جلس الجميع واطمانوا ظاهريا على صحه المريض، سعد سيد الخزرج، ومن غير المستبعد ان الانقلابيين من الاوس قد تطرقوا الى عصر ما بعد النبوه، ويجمع المورخون بانهم قالوا لسعدبن عباده الامر لك، فما كنت فاعلا فلن نعصى لك امرا، بمعنى ان سعدبن عباده يتولى توجيه الانصار الى ما يمكن عمله، وكيف، وليس المقصود توليه سعد خليفه على المسلمين، فلا سعد يقبل ذلك، ولا الاوس تقبل ذلك، ومن الطبيعى ان ينشرح خاطر سعد، فهو سيد الخزرج بلا منازع، وتولى من حضر من الاوس وهم كثير، الامر لك امر غريب ومدهش، ولكن تقبله سعد وتقبلته الخزرج بحسن نيه، وبارتياح كانت الخزرج خاليه الذهن تماما من موضوع الانقلاب، ومن تورط اعداد كبيره من الاوس فيه.

حضور قاده الانقلاب الثلاثه، وفجاه حضر ابو بكر وعمر وابو عبيده حضور ابى بكر وعمر خاصه امر مستهجن، فهم اصهار الرسول، وقد جرت العاده ان ينشغل الاصهار مع اهل الميت بتجهيزه ودفنه ولكن سعد والخزرج تصوروا ان زياره الثلاثه، تعبير عن محبتهم لسعد بن عباده، ولفته نبيله منهم تجاه الخزرج، ومن الطبيعى ان ينهض الجميع، او يتفسحوا على الاقل للزوار الثلاثه، ومن الطبيعى ان ينقطع الحديث بوصول الزوار الثلاثه، ومن ثم يجلس الجميع، الحشد الذى كان عند سعد، بالاضافه الى الزوار الثلاثه، فمن الذى وصل الحديث، او من الذى بدا الحديث!!؟

وكيف تطور الى الحديث عن خلافه النبى؟!

لا احد يعلم ذلك على وجه اليقين!!

لم تعد الروايات التاريخيه التى هندستها وسائل اعلام السلطه مقبوله عقليا، ولا قادره على الوقوف امام اى تحليل منطقى محايد!!!

لكن الموكد الوحيد ان غايه الثلاثه من قدومهم هو تنصيب الخليفه الجديد بهذا المكان الملائم بعيدا عن آل محمد، ثم زف الخليفه الى المسجد حيث يبايعه الانقلابيون المتواجدين فى المسجد وحول بيت الرسول، ومن الموكد ايضا ان قسما كبيرا من الاوس كان ضالعا، وان تواجدهم ليس صدفه، انما هو عمل مدبر وثمره تخطيط وتدبير مسبق، فاسيد بن حضير قدمته وسائل اعلام الدوله على انه سيد الاوس، وبعد يوم واحد من دفن الرسول يشترك فى سريه يقودها عمربن الخطاب مهمتها احراق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه، وفيه على والحسن والحسين وفاطمه!!

فهل يعقل ان يكون هذا الاندفاع ثمره صدفه فى السقيفه ام انه فصل فى كتاب الموامره (1158).

ماذا جرى داخل السقيفه:

هنالك اجماع على ان ابا بكر قد تكلم فقال:

(ان المهاجرين هم اول من عبد اللّه فى الارض، وانهم عشيره الرسول، وانهم الامراء، والانصار هم الوزراء) (1159).

ويجمع المورخون بان عمر قد تكلم ومما قاله:

(بان المهاجرين هم اولياء الرسول وعشيرته والاحق بالامر من بعده، وان العرب تابى ان نومر الانصار ونبيها من غير الانصار، ولكن العرب لا ينبغى ان تولى هذا الامر الا من كانت النبوه فيهم، من ينازعنا سلطانه وميراثه ونحن اهله وعشيرته)، ويجمع المورخون بان ابا عبيده قد قال (يا معشر الانصار انكم كنتم اول من نصر وآزر، فلا تكونوا اول من بدل وغير (1160)!!!)

انت تلاحظ ان المهاجرين الثلاثه قد احتجوا بحجه آل‏محمد ليحصلوا على بيعه الانصار!!

فهل حقيقه ان ابا بكر وعمر وابو عبيده هم عشيره النبى، واولياوه، او هم الاولى بسلطانه وبميراثه كما قالوا!!

فكل واحد من هولاء الثلاثه من بطن مستقل عن الاخر، ومحمد من البطن الهاشمى المستقل عن هذه البطون والمتميز عليها.

ويلاحظ ايضا ان الثلاثه صوروا وكان الانصار يريدون ان يكون الخليفه منهم، وهذا غير صحيح، فلم يفكر الانصار بذلك، والموجود من الانصار فى السقيفه عدد قليل، وسعد بن عباده انبل وارفع واجل من ان يقبل ان يكون خليفه مع وجود على، ومن غير المعقول ان يتقدم على على فسعد من شيعه على، وابنه قيس من شيعه على، والمقداد من شيعه على، والحباب بن المنذر من شيعه على، اولئك هم الذين قادوا جبهه الانصار فى السقيفه، ومن جهه ثانيه، فان الذين حضروا من الانصار فى السقيفه، ولم يكونوا متورطين مع الانقلابيين كانوا مع الشرعيه وكانوا مع على بن ابى طالب فقد قام المنذر بن الارقم وقال:

(ان فيكم لرجل لو طلب هذا الامر لم ينازعه احد (يعنى على بن ابى طالب) (1161).

ويروى المورخون:

ان الانصار قالت -او قال بعض الانصار-:

(لا نبايع الا على‏بن ابى طالب) (1162).

التعازم والمبايعه:

قال ابو بكر، هذا عمر، وهذا ابو عبيده بايعوا ايهما شئتم؟ فقال عمر لابى بكر ابسط يدك ابايعك، وكثر اللغط وكثر الاختلاف، اهل الشرعيه من الانصار يقولون لا نبايع الا عليا، والثلاثه يريدون عمليا ابا بكر والمندسون من الانقلابيين ينتظرون الفرصه.

احد الانقلابيين يحسم الموقف:

كان بشير بن سعد الخزرجى رجلا مغمورا، بشكل او باخر اقنعه الانقلابيون بالانضمام اليهم، وبشير هذا كان يكره الامام على، واورث هذا الكره لابنه النعمان فقد كان ثانى اثنين من الانصار يقفون فى ما بعد بصف معاويه ضد على -كما يروى ابن ابى الحديد فى شرح النهج، -ولما راى حاله الاختلاف، وان مفاتيح الامور مع سعد بن عباده ورجاله، حسد سعدا، وراى ان الفرصه ملائمه ليتحول من رجل مغمور الى بطل فوقف بشير بن سعد وقال:

(يا معشر الانصار انا واللّه لئن كنا اولى فضيله فى جهاد المشركين، وسابقه فى هذا الدين، ما اردنا به الا رضا ربنا، وطاعه نبينا والكدح لانفسنا، فما ينبغى ان نستطيل على الناس بذلك.. الا ان محمدا من قريش وقومه احق به واولى، وايم اللّه لا يرانى اللّه انازعهم هذا الامر ابدا، فاتقوا اللّه ولا تخالفوهم ولا تخالقوهم.. عندئذ قال ابو بكر هذا عمر وهذا ابو عبيده فايهما شئتم فبايعوا؟ قال الاثنان:

(واللّه لا نتولى هذا الامر عليك).. انت تلاحظ ان بشير بن سعد استعمل حجه ابى بكر وحجه عمر وهى حجه آل محمد، وانه كان متفقا معهما اتفاقا تماما، فهم يتصرفون كانهم آل‏محمد، وكانهم ورثته، وبشير بن سعد يتبنى حرفيا ادعاءهم!!

الانقلابيون الحاضرون فى السقيفه يودون دورهم كاملا:

بهذه الاثناء قفز بشيربن سعد الانصارى وبايع ابا بكر فكان اول من بايع، وتقدم اسيدبن حضير وعويم‏بن ساعده وابو عبيده وكل المتواجدين من الانقلابيين فبايعوا ابا بكر، وذهل الفريق الاخر ولم يدر ماذا يفعل وتزاحم الحاضرون من اوليائهم على البيعه، وتصور الحضور ان بيعه اولئك الذين بايعوا عفويه، ولم يدروا ان الامر قد دبر باحكام بالغ.

الخطوه الرابعه: استقدام المرتزقه من الاعراب:

استقدم الانقلابيون اعدادا كبيره من المرتزقه من الاعراب، وطلبوا منهم ان يتواجدوا بالوقت الذى حددوه قرب بيت سعد بن عباده.

وجاءت قبيله اسلم بالوقت الذى جاء فيه من حضر من الانقلابيين فى سقيفه بنى ساعده يبايعون الخليفه الجديد ابا بكر.

روى الطبرى:

ان اسلم (قبيله كبيره) اقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا ابا بكر (1163).

قال عمر بن الخطاب:

(ما هو الا ان رايت اسلم فايقنت بالنصر)!!

جاءت قبيله اسلم الكبيره، او تجمع من القبائل كان ابرزها قبيله اسلم حتى تضايق بهم السكك لكثرتهم (1164)، فبايعوا جميعا ابا بكر.

وعلق عمر على هذه الواقعه فى ما بعد فقال:

(ما هو الا ان رايت اسلم فايقنت بالنصر) (1165).

والسوال المهم الذى يطرح نفسه هو:

(كيف علم عمر ان تجمع القبائل القادم من خارج المدينه سيبايع ابا بكر؟ كيف ايقن عمر بن الخطاب، ان هذا التجمع القبلى معه وسينصره، وسيبايع ابا بكر؟ هل هو يعلم ما فى نفوس هذا التجمع الكبير، حتى تيقن بانهم معه، وانه سينصرونه؟ ان عمر نفسه لا يدعى انه يعلم ما فى النفوس!!

وشيعه قاده التاريخ لا يقولون بان عمر يعلم الغيب، هم يعتبرونه مواز للرسول، ويرجحونه على الرسول عندما يختلفان!!

ولكنهم لا يقولون بان عمر يعلم الغيب!!

اذا كيف تيقن عمر ان كل ذلك التجمع من القبائل التى ضاق بهم السكك معه؟ يقولون انه ذو فراسه وعراف، ان الفراسه والعرافه قد تجدى بفرد او فردين او عشره او مائه ولكن اى ذى فراسه واى عراف هذا الذى يتيقن من فعل الالاف قبل ان يقع!!!

اذا يبقى الموكد الوحيد ان عمر بن الخطاب قد استحضرهم لهذه الغايه، وقد اطلعهم على مجريات الامور، وطلب منهم ان يحضروا بالوقت الذى حدده لهم فيبايعوا ابا بكر ويشتركوا بزفته الى المسجد!!

ومن غير المستبعد ان يكون عمر وقاده الانقلاب قد منوهم بجعل على ذلك او مكافاه، ومن الممكن ان تكون هذه القبائل قد تصورت انها ستحصل على غنائم سهله، فاقبلت حتى ضاقت بهم السكك!!

ومثل عمر المخطط البارع لا يترك الامور للصدفه، ولا يبنى انقلابه على الصدف، ولا نعلم النصر على من؟!!

وقول عمر:

(فايقنت بالنصر!!

انه بالرغم من بيعه الانقلابيين لابى بكر فى السقيفه، الا انه لم يتصور ان هذه البيعه ستحقق له الانتصار على آل محمد!!

فقط تيقن بالنصر عندما شاهد جموع القبائل والمرتزقه يتجهون نحو السقيفه ليويدوا الخليفه الجديد، وليقفوا معه ومع حزبه، ضد اراده محمد، ولانتزاع حق آل محمد الثابت بالقياده والامامه من بعد النبى!!

واقبلت المرتزقه من القبائل المستحضره للمدينه من كل جانب تبايع ابا بكر.

الخطوه الخامسه: زفه الخليفه الجديد:

بايع ابا بكر الانقلابيون من المهاجرين والطلقاء والانصار ومن المرتزقه من الاعراب (وكان عمر محتجرا يهرول بين يدى ابى بكر ويقول:

(الا ان الناس قد بايعوا ابا بكر) (1166)، واحاطت جموع الانقلابيين الكبيره بالخليفه، وزفوه زفا الى المسجد، محتفين بتنصيبه، وتحركوا بزفتهم الى المسجد حيث يسجى الجثمان المقدس، وحيث يحيط به الال الكرام.

وشق موكب الخليفه المدينه، مكبرا مهللا، معلنا ابتهاجه بتنصيب الخليفه، ووصل الموكب الى المسجد، وعلى التكبير واستقبله القسم الاول من الانقلابيين (الخطه الاولى) فرحين سعداء بتنصيبه، واخذوا يبايعونه حسب الخطه، وتجاوبت ارجاء المسجد بالتكبير (1167).

وجاء البراء بن عازب، فضرب الباب على الهاشميين وقال يا معشر بنى هاشم بويع ابو بكر!!

وقال بعض الهاشميين لبعض ما كان المسلمون يحدثون حدثا نغيب عنه ونحن اولى بمحمد!!

ودخلت الجموع الى المسجد يتقدمها الخليفه الجديد، فقال عمر لابى بكر:

اصعد منبر رسول‏اللّه، فتردد ابو بكر ولم يزل به عمر حتى صعد فبايعه الحاضرون كلهم من جديد.

وبعد ذلك القى الخليفه الجديد خطبته وجاء فيها:

(اما بعد ايها الناس انى قد وليت عليكم ولست بخيركم، فان احسنت فاعينونى، وان اسات فقومونى.. اطيعونى ما اطعت اللّه ورسوله فاذا عصيت اللّه ورسوله فلا طاعه لى عليكم، قوموا الى صلاتكم يرحمكم اللّه) (1168).

وسمع امير المومنين ذلك فقال متمثلا بقول القائل:

فواصبح اقوام يقولون ما اشتهوا ويطغون لما غال زيد غوائل نقل هذا ابو بكر الجوهرى فى كتابه (السقيفه)، كما نقل ذلك عنه ابن ابى الحديد فى شرح النهج (1169).

وهكذا تم الانقلاب، وتم عزل آل‏محمد كما خطط الانقلابيون، وتمت مواجهه آل محمد بامر واقع (1170).

الخليفه الجديد يتفضل بتفقد الامور ومشاركه آل محمد العزاء:

نجح الانقلابيون بتنفيذ خطه الانقلاب المتماسكه، بندا وبندا، ونجحوا بتنصيب الخليفه فى الغياب الكامل لال محمد ودون مشورتهم، ثم زفت الجموع الخليفه الى المسجد حيث يتجمع الال الكرام فى بيت النبى حول الجثمان المقدس وعلى التكبير والتهليل، وبايعت الجموع خليفتها الجديد مره ثانيه على مسمع ومراى من آل محمد، وخطب الخليفه الجديد، وخطب نائبه عمر بن الخطاب، وانتظر الخليفه والنائب آل محمد لياتوهما مبايعين مباركين بعد ان واجهوهما بامر واقع، ولم يحدث هذا، فغضب الخليفه، وغضب نائبه، وغضبت حاشيتهما، وغضبت الجموع، لتجاهل آل محمد لهذا الامر الواقع، ولكن الخليفه كان رجلا حليما عاقلا، فتجمل بالصبر وطلب من الجميع ضمنيا ان يمارسوا ضبط النفس.

وذهبوا الى آل‏محمد كان الامر طبيعى، وكان شيئا لم يحدث، وكان القائد جاء ليتفقد الرعيه، وليشارك اهل المصاب مصابهم، كان لفته نبيله من ابى بكر ونائبه وقاعدته الشعبيه ان يتذكروا بعد 48 ساعه موت الرسول والامام والقائد!!

وتفرغ الانقلابيون لامر الميت!!

وتذكر الانقلابيون:

ان على بن ابى طالب والعتره الطاهره الهاهم الرسول المسجى بين ايديهم، وقد اغلقوا عليهم الباب (1171)، وان اهل بيت محمد، كانوا مشغولين بتجهيز الرسول (1172) وان الرسول قد مكث ثلاثه ايام لا يدفن (1173)، وذلك من يوم الاثنين الى يوم الاربعاء (1174).

وتبين للانقلابيين ان اهل الرسول قد تولوا دفنه (1175)، وان عليا والفضل وقثم ابنا العباس وشقران مولاه واسامه‏بن زيد قد تولوا غسله وتكفينه وامره كله.

الخليفه ونائبه وعائشه لم يشهدوا الدفن:

ابو بكر وعمر لم يشهدا دفن الرسول ولا تغسيله او تجهيزه، حيث كانوا مشغولين بمتاعب الانقلاب (1176)، ومن باب اولى ان لا يشهدا الغسل والتكفين والتجهيز، اما عائشه زوجه النبى فقد قالت:

(ما علمنا بدفن النبى حتى سمعنا صوت المساحى من جوف الليل ليله الاربعاء) (1177).

واكبر الظن ان ام المومنين كانت مشغوله مع ابيها ومع قاده الانقلاب بترتيب امور المسلمين بعد وفاه الرسول، لان دفن الرسول بنظرهم ليس مشكله انما المشكله والاهم هو تعين الخليفه الجديد، فالاهم يتقدم على المهم!!.

وعندما تاكد عمر من وفاه الرسول، وكان ابو بكر غائبا، وقف واخذ يقول:

ان الرسول لم يمت، وانما ارتفع الى السماء، وهدد ان يعلو راس من يقول بموت الرسول بالسيف، والهى الناس بهذه المقوله فتره حتى اذا حضر ابو بكر ذهب عنه الروع، وكبت مشاعره وذهوله، وانطلق مع ابى بكر كان لم يك به شيئا ليواجه الاهم وهو تنصيب الخليفه، ويتركا المهم وهو تجهيز الرسول ودفنه، ثم عمر قريب العهد بالرسول فقبل يوم واحد شاهده ومعه مجموعه كبيره من حزبه، وقال بحضور النبى متجاهلا وجوده:

(ان النبى يهجر حسبنا كتاب اللّه).

بمعنى:

ان عمر وحزبه حديثوا العهد بالرسول، والاهم عندهم تنصيب خليفه للرسول، فمحمد بشر، وقد انتهى دوره، ومواراته فى ضريحه الاقدس ليس امرا عاجلا بنظر عمر وحزبه.

لان ما يعنيهم هو مصلحه المسلمين ووضع حد للتميز الهاشمى!!

بمعنى:

ان عمر تهدد بالموت من يقول بموت الرسول، وشغل الناس بمقوله رفع النبى للسماء حتى جاء ابو بكر (1178)، ولما جاء ابو بكر قال ابو بكر (وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل) (1179).. عندئذ سكت عمر (1880)واسترد عمر وعيه وسار مع ابى بكر كانه لم يكن به شى‏ء!!!

ورتب الاثنان مع اعوانهما امر الخلافه وواجهوا آل محمد بامر واقع لا قبل لهم برفعه كما فصلنا.

الفصل الرابع: المواجهه مع صاحب الحق الشرعى، ومع آل محمد!!!

احلب حلبا لك شطره:

بعد ان نصب الانقلابيون الخليفه الجديد، فى غياب آل محمد، وحشدوا ذلك الحشد الهائل من الاتباع والاعوان، وواجهوا صاحب الحق الشرعى على بن ابى طالب وآل محمد بهذا الامر الواقع، توقع الانقلابيون من صاحب الحق الشرعى، ومن آل‏محمد ان يبادروا على الفور بالاعتراف بهذا الامر الواقع، وبمبايعه الخليفه الجديد، خاصه وان الخليفه الجديد ونائباه عمر بن الخطاب وابو عبيده واعوانهم وقاعدتهم الشعبيه قد جاءوا الى بيت محمد مشاركين بالعزاء!!

لكن ما توقعه الانقلابيون لم يحدث، ولم يتقدم، لا على بن ابى طالب، ولا احد من بنى هاشم الى مبايعه الخليفه الجديد، او اظهار الاعتراف بالامر الواقع (1181)، وجلس على بن ابى طالب واهل بيته ولفيف من المعزين فى بيت على وفاطمه بنت رسول‏اللّه، ومن هولاء المعزين:

سلمان الفارسى، وعمار بن ياسر، والبراء بن عازب، وابو ذر الغفارى، والمقداد بن الاسود، وابى بن كعب، وعز على عمر بن الخطاب ذلك، قال عمر فى ما بعد:

(وانه كان من خبرنا حين توفى نبينا ان عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا فى بيت فاطمه) (1182).

وتاثر ابو بكر من فعله على، وآل‏محمد، وتلكوئهم عن بيعتهم، فارسل ابو بكر عمر بن الخطاب وقال له (ائتنى به باعنف العنف.. فجاء عمر وجرى بينه وبين الامام على حديث) (1183).

فقال على لعمر:

(واللّه ما حرصك على امارته اليوم الا ليوثرك غدا) (1184)، او قال له على (احلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم امره يردده عليك غدا)(1185) .

فعلى بن ابى طالب يعلم علم اليقين ان ابا بكر سيستخلف عمر بن الخطاب ومن الطبيعى ان تنته المناقشه دون نتيجه، ومن الطبيعى ان عمر بن الخطاب لا يجرا اطلاقا على الاصطدام مع على دون وجود قوه كانت تحميه من الامام على، لان عمر ليس بقوه على، ولا هو من رجاله وعمر بن الخطاب لا يجيد القتال!!

فخرج عمر ثم عاد ومعه قوه من جيش الخليفه الجديد!!

فيهم اسيد بن حضير، وعبد الرحمن‏بن عوف، وزياد بن لبيد، وزيد بن ثابت، وسلمه‏بن اسلم، وخالد بن الوليد، وثابت بن قيس بن شماس، وسلمه بن سالم بن وقش (1186)، بهدف اخراج على بن ابى طالب وآل محمد ومن معهم بالقوه ليبايعوا ابا بكر او ليدخلوا فى ما دخلت فيه الامه، على حد تعبير عمر بن الخطاب، وقال ابو بكر لقائد السريه عمر:

(وان ابوا فقاتلهم) (1187).

تصميم عمر بن الخطاب على احراق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه:

لما كان عمر بن الخطاب رجل حازم، ولا يومن بانصاف الحلول، ولانه يريد من على ومن آل البيت (ان يدخلوا فى ما دخلت فيه الامه) (1188)، فقد صمم عمر بن الخطاب نهائيا على احراق بيت فاطمه على من فيه وفيه على بن ابى طالب، وفاطمه بنت محمد، وسيدا شباب اهل الجنه وريحانتا النبى من هذه الامه بالاضافه الى عدد كبير من المعزين.

واقبل بقبس من النار فعلا ليضرم عليهم النار فعلا، فلقيته فاطمه بنت محمد رسول‏اللّه فقالت:

(يا ابن الخطاب اجئت لتحرق علينا دارنا؟ فقال عمر:

نعم او تدخلوا فى ما دخلت فيه الامه) (1189).

وتقدم عمر ومعه المهاجمون قال اليعقوبى:

(فاتوا فى جماعه حتى هجموا، على الدار، وكسروا سيف على، ودخلوا الدار (1190)، واستخرجوا عليا بالقوه وقالوا له:

بايع، وقادوه الى ابى بكر).

على يحرج السلطه الجديده امام قاعدتها الشعبيه:

جى‏ء بعلى بن ابى طالب بالقوه الى ابى بكر، فقيل له بايع، فقال على:

(انا احق بهذا الامر منكم، لا ابايعكم وانتم اولى بالبيعه لى، اخذتم هذا الامر من الانصار، واحتججتم عليهم بالقرابه من رسول‏اللّه، فاعطوكم المقاده، وسلموا اليكم الاماره، وانا احتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الانصار، فانصفونا ان كنتم تخافون اللّه، واعرفوا لنا من الامر مثلما عرفت الانصار لكم، والا فبوءوا بالظلم وانتم تعلمون).

قال ابو عبيده:

(يا ابا الحسن انك حديث السن، وهولاء مشيخه قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالامور، ولا ارى ابا بكر الا اقوى منك على هذا الامر واشد احتمالا له، فسلم له هذا الامر وارض به.. فان تعش ويطل عمرك فانت لهذا الامر خليق وعليه حقيق فى فضلك، وسابقتك وقرابتك، وجهادك (1191).

فقال على:

(يا معشر المهاجرين، اللّه، اللّه، لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته الى بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا اهله عن مقامه فى الناس وحقه، فواللّه يا معشر المهاجرين لنحن اهل البيت احق بهذا الامر منكم ما كان منا القارى‏ء لكتاب اللّه، الفقيه لدين اللّه، العالم بالسنه، المضطلع بامر الرعيه، واللّه انه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا) (1192).

حكم احد الحضور على حجه الامام:

قال بشير بن سعد وهو اول من بايع ابا بكر واحد اقطاب الانقلاب:

(لو كان هذا الكلام سمعته منك الانصار يا على قبل بيعتهم لابى بكر ما اختلف عليك اثنان ولكنهم بايعوا) (1193).

وقال الامام على لابى بكر:

(افسدت علينا امورنا، ولم تستشر، ولم ترع لنا حقا) كما روى المسعودى فقال ابو بكر:

(بلى ولكنى خشيت الفتنه) (1194).

عمر البطل لا يعرف لغه الحوار:

قال عمر بن الخطاب:

انك لست متروكا حتى تبايع!!

فقال له على:

(احلب حلبا لك شطره، واشدد له اليوم امره يردده عليك غدا)، قال عمر:

بايع، فقال على:

ان لم ابايع فمه؟ قال عمر:

واللّه، الذى لا اله الا هو لنضربن عنقك!!

قال على:

اذا تقتلون عبد اللّه واخا رسوله؟ فقال عمر:

اما عبد اللّه فنعم، واما اخو الرسول فلا!

عمر لا يعترف باخوه على لرسول‏اللّه، ولكنه يعترف باخوته لابى بكر، وبموجب هذه الاخوه ورث عمر ابا بكر (1195)!!

وانصرف على الى منزله ولم يبايع، ولا بايعه احد من بنى هاشم حتى بايع على بعد سته شهور (1196).

ومن غير الهاشميين الذين لم يبايعوا:

1- فروه بن عمرو جاهد مع رسول‏اللّه وقاد فرسين (1197).

2- خالد بن سعيد الاموى قال ابن قتيبه فى المعارف (1198) وابن ابى الحديد فى شرح النهج:

ان خالد قد اسلم قبل اسلام ابى بكر، وبقى خالد حتى بايع على وبايع بنو هاشم (1199).

3- سعد بن عباده لم يبايع لا ابا بكر ولا عمر حتى رماه محمد بن مسلمه بسهم فقتله زمن عمر بامر من عمر (1200).

جيش الثلاثه:

قال اليعقوبى فى تاريخه (1201)، واجتمع جماعه الى على بن ابى طالب يدعونه الى البيعه فقال لهم على:

(اغدو على محلقين الرووس فلم يغدو عليه الا ثلاثه نفر).

محاوله لشق وحده الهاشميين:

كان المغيره بن شعبه داهيه، ومن الذين يحقدون على على وعلى بنى هاشم، ولانه من قاده الانقلاب، اقترح على ابى بكر وعمر ان ياتوا الى العباس ويجعلوا له نصيبا من الامر يكون له ولعقبه ان ترك عليا وسار فى ركاب حكومه الانقلاب، وفعلا عرضوا ذلك على العباس فرفض عرضهم رفضا مطلقا (1202)، ولم يكن هذا العرض محبه للعباس، ولا تقربا للنبى بصله عمه انما محاوله من المغيره ليشق وحده الهاشميين، ويعزل على عن بنى هاشم كما عزلوه عن الانصار والمهاجرين.

ولما جاء ابو بكر وعمر والمغيره الى العباس، وعرض ابو بكر على العباس بعض الامر له ولعقبه لم ينس عمر التاكيد للعباس قائلا:

(اى واللّه، واخرى:

انا لم ناتكم حاجه منا اليكم، ولكن كرهنا ان يكون الطعن منكم فى ما اجتمع عليه العامه فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لانفسكم وعامتكم) مما يعنى ان السلطه الانقلابيه لو اذنت للعامه قاعدتها الشعبيه لسحقت آل محمدا سحقا (1203).

اعظم مكرمه للانصار:

(ثم ان عليا حمل فاطمه على حمار وسار بها ليلا الى بيوت الانصار يسالهم النصره، وتسالهم فاطمه الانتصار، فكان الانصار يقولون:

يا بنت رسول‏اللّه قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو ان ابن عمك سبق الينا ابا بكر ما عدلنا به، فيقول على:

افكنت اترك رسول‏اللّه ميتا فى بيته لم اجهزه، واخرج الى الناس انازعهم فى سلطانه وتقول فاطمه:

ما صنع ابو حسن الا ما كان ينبغى له، ولقد صنعوا ما اللّه حسيبهم عليه) (1204).

والى هذه الواقعه اشار معاويه:

(واعهدك امس تحمل قعيده بيتك على حمار ويداك فى يدى ابنيك الحسن والحسين يوم بويع ابو بكر فلم تدع احدا من اهل بدر والسوابق الا دعوته الى نفسك، ومشيت اليهم بامراتك، واذللت اليهم بابنيك.. فلم يجبك منهم الا اربعه او خمسه) (1205).

اللهم اشدد وطاتك على الانصار:

احتج الانصار بعدم نصرتهم لعلى وحمايتهم له ولاولاده ببيعتهم لابى بكر!!

وكانوا قد بايعوا رسول‏اللّه قبل بيعتهم لابى بكر ان يحموه، ويحموا ذريته كما يحمون ذراريهم.

جاء فى مقاتل الطالبيين لابى فرج الاصفهانى (1206) عن ابى غسان قال:

(انى لواقف بين القبر والمنبر اذ رايت بنى الحسن يخرج بهم من دار مروان يراد بهم الربذه، فارسل الى جعفر بن محمد الصادق فقال:

ما وراءك؟ فقلت:

رايت بنى الحسن يخرج بهم فى محامل!

فقال:

اجلس فجلست، فدعا غلاما له، ثم دعا ربه كثيرا، ثم قال لغلام له:

فاذا حملوا فات فاخبرنى.

قال:

فاتاه الرسول فقال:

قد اقبل بهم.

فقام جعفر فوثب وراء ستر شعر ابيض من ورائه، فطلع بعبد اللّه بن الحسن وابراهيم بن الحسن، وجميع اهله كل واحد منهم معاوله مسود، فلما نظر اليهم جعفر بن محمد هملت عيناه حتى جرت دموعه على لحيته، ثم اقبل على فقال:

يا ابا عبد اللّه واللّه ما وقت الانصار، ولا ابناء الانصار لرسول‏اللّه بما اعطوه من البيعه عن العقبه).

وقد روى الصادق عن ابيه عن رسول‏اللّه انه قد قيل له:

(خذ عليهم البيعه فى العقبه؟ فقلت:

كيف آخذ عليهم البيعه؟ قال خذ عليهم:

يبايعون اللّه ورسوله.. الى ان قال:

على ان تمنعوا رسول‏اللّه وذريته مما تمنعون منه انفسكم وذراريكم!!

ثم قال جعفر:

فواللّه ما وفوا له حتى خرج من بين اظهرهم، ثم لا احد يمنع يد لامس، اللهم فاشدد وطاتك على الانصار) (1207).

اما التسليم او الدخول فى مواجهه انتحاريه:

الانقلابيون هم القوه الحقيقيه فى المجتمع، فلقد ضم تحالفهم بطون قريش كلها المهاجر منها والطليق والمنافقون كلهم بلا استثناء، بالاضافه الى اكثريه الانصار التى هالتها قوه هذا التحالف وتماسكه فاستسلموا ليسلموا، وتورط الكثير منهم بالانقلاب طمعا بالمغانم وهروبا من المغارم، بالاضافه الى المرتزقه من الاعراب الذين يوالون من يعطيهم.

والمرتزقه على علم بان المال والمغانم كلها ستكون بيد الانقلابيين ومن والاهم، لذلك مالوا مع الانقلابيين، ولقد مد الانقلابيون نفوذهم حتى داخل بيت الرسول، فصارت عائشه ام المومنين معهم وحافزها على ذلك حبها لابيها ولقومها بطون قريش، وحقدها على على بن ابى طالب قاتل ابناء عمومتها، وعلى ذريته الذين سرقوا منها زوجها قال الامام على:

(اما فلانه فادركها راى النساء وضغن غلا فى صدرها كمرجل القين (1208))، لقد عرفت عائشه موقعها فى قلب النبى فقالت له يوما:

(واللّه لقد عرفت ان عليا احب اليك من ابى ومنى)(1209) فمعنى ذلك ان هذا التحالف يشكل الاغلبيه الساحقه من الناس الذين جمعهم قاده التحالف!!

حرص قياده التحالف على الاستيلاء على السلطه:

المتحالفون او الانقلابيون اصروا من البدايه على الاستيلاء على السلطه مهما كلف الثمن، حتى لو ضحوا بالرسول نفسه، ولو واجهوا الرسول نفسه، فقد تجاهلوا النبى وقالوا امامه:

(ان النبى يهجر حسبنا كتاب اللّه)، وحالوا بينه وبين كتابه ما اراد كما اثبتنا، ولو ان النبى قد اصر على الكتابه، وكتب توجيهاته النهائيه، وانه قد استخلف على‏بن ابى طالب لن يغير من واقع الحال، ولفعلوا تماما ما فعلوه، ولقبضوا على مقاليد الامور بالقوه، عندئذ تثبت وسائل اعلامهم ان الرسول فعلا هجر، عندما اختار على بن ابى طالب، وان الرسول عندما كتب توجيهاته النهائيه كان فاقدا للسيطره على نفسه، ثم لو ان اللّه احيا محمدا بعد موته لما اعترفوا به ولما تنازلوا له عن السلطه لان السلطه من بعده كانت مطمعهم الاول والاخير، وكل شى‏ء ما هو الا وسائل للوصول اليها.

تلك طبيعه الذين واجهوا عليا وآل‏محمد!!.

من كان مع على:

قال اليعقوبى فى تاريخه (1210)، وابن ابى الحديد فى شرح النهج (1211) واجتمع جماعه الى على بن ابى طالب يدعونه للبيعه فقال لهم:

(اغدو على محلقين رووسكم فلم يغدو عليه الا ثلاثه).

حمل على زوجته وقاد ابنيه الحسن والحسين وطاف على بيوت الانصار ليسالهم النصره، وتسالهم فاطمه بنت رسول‏اللّه الانتصار، فنسى الانصار بيعتهم لرسول‏اللّه وتذكروا بيعتهم لابى بكر فقالوا:

(قد سبقت بيعتنا لهذا الرجل ولو كان ابن عمك سبق الينا ما عدلنا به).

كما ذكر ابو بكر الجوهرى فى كتابه السقيفه بروايه ابن ابى الحديد من شرح النهج (1212)، وكما روى ابن قتيبه فى كتابه الامامه والسياسه (1213) وشهد معاويه بذلك (1214).

ولقد هدد على بالقتل امام المهاجرين والانصار ولم يحركوا ساكنا احتجاجا على الاقل، ولم ينكر منهم منكر (1215).

حيث قال عمر لعلى:

(بايع) فقال على:

(ان لم افعل فمه؟) قالوا:

(اذا واللّه الذى لا اله الا هو نضرب عنقك) (1216) الا يستطيع احد من الانصار الذين بايعوا النبى على حمايه النبى وذريته كما يمنعون انفسهم وذراريهم ان ينكروا ذلك ولو بالسنتهم!!

الا يستطيع احد من المهاجرين ان يستنكر ذلك فيقول:

علام تقتلون هذا الرجل وهو ولى اللّه وقد بايعناه بالولايه يوم غدير خم، او الا تذكروا جهاد هذا الرجل فى بدر واحد وخيبر!!

او الا تذكرون ان هذا الرجل هو على الاقل ابن عم النبى، وزوج ابنته ووالد سبطيه!!

لم يقل احد من المهاجرين او الانصار ذلك، لان يد اللّه مع الجماعه!!

وعلى وآل محمد خارجون على الجماعه، عجيب!!

لماذا لم يسقطوا آل محمد من الصلاه فيقولون اللهم صل على محمد فقط كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم، وبارك على محمد فقط كما باركت على ابراهيم وعلى آل‏ابراهيم، لو فعل الانقلابيون ذلك لاخفوا الجريمه فعلا، ولما لامهم احد فى ما بعد!!

وهدد قاده الانقلاب عليا واهل بيت النبوه ان يحرقوا عليهم البيت (1217) ويموتوا حرقا بداخله ان لم يبايعوا!!

بعد يوم واحد فقط من موت والد فاطمه، وابن عم على محمد، وجد الحسن والحسين!!

بعد يوم واحد فقط من موت الرسول!!

من من المهاجرين او الانصار استنكر هذا العمل الاجرامى؟!!

من قال منهم هذا منكر؟!!

او هذا حرام؟!!

او ترفقوا باهل بيت محمد الذين اذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا!!

لم يقل منهم احد ذلك!

ليت احدهم قد قال:

الرفق اولى!!

اضبطوا اعصابكم لا داعى لاحراق اهل بيت النبوه!!

حافظ ابراهيم يخلد عمر بقصيدته:

قال حافظ ابراهيم شاعر النيل يصف بطوله عمر عندما هم بحرق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه، وفيه فاطمه وعلى والحسن والحسين.

فوقوله لعلى قالها عمر اكرم بسامعها اعظم بملقيها فحرقت دارك لا ابقى عليك بها ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها فما كان غير ابى حفص بقائلها امام فارس عدنان وحاميها وغاب عن المرحوم حافظ ابراهيم بان عمر لم يقلها لعلى بصفته الشخصيه انما قالها بصفته نائبا للخليفه، وحوله جيش من الاعوان، ولو كان الاثنان معا وجها لوجه لما كان بامكانه ان يقولها لعلى، ولو كان بامكانه ان يقولها لعلى لبارز عمرو بن ود يوم الخندق، ولو كان بامكانه ان يقول ذلك لعلى لما فر يوم احد، ويوم خيبر، ويوم حنين كما وثقنا ذلك.

بل ان المشهور عن عمر انه لم يقتل ولم يجرح مشركا واحدا قط فهو رجل رحيم بالجنس البشرى.

وبقى الامام وحيدا:

لقد استقطب الانقلابيون الجميع رغبه او رهبه، وتحالفت بطون قريش مهاجرها وطليقها مع المنافقين فى المدينه ومن حولها من الاعراب، مثلما تحالفت مع المرتزقه من الاعراب، ثم تورط قسم من الانصار مع الانقلابيين ومالت بقيه الانصار بعد ان اكتشفوا انهم صاروا اقليه، وتكون حلف قوى من هذه الجماعات حتى والرسول على قيد الحياه، وبلغ من قوه نشاطه ان دخل بيت النبى، فاستقطب عائشه ام المومنين معه، ومن قوته ان قائده عمر بن الخطاب ومجموعه من انصاره واجهوا النبى نفسه فى داره، وتجاهلوا وجوده، وحالوا بينه وبين كتابه ما اراد، قائلين امامه:

(ان النبى يهجر ما شانه اهجر؟ استفهموه؟ انه يهجر) ولو اصر النبى على الكتابه لا اصروا على هجر النبى، واثبتوا بالباطل هجره.

مما يعنى ان الانقلاب قد قبض على مقاليد الامور عمليا والنبى على فراش الموت، واستقطب حوله الاكثريه الساحقه، (وقد وثقنا ذلك فى الفصول السابقه).

ومما يعنى ايضا انه ليس مع على الا اهل بيته وقد عبر الامام على عن هذه الحقيقه بقوله:

(اللهم انى استعديك على قريش ومن اعانهم، فانهم قد قطعوا رحمى، واكفاوا انائى، واجمعوا على منازعتى حقا كنت اولى به من غيرى، وقالوا:

الا ان فى الحق ان ناخذه، وفى الحق ان تمنعه، فاصبر مغموما، او مت متاسفا، فنظرت فاذا ليس لى رافد ولا ذات ولا مساعد الا اهل بيتى، فظننت بهم عن المنيه، فاغضيت على القذى، وجرعت ريقى على الشجا، وصبرت من كظم الغيظ على امر من العلقم، وآلم للقلب من وخز الشفار (1218)...).

وكقول الامام:

(ان اللّه لما قبض نبيه، استاثرت علينا قريش بالامر، ودفعتنا عن حق نحن احق به من الناس كافه، فرايت ان الصبر افضل من تفريق كلمه المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثوا عهد بالاسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده ادنى وهن ويعكسه اقل خلاف (1219)..).

الحل الذى ارتئاه الامام:

عندما علم الامام بالرده السياسيه عن الاسلام، وبقوه القوى المتحالفه التى تدعم هذه الرده، وان بطون قريش كلها مهاجرها وطليقها ومعهم المنافقون والمرتزقه من الاعراب يويدون الانقلابيين ويقيمون تحالفا وثيقا معهم، وان هذا التحالف قد استقطب اعدادا كبيره من الانصار، وان قسما من الانصار قد تورط مع الانقلابيين، وانه ليس له رافد ولا معين الا اهل بيته.

قدر الامام ان المواجهه مع الذين غصبوا حقه بهذه الظروف انتحار حقيقى له، بوصفه مستودع علم النبوه، ولاهل بيته باعتبارهم شجره النبوه والثقل الاصغر، وبعد ان استنفد كافه الجهود للحصول على النصره او الانتصار، ولم يجدهما، عندئذ.. قرر الامام ان يقعد فى بيته، وان يحتج على الانقلابيين احتجاجا لا يفرق المسلمين، ولا يوهن الدين، ثم يسلم بالامر الواقع ما سلمت امور المسلمين، فبقى الامام فى بيته حتى جاءوا اليه، فهددوه بحرق البيت على من فيه وفيه فاطمه بنت محمد رسول‏اللّه، وفيه على ولى اللّه، وفيه الحسن والحسين ابنا رسول‏اللّه، وكان هذا التهديد رساله ضمنيه الى المسلمين عن طبيعه الانقلابيين، واسلوبهم المتحدى للدين، ولرساله سيد النبيين، ومع هذا لم يحرك المسلمون ساكنا ولم يستنكروا لا بيد ولا بلسان،، وقد وثقنا واقعه التحريق اكثر من مره.

ثم هددوه بالقتل وهو اخ النبى، وابن عمه، وزوج ابنته، ومستودع علم النبوه وفارس الاسلام بغير منازع، وكان هذا التهديد رساله ضمنيه ثانيه عن خلق الانقلابيين وحرصهم على السلطه، ولكن المسلمين لم يحركوا ساكنا ولم يستنكروا ذلك لا بيد ولا بلسان.

وقد وثقنا واقعه التهديد بالقتل، وهى معروفه للخاصه والعامه ثم راى الانقلابيون ان يتركوا الامام فى بيته، وان يعزلوه عزلا تاما عن الامه حتى لا تنتفع بعلمه، وتكتشف النظام السياسى الالهى الذى انزله اللّه وبينه الرسول، فبقى الامام فى بيته سته اشهر لم يبايع، ولم يبايع النظام الجديد اى هاشمى (1220).

وهكذا ابتعد الامام عن المواجهه غير المتكافئه، اذ لو واجههم بالقوه، لقتلوه وقتلوا ابنيه وقطعوا شجره النبوه، ثم اشاعت وسائل اعلامهم ان عليا وابنيه مثل ابى طالب ماتوا على الشرك فهم فى ضحضاح من النار مع ابى طالب، ومع الايام تنجح وسائل اعلامهم بتحويل الشائعات الكاذبه الى قناعات يتبناها العامه كانها وحى من اللّه!!

وصمم الامام على ان يبدا بتكوين قاعده شعبيه، تفهم الاسلام على حقيقته، كما انزله اللّه وبينه الرسول لتتصدى وتكشف الاعيب الطامعين بالسلطه وتحريفاتهم، وكعمل عاجل ركز الامام على ايجاد كوادر علميه يعلمها علمه علم النبوه لتنقله الى الاجيال اللاحقه من غير تحريف، فلبد فى بيته، يجيب اذا سئل ويهدى اذا استهدى.

تجميل ملك الانقلابيين ببيعه على واهل بيت النبوه:

لقد صرح عمر بن الخطاب علنا بانه ورجاله وحزبه ليسوا بحاجه لال محمد (1221).. فقد نجح الانقلابيون بعزل آل محمد عزلا تاما عن الانصار، وعن بطون قريش المهاجر منها والطليق، وعن المنافقين، فكلهم شكلوا جبهه واحده واتحدوا ضد ولايه على تماما كما اتحدوا ضد نبوه النبى، وبهذه الحاله فان آل‏محمد لا يشكلون اى خطر على الدوله الجديده، فقد اهانهم عمر بن الخطاب، وجرا الناس عليهم يوم احضر قبس من النار وهم ان يحرق بيت اهل البيت على من فيه (1222)!!

ولقد استهان عمر بالامام يوم هدده وحزبه بالقتل امام المهاجرين والانصار (1223).

لقد وصف الامام على حالته وحاله اهل بيت النبوه بعد وفاه النبى قائلا:

(لما قبض اللّه نبيه وكنا نحن اهله وورثته وعترته واولياوه من دون الناس، لا ينازعنا سلطانه احد، ولا يطمع فى حقنا طامع، اذ انبرى لنا قومنا، فغصبونا سلطان نبينا، فصار الامر لغيرنا، وصرنا سوقه، يطمع فينا الضعيف، ويتعزر علينا الذليل، فبكت منا الاعين لذلك، وخشيت الصدور، وجزعت النفوس (1224)..) هذا وصف دقيق لحقيقه اهل بيت النبوه بعد اقل من ثلاثه ايام من موت نبيهم.

وعلى هذه الحاله ورغم العزله التى فرضت على وصى النبى واهل بيته، لم يقف عمر بن الخطاب مكتوف الايدى، بل، عمل مع حزب التحالف الذى يقوده على تحطيم آل محمد من جميع الوجوه، حتى لا يطمع بعد موته منهم طامع بالسلطه، فياخذ الخلافه، وهكذا يجمع الهاشميون النبوه والخلافه معا!!

ويحدث الاجحاف!!

الذى لا يتلائم مع طبيعه عمر (1225)!!.

هذا من جهه، ومن جهه ثانيه فان عمر يريد ان يزين ملك التحالف ببيعه آل محمد، لكل هذه الاسباب قرر عمر ان ينزل ب‏ال محمد ضربته الماحقه وان يصدر او يحمل الخليفه على اصدار سلسله من القرارات الاقتصاديه التى تقيم الدنيا على اهل بيت محمد ولا تقعدها، وتركهم بعد ان عجز حصار المشركين فى مكه عن تركيع البيت الهاشمى، فقرار حصار ومقاطعه بنى هاشم آنذاك لم يكن مجديا لخرق المشركين وسوء تدبيرهم.

عمر يتخذ القرارات الاقتصاديه لتركيع آل محمد:

القرار الاول:

حرمان اهل بيت النبوه من ارث النبى:

لم يكن تهديد الامام على بحرق بيته على من فيه كافيا، ولا تهديده بالقتل منتجا.

لذلك رات السلطه الحاكمه ان تحرم على وفاطمه وابناهما وآل محمد من ميراث محمد، فلا يرثون من مال النبى شيئا، بحجه ان الرسول قد قال لابى بكر:

(انى لا اورث) (1226)، فقالت له فاطمه:

(من يرثك اذا مت؟)، فقال ابو بكر:

(ولدى واهلى؟) فقالت:

(فما لنا لا نرث النبى؟!)

، فردد ابو بكر مقولته السابقه (1227)، فقال على لابى بكر:

(وورث سليمان داود) وقال:

(يرثنى ويرث من آل يعقوب)، فكيف نوفق بين قولك الانبياء لا يورثون وبين هاتين الايتين!!

فقال على:

هذا كتاب اللّه ينطق!!

فسكت ابو بكر وانصرف مصرا على قوله (1228)، ولم تكتف فاطمه بذلك انما بسطت الخصومه بينها وبين ابى بكر علنيا امام المهاجرين والانصار واقامت الحجه على ابى بكر بخطبه رائعه جاء فيها:

(افعلى عمد تركتم كتاب اللّه ونبذتموه وراء ظهوركم اذ اللّه تبارك وتعالى يقول:

(وورث سليمان داود) (1229)، وقال عز وجل فى ما قص من خبر يحيى‏بن زكريا:

(فهب لى من لدنك وليا يرثنى ويرث من آل يعقوب) (1230)، وقال عز وجل:

(واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فى كتاب اللّه) (1231) وقال (يوصيكم اللّه فى اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) (1232) وقال عز وجل:

(ان ترك خيرا الوصيه للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين) (1233)، وزعمتم ان لا حق ولا ارث لى من ابى، ولا رحم بيننا، افخصكم اللّه بآيه اخرج منها نبيه!!

ام تقولون اهل ملتين لا يتوارثون!!

اولست انا وابى من اهل مله واحده!

لعلكم اعلم بخصوص القرآن وعمومه من النبى!!

افحكم الجاهليه تبغون (1234)!!

.. واصر ابو بكر على رايه وحرم آل محمد من ميراثه!!

قال ابو بكر:

يرث محمد الذى يقوم مقامه.

وبما ان محمد قد مات، وبما ان ابا بكر هو خليفته، فوارث النبى الوحيد هو ابو بكر (1235)!!

وتحقيقا للعداله ورحمه باهل بيت النبوه، فقد اخذ ابو بكر كل ما تركه الرسول ولكنه تفضل واعط‏ى آله الرسول ودابته وحذاءه الى على (1236)!!

القرار الثانى:

حرمان اهل بيت النبوه من منح الرسول ومصادره المنح التى اعطاه الرسول لهم:

اثناء حياه الرسول الاعظم منح منحا كثيره للناس، ومنح اهل البيت الكرام منحا كغيرهم من الناس، فترك ابو بكر كافه المنح التى اعطاها الرسول للناس احتراما لمشيئه الرسول وارادته، وتقديرا للذين دخلوا فى طاعه الخليفه والتزموا بجماعته.

اما المنح التى اعطاها الرسول لاى فرد من اهل بيت النبوه فقد قرر ابو بكر مصادرتها وحرمان اهل بيت النبوه منها وذلك حرصا على مصلحه المسلمين، وكانت فاطمه بنت محمد اول من حرمت من منحتها، فصودرت تلك المنحه.

جاء فى فتوح البلدان (1237):

ان فاطمه بنت رسول‏اللّه قالت لابى بكر:

(اعطنى فدك فقد جعلها رسول‏اللّه لى)، فسالها البينه فشهدت ام ايمن زوج الرسول، ورباح مولى الرسول فقال ابو بكر:

(لا يجوز الا شهاده رجل وامراتان!!)

، وشهد لها على ولكن الخليفه قرر ولا راد لقراره!!

لم يسال ابو بكر الناس بينه، انما سال فاطمه عن البينه!!!

القرار الثالث:

قرار حرمان اهل بيت النبوه من الخمس الوارد فى القرآن الكريم:

جاء فى شرح النهج (1238)، وفى تاريخ الاسلام للذهبى (1239)، وفى كنز العمال (1240) ثلاث روايات.

لما منعوا ابنه الرسول من ارث ابيها، ومن منح الرسول طالبتهم بسهم ذوى القربى فقالت لابى بكر:

(لقد حرمتنا اهل البيت، فاعطنا سهم ذوى القربى وقرات آيه:

(واعلموا انما غنمتم من شى‏ء فان للّه خمسه وللرسول ولذى القربى)).. فقال لها ابو بكر:

سمعت رسول‏اللّه يقول (سهم ذوى القربى للقربى حال حياتى وليس لهم بعد موتى) (1241)!!

الصدقه محرمه على آل محمد:

والكارثه مع هذه القرارات ان الصدقه غير جائزه على آل محمد، ولا تحل لهم، فقد روى مسلم:

ان النبى كان اذا اتى بطعام سال عنه، فان كان هديه اكل منها، وان كان صدقه لم ياكل منها (1242) ورد الصدقه (1243)، ومر النبى بتمره بالطريق فقال:

(لولا ان تكون من الصدقه لاكلتها)، وان الحسن بن على اخذ تمره من تمر الصدقه فجعلها فى فيه فقال رسول‏اللّه:

(كخ كخ ارم بها، اما علمت انا لا ناكل الصدقه).

وفى روايه:

(انا لا تحل لنا الصدقه) (1244).

من اين ياكل اهل بيت محمد بحق اللّه!!

اذا حرم اهل البيت من ارث النبى، وحرم اهل البيت من المنح التى منحها النبى لهم، وحرم اهل البيت من الخمس الوارد فى القرآن الكريم، واذا كانت الصدقه محرمه على اهل البيت، فمن اين ياكلون بحق اللّه!!

هل يموتون جوعا!!

اذا اراد اهل البيت الحياه فعليهم ان يسالوا الحاكم ويوالوه:

قال ابو بكر لفاطمه:

(ربما عندما تساءلت بهذه التساولات) (انى اعول من كان رسول‏اللّه يعول، وانفق على من كان رسول‏اللّه ينفق عليه) (1245)، ف‏ال محمد ياكلون ليس لهم ان يزيدوا على الماكل (1246)!!

فالحاكم يقدم لاهل بيت محمد الماكل ولا يزيد عليه، فطوال التاريخ يجب على اهل البيت ان يمدوا ايديهم للحاكم الذى هو على استعداد ان يقدم لهم الماكل فقط، ومن الحشمه وحسن الخلق ان يطيع الانسان من يطعمه!!

تلك هى سنه ابى بكر وعمر!!

وهذا هو عدلهم!!

وهذا هو برهم لصديقهم محمد بن عبد اللّه!!!

الاحتجاجات لا تجدى امام قرارات السلطه:

ضج اهل بيت النبوه واحتجوا، على هذه القرارات الاليمه، والمذله.

وقد ذهبت الزهراء بنفسها، واحتجت امام المهاجرين والانصار بخطبه من عيون خطب العرب، ذكرها الجوهرى فى كتابه السقيفه (1247)، وسمع الخليفه وعمر واركان حزبه، ورقص المنافقون طربا، وازداد ولاوهم للسلطه، ولم يستنكر المهاجرون والانصار هذه القرارات لا بيد ولا بلسان، واكتفى الخليفه وعمر واركان حزبهما بالسماع وبقيت القرارات ساريه المفعول.

وسعد عمر بالاثر المولم التى تركته تلك القرارات، على آل محمد، وتذكرت القله المخلصه من المهاجرين حصار بطون قريش ومقاطعتهم لبنى هاشم فى شعاب ابى طالب، وكيف ان بطون قريش يومها قصرت الحصار والمقاطعه على البيع والشراء والنكاح، وتمنت القله المخلصه لو طبق هذا الحصار ثانيه على اهل البيت لكان اخف وطاه، واسهل حملا على اهل بيت محمد، واقوم قيلا.

ولم يبق امام آل محمد غير الصبر والتسليم الى حين!!!

ندم الخليفه على معامله فريقه القاسيه لاهل بيت النبوه:

لقد تيقن ابو بكر، ان عمر قد حمل قبسا من النار، وهم باحراق بيت فاطمه بنت محمد على من فيه، وفيه على ابن عم النبى وزوج ابنته، وفارس الاسلام والولى الشرعى من بعد النبى (1248)، وان فاطمه تلقته على الباب وقالت له:

(يا ابن الخطاب اتراك محرقا على بابى؟)، وان عمر قد اجابها بشجاعه الرجال:

(نعم (1249)!!).

فقد سمع ابو بكر قول فاطمه لعمر وسريته:

(لا عهد لى بقوم حضروا اسوا من محضركم، تركتم رسول‏اللّه جنازه بين ايدينا، وقطعتم امركم بينكم لم تستامرونا ولم تردوا لنا حقنا) (1250).

كما وسمع ابو بكر ان عمر ومن معه من حزبه هجموا على دار فاطمه وكسروا سيف على، ودخلوا داره دون اذنه (1251).