاده ان تجتمع عليه القوم عند زعيمهم اذا مرض مرض الموت ليلخص لهم الموقف وليعبروا له عن ارتباطهم به، وعن تقديرهم لجهده المميز الذى بذله طوال فتره قيادته لهم، هذا امر طبيعى قد الفته البشريه كلها، وحدث ويحدث مع كل ارباب الاسر وزعماء العالم فكيف بسيد ولد آدم محمد رسول‏اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وهو قائد الدعوه وقائد الدوله، العارف بماضيه وحاضره ومستقبله المشفق على امته الرووف الرحيم بها؟!

فهو الاولى بتلخيص الموقف، واصدار توجيهاته النهائيه بالوقت الذى يراه مناسبا، ولم لا فمحمد سيبقى رسميا رسول‏اللّه ومتمتعا بحقوق الرساله حتى يلفظ آخر انفاسه الطاهره، ويبقى قائدا للدوله واماما ووليا للامه ومتمتعا بكافه صلاحياته حتى اللحظه التى تصعد فيها روحه الطاهره الى بارئها عز وجل!!.

ثم ان رسول‏اللّه كان يقعد على فراش مملوك له، وداخل بيته المملوك له لا فى بيوت الناس، ومن حق المريض اى مريض على الاطلاق ان يقول ما يشاء!!

ومن حق صاحب البيت اى صاحب بيت انه يقول داخل بيته ما يشاء، هذا حق طبيعى للانسان تعارفت عليه البشريه واحترمته على مختلف الوانها ومعتقداتها، ومحمد كسيد ولد آدم وكانسان هو الاولى بممارسه هذا الحق!!

ثم ان محمد رسول‏اللّه على صله دائمه باللّه تعالى، وعلى ارتباط عميق بالوحى والملائكه تنزل وتصعد فى كل لحظه، واهل السماء فى شغل شاغل لتغطيه حدث موته وهو يعى وعيا تاما ما يدور حوله، ومتاثر بحفاوه اهل السماء به!!

ثم ان محمدا بهذا الوقت يخطط ويعبى‏ء ويشرف على تسيير جيش اسامه للاصطدام مع احدى القوتين الاعظم فى العالم آنذاك!!

ومن كانت حاله كحاله النبى هذه، لا يمكن ان يكون قاصرا، ولا يمكن ان يكون بحاجه الى توجيهات رعاع العرب، وليس مجنونا، او فاقدا للسيطره على نفسه، ولا هاجرا او يهجر، كما زعم عمربن الخطاب، والانقلابيون الذين اقتحموا عليه الغرفه المقدسه!!

الرسول يضرب موعدا لكتابه توجيهاته النهائيه:

من الموكد ان رسول‏اللّه، قد حدد موعدا لكتابه توجيهاته النهائيه، وتلخيصه للموقف، ومن الموكد انه قد طلب حضور عدد من اهل ثقته ومن خواصه ليشهدوا كتابه توجيهاته، حتى يكونوا عونا لولى الامر من بعده، وحجه على خصمه، فمحمد ليس رجلا عاديا، انما هو خيره اللّه من خلقه، ورسول‏اللّه، وولى الامه، وقائد دولتها، فمن غير الممكن عقلا ان لا يستحضر احدا عند كتابه توجيهاته النهائيه.

من الذى اخبر عمر بن الخطاب عن هذا الموعد:

طالما ان الرسول قد حدد الموعد داخل بيته، ولم يعلم به الا اهل بيت النبوه وزوجات الرسول فكيف عرف عمر بن الخطاب بهذا الموعد المحدد حتى جاء اليه ومعه حشد هائل من انصاره ومن قاده التحالف ليحولوا بين رسول‏اللّه وبين كتابه توجيهاته النهائيه؟ ومن الذى اخبر عمر عن مضمون التوجيهات النهائيه حتى عرفها تماما وحشد حشده، اعترف عمر بن الخطاب فى ما بعد قائلا:

(لقد اراد رسول‏اللّه فى مرضه ان يصرح باسم على بن ابى طالب فمنعته) (1125).

مما يعنى:

ان عمر عرف وقت كتابه التوجيهات النهائيه، ومضمون هذه التوجيهات من مصدر ما داخل بيت الرسول!!

عندئذ كانت مع عمر المده الكافيه ليجمع قاده التحالف، ويخبرهم بالموعد وبالمضمون معا ويتفق واياهم على خطه للحيلوله بين الرسول وبين كتابه ما اراد.

فمن هو هذا المصدر من بيت الرسول الذى انبا عمر بموعد كتابه التوجيهات النهائيه وبمضمون هذه التوجيهات؟

المصدر الذى اخبر عمر بالموعد:

هذا المصدر او المخبر يكره على بن ابى طالب بالضروره، ويعارض خلافه على للنبى، وتربطه بعمر وبابى بكر علاقه قويه جدا ومميزه!!

ومن المستحيل استحاله مطلقه ان يكون من اهل بيت النبوه، اذن لا بد ان يكون احد الخدم، او احدى زوجات الرسول، والخدم لا يجروون اطلاقا على مثل هذا العمل الخطير، فيبقى الاحتمال الموكد ان احدى زوجات الرسول قد اطلعت عمر على وقت كتابه التوجيهات وعلى مضمون هذه التوجيهات لانها سمعت الرسول يتكلم بذلك مع على بن ابى طالب.

وبهذه الحاله تقفز الى الذهن حفصه زوجه الرسول وابنه عمر بن الخطاب، وتقفز عائشه زوجه الرسول وابنه ابو بكر، قال الواقدى فى مغازيه:

ان ابا بكر وعمر لا يفترقان، وان عائشه وحفصه ابنتاهما كانتا معا.

ربما كانتا معا قد اخبرتا عمر، او كانت احداهما قد اخبرت عمر عن موعد كتابه التوجيهات النهائيه وعن مضمون هذه التوجيهات.

وقد اخبرنا اللّه تعالى عن تظاهر زوجتين من زوجات الرسول عليه فقال (وان تظاهرا عليه فان اللّه هو مولاه) (1126).. وقال عمر بن الخطاب فى ما بعد ان اللتين تظاهرتا على الرسول هما حفصه وعائشه، هكذا اخرج البخارى فى تفسير هذه الايه (1127)، وان اللّه سبحانه وتعالى طلب منهما ان تتوبا الى اللّه، والتوبه لا تطلب الا من المذنب (1128).

واتلو ما انزل اللّه تعالى:

(ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما) (1129).. قالت عائشه للنبى يوما:

(انت الذى تزعم انك رسول‏اللّه) (1130)، ولهما ضرب اللّه مثلا امراه نوح وامراه لوط (1131).

كل هذا يرجح ان تكون احداهما قد اخبرت عمر بموعد كتابه التوجيهات النهائيه وبمضمون هذه التوجيهات.

ولكن من منهما؟ لنتابع استقراءنا للنصوص:

روى البخارى فى صحيحه (كتاب الجهاد والسير) باب ما جاء فى ازواج الرسول عن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب قال:

(قام النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم خطيبا فاشار نحو مسكن عائشه فقال:

(ها هنا الفتنه، ها هنا الفتنه، ها هنا الفتنه -ثلاثا- من حيث يطلع قرن الشيطان) راجع صحيح بخارى مطابع الشعب ج‏4 ص‏100!!

وفى لفظ آخر خرج رسول‏اللّه من بيت عائشه فقال:

(راس الكفر من ها هنا، من حيث يطلع قرن الشيطان) (1132).

فاذا اخذنا بعين الاعتبار ان الرسول كان مريضا فى بيت عائشه وان المواجهه بين الرسول وبين عمر بن الخطاب تمت فى بيت عائشه قرب الاحتمال ان تكون عائشه زوج النبى هى التى اخبرت عمر بن الخطاب عن موعد كتابه التوجيهات النهائيه، وعن مضمون هذه التوجيهات!!

وعلى اثرها استعد عمر وحشد عددا كبيرا من اعوانه فكسروا خاطر النبى الشريف وحاولوا بينه وبين كتابه ما اراد.

ومن جهه اخرى، فان عائشه ام المومنين كانت تكره الامام على وتحقد عليه ولا تطيق ولا تحتمل ان تلفظ حتى اسمه بدليل:

ا- عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن مسعود عن عائشه قالت:

لما ثقل رسول‏اللّه واشتد به وجعه.. فخرج بين رجلين تخط رجلاه الارض بين ابن عباس (تعنى الفضل) وبين رجل آخر قال عبيد اللّه فاخبرت عبد اللّه بن عباس بالذى قالت عائشه فقال لى عبد اللّه بن عباس هل تدرى من الرجل الاخر الذى لم تسم عائشه؟ قال:

قلت لا.

قال:

ابن عباس هو على بن ابى طالب ثم قال:

ان عائشه لا تطيب لها نفسا بخير) (1133).

ب- عن عطاء بن يسار قال:

جاء رجل فوقع فى على وفى عمار عند عائشه فقالت عائشه:

(اما على فلست قائله لك فيه شى‏ء واما عمار فقد سمعت رسول‏اللّه يقول فيه (لا يخير بين امرين الا اختار ارشدهما) (1134).

ج- وفى ما بعد خرجت على الامام على، وحاربته ونبحتها كلاب الحواب، بدعوى المطالبه بدم عثمان مع انها هى التى افتت بقتله (1135).

ومع ان عائشه قد خسرت حربها، ووقعت اسيره بعد ان ثارتها فتنه عمياء الا ان الامام على اكرمها واعادها معززه مكرمه لما قتل عثمان كانت تتصور ان الناس سيبايعون ابن عمها طلحه قال البلاذرى فى انساب الاشراف (1136):

(كانت عائشه فى مكه حين بلغها قتل عثمان، ولم تكن تشك فى ان طلحه هو صاحب الامر فقالت بعدا (لنعثل) اى لعثمان وسحقا، ايه ذا الاصبع ابا شبل ايه يا ابن عم لكانى انظر الى اصبعه وهو يبايع)، تعنى بذلك ابن عمها طلحه.

ولما علمت ان طلحه لم يبايع، وان الناس قد اجتمعوا على على بن ابى طالب صعقت فقالت (واللّه، ليت ان هذه انطبقت على هذه) اى انطبقت السماء على الارض ثم قالت ردونى ردونى وقادت فتنتها العمياء بالتعاون مع طلحه والزبير اكثر المولبين على عثمان للمطالبه بدم عثمان (1137)!!

د ومع ان الامام على اكرمها واعادها معززه الى بيتها التى خرجت منه وقد امرت ان تقر فيه الا انه لما بلغها موت الامام على (سجدت للّه شكرا) (1138).

فقد قيل تبت وعلى غمضا فلم سجدت الشكر لما قبعا راجع النص والاجتهاد للامام العاملى ص‏457.

هذه طبيعه مشاعر ام المومنين نحو على بن ابى طالب، فمن الطبيعى ان تتحالف مع اى كان لصرف الامر عنه، ومن الطبيعى ان تخبر عمر وابا بكر عن موعد كتابه التوجيهات النبويه النهائيه وعن مضمون هذه التوجيهات وان تشترك معهما باتخاذ كل ما يلزم للحيلوله بين الامام على وحقه الشرعى بالقياده من بعد النبى، وهى تعلم علم اليقين ان على هو صاحب الامر شرعا من بعد النبى.

ه- ولكن كيف تحب من قتل اولاد عمها فى بدر، انها تكره على وتكره ذريته.

فعندما ارادوا دفن ابن النبى الحسن‏بن على بجانب جده رسول‏اللّه، ركبت عائشه بغلا، واستعونت بنى اميه ليحولوا بين الحسن وبين ان يدفن بجانب جده، راجع ترجمه الحسن من مقاتل الطالبيين، وجاءها القاسم‏بن محمدبن ابى بكر وقال لها (يا عمه ما غسلنا رووسنا من يوم الجمل الاحمر اتريدين ان يقال (يوم البغله الشهباء) ولولا حكمه الحسن لاثارتها ثانيه فتنه عمياء) (1139).

فعلت كل هذا وقد اذنت ان يدفن ابيها، وعمر بن الخطاب مع ان الدار لرسول‏اللّه لا لها، ولها منها 9ر1 الثمن فقط وفى ذلك يقول القائل:

فتجملت تبغلت ولو عشت تفيلت فلك التسع من الثمن وبالكل تملكت و- والسيده التى تفعل كل هذا يهون عليها ان تخبر عمر بن الخطاب وقاده التحالف عن موعد كتابه التوجيهات النبويه النهائيه وعن مضمون هذه التوجيهات.

ز- والمكانه التى تمتعت بها عائشه فى عهدى ابى بكر وعمر، تجعلنا نجزم بانها هى التى اخبرتهما بموعد ومضمون التوجيهات النبويه الالهيه، حتى اعدا العده، وحالا بين الرسول وبين كتابه ما اراد، وكسرا خاطره الشريف.

فلا احد من المسلمين والمسلمات كان ياخذ عطاء اكثر من عائشه، وحفصه فلكل واحده منهما اثنى عشر الفا فهما مميزتان على نساء الرسول اللواتى اعطيت لكل واحده منهن عشره آلاف.

وكلمه عائشه عند عمر كانت امرا، انظر الى قوله:

(ومن تامرنى ان استخلف) ذلك انه لما طعن عمر ارسل ابنه عبد اللّه بن عمر ليستاذن عائشه فيدفن فى بيت الرسول الى جانبه وجانب ابى بكر، فقالت عائشه حبا وكرامه، ثم قالت لعبداللّه بن عمر (يا بنى ابلغ عمر سلامى وقل له لا تدع امه محمد بلا راع، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا، فانى اخشى عليهم الفتنه!

عندئذ قال عمر:

ومن تامرنى ان استخلف) (1140)!!

فلو امرته ام المومنين ان يستخلف اعرابيا من الباديه لفعل، فهو مدين لها بمنصب الخلافه، فلو لم تخبره بموعد ومضمون التوجيهات النبويه النهائيه لسار الامر سيرا طبيعيا ولما اختلف اثنان فى ما بعد.

والخلاصه وعلى ضوء ما ذكرنا:

فان عائشه ام المومنين هى المصدر او المخبر الذى اخبر عمر بن الخطاب وقاده التحالف بموعد كتابه التوجيهات النبويه النهائيه وبمضمون هذه التوجيهات، مما اعط‏ى عمر الوقت والفرصه ليجمع قاده التحالف ويقتحم بهم بيت رسول‏اللّه فيحولوا بينه وبين كتابه ما اراد.

الاعلان عن وجود انقلاب وعن وجود قاعده شعبيه تدعم هذا الانقلاب:

منذ اعلان النبوه والرساله، وبطون قريش بحركه دائمه لا يعتدلها، ولا يستقيم لها حال، وهمها الاعظم صرف شرف النبوه عن محمد الهاشمى، والحيلوله بين العرب وبين الاعتراف بهذه النبوه، لا كراهيه بالدين الجديد، فليس فى الدين الجديد ما تعافه النفس البشريه، ولكن حسدا لبنى هاشم، وبعد مقاومه ضاريه، وحرب ضروس دامتا 21 عاما قتل الهاشميون خلالهما خيره ابناء بطون قريش، صارت البطون تحقد على محمد والهاشميين لانهم قتله الاحبه وهكذا جمعت البطون مع الحسد لبنى هاشم الحقد عليهم، وفوجئت البطون بجيش جرار قوامه عشره آلاف مقاتل يغزوها فى عقر دارها بقياده محمد والهاشميين، فاستسلمت، وتلفظت بالشهادتين، ولكن الحسد والحقد على بنى هاشم كانا قداستقرا فى نفوس ابناء البطون نهائيا.

ولم ينقب الرسول الكريم عما فى نفوس البطون بل اكتفى بالظاهر لان البواطن اختصاص الهى، وفتح النبى صفحه جديده، وقالت البطون انها قد نسيت الماضى، واسفت عليه وانها تفتح صفحه جديده ايضا.

وكان فتح مكه فرصه لالتقاء ابناء قبيله قريش، المهاجر منهم والطليق، وفرصه لتذكر الاحبه الذين قتلت اكثريتهم على يد الهاشميين وبسبب محمد، وكانت فرصه لتذكر الصيغه السياسيه القائمه على اقتسام مناصب الشرف بين البطون، وعلى التوازن والتعادل فى ما بينها.

وركز النبى تركيزا خاصا على منصب القياده من بعده على اعتبار انه النظام الواقعى الامثل الذى يبقى جموع المسلمين داخل اطار الشرعيه والمشروعيه، وبامر من ربه قدم الرسول على‏بن ابى طالب كاول امام وقائد للامه من بعده.

المواجهه فى الموعد المحدد وسببها المباشر:

حضر الذين اصطفاهم النبى ليكتب امامهم التوجيهات النهائيه وليلخص امامهم الموقف، وفجاه حضر عمر بن الخطاب ومعه قاده التحالف وعدد كبير من اعوانه، الذين اتفق معهم عمر على خطه تحول بين النبى وبين كتابه ما اراد.

وحضور اعوان عمر لم يكن بالحسبان،!!

كيف يفعل النبى امام هذه المفاجاه؟ هل يلغى الموعد، ويضرب موعدا جديدا، او يمضى قدما الى حيث امره اللّه؟، لقد اختار النبى الحل الاخير فقال:

(قربوا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه ثانيه:

(ائتونى بكتاب اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا، وفى روايه ثالثه (ائتونى بالكتف والدواه او اللوح والدواه اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا، وفى روايه اخرى (ائتونى بكتاب اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه خامسه (ائتونى اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه سادسه قال (ائتونى بكتف اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا)، وفى روايه سابعه قال الرسول (هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده).

هذا ما قال الرسول حسب كل الروايات، وهذا سبب المواجهه المباشر بين الرسول وعمر بن الخطاب وحزبه.

هل هذا السبب يوجب المواجهه مع الرسول؟

انظر مليا الى هذه الروايات السبع التى اسندت للرسول:

هل فيها خطا؟ هل فيها غلط!!

هل فيها اساءه لاحد!!

من يرفض التامين ضد الضلاله، ولماذا، ولمصلحه من هذا الرفض؟ ثم ان الرسول فى بيته، ومن حق الانسان ان يقول داخل بيته ما يشاء، ثم ان الرسول مسلم ومن حق المسلم ان يوصى، والذين يسمعونه احرار فى ما بعد باعمال اقواله او اهمالها ثم ان الرسول ما زال رسولا وقائدا للدوله وسيبقى حتى تصعد روحه الطاهره الى بارئها متمتعا بصلاحياته كرئيس.

انه وبكل المعايير العقليه والانسانيه والدينيه لا يوجد ما يبرر مواجهه الرسول بسبب قوله (هلم اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ابدا) بل ان المومن الصادق يستجيب للّه ولرسوله، ويفرح بهذا العرض الذى يحصن الامه ضد الضلاله ابدا!!!

قائد التحالف عمر بن الخطاب يتصدى للنبى:

ما ان اتم رسول‏اللّه جملته:

(قربوا اكتب لكم كتابا..) حتى تصدى له عمر بن الخطاب وقال متجاهلا النبى وموجها كلامه للحاضرين (ان النبى يهجر وعندكم القرآن حسبنا كتاب اللّه) (1141).

قاده التحالف يرددون خلف عمر:

وما ان اتم عمر كلامه حتى قال اعوانه بصوت واحد متجاهلين وجود الرسول وموجهين كلامهم للحضور:

(هجر رسول‏اللّه، ان رسول‏اللّه يهجر، ما شانه اهجر؟ استفهموه؟، ماله اهجر؟ استفتموه؟ وردد اتباع عمر مع كل جمله من الجمل الاربعه قافيه (القول ما قال عمر) متجاهلين بالكامل وجود الرسول.

الحضور من غير حزب عمر:

صعق الحضور من غير حزب عمر من هول ما سمعوا فقالوا:

قربوا يكتب لكم الرسول، ويرد عمر عليهم متجاهلا وجود النبى:

(ان النبى يهجر، وعندنا كتاب اللّه حسبنا كتاب اللّه)، -وعلى الفور- يضج اتباعه بالقافيه:

القول ما قال عمر ان النبى يهجر، ماله استفهموه اهجر؟ ما شانه اهجر!!

النسوه يتدخلن فى الامر:

قال ابن سعد فى طبقاته (1142):

(لما مرض الرسول قال:

(ائتونى بصحيفه ودواه اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ابدا، قالت النسوه:

الا تسمعون رسول‏اللّه قربوا.. فقال عمر:

انكن صويحبات يوسف، فقال الرسول:

(دعوهن فانهن خير منكم) يبدو ان النساء المتجمعات فى بيت رسول‏اللّه بمناسبه مرضه سمعن اللغط والمشاده بين عمر واتباعه من جهه، الذين يحاولون بكل ما اوتوا من قوه ان يحولوا بين الرسول وبين كتابه ما اراد وبين المومنين الصادقين الحاضرين الذين استجابوا للّه وللرسول، فعندئذ تجمعن امام الباب او من وراء الستر، وتعجبن مما يفعل عمر وحزبه فقلن.. عندئذ نهرهن عمر وقال انتن صويحبات يوسف فرد الرسول عليه ذلك الرد الموجع.

نتيجه تصرفات عمر وحزبه:

كثر اللغط، وكثر اللغو، وكثر الاختلاف، وارتفعت الاصوات، وتنازع الفريقان، فريق عمر، والفريق الذى يويد الرسول وسمعت النساء بما جرى وهتفن:

الا تسمعون رسول‏اللّه وصاح عمر وحزبه بالنساء ورد الرسول على عمر وحزبه ردا موجعا، وصارت الكتابه بهذا الجو مستحيله، لان عمر وحزبه كانوا على استعداد لفعل اى شى‏ء يحول بين الرسول وبين كتابه ما اراد، وقد ادرك الرسول ذلك وراى الكثره التى جلبها لهذه الغايه.

الرسول يحسم الموقف وينصرف الجميع:

راى رسول‏اللّه كثره حزب عمر، واصرارهم على فعل اى شى‏ء للحيلوله دون الرسول ودون كتابه ما اراد، فلو اصر الرسول على كتابه ما اراد، لاصر عمر وحزبه على اثبات هجر رسول‏اللّه، مع ما يجره هذا الاتهام من عواقب مدمره للتشكيك بكل ما قاله الرسول، وبما ان اللغط والاختلاف، وارتفاع الاصوات عند النبى قد كثر، وحدثت مشاده كادت تودى للتنازع، بل وبدا التنازع فعلا، لذلك راى رسول‏اللّه ان يصرف النظر عن كتابه توجيهاته النهائيه، وتلخيصه للموقف، وحسم موضوع هذا التجمع، فعندما وصل الامر بالنساء لانتقاد تصرفات عمر، ورد عمر وحزبه على النساء متهمين اياهن (بانهن صويحبات يوسف)، تكلم رسول‏اللّه واجاب عمر وحزبه (بانهن خير منكم) (1143)، وقال الرسول:

(دعونى فالذى انا فيه خير مما تدعونى اليه)، او (ذرونى فالذى انا فيه خير مما تدعونى اليه)، او قال:

(قوموا عنى ولا ينبغى عندى التنازع)، او قال:

(قوموا عنى).

وهذا ما تمناه عمر وحزبه، فبعدما نجح عمر وحزبه بالحيلوله دون رسول‏اللّه وكتابه ما اراد، فقد تحققت الغايه من اقتحامهم لبيت الرسول، ولم يعد ما يوجب البقاء (1144).

لماذا استمات عمر وحزبه ليحولوا بين الرسول وكتابه ما اراد؟

لقد اعترف عمر فى ما بعد، بانه وحزبه لم يحولوا بين الرسول وبين كتابه ما اراد لان المرض قد اشتد به، او لان القرآن وحده يكفى كما زعموا يومها، انما صدوا النبى عن كتابه ما اراد حتى لا يجعلوا الامر لعلى‏بن ابى طالب (1145)!!

حوادث مشابهه ومكر الليل والنهار!!:

مرض ابو بكر:

مرض ابو بكر مرضا شديدا قبل ان يموت، دعى ابو بكر عثمان قبيل وفاته بقليل ليكتب توجيهاته النهائيه، وطلب من عثمان الا يسمع احد وقال لعثمان اكتب:

(انى قد وليت عليكم.. -فاغمى على ابى بكر من شده الوجع- فكتب عثمان اسم (عمر) (انى قد وليت عليكم عمر) فلما افاق ابو بكر من غيبوبته، طلب من عثمان ان يقرا له ما كتب، فقرا عثمان، فسر ابو بكر وقال:

(لو كتبت نفسك لكنت اهلا لها).

واصغى المسلمون لابى بكر ونفذوا تعليماته وعاملوه بكل التوقير والاحترام ولم يقولوا ان ابا بكر هجر، ولا قالوا ان المرض قد اشتد به، ولا قالوا حسبنا كتاب اللّه (1146).

عندما اراد ابو بكر ان يكتب توجيهاته النهائيه وهو مريض وقبيل وفاته كان عمر جالسا مع الصفوه التى اختارها ابو بكر ليشهدوا كتابه توجيهاته النهائيه ومعه شديد مولى ابى بكر حاملا للصحيفه.

فكان عمر يقول:

(ايها الناس اسمعوا واطيعوا قول خليفه رسول‏اللّه، انه يقول انى لم آلكم نصحا (1147)).

قارن بين موقف عمر وحزبه من رسول‏اللّه وموقفهم من ابى بكر، لم يقل عمر ان ابا بكر قد اشتد به الوجع، مع ان وجع ابى بكر اشد من وجع الرسول!!

ولم يقل عمر:

(ان ابا بكر قد هجر كما قال هو وحزبه عن الرسول!!)

ولم يختلف الحضور ولم يتنازعوا ولم يكثر اللغظ ولم تتدخل النساء، ان هذا لامر عجاب!!

هل لابى بكر قيمه عند عمر وحزبه وقداسه اكثر من قيمه الرسول وقداسته!!

اجب كما يحلو لك!!

مرض عمر:

طعن عمر بن الخطاب، قال طبيبه:

لا ارى ان تمسى فما كنت فاعلا فافعله، واشتد بعمر الوجع، وقال:

لو ان لى ما اطلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع!!

الويل لعمر ولام عمر ان لم يغفر اللّه لعمر!!

وقال لابنه عبد اللّه ضع خدى على الارض لاام لك (1148)!!

ومع هذا كتب عمر توجيهاته النهائيه وعهد لسته نظريا وعهد لعثمان عمليا، وامر بضرب عنق من يخالف تعليماته النهائيه (1149).

لقد كتب عمر ما اراد، ولم يعترضه احد، ولم يقل احد ان المرض قد اشتد بعمر، مع ان المرض قد اشتد به فعلا اكثر مما اشتد المرض برسول‏اللّه!!

ولم يقل احد ان عمر يهجر كما قال ذلك عمر وحزبه لرسول‏اللّه، ولم يقل احد عندنا كتاب اللّه وهو يكفينا ولا حاجه لوصيتك، انما عومل عمر بكل التوقير والتقديس والاحترام، ونفذت تعليماته النهائيه حرفيا كانها كتاب منزل من عند اللّه واكثر!!

فهل لعمر وابى بكر قداسه عند الناس اكثر من رسول‏اللّه!!

وباى كتاب انزل بان الاثنين اولى بالاحترام والطاعه من رسول‏اللّه!!

اجب بما يحلو لك، فانك لن تغير الحقيقه المره!!

لم يصدف طوال التاريخ:

لم يصدف طوال التاريخ ان عومل ولى الامر سواء اكان خليفه او ملكا وهو مريض بالقسوه والجلافه التى عومل بها رسول‏اللّه!!

ولم يصدف ان اعترض المسلمون اى خليفه اذا اراد ان يكتب تعليماته النهائيه او يستخلف من بعده بل على العكس، قال ابن خلدون فى مقدمته (ان الخليفه ينظر للناس حال حياته، وتبع ذلك ان ينظر لهم بعد وفاته ويقيم لهم من يتولى امورهم من بعده) (1150).

لم يقل احد لاى خليفه (قد اشتد به الوجع!!

ولم يقل احد انه قد هجر!!

ولم يقل احد عندنا كتاب اللّه حسبنا، كما قيل لرسول‏اللّه فهل للخليفه وقار عند المسلمين اكثر من الرسول!!

وهل له مكانه اعظم من مكانه الرسول!!

ان هذا لامر عجاب!!

اجب بما يحلو لك!

لقد قالوها بصراحه ان الخليفه اعظم من الرسول (1151).

الاعلان عن وجود انقلاب، وقاعده شعبيه له:

موقف عمر وحزبه فى الحجره المقدسه، وقولهم للنبى:

(انت تهجر) وحيلولتهم بين النبى، وبين كتابه ما اراد، والحشد الذى جمعه عمر واقتحم به بيت رسول‏اللّه، ونجاحه بالحيلوله بين الرسول وبين كتابه ما اراد واعلانه رسميا بتاييد من حزبه ان القرآن وحده يكفى، ولا حاجه لرسول‏اللّه ولا لتوجيهاته هو بمثابه اعلان عن وجود انقلاب تدعمه قاعده شعبيه وبان الانقلابيين سيستولون قريبا على السلطه بالقوه، وانباء المواجهه التى جرت فى حجره الرسول بين الرسول ومن والاه من جهه وبين قائد الانقلاب عمر بن الخطاب ومن والاه من جهه اخرى شقت طريقها بكل تفاصيلها الى اسماع اهل المدينه وما حولها من الاعراب، وسمع بها المنافقون، وشعروا بالسعاده لانها بشائر انهيار الاسلام ونظامه السياسى بالنسبه لهم، واغتبط المنافقون لان عمر وحزبه كسروا خاطر الرسول وقالوا له:

(انت تهجر)، وحالوا بينه وبين كتابه ما اراد، وارتفعت اسهم عمر وقاده التحالف عند المنافقين ارتفاعا عظيما.

وتذكر المنافقون ان عمر بن الخطاب وطلحه من قاده التحالف بعد ان فروا من معركه احد واشيع بان النبى قد قتل، قالوا (ليت لنا من ياتى عبد اللّه بن ابى سلول -زعيم المنافقين- لياخذ لنا امانا من ابى سفيان قبل ان يقتلونا) كما سنوثق ذلك (1152)، وسنسوق عشرات المصادر فى ما بعد.

وشعر المنافقون بالارتياح، لان ذلك النفر هم (قاده الانقلاب)، وتصور المنافقون ان الفرج عليهم قريب!!.

الفصل الثالث: تنفيذ الانقلاب

موعد تنفيذ الانقلاب المناسب:

بعد نجاح الانقلابيين بمواجهتهم مع النبى، وحيلولتهم دون الرسول وكتابه ما اراد، وبعد ان تلقى الناس نبا المواجهه غير المتوقع وتاكدوا من وجود انقلاب على الشرعيه الالهيه، وبعد ان بهر الانقلابيون المنافقين، واقتنع طلاب الدنيا المرتزقه من الاعراب ان ميزان القوى الى جانب الانقلابيين، وبعد تفكير عميق قرر الانقلابيون ان يكون موعد تنفيذ الانقلاب خلال الفتره الزمنيه الممدوده الواقعه بين وفاه النبى وبين دفنه وهى فتره انشغال آل محمد وبنى هاشم بمصابهم الجلل برسول‏اللّه، واعدادهم واستعدادهم لتجهيزه ودفنه، اذ لو حضر آل محمد، وكان هنالك تكافو فرصه لتمكن الامام على من اقامه الحجه على الانقلابيين، واذا تصدى له الانقلابيون كاشخاص فانه سيسحقهم سحقا، والحل الامثل ان ينفذ الانقلاب خلال الفتره التى حددوها وفى غياب آل محمد، حتى يتمكن الانقلابيون من تنصيب خليفه يزفه اعوانه وانصاره زفا ويفاجوون آل محمد بامر واقع، فاذا اعترض آل محمد عندئذ يصورهم الانقلابيون بصوره الخارجين على الجماعه الشاقين لعصا الطاعه، ويصورهم قاده الانقلاب بصوره طلاب زعامه وهكذا يستخفون الناس، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويتلاعبون بعواطف السذج فاذا خطر ببال على او آل محمد ان يقاوموا وان يستعملوا القوه، فلن يكون عمر او غيره من قاده الانقلاب مضطرا لمواجهه على بل يسلط على الامام مجموعه من الغوغاء فيحيطون به ويقبضون عليه، واذا تجاوز حدوده يقتلونه، واذا تعاضد مع اهل البيت وآل البيت متعاضد عندئذ يسلط الانقلابيون عليهم قبيله من المرتزقه، وخلال مده محدوده تكون نساء آل محمد سبايا، واموالهم غنيمه لتلك القبيله، وهكذا نجح الانقلابيون بتحديد الوقت المناسب.

خطوات تنفيذ الانقلاب وتوزيع الادوار:

من اللحظه التى قعد فيها رسول‏اللّه على فراش المرض، استنفر الانقلابيون قاعدتهم الشعبيه، وقامت قياده الانقلاب بتحديد الخطوات، وتوزيع الادوار على القياده والقواعد الشعبيه، بحيث ينجح الانقلاب، ويتم تنصيب خليفه خلال الفتره الواقعه بين وفاه النبى وبين دفنه، فيواجه آل‏محمد بواقع لا قبل لهم بتبديله، او تعديله او تغييره.

الخطوه الاولى: المواجهه مع النبى داخل بيته:

لما علم الانقلابيون من مصدر موثوق ان النبى يريد ان يكتب توجيهاته النهائيه، جمع عمر بن الخطاب حشدا كبيرا من رجاله، واقتحم بهم بيت النبوه، وعندما اراد النبى ان يكتب توجيهاته النهائيه، اعترض عليه عمر بن الخطاب بشده وقال للنبى:

انت تهجر، لا حاجه لنا بكتابك، عندنا القرآن وهو يكفينا (1153)!!

وردد الحاضرون من حزب عمر خلفه:

ان النبى يهجر، والقول ما قال عمر (1154)، وفى ما بعد اعترف عمر بن الخطاب انه قد صد النبى عن كتابه توجيهاته النهائيه حتى لا يجعل الامر لعلى (1155).

وهكذا نجح الانقلابيون بخطوتهم الاولى وحالوا بين الرسول وبين كتابه ما اراد، وذلك بفضل تعاون ام المومنين عائشه التى اخبرتهم بموعد كتابه تعليمات الرسول النهائيه كما اثبتنا.

الخطوه الثانيه:

وضع قسم كبير من انصار الانقلاب فى المسجد وحوله، ليكونوا قرب آل محمد، يراقبون تحركات آل محمد، وينتظرون اللحظه التى ياتى بها الخليفه الجديد، فيستقبلونه مجرد وصوله ويبايعونه امام آل محمد، بعفويه وبدون اعتراض، وكان هذا القسم لا يعرف شيئا عن الانقلاب، وكانه قد فوجى‏ء كما فوجى‏ء آل محمد، ولكن ليبدو الامر طبيعيا يباشر هذا القسم بالبيعه.

وبالفعل عندما جاء الخليفه الجديد نهضت هذه المجموعه لاستقبال الخليفه، فقال لهم عمربن الخطاب:

(ما لى اراكم حلقا شتى قوموا فبايعوا ابا بكر، فقد بايعته وبايعته الانصار) (1156).

وكان كلام عمر مسحه رسول، فقام عثمان بن عفان والامويون فبايعوا الخليفه الجديد، وقام سعدبن ابى وقاص وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بنى زهره فبايعوا الخليفه الجديد، ولم يبق من هذا الجمع بدون بيعه الا على بن ابى طالب والعباس ومن معهما من بنى هاشم بالاضافه الى الزبير الذى انضم اليهم (1157).

وهكذا عزل الهاشميون وآل محمد كما خطط قاده الانقلاب، ونجح القسم الذى وضع فى المسجد باداء دوره على اكمل وجه.

الخطوه الثالثه:

قسم يتحرك الى منطقه الانصار، ويتجمعون فى سقيفه بنى ساعده كانهم زوار لسعد بن عباده الذى كان مريضا وطريح الفراش باجماع كل المورخين، ومهمه هذا القسم ان ينتظر قدوم قاده الانقلاب الرئيسيين الثلاثه وان يشتركوا بالحوار وكانه لا علم لهم بوجود انقلاب، حتى اذا نجح قاده الانقلاب بجر المجتمعين الى الخوض فى حديث خليفه النبى، او من يخلف النبى، امسكوا بالحديث وتابعوه حتى يتم تنصيب الخليفه المتفق عليه وهو ابو بكر عندئذ ينهض القسم الذى تجمع فى سقيفه بنى ساعده ويبايع ابا بكر كاول خليفه للنبى، فينذهل الحاضرون من غير الانقلابيين ويجدون ان من الحكمه مبايعه الخليفه الجديد حتى يشركهم فى ما بعد بالمنافع والادوار، ويحافظوا على مصالحهم.

سعد بن عباده مريض بالاجماع، وقاعد على فراش المرض فى منزله المجاوره لسقيفه بنى ساعده، ولان سعد سيد الخزرج بلا كلام، فمن الطبيعى ان تاتى وجوه الخزرج لعيادته والاطمئنان على صحته، وليتدارسوا الوضع بعد ان تاكدت وفاه الرسول الكريم خاصه وان وفاه النبى ستترك فراغا هائلا، وفجاه حضرت الاوس المتفقه مع قاده الانقلاب، والمحصوره مهمتها بمبايعه الخليفه الجديد عند طرحه من قبل قاده الانقلاب الثلاثه، وليس فى حضور الاوس او جزءا كبيرا من الاوس، او مجموعه من الاوس لزياره سعد بن عباده ما يثير الريبه، فسعد مريض، وعياده المريض وزيارته مرغوبه فى الجاهليه والاسلام، وهى من حيث الظاهر مبادره نبيله من الاوس.